استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة

استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة





يعتبر التعلم المتمركز حول المشكلة أحد أنواع التعلم الذي تعود أصوله إلى العالم سقراط، حيث كان طلبته يبحثون عن المعرفة بأنفسهم من خلال مجموعة من الأسئلة التي يطرحها عليهم العالم سقراط، ثم يجتمعون معا لمناقشة تلك المعارف والمعلومات في بيئة تعليمية نشطة وفعالة.

أما في العصر الحالي فإن براوز (Barrows) يعد أول من استخدام الاستراتيجية لإعداد طلبة كلية الطب في جامعة ماكماستر الكندية Master عن طريق وضع الطلبة في مواقف تتضمن مشكلات طبية ،واقعية، يعمل الطلبة على إيجاد حل لها .

في حين أن ويتلي (1991 Wheatley) أول من عمل على إدخال استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة في مجال تدريس العلوم والرياضيات, حيث صاغ المراحل الأساسية للاستراتيجية وهي: مهام التعلم، والمجموعات المتعاونة والمشاركة .

ولهذه الاستراتيجية عدة مسميات منها التعلم القائم على المشكلة ونموذج ويتلي .

مفهوم استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة

إن استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة هي إحدى الاستراتيجيات المنبثقة عن البنائية الحديثة في تدريس مواد العلوم والرياضيات لمصممها جريسون ويتلي (Grayson Wheatly).

ويعرف ويتلي (1991 Wheatly) استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة بأنها: "نوع من التعلم يساعد التلاميذ على فهم ما يتعلمونه وبناء معنى له، وينمي لديهم الثقة على حل المشكلات"؛ أي أن الطلاب وفق نظريته يسعون إلى الاعتماد على أنفسهم في تكوين المعنى، لا أن يقدم لهم في قوالب جاهزة، كما أنهم يجدون العلاقة بين المعرفة والحياة عن طريق حل المشكلات.

وهو نموذج تدريس قائم على أساس النظرية البنائية، ويؤكد على المشاركة الإيجابية للمتعلم والتفاعل بينه وبين المعلم في إطار أربع مراحل متكاملة ومتتابعة وهي :
  1. مرحلة المهام Task phase 
  2. مرحلة المجموعات المتعاونة Cooperative phase
  3. مرحلة المشاركة Sharing phase
  4. مرحلة التقويم Evaluation phase

واستراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة هي  إحدى استراتيجيات النظرية البنائية والتي تعتمد على العمل الجماعي، فهي تتيح للمتعلم صنع فهم ذي معنى من خلال ربط المعرفة السابقة ودمجها مع ما تم تعلمه، حيث تبدأ هذه الاستراتيجية بتقديم مشكلة حقيقية يواجهها المتعلمون، من ثم العمل على تحليلها ، وإيجاد الحلول المناسبة لها بواسطة المعرفة والمهارات التي تُكتسب، وتتكون هذه الاستراتيجية من ثلاثة عناصر أساسية وهي : المهام والمجموعات المتعاونة والمشاركة .

مكونات استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة

هذه الاستراتيجية تتكون من أربع مراحل وهي :
  • مرحلة المهام Task phase
  • مرحلة المجموعات المتعاونة Cooperative phase
  • مرحلة المشاركة Sharing phase
  • مرحلة التقويم Evaluation phase




وفيما يلي شرح للمراحل الأربع للاستراتيجية بنوع من التفصيل :
1 - مرحلة المهام Task phase
هي المرحلة الأولى من مراحل التعلم المتمركز حول المشكلة حيث تكون المهمة عبارة عن سؤال أو مشكلة علمية أو استفسار أو موقفا يتطلب تنفيذ نشاط معين, وتُطرح هذه المهمة إما بكتابتها على السبورة أو في أوراق عمل توزع على الطلبة ، وفي هذه المرحلة لا بد أن تتوفر بعض الشروط الأساسية للمهام :
  1. أن تكون المهمة مشكلة أو سؤالًا أو موقفاً مشكلاً قابلا للحل.
  2. أن لا تكون المهمة معقدة بحيث تؤدي إلى إحباط الطلبة.
  3. أن تتناسب المهمة مع أعمار الطلبة وقدراتهم ومستوياتهم المعرفية.
  4. أن تحفز المهمة الطلاب على طرح أسئلة من نوع لماذا؟ وماذا لو؟
  5. أن تكون المهمة عملية بحيث إنها تعطي نتيجة، كما لا بد من أن تشمل على عنصر الإثارة والتشويق.
  6. أن تكون المهمة مرتبطة بخبرات الطلاب السابقة واهتماماتهم، وذات معزى ودلالة، وتساعد على حل مشكلات مشابهة في المستقبل.
  7. أن تسمح المهمة بتعدد الآراء ووجهات النظر، وذلك من خلال النقاش والحوار بين الطلبة في المجموعات.
  8. أن تشجع المهمة الطلبة على اتخاذ القرارات.
  9. أن تشجع المهمة الطلبة على استخدام أساليبهم البحثية الخاصة، وتوظيف مهاراتهم المعرفية في إيجاد حلول للمشكلات المتضمنة في مهام التعلم المطروحة.
إن التحدي الحقيقي الذي يواجه المعلم في مرحلة المهام هو تحديد المهام المشتملة على الأفكار الأساسية للدرس, فلا بد من الموازنة بين ما يتعلمه الطالب وبين المعرفة السابقة التي لديه

2 - مرحلة المجموعات المتعاونة Cooperative phase
وهي المرحلة الثانية من الاستراتيجية والتي يتم فيها تقسيم الطلاب إلى مجموعات عمل صغيرة، تتكون من 4 - 6 أفراد داخل كل مجموعة, ويفضل أن تكون المجموعات غير متجانسة من ناحية القدرات العقلية للطلبة .

يُعتمد في هذه المرحلة على العمل التعاوني الذي يحدث داخل المجموعات الصغيرة؛ لإيجاد حلول للمشكلات المطروحة للطلبة, حيث يتبادل الطلبة الأفكار والآراء لتكوين فهم أفضل للمهمة المقدمة إليهم. ويعمل التعاون الإيجابي بين أفراد المجموعة على زيادة الثقة، وطرح الأسئلة من دون خوف، وحرية التفكير ، وتوقع النجاح، وتقويم آراء وأفكار بعضهم الآخر .

ومن الشروط الواجب توفرها في المجموعات الصغيرة المتعاونة أثناء الموقف التعليمي وهي المشاركة الإيجابية في الحوار والمناقشة بين أفراد المجموعة، والاستخدام الجيد للمهارات الاجتماعية التي يتطلبها العمل التعاوني بين أفراد المجموعة؛ مما يعزز التفاعل الإيجابي بين أفرادها.

وفي هذه المرحلة لا تنتهي عملية التعلم عند توصل كل مجموعة إلى حل خاص بها، وإنما يُنتقل إلى المرحلة الثالثة من هذه الاستراتيجية.

3 - مرحلة المشاركة Sharing phase
في هذه المرحلة يعرض أفراد كل مجموعة الطريقة التي استخدمت للوصول إلى الحل, ويصحح المعلم الإجابات الخاطئة لدى الطلبة، من خلال المناقشة في ما تم التوصل إليه من تفسيرات واستنتاجات للمهمة المطروحة ؛ إذ تسهم المناقشة مع المعلم في تعديل مسار التفكير لدى الطلبة نحو الاتجاه الصحيح الجندي .

وفي هذه المرحلة لا تنتهي عملية التعلم عند مشاركة كل مجموعة الحلول الخاصة بها للمجموعات الأخرى، وإنما يُنتقل إلى المرحلة الرابعة من هذه الاستراتيجية.

4 - مرحلة التقويم Evaluation phase.
أضيفت مرحلة التقويم إلى استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة بوصفها مرحلة أخيرة نظراً لأهمية التقويم في العملية التعليمية, ويستخدم في هذه المرحلة التقويم البنائي وذلك لمعرفة مدى تحقق الأهداف التعليمية للدرس ، ومدى فهم الطالب للمفاهيم الجديدة وتنظيمها داخل بنائه المعرفي, ويشمل التقويم في هذه المرحلة كل فرد من أفراد المجموعة .

وتتعدد وسائل التقويم البنائي فقد تكون عن طريق الملاحظة أثناء تقويم أداء الطالب في الحوار والمناقشة داخل المجموعة، أو عن طريق سؤال قصير ، أو واجب منزلي .

مبررات استخدام استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة

توجد مبررات ينصح على أثرها استخدام استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة بدلاً من الطريقة الاعتيادية، وذلك لأن الطلبة ينسون ما يتعلمون؛ لهذا يفضل استخدام هذه النوع من التعلم كونه يساعد الطلبة على الاحتفاظ بما يتعلمونه مقارنة بطريقة التدريس الاعتيادية، ويتميز هذا النوع من التعلم بأنه يساعد على اكتساب المعلومات وتوظيفها في مواقف مختلفة، فيسهل على الطلبة استردادها وربطها بالخبرات السابقة، مما يسهم في تنشيط المعرفة السابقة، وإعادة بنائها لتتلاءم مع المعرفة الجديدة، فتساعد الطلبة على استخدام المعرفة بطريقة صحيحة. 

محددات التدريس باستراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة

استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة مثلها مثل أي استراتيجية تربوية لها مجموعة من المحددات، حيث أنها تتطلب وقتاً طويلاً من الطلبة في حل المشكلة أو المهمة المقدمة إليهم، مما يؤدي إلى إمكانية الانتهاء من العمل في المهمة المطروحة متأخراً أو مبكراً سواء أكان على صعيد المجموعات أو الأفراد كذلك فأنها تتطلب توفر مصادر وأدوات متنوعة من أجل البحث لإيجاد حلول للمشكلة. بالإضافة إلى صعوبة تطبيق هذه الاستراتيجية في الصفوف الدراسية جميعها، وكذلك صعوبة تقويم عملية التعلم في ضوئها . 

خصائص ومزايا التعلم المتمركز حول المشكلة

هناك العديد من الخصائص والمميزات التي تميز هذه الاستراتيجية عن غيرها من الاستراتيجيات وفق ما ذكرته أدبيات البحث التربوي ومن أهم هذه الخصائص : 
  1. تصميم الصفوف الدراسية وفق هذه الاستراتيجية بأن يكون الطالب هو محور العملية التعليمية بدلاً من المعلم.
  2. تساعد على تطوير مفهوم التعلم الذاتي عند الطلبة، بالإضافة إلى تطوير المهارات الاجتماعية، ومهارات التواصل مع الآخرين واحترام آرائهم وحسن الاستماع إليهم.
  3. تساعد على تنمية مستويات التفكير العليا عند الطلبة ومهارة حل المشكلات والتفكير العلمي والناقد، يشعر الطلبة بحرية التفكير من دون تسلط المعلم عليهم.
  4. تعمل على تحفيز كل من المعلم والطالب نحو عملية التعلم، حيث تعمل على تعديل الاتجاهات السلبية للطلبة نحو المادة؛ وذلك نتيجة الحماس والتفاعل الإيجابي أثناء العمل.
  5. يعتبر العمل التعاوني عنصراً أساسياً في هذه الاستراتيجية، حيث تسهم المناقشة والحوار في مساعدة الطلبة بعضهم لبعض للتوصل إلى فهم أفضل للمهمة المطروحة عليهم.
  6. يكتسب الطلبة بعض المهارات مثل إدارة الوقت التركيز، جمع البيانات كتابة التقرير, وتقويم أساليبهم البحثية.
  7. تسمح للطالب ببناء معرفته بنفسه، وذلك من خلال اكتساب المعلومات الجديدة وتنظيمها بطريقة منطقية، وربطها بالمعلومات السابقة التي لديه 

خطوات تطبيق استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة

تتلخص خطوات تطبيق استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة كما يلي :
  1. تحديد المعرفة السابقة لدى الطلبة من خلال طرح الأسئلة المتعلقة بموضوع الدرس. 
  2. تقسيم الطلبة إلى مجموعات صغيرة غير متجانسة، وتُوزع المهام التعليمية عليهم سواء أكانت مشكلة أو سؤالا أو استفسارا أو موقفاً مشكلاً.
  3. يقتصر دور المعلم في هذه الاستراتيجية على تشجيع الطلبة على التفكير وتوجيههم وإرشادهم من دون إعطائهم الإجابات الصحيحة.
  4. تعمل كل مجموعة على كتابة تقرير بالحلول التي تم التوصل إليها، وعرضها على المعلم وبقية الطلبة داخل الصف.

دور المعلم في استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة

يتمثل دور المعلم في استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة في صياغة موضوع الدرس في صورة مهام أو مشكلة لطرحها على الطلبة، وترتيب غرفة الصف بتوفير المصادر والأدوات المساندة لعملية التعلم. تقسيم الطلبة إلى مجموعات التعلم المشتملة على مستويات مختلفة في التحصيل (منخفض - متوسط - مرتفع)، وتوجيهم وإرشادهم للعمل التعاوني داخل المجموعة، وتقديم التغذية الراجعة لهم عند الحاجة، بالإضافة إلى تشجيعهم على استخدام أساليبهم البحثية الخاصة، وتطوير الأفكار وتنقيحها بما يسهم في إيجاد حلول مناسبة، وأخيراً تقييم عمل المجموعات بناء على الحلول المقدمة لحل المشكلة المطروحة.

دور المتعلم في استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة

هناك ملامح تميز دور المتعلم في استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة وأبرزها في إمكانية إشراك المتعلم في اختيار موضوعات المهام أو المشكلات، ومساعدته لزملائه في تطوير أفكارهم للوصول إلى حلول مناسبة للمهام أو المشكلات المطروحة. بالإضافة إلى الإنصات الجيد والمشاركة الفعالة والإيجابية، وتقبل آراء الآخرين داخل المجموعة، واخيرا كتابة التقرير النهائي الخاص بالمجموعة في ضوء ما تم التوصل إليه من نتائج لعرضها أمام المعلم وبقية الصف.


تحميل المقال

رابط التحميل 👈 من هنا

Mohammed
Mohammed