المشاكل الاجتماعية

المشاكل الاجتماعية




تعريف المشكلة الاجتماعية

يعد مفهوم المشكلة الاجتماعية من المفاهيم التي تتعدد فيها وجهات النظر حول ماهيته، فالبعض قد يجد أنها حالة والبعض يرى بأنها موقف، وآخرين يرون بأنها حدث سيء . 

فعند النظر إلى مفهوم المشكلة الاجتماعية سنجد أنه ينقسم لمفهومين :
  1. المشكلة (problem) يقصد به سلوك أو موقف أو وضع غير مرغوب فيه ومتكرر الحدوث، وتعرّف أيضاً بأنها وجود عائق أمام الطريقة المألوفة، والمقبولة، والمرغوبة؛ للوصول إلى الأشياء والأهداف الاجتماعية. 
  2. أما كلمة اجتماعية (social) فيقصد بها أن هذا السلوك أو الموقف يدركه عدد كبير من أفراد المجتمع ، وهي كلمة تدل على المظهر الاجتماعي أو الجمعي في المجتمع وتعبر عن التفاعل المباشر والعلاقات المتبادلة بين أفراد المجتمع .

إذن المشكلة الاجتماعية هي حالة أو سلوك سيء ليس له قبول بين أفراد المجتمع ويحدث بشكل متكرر، والذي يبدي الأفراد انزعاجهم منها نتيجة تأثيرها على تفاعلهم والعلاقات المتبادلة بينهم

ويرى هورتن ولسلي أن المشكلة الاجتماعية حالة تؤثر على عدد له أهمية من الناس، بطريقة تعتبر غير مرغوبة، ويكون هناك ثمة شعور بأنه يمكن عمل شيء بصددها من خلال العمل الجماعي. وينطوي هذا التعريف على أربعة عناصر : 
  1. حالة تؤثر على عدد من الأفراد؛
  2. بطريقة تعتبر غير مرغوبة؛
  3. الشعور بأنه يمكن التصدي لها؛
  4. التكاتف والعمل الجماعي لحل المشكلة.

هذا الموقف والسلوك يؤثر على عدد كافٍ من الناس سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وعلى عدد كافٍ من الأفراد بأن شيئاً ما يمكن القيام به بشأن تحسين وتعديل الموقف

أما مارشال يُعرف المشكلة الاجتماعية بأنه مصطلح خاص يطلق على مدى واسع من الظروف والسلوكيات الجانحة، التي تعد تجسيدات للتفكك الاجتماعي، وتبريرات للتغيير بواسطة بعض وسائل الهندسة الاجتماعية .

خصائص المشكلات الاجتماعية

الظاهرة الاجتماعية المُدركة من قبل عدد من الأفراد، خصوصاً العلماء والباحثين الاجتماعيين يكونون قادرين على تحديد خصائصها وفقاً لما يلاحظونه عنها، ووفقاً لقدرتهم في التمييز بينها وبين غيرها من الظواهر الاجتماعية.

وأبرز خصائص المشكلة الاجتماعية تتمثل في كونها نسبية، أي تختلف من مجتمع لآخر في المجتمع الواحد باختلاف المراحل الزمنية، وتختلف درجة تأثيرها من مجتمع لآخر، وتتميز طبيعتها بالترابط والتداخل، إذ تتحدد طبيعتها بتفاعلها مع المشكلات الأخرى.

إضافة لذلك أنها متدرجة الحدوث أي لا يمكن أن تحدث فجأة، وتتمتع بخاصية أنها مدركة ومحسوسة لدى عدد من الأفراد المدركين في المجتمع ، وكذلك لها خاصية العمومية والانتشار، كما أنها تخضع لظروف المجتمع من حيث حجمها وتنوعها ومدى تأثيرها. 

وأخيراً تتمتع بكونها حتمية الوجود، وتحدث لأسباب متعددة ، وتتصف بالقوة والإلزام 

تصنيف المشكلات الاجتماعية

تصنف المشكلات الاجتماعية إلى نوعين، وذلك بحسب نشأتها :
  • أ. النوع الأول : مشكلات سببها الأفراد؛ أي قيام مجموعة من الأفراد بسلوكيات غير مرغوبة تلحق الضرر بالمجتمع، وذلك بمخالفتهم للأنظمة، والقواعد التي تضبط السلوك في المجتمع، وكذلك قيامهم بإثارة الغضب لدى الآخرين. 
  • ب. النوع الثاني : مشكلات سببها التنظيم الاجتماعي؛ وذلك لوجود تباين في حصول الأفراد على خدمات المجتمع بشكل متساو بالتالي وجود فئات محرومة وأخرى فئات معدمة، تكون ناقمة على المجتمع.

تحديد المشكلة الاجتماعية

إن تحديد ظاهرة معينة بأنها مشكلة اجتماعية يتطلب وضع مقاييس، ومقاييس تحديد المشكلة الاجتماعية تختلف من مجتمع لآخر، ومن جماعة لأخرى داخل المجتمع الواحد، وذلك تبعاً للقواعد التي تحكم سلوك الأفراد في المجتمع ( بمعنى أن هناك نسبية ).

وفي هذا السياق يرى روبرت ميرتون أن القيم الاجتماعية هي مقاييس المشكلة الاجتماعية؛ وعلى ضوء ذلك تكون استجابة المجتمع ككل هي الأساس. أما المقياس الآخر فهو الأصول الاجتماعية (جذور اجتماعية) للمشاكل الاجتماعية؛ ويكون ذلك نتيجة وجود خلل وظيفي في النسق.

كما يؤكد روبرت ميرتون أنه يجب دراسة المشكلات الاجتماعية الظاهرة والكامنة داخل المجتمع ؛ وذلك بهدف تحديد أصول هذه المشكلات. أما المقياس الآخر فيكمن في الإدراك العام للمشكلة الاجتماعية، والتي لابد أن يتأثر بها عدد كبير من الأفراد، أو أنه يعاني منها أفراد ذو أهمية في المجتمع، وبوجه عام كلما زاد عدد الأفراد الذين يواجهون المشكلة ويعانون منها، كلما اتسمت المشكلة بالطابع الاجتماعي، وأخيراً نوعية الأشخاص هي من تحدد المشكلة الاجتماعية .

مواقف الأفراد من المشكلة الاجتماعية

من خلال العناصر السابقة يتضح أنه من شروط إطلاق مصطلح مشكلة على ظاهرة معينة هو ادراك ووعي عدد كافٍ من الأفراد بالظاهرة. ومن منطلق ذلك تتعدد مواقف الأفراد تجاه أي مشكلة اجتماعية وهي كالآتي: عدم الاكتراث (اللامبالاة)؛ وذلك عندما تكون المشكلة الاجتماعية مشكلة عامة وليست مشكلة شخصية، فالبعض يصدر منه موقف الخضوع، وهو ما يسمى بالاستسلام القدري؛

فالبعض يؤمن بالحظ والنصيب بالتالي وقوعه في مشكله يجعله يُسلم بالأمر دون محاولة للبحث عن حل للمشكلة، فيما يظهر البعض موقفه في الاعتقاد بأن المشكلة الواقعة هي نتيجة عقوبة إلهية بسبب جرم أو خطيئة قام بها .

أما البعض فيتفاعلون معها عاطفياً في محاولة لحلها، وأخيراً موقف العلماء والباحثين الاجتماعيين من المشكلة والذي يكون موقفاً علمياً؛ حيث أنهم يسعون لدراسة، وتحديد المشكلة الاجتماعية وأسبابها وأبعادها، والحقائق المرتبطة بها .

لذا نجد مما ذكر أن حل المشكلة يرتبط ارتباطاً وثيق الصلة بموقف الأفراد من المشكلة؛ والذي بدوره يحدد دور المجتمع للتخلص منها.

أسباب المشكلات الاجتماعية

لا يمكن لأي ظاهرة أن تحدث دون وجود عوامل، أو أسباب تساعد على نشوئها وانتشارها، لذا يرى العديد من الباحثين والعلماء أن المشكلة الاجتماعية تحدث لعدة أسباب وهي كالآتي : 

أن المشكلات الاجتماعية هي نتاج انحراف عن السلوك والقواعد التي يحددها المجتمع السوي،  في حين يرى البعض أن المشكلات الاجتماعية تظهر نتيجة خلل أو نقص في اشباع بعض الاحتياجات التي قد تكون نفسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، أو بيولوجية، أو صحية.

ويرجع ذلك لعدة أسباب : أسباب ذاتية تعود للفرد نفسه، وأسباب أسرية تعود لأسرة الفرد، وأسباب اجتماعية ترجع إلى الجماعات التي ينتمي لها الفرد، و أسباب بيئية ترجع للمجتمع الذي ينتمي إليه الفرد .

مصادر المشكلات الاجتماعية

لا يوجد مجتمع مثالي أو خالي من المشكلات، فحصول المشكلات الاجتماعية أمر حتمي، ويشير حدوثها إلى وجود بعض الجوانب غير السوية والمهددة لاستقرار المجتمع. وتتعدد مصادر حصولها، والتي يمكن تصنيفها على النحو الآتي :
  1. المجتمع الحديث معقد في تنظيمه الداخلي، بالتالي فالبنية الاجتماعية غير المنتظمة تولد مشكلات اجتماعية معقدة، ومتشابكة كالفقر والبطالة وغيرها.
  2. التقدم والتطور الذي أحدثه المجتمع الحديث أدى إلى وجود خسائر، على سبيل المثال بناء السدود على الأنهار أدى إلى نزوح العديد من الأفراد، كذلك بناء الطرق أدى إلى قطع الكثير من الأشجار بالتالي تدهور الوضع البيئي .
  3. التغير الاجتماعي المستمر ، أدى إلى إحداث تغير في التركيبة الاجتماعية، وكذلك إحداث خلل في العلاقات بين الجماعات الاجتماعية و بالتالي إعادة تحديد للأدوار، والذي بدوره يجعل بعض المعتقدات والأنماط السلوكية مختلة وظيفياً.
  4. اعتلال الصحة والذي يترتب عليه ظهور المشكلات الاجتماعية للفرد والمجتمع.

أنواع المشكلات الاجتماعية

تتعدد أنواع المشكلات الاجتماعية ، فهناك عدة أنواع كالآتي :
  1. المشكلات الأساسية : مشكلات تتعلق بعدم كفاية الخدمات للجميع كنقص في عدد المستشفيات، ونقص في عدد المدارس وغيرها.
  2. المشكلات التنظيمية : مشكلات تتعلق بسوء توزيع الخدمات بحيث تتركز الخدمات في مكان واحد أكثر من الآخر، كتركز الخدمات في المدن أكثر من القرى.
  3. المشكلات المرضية : مشكلات تحدث عند استبعاد المانع أو الرادع، كالجزاء الديني أو الاجتماعي أو الأيدولوجي، حيث تتواصل المشكلات والعمليات المرضية كالسرقة، والتسول، والتشرد، والبغاء إلخ.
  4. المشكلات المجتمعية : مشكلات تتعلق بسوء العلاقات بين الجماعات المختلفة في المجتمع، وعدم اكتراث الأفراد بمشكلاتهم وترك حلها للظروف.

وبالنظر لما سبق نجد أن المشكلات التنظيمية والمشكلات الأساسية تتعلق بالخدمات المقدمة لأفراد المجتمع، وتختلف مسبباتها من حيث التوزيع وعدم الكفاية؛ فالفرد الذي يعيش في مجتمعات تحتمل هذا النوعين من المشكلات نجد أنه له دور في الاخلال بالأنظمة والقوانين ، والتخلي عن قيم المجتمع، وقد تمتد لإلحاق الضرر بنفسه وبمجتمعه .

أما المشكلات المرضية فتتعلق بالجزاء والعقاب، أي الأنظمة التي تنظم سير الحياة الاجتماعية للمجتمع ؛ التي تحتاج لصياغة ووضوح لدى الأفراد لضمان الانضباط. في حين أن المشكلات المجتمعية تتعلق بالعلاقات التي تتحدد وفقاً لكل مجتمع، ونظامه الذي يسمح بالمشاركة المجتمعية للأفراد في صنع القرارات المتعلقة بالمجتمع، أو قمعه وحرمانه والذي له تبعاته ومشكلاته.

طرق الاستجابة للمشكلات الاجتماعية

إن حصول المشكلة الاجتماعية وتأثيرها على عدد من الأفراد، يتطلب تدخل الأفراد المعنيين بالمجتمع لحلها، وهناك عدة طرق يمكن للمجتمع عن طريقها الاستجابة لمشكلة اجتماعية معترف بها؛ وذلك من خلال بذل الجهود وتنسيقها للتخفيف من النتائج السلبية للمشكلة، وإعادة تشكيل للنظم المجتمعية، بحيث تنطوي على تعديلات في هياكل وعلاقات الأنظمة الاجتماعية المختلفة. وعندما لا يوجد حل واضح للمشكلات ؛ يؤدي ذلك لتفاقم المشكلات وازديادها

السياق المرجعي للمشكلات الاجتماعية

إن السياق المرجعي لدراسة الوقائع الاجتماعية هو التغير الاجتماعي، فالتغير يحدث بصورة متدرجة ومتواصلة؛ بحيث يصعب على الأفراد أن يلاحظوا نتائج التغيرات إلا بعد مدة من الزمن .

وللعلماء والباحثين دور في دراسة هذه الوقائع، حيث نجد أن هيرمان بين نوعين من الدراسات التي تهتم بدراسة المشكلات الاجتماعية، والذي عرض كل منهما كالآتي :
  1. النوع الأول من الدراسات يقوم بمعالجة مجموعة كبيرة من المشكلات الاجتماعية دفعة واحدة؛ إذ يدرسها من حيث مدى انتشارها، والشكل الذي تأخذه، وأسباب حدوثها ومدى تأثيرها على المجتمع وأفراده، مع تحديد الآليات المتبعة للتصدي لها. 
  2. النوع الثاني من الدراسات فتُعنى بدراسة نوع واحد من الدراسات دراسة معمقةً، وتتخذ خطوات النوع الأول من الدراسات، ولكن بتركيز واستفاضة أكثر


تحميل المقال

للتحميل اضغط 👈 هنا
Mohammed
Mohammed