كتاب التأهيل المرتكز على المجتمع للأفراد ذوي الإعاقات

ويقوم هذا النموذج على فكرة أن الإعاقة ليست فقط قضية طبية، بل ظاهرة اجتماعية تتطلب تدخلات متعددة الأبعاد تشمل الصحة، والتعليم، والعمل، والحماية الاجتماعية .

وتنصبّ فلسفة التأهيل المرتكز على المجتمع حول مبدأ الشمولية، حيث يسعى إلى إزالة الحواجز التي تحد من فرص الأشخاص ذوي الإعاقات، وبناء بيئة داعمة تساعدهم على تحقيق أقصى استفادة من قدراتهم الذهنية والبدنية. 

كما يرتكز على مشاركة الأسرة والمجتمع المحلي كركيزة أساسية لضمان استدامة الخدمات التأهيلية وتكيّفها مع السياق الثقافي والاجتماعي لكل منطقة . 

وتتعدد المكونات الأساسية لهذا النهج، حيث يغطي خدمات الرعاية الصحية الأولية، ودعم التعليم الشامل، وتقديم برامج التدريب المهني، وتوفير الحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقات وتمثيلهم في المحافل العامة . ويعتبر هذا النموذج أكثر فعالية من حيث التكلفة مقارنة بالمؤسسات المتخصصة، ويتيح تقديم خدمات قريبة من المستفيدين ومرنة لتلبية احتياجاتهم المتنوعة . 

وقد أظهرت التجارب الدولية نجاح هذا النهج في خفض معدلات التهميش الاجتماعي، وتحسين نسب التحاق الأطفال ذوي الإعاقات بالمدارس، وزيادة فرص العمل اللائقة لهم، مما يعزز من مساهمتهم في مسيرة التنمية البشرية . 

ومن هنا، يصبح التأهيل المرتكز على المجتمع ليس مجرد برنامج تدخل، بل رؤية استراتيجية لتحقيق العدالة الاجتماعية وبناء مجتمعات لا تستثمر أحدًا.

باختصار، فإن التأهيل المرتكز على المجتمع يمثل حجر الزاوية لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة. ويتطلب توسيع نطاقه تضافر الجهود بين الحكومات، ومنظمات المجتمع المدني، والأسر المحلية، ورفع مستوى الوعي المجتمعي بأهمية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقات ومساواتهم