قلق الانفصال

قلق الانفصال



تعريف قلق الانفصال


بقلق الانفصال من الاضطرابات كثيرة الشيوع في مرحلة الطفولة، فمن الطبيعي أن يبدي الطفل درجة من القلق حيال الانفصال الحقيقي أو التهديد بالانفصال عن الأشخاص الذين يتعلق بهم في مرحلة الرضاعة إلا أن قلق الانفصال الذي يحدث في فترة الطفولة المبكرة بعمر (3-6) سنوات يعتبر اضطراب لأنه خارج التوقعات التطورية الطبيعية. 

اختلفت وجهات النظر حول تعريفات قلق الانفصال من قبل علماء النفس، فبعضهم ربطه بدرجة تعلق الطفل بالحاضن وهو الأم غالباً وبعضهم الآخر ربطه بابتعاد الطفل عن والديه

وعدم قدرته على تحقيق التكيف والاستقلالية ضمن المواقف الجديدة، وفيما يلي عرض لبعض التعريفات يمكن تعريف اضطراب قلق الانفصال بأنه اضطراب" يشبه اضطراب التجنب حيث

ويرتبط هذا الاضطراب بالقلق المرتفع الذي يخبره الطفل حين ينفصل أو يبتعد عن والديه أو عن أي شخص تربطه به علاقة حميمة , وهو "حالة من الشعور بعدم الارتياح والاضطراب والهم الذي يظهر نتيجة للخوف المستمر من فقدان أحد الأبوين والتعلق غير الآمن بالحاضن .

وقلق الانفصال مرحلة تطورية يواجه خلالها الطفل قلقا عند انفصاله عن مانح الرعاية الأساسي وعادة ما يكون "الأم" . وهو قلق غير مناسب مبالغ فيه يرتبط بالانفصال عن أحد القائمين الرئيسيين على العناية بالأطفال وعادة ما يكون الأم. 

معدل انتشار قلق الانفصال

يعتبر قلق الانفصال من الاضطرابات الشائعة، ويذكر الدليل التشخيصي الرابع للاضطرابات العقلية أن نسبة انتشار هذا الاضطراب تبلغ 4 % تقريباً. وتظهر الإصابة بقلق الانفصال في مرحلة الرضاعة أو سن ما قبل المدرسة أو قد يظهر في مرحلة المراهقة، ويقدر انتشاره من 3-4 لمن هم في سن المدرسة من الأطفال، وبمعدل 1% للمراهقين .

أسباب قلق الانفصال

تعددت أسباب القلق لدى الأطفال بين وجود شخص جديد أو وضع جديد في البيئة المحيطة به، والحالة التي تسبب القلق قد تكون بسبب تغير إيجابي مثل بدء نشاط جديد كذهاب الطفل للروضة ،ولكن في الأغلب وجود هذا النوع من القلق يرتبط بتغيرات سلبية مثل المرض أو موت أحد أفراد العائلة، كما أن الأطفال الذين يكون آبائهم وقائيين أكثر من اللازم يكونون أكثر عرضة لقلق الانفصال، وقد يكون وراثياً نتيجة وجود قلق أو اضطرابات عقلية أخرى لدى الوالدين، وفيما يلي عرض لأهم أسباب قلق الانفصال لدى الطفل أشارت العناني إلى أسباب قلق الانفصال بأنه ناتج عن الشعور بعدم الأمان نتيجة للحماية الزائدة والاعتماد على الكبار، أو نتيجة لغياب الأم المتكرر عن الطفل في السنوات الأولى من عمره، كما أن وجود الصراعات الأسرية تثير خوف الطفل من فقدان أحد الوالدين . ويمكن إجمال أسباب قلق الانفصال لدى الطفل بالعوامل التالية :

1 - عوامل نفسية اجتماعية :
  • الاعتماد الشديد للطفل على أمه أو من ينوب عنها، إن الأطفال الذين لديهم ارتباط عاطفي بدرجة شديدة يخافون أكثر من بقية الأطفال، بالإضافة إلى مرور الطفل بخبرات عابرة ارتبطت بأحد أنواع مخاوف النمو التي يتعرض لها الطفل كالخوف من فقدان الأم، أو موت شخص مرتبط به الطفل ، أو انتقال الطفل من مكان إلى آخر وعدم استقرار علاقاته .
  • الحماية الزائدة ، فالعائلات التي يظهر فيها الطفل اضطراب قلق الانفصال قد يكون فيها ارتباط شديد وحماية زائدة من الأخطار المتوقعة، حيث يصبح الأطفال هدفاً لقلق الأبوين الزائد مما يجعلهم مهيئين لقلق الانفصال .

2 - عوامل جينية (وراثية) :
لقد أظهرت الدراسات أن الأبناء لآباء مصابين بالقلق أكثر عرضة لقلق الانفصال والآباء المصابين باضطراب رهاب الخلاء تتزايد مخاطر إصابة أطفالهم بقلق الانفصال، حيث يحتمل وجود أساس جيني موروث ينتقل من الآباء إلى الأبناء، كما أن العوامل الجينية الموروثة من الآباء تسهم في حدوث هذا الاضطراب لدى الإناث أكثر من الذكور .

3- عوامل التعلم :
يتعلم الطفل القلق من أحد الوالدين بشكل مباشر فخوف الوالد من المواقف الجديدة ينمّي لدى الطفل الخوف من هذه المواقف، كما أن بعض الآباء يعلمون أبنائهم القلق بالمبالغة في تحصينهم من المخاطر المتوقعة (الحماية الزائدة) فإذا كان الأب أو الأم من النوع الذي يخاف فإن الابن قد ينشأ على الخوف من المواقف الجديدة وخاصة البيئة المدرسية ويخشى الانفصال عن البيت ، فالطفل يتعلم القلق من الوالدين أو جو المنزل وهذا يظهر عندما يحذرهم والديهم كثيراً من الابتعاد وبذلك يبث الوالدان الشعور بالخطر الدائم. وهناك أسباب قد تتعلق بجو الأسرة والاضطرابات والخلافات بين الوالدين والتي تؤثر بشكل كبير على نمو الطفل لذلك على الوالدين إبعاد الطفل ما أمكن عن خلافاتهما الزوجية، لأن الطفل كثيراً ما يعد نفسه سبباً لهذه المشكلات ويضع اللوم عليه.

تشخيص قلق الانفصال

تعتبر الفترات العابرة من قلق الانفصال طبيعية في مراحل العمر المبكرة (مرحلة الرضاعة) أما القلق المفرط والمستمر في مرحلة الطفولة المبكرة فقد يؤدي إلى سلوك سلبي من قبل الطفل سواء في المدرسة أو البيت، وذلك لكي يلفت الانتباه وقد يكذب لتبرير مخاوفه، فالعديد من الأطفال غير قادرين على وصف خوفهم ومشاعرهم الداخلية أو ملاحظة سلوكياتهم أو القدرة على اتخاذ القرارات. ففي عمر 3 سنوات يظهر الأطفال شعوراً بالقلق تجاه الأذى الجسمي أو فقدان حب الوالدين أو الاختلاف عن الآخرين أو العجز عن التعامل مع الحوادث وتعد مشاعر القلق المتعلقة بأخطار متوقعة من الأمور الشائعة في مرحلة الطفولة المبكرة . 

وفي السنة الرابعة من عمره تبلغ ذروة مخاوفه من الابتعاد عن بيته وعن والديه فهو قد بدأ يدرك أنه يعيش في عالم واسع ويخشى أن يتوه في خضم الحياة الواسعة ، وقد يخاف أن يخطفه أحدهم فيبدو عليه القلق والانزعاج . وفيما يلي ذكر لأهم أعراض اضطراب
قلق الأنفصال لدى الأطفال :

1- أعراض جسمية :
يمتنع الأطفال الذين يعانون من قلق الانفصال بالبقاء وحدهم في الغرفة ، فهم يتمسكون بشك وحيرة بالشخص المتعلقين به، وبعضهم يشكو من أعراض جسيمة متكررة عندما يتوقعون حدوث الانفصال كآلام البطن والصداع والغثيان ، بالإضافة إلى إحمرار الوجه
أو اصفراره، وتعرق اليدين، وصعوبة في التنفس وقد يعانون من شهية ناقصة أو زائدة .

2- أعراض اجتماعية :
يلجأ بعض الأطفال ذوي اضطراب قلق الانفصال إلى الإحجام عن مواقف اجتماعية كالذهاب إلى حفلة أحد الأطفال، او زيارة بيت صديق بسبب ما يعانونه من هموم أو قلق إزاء انفصالهم عن والديهم أو عن الكبار ممن يتولون رعايتهم. وقد يكون على شكل رفض مستمر في الذهاب إلى المدرسة خوفاً من الابتعاد عن والديه، وفي حال ذهابه للروضة نلاحظ انخفاضاً في الأداء الأكاديمي وإحجامه عن المشاركة في الأنشطة

3- أعراض انفعالية :
يشعر الطفل بقلق مستمر وضيق غير مبرر كما يظهر الأطفال انزعاجاً شديداً وخوفاً حول سلامة الشخص الذي يعتني بهم ، وتشغل باله مخاوف حول أشياء مثل : حادث أو اختطاف ، سيحصل له أو لوالديه .

4- أعراض سلوكية :
فالأطفال الذين يعانون من قلق الانفصال يجدون صعوبات كبيرة في النوم بمفردهم دون وجود أحد الوالدين (بسبب الخوف من تعرضهم لكوابيس حول موضوع الانفصال عن الوالدين تحول دون نومهم ويمكن أن يكون قلق الانفصال سببًا في وجود عادات سيئة مثل (مص الإصبع وقضم الأظاهر، تبليل الفراش) ، بالإضافة إلى البكاء المستمر ونوبات الغضب المتكررة، السلوك العدواني، الخجل الشديد، والعصبية التي لا تناسب الموقف. 

ولتشخيص قلق الانفصال لا بد من وجود أغلب الأعراض والمؤشرات السابقة لدى الطفل مع استمرارها لفترة من الزمن اسبوعين تقريباً، وفي حال وجودها فإنها تعتبر مشكلة وعندها يحتاج الطفل إلى رعاية واهتمام وعلاج .

علاج قلق الانفصال

تبدأ الخطوة الأولى في العلاج من خلال منح الطفل الحب والثقة وإحساسه بذاته وتقبل مشاعره من قبل الوالدين ومن واجب الوالدين توضيح التغيرات الحاصلة في بيئة الطفل بحرص وبحذر شديد كولادة أخ جديد مثلاً أو الموت المتوقع لأحد الوالدين أو مرضهما، أو ذهابه إلى المدرسة وتركه بالمنزل لفترة من الزمن . لقد أجمع العديد من علماء النفس والمعالجين النفسيين على أن علاج قلق الانفصال يحتاج إلى خطة متكاملة الجوانب ولجميع أفراد الأسرة تشمل العلاج النفسي الدينامي للطفل والعلاج السلوكي المعرفي والعلاج الأسري والعلاج بالعقاقير وهذا أفضل من استخدام كل طريقة على حدة، ونظراً لأهمية هذه المرحلة العمرية والتي تحتاج إلى اهتمام خاص من قبل الوالدين والمعالجين فإننا نقدم توضيحاً بسيطاً لأنواع هذه العلاجات

1- العلاج النفسي الدينامي :
يحتاج الطفل إلى علاج نفسي لفهم التغيرات النفسية التي تسبب له هذا الخوف، يقوم من خلال جلسات نفسية مرتين أو ثلاثة أسبوعياً من أجل فهم المعنى اللاشعوري للأعراض التي يعاني منها الطفل والعمل على تقوية الأنا لديه ليكون قادراً على تحمل مواقف القلق التي تصيبه، حيث يتم تعليمه طرقاً للاستراخاء المساعدة في خفض الأعراض وحدتها ، والهدف الأول من العلاج السلوكي هو تخفيف المعاناة التي يسببها القلق، وتخفيف المشاعر السلبية المؤلمة، أما الهدف الثاني يقوم على تعديل السلوك وأشاره بالثقة وتقدير الذات .

يحتاج العلاج النفسي إلى أخصائي نفسي مؤهل، كما يتم العلاج النفسي بشكل فردي أوجماعي أو الأسرة معاً أو الزوجين.

2- العلاج السلوكي المعرفي :
يقوم العلاج السلوكي على جملة من الاستراتيجيات والطرائق التي تركز على السلوك الغير مرغوب فيه وتنمية السلوك المرغوب، ويؤكد هذا الشكل من العلاج على الارتباط بين أنماط السلوك المشكلة الراهنة وعلى المثيرات في المحيط التي تسبب هذه الأنماط ويتمركز الاهتمام على السلوك الراهن بالإضافة إلى المشاعر والافكار وردود الأفعال الجسدية ، والعلاج السلوكي المعرفي فعال في خفض قلق الانفصال لدى الأطفال ، حيث يعمل على معرفة مشاعر القلق لدى الطفل. 

ثم تبدأ الخطوة الثانية بوضع خطة للتعامل معه وتقييم نجاح عملية التأقلم وخفض القلق، فمن المهم في هذا النوع من العلاج مساعدة الطفل على مواجهة ما يسبب له القلق وعدم تجنبه ورفع مشاعر الاستقلالية والثقة بالنفس والكفاءة لديه إن إخضاع الطفل لعلاج سلوكي يهدف التخفيف من مشاعر الخوف لديه بشكل تدريجي، فعند ذهابه إلى المدرسة يفضل أن يرافقه أحد الوالدين لبعض الوقت وخاصة في الأيام الأولى لذهابه إلى المدرسة ثم تزيد فترات تركه بمفرده مع مرور الأيام إلى أن يصل إلى يوم دراسي كامل يقضيه بمفرده

3- العلاج الأسري :
ينطلق العلاج الأسري من مبدأ أن صعوبات الفرد أو الأسرة باعتبارها وحدة كلية تنشأ وتستمر في سياقات الحياة المشتركة لأفراد الأسرة ويعمل العلاج الأسري مع الأسرة ككل، بنيتها وأشكال تواصلها وأنماط تفاعلها من أجل إحداث تغييرات . 

يفيد العلاج الأسري الأطفال في تقديم التشجيع المتواصل والدعم المتزايد من قبل الوالدين، كما أنه يفيد الآباء من خلال التعبير عن مخاوفهما أزاء الطفل والعمل على تجاوز هذه المخاوف، ويتم اللجوء إلى طريقة تقوم على جلسات يتم فيها تعريض المصاب للشيء المثير للخوف والقلق ويتم التخلص من القلق بطرق الاسترخاء المختلفة، ومن خلال جلسات مختلفة من الشرح والتفسير مع الأهل والطفل المعرفة وفهم ما يجري، وما يجب فعله وبالتالي خلق جو من الثقة يفيد في علاج القلق لدى الطفل .

إن إشراك الوالدين في البرامج الإرشادية تعمل على تخفيض قلق الانفصال لدى الأطفال بشكل كبير، فمن الضروري تدريب الوالدين على كيفية التصرف في المواقف المختلفة والأوقات الصعبة التي يمكن أن تعترض سبيل تكيف الطفل وصحته النفسية . 

تنعكس مخاوف الوالدين على الطفل بشكل مباشر لذلك كان من الضروري أن يضبط الوالدان مخاوفهما أمام الطفل ويتحكموا بردود الأفعال وعدم المبالغة بها، بل على الوالدين العمل على تشجيع طفلهم باستمرار في جو من الأمان والطمأنينة وتعزيزهم بشكل إيجابي وعدم إشعارهم بشدة المخاوف التي تسبب لهم القلق. 

يكون العلاج الأسري عادة عملياً وقصيرا ومتمركزاً حول المشكلة ويعيد إلى الأسرة تماسكها والقدرة على التعبير عن مشاعرها وتفهم الفروق الفردية وأدوار كل فرد فيها.

مقياس قلق الانفصال

إعداد : عايدة شعبان صالح نجاح السميري  - 2009
للتحميل المقياس اضغط 👈 هنا
Mohammed
Mohammed