كتاب سيكولوجية الشائعة

سيكولوجية الشائعة



تفاصيل الكتاب

تأليف : محمد أحمد النابلسي
نشر : مركز الدراسات النفسية والنفسية الجسدية
سنة النشر : 2004



مقدمة الكتاب

غالبا ما يبدو دخول السيكولوجيا إلى الميدان السياسي نوعا من الإقحام آو حتى الاقتحام. بما يستدعي سقوط المبررات وعرض الشروحات للروابط والمصطلحات الاختصاصية. وهذا يأتي كنتيجة لنجاح السياسة في استغلالها للسيكولوجيا، كما للعلوم الإنسانية الأخرى، واحتكارها هذا الاستغلال باتجاه واحد. فقد رفضت السياسة التحول إلى علم وتمكنت بهذا الرفض من شل إمكانيات مقاربتها بصورة علمية.

إلا أن توسع السياسة في استخدام تطبيقات السيكولوجيا، وصولا إلى الشائعات الموجهة للرأي العام مرورا بانتقائية تسريب المعلومات وصولا إلى الحرب النفسية، جعل البحث في موضوع السيكولوجيا السياسية مقبولا حتى وصل هذا القبول إلى الإعلان عن دور حيوي للاختصاص في ميدان السياسة والمعلومات.

ولعنا بحاجة للتذكير ببعض الأمثلة قبل الولوج إلى آلية الدفاع النفسية التي تعتمدها الشائعات وتؤسس عليها. ولائحة أمثلة تداخل السياسي بالسيكولوجي يتصدرها مثال يعود إلى العام 1953 عندما جرب أحد عملاء المخابرات الأميركية (ويدعى أولسون) عقار L.S.D. على أصدقاء له لاختبار الدواء كدافع لقول الحقيقة (مصل الحقيقة الذي يعطى للجواسيس كي يدلوا بالأسرار) ولم تكن تجارب تربية الأطفال العباقرة أو بعدها تجارب الهندسة الوراثية لإنتاج العباقرة) ببعيدة عن السياسة. فقد كانت النازية هي البادئة بهذا النوع من التجارب. 

ثم تابعتها المختبرات الأميركية. أما آخر الأمثلة التي نوردها فهي تتعلق بإنتاج الاتحاد السوفياتي لأسلحة غير تقليدية، دعيت في حينه. الأسلحة العقلية ا، ولا يزال اللغط دائرا حول هذه الأسلحة. حيث يعتبر بعضهم أنها من النوع الجرثومي المؤثر على الدماغ والجهاز العصبي. في حين يصر بعضهم الآخر على أنها مجرد شائعة شيوعية في إطار الحرب النفسية التي كانت دائرة آنذاك.

وبهذا فإن الشائعات و الحرب النفسية تدخلان في إطار الطب النفسي العسكري الذي يسخر كل تقنيات الاختصاص للخدمة العسكرية سواء في زمن الحرب أو السلم. حيث تتوزع مسؤوليات الاختصاص وتتنوع باختلاف الحاجات. وتشكل ظروف الحرب ميدانا مميزا للاختصاص إذ تتحول مسئوليته إلى الإشراف على الحرب النفسية. التي تتمحور حول وقاية الداخل من الإرباك وتحصينه في وجه التجسس. كما المساعدة في عمليات التجسس المضاد وعمليات إرباك الخصم. وهي تتضمن كل وجوه النشاط الإنساني و المعلوماتي. ومنها الشائعات والأنباء والإعلام وتصنيع المعلومات وإعادة تصنيعها. وبالعودة إلى حرب العراق يمكن الحديث عن تطويرات كبيرة في مجال الحرب النفسية. 

حيث عمدت المختبرات الإعلامية الأميركية والعراقية إلى مراجعة وتتقيح وتطوير أدوات الحرب النفسية المستخدمة في حرب العراق الأولى (1991). حيث كان الترويع والتخويف أحد أهم الإضافات إلى تلك الحرب. وهي ما يسميه المسؤولون الأميركيون بمصطلح “الصدمة والترويع”. في اعتراف ضمني بقذارة هذه الحرب على المدنيين وعدم مراعاتها لقدرتهم الإنسانية على الاحتمال. وهذا التجاوز المعلن لمبدأ الحرب النظيفة (تتجنب إيذاء المدنيين وتعريضهم لضغوط التهديد العسكري بطرق غير تقليدية وبأسلحة جديدة وأخرى محرمة دوليا) ينبئ باستعداد الولايات المتحدة لتكرار هذه القذارة وهذه المخالفات لقوانين حماية المدنيين في حروبها المقبلة.

هذا وينظر الاختصاص إلى أحداث الحروب ومخاطرها على أنها تهديدات مباشرة للحياة. وهي بالتالي صدمات نفسية تحتاج للعلاج. وهنا يجب التفريق بين صدمات المقاتلين والمدنيين. حيث يهدف علاج المقاتلين إلى إعادة تأهيلهم لإعادتهم إلى الجبهات. في حين يهدف علاج المدنيين إلى معالجة القلق المرافق و إعادة الاطمئنان للمصدوم. مع الإشارة إلى أن الحروب القذرة لا تفرق بين المدنيين والعسكريين بحيث تكون تهديداتها متساوية للفئتين بما يناقض اتفاقيات جينيف. ولعله من المفيد بداية الحديث عن الشائعات باستعراض الدراسات السابقة حولها.

رابط الكتاب

للحصول على نسخة 👈 اضغط هنا
Mohammed
Mohammed