كتاب الرياضيات حرفة عقلية

الرياضيات حرفة عقلية

طريقة جديدة في الإدراك العقلي



تأليف : محمود باكير
المراجعة العلمية : موفق دعبول
نشر : المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات





مقدمة الكتاب

من أبرز النتائج السلبية لأزمة تعليم الرياضيات وتعلمها تربويا في العالم العربي، عدم الاستفادة منها "منهجًا للتفكير" أو "مهارةً عقلية" في الحياة العملية لمعظم دارسيها، وبقاء حصيلتها لدى معظمهم مجرد "معلومات" متراكمة وكامنة لا تُستخدم إلا لأغراض حسابية بسيطة ومباشرة ولا ترقى إلى مستوى معارف، وثمة فرق كبير بين النوعين. وتظهر هذه النتائج السلبية على أشكال متعددة في مناحي الحياة المختلفة .

فنجد على سبيل الذكر لا الحصر أن الطبيب الذي يحفظ أعراض كل الأمراض قد لا يستطيع مع ذلك تشخيص حالة المريض، ولذا يقوم من باب التغطية على ذلك، بسرد ما تنص عليه الأدبيات الطبية فى المجال الذي يشكو منه المريض ولكن من دون تحديد مرض بعينه مع أن الدراسات الطبية تشير إلى أن الطبيب الناجح هو الذي "يتعامل مع مريض وليس مع مرض "... 

كما نجد الاقتصادي يحفظ النظريات الاقتصادية ولكن من دون امتلاك القدرة على ترجمتها إلى واقع ملموس يطوّر الواقع الاقتصادي لبلده.. ورجل السياسة الكسول الذي يجد في التاريخ حلولًا جاهزة لكل مشكلات العصر على الرغم من تغير الظروف التاريخية تماما... وغير ذلك من الأمثلة التي تعبّر عن واقع بائس .

المشكلة عمومًا قد لا تكون بالضرورة نقص معلومات لدى هؤلاء، بل ضعف القدرة على المحاكمة العقلية عندهم، فضلًا عن الحاجة الماسة إلى منهج للتفكير يساعد في تحويل المعارف إلى واقع ملموس أثناء التصدي لحل المشكلات بمختلف أنواعها، وبخاصة لفقدان حفظ المعلومات في هذا العصر أي قيمة مع وجود الحاسوب (الكومبيوتر) القادر على تخزين ما نشاء من البيانات الهائلة، فأضحى المهم قدرة المتعلم على المحاكمة العقلية وامتلاكه منهجًا للتفكير يساعده في استثمار معارفه لحلّ المشكلات، أو على الأقل التخفيف من أضرارها.

هذه الحالات تولّدت نتيجةً موقف كثير من المدرسين أو الطلاب من الرياضيات ذاتها، والنظر إليها بصفتها علمًا يُعنى بالأعداد.. والمعادلات.. والأشكال الهندسية، أو في أحسن الأحوال نوعًا من "الحسابات" التي لا تمتلك مغزى أو صدى عقليًّا وليست ذات علاقة بمناهج التفكير، على الرغم من فائدتها العملية في تقدُّم العلوم الأخرى وتطورها؛ لأن من المعروف أن للرياضيات تطبيقات عديدة في العلوم المختلفة؛ كالهندسات بمختلف أنواعها، وعلوم الحاسوب، والفيزياء والبيولوجيا، والاقتصاد... وغير ذلك من الحقول المعرفية تطبيقات تشكّل العمود الفقري لتلك العلوم وسببًا رئيسًا في تقدّمها.


المختلفة، وهي بيد أن علاقة الرياضيات بالعلوم الإنسانية بأنواعها كافة لم تتبلور تماما بعد، بل هي ليست حتّى في بداياتها، قياسًا بالعلوم الأخرى التي مضى على علاقتها حين من الدهر، لذلك يشكك بعضهم في إمكان الاستفادة من العلوم الرياضية في مجال العلوم الإنسانية أو مقاربة كل ما هو إنساني أو اجتماعي، أو استخدامها بصفتها مهارة عقلية، وهو موقف تولد عند هؤلاء من طبيعة الرياضيات المجرّدة ، ومن ماهيتها الصورية (الشكلية). والنظرة هذه ربما تحمل للوهلة الأولى شيئًا من الصحة، بيد أنها في العمق نظرة يشوبها كثير من السطحية والافتقار إلى الشمولية فهي لا تدخل أعماق المفاهيم والأنظمة الرياضية ولا تستقرئ دوافعها الإنسانية الدفينة.

إن غايتنا من هذا الكتاب إيقاظ الإحساس عند معظم الناس بأن لعلم الرياضيات تطبيقات اجتماعية وإنسانية كبيرة وعميقة يصعب الوصول إليها بعيدًا من أدوات هذا العلم، وهو ما لن يتحقق إلا بعد بلورة الرياضيات "حرفةً عقلية" لاستخدامها في تلك الحقول.


رابط الكتاب

لمعاينة الكتاب 👈 اضغط هنا
لشراء نسخة 👈 اضغط هنا
Mohammed
Mohammed