العلاج السلوكي الحديث أسسه وتطبيقاته
تفاصيل الكتاب
تأليف : محمد السيد عبد الرحمن - محمد محروس الشناوىنشر : مكتبة زهراء الشرق
سنة النشر : 2010
مقدمة الكتاب
في ظل التطورات المتسارعة في مجال علم النفس، يُلاحظ أن اهتمام العلماء العرب بأساليب العلاج السلوكي قد تزايد بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وذلك عكس ما كان عليه الحال في الماضي. ويرجع هذا التغير إلى عدة عوامل رئيسية، تتمثل في:أولًا: الجذور النظرية القوية للعلاج السلوكي، الذي استند إلى نظريات المدرسة السلوكية التي بدأت بدراسات العالم الروسي إيفان بافلوف، ثم تطورت عبر أعمال علماء مثل جون واطسن، ب.ف. سكنر، وبندورا وغيرهم. وتتميز هذه المدرسة بالاعتماد على المنهج التجريبى الدقيق، مما يجعلها قابلة للتحقق والقياس، وتعمل على بناء نماذج علمية متينة تستند إلى أدلة ملموسة.
ثانيًا: التنوع الواسع في التقنيات العلاجية التي يستخدمها العلاج السلوكي، حيث يشمل مجموعة من الأساليب الفعالة مثل الإشراط الكلاسيكي (كما طوره بافلوف)، والإشراط الإجرائي (كما طوره سكنر)، وتقنية النمذجة (كما طورها بندورا)، وإعادة تركيب المعرفة (كما طورها ألبرت إليس)، بالإضافة إلى تقنيات أخرى مثل التدريب على السلوك التوكيدي، والتخلص التدريجي من الاستجابات غير المرغوبة، واستخدام النمذجة في تعديل السلوك، وتقنيات التحكم في الغرور، والإشراط التنافري، وضبط النفس، وتعديل البنية المعرفية، وأساليب حل المشكلات.
ثالثًا: الفاعلية والكفاءة المثبتة لهذا الأسلوب العلاجي، إذ لا يتطلب العلاج السلوكي غوصًا عميقًا في اللاوعي أو استكشاف المكبوتات النفسية كما في بعض النظريات التحليلية، بل يركز مباشرة على تعديل السلوك المضطرب بطريقة عملية وتدريجية، مما يؤدي إلى تحسن ملموس لدى المريض بعد عدد محدود من الجلسات. وهذا يقلل من فترة العلاج ويقلل من مقاومة المريض، كما يوفر الوقت والجهد والتكلفة، مما يجعله خيارًا مناسبًا للاستخدام الجماعي أيضًا.
علاوةً على ذلك، فإن البساطة في التطبيق، واقتصاد التكاليف، وإمكانية تنفيذ الكثير من التقنيات في بيئة جماعية، كل ذلك يعزز من مكانة العلاج السلوكي كأحد أكثر الأساليب فاعلية في معالجة الاضطرابات النفسية.
ومن هنا، يُعد هذا الكتاب محاولة متكاملة لتقديم أحدث ما توصل إليه العلم في مجال العلاج السلوكي والمعرفي، وقد تم تنظيمه في جزئين مترابطين:
- الجزء الأول: يتناول الأسس النظرية للعلاج السلوكي، ويضم عشرة فصول تبدأ بتعريف العلاج السلوكي، وتشرح تطوره التاريخي، وخصائصه، وأخلاقيات ممارسته، ثم تنتقل إلى شرح أسس تقدير السلوك، وتُعرض أهم التقنيات العلاجية المستخدمة مثل الإشراط الكلاسيكي، والإشراط الإجرائي، والتدريب على السلوك، واستخدام النمذجة، وتقنيات التحكم في الغرور، والتحفيز التنافري، وضبط النفس، وتعديل البنية المعرفية، وأساليب حل المشكلات.
- الجزء الثاني: يركز على تطبيقات العلاج السلوكي والمعرفي في مجالات متنوعة، منها: معالجة المشكلات النفسية والسلوكية عند الأطفال والمراهقين، ومعالجة الاختلالات النفسية مثل القلق والاكتئاب، ومعالجة التخلف العقلي، ومشكلات الإدمان، والتحديات التربوية، بالإضافة إلى تطبيقاته في المجال الطبي والطب السيكوسوماتي. ويُعد هذا الجزء إضافة علمية قيمة تهدف إلى مساعدة الأخصائيين النفسيين في اختيار أفضل الأساليب العلاجية المناسبة لكل حالة.
نحن نأمل أن يكون هذا العمل مرجعًا مفيدًا لكل من يعمل في مجال الصحة النفسية، سواءً من المتخصصين أو الطلاب المهتمين بالطب النفسي، والخدمة الاجتماعية، والتربية، وغيرها من المجالات ذات الصلة.