كتاب علم نفس اللعب

علم نفس اللعب

تأليف :
  • علي منصور
  • أمل الأحمد
نشر : منشورات جامعة دمشق
2008



مقدمة الكتاب 

إن عملية نمو الطفل رهن بعملية نمو المجتمع وتقدمه إذ كلما سارت عملية التطور المجتمعي بوتائر أسرع، ازداد تسارع نمو الأطفال. ذلك لأن الشروط الضرورية اللازمة لنموهم موجودة في البيئة من حولهم بمقدار ما هي موجودة في تكوينهم وبناهم الداخلية. لأن عالم الصغار بكل ما فيه من سلوكات ونشاطات متنوعة، ما هو إلا انعكاس ومحاكاة لعالم الكبار، بما ينطوي عليه من نشاطات وممارسات في الميادين كافة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية.. الخ.

إن عالم الكبار بثرائه وتنوعاته، وبما يشتمل عليه من سحر وقوة وغرابة وجاذبية وإنجازات عظيمة رائعة يدهش الأطفال ويبهرهم ويستحوذ على أحاسيسهم ومشاعرهم وعقولهم. لذا فهم تواقون إلى ولوج هذا العالم الساحر بالنسبة لهم، ومعرفة أسراره وخفاياه وهم لا يجدون سبيلاً إلى ذلك سوى اللعب بأشكاله المتعددة والمتنوعة.

إن الاهتمام باللعب عند الأطفال قدم قدم الاهتمام بالطفولة ذاتها، فقبل علماء النفس كان هناك الفلاسفة والمربون الذين لم تغب عن بالهم هذه المسألة الهامة. ويذكر أن (أفلاطون) كان من أوائل الفلاسفة الذين اهتموا باللعب، وأدركوا قيمته من الناحية العملية. يليه (أرسطو) الذي أكد هذه الأهمية، ونوه إلى إمكانية تدريـ الأطفال على الأعمال التي سيمارسونها في الكثير من خلال اللعب.

وفي تراثنا العربي الإسلامي شواهد كثيرة تؤكد أهمية اللعب لدى الأطفال. فقد عرف الرسول عليه الصلاة والسلام بمحبته للأطفال، وحرصه على أن يلعبوا ويسعدوا في لعبهم، حيث كان يشاركهم ألعابهم كلما سنحت لـه الفرصة إلى ذلك.

وقد حظي اللعب باهتمام خاص من قبل المعلمين والمربين القدامى أمثال: کومینوس، روسو ، بستالوتزي وبلغت ذروة الاهتمام به آنذاك على يد (فروبل) الذي أشار بشكل واضح وصريح إلى دور اللعب في تعلم الأطفال. ومن بعد هؤلاء كان شيللر ، ولازارس ، وسواهم ممن استحوذ اللعب لديهم مكانة متميزة، وأداة لا يستغنى عنها كي يستكمل الإنسان إنسانيته يتحلى ذلك واضحاً في قول شيللر: "يكون الإنسان إنساناً حين يلعب".

أما اهتمام علماء النفس باللعب فقد ظهر في وقت مبكر أيضاً مذ كان علم النفس تابعاً للفلسفة، وقبل أن بتسييح علماً مستقلاً بذاته. يتضح ذلك في كتابات هربارت ،سبنسر ،داروین ،ستانلی ، کارل جروز ، وسولي ، وغيرهم ممن حاولوا أن يسهموا في وضع اللبنات الأولى لسيكولوجية اللعب، غير أن التفسير الخالص للعب تزامن مع بداية استقلال علم النفس عن العلوم الأخرى في القرن التاسع عشر، وذلك بدءاً من تفسيرات التحليل النفسي الفرويدي، ونظريات الطاقة الزائدة، وصولاً إلى نظريات التعلم التي لم يهتم أصحابها باللعب ... (( إلا لأنه يتضمن تعلماً واستجابة منتقاة للتنبيه)) وهؤلاء هم بافلوف ،هل ،ثورندايك ، جثري، تولمان ، کوفكا ، لوین ، وبياجيه ثم جاء من بعدهم (سكنر) وكانوا جميعهم اهتموا بأهمية المكافآت والثواب في التعليم عموماً، وفي اللعب على وجه الخصوص، لا بل أنهم عدوا نشاط اللعب بحد ذاته نوعا من المكافآت والمحرضات التي تقدم للأطفال، لاستثارة دافعيتهم ورغبتهم من أجل مواصلة النشاط التعليمي.

وإذا اعتبرنا نشاط اللعب نوعاً من السلوك الإجرائي الذي يتبدى تلقائياً عن المتعلم، فإن هذا النشاط يمكن تعزيزه وتوجيهه واستثماره في عملية التعلم بطريقة انتقائية فاعلة، نظراً للمظهر الاستثاري القوي لهذا النشاط الذي يتجلى في التجديد والتنويع والتنبيه والتقليل من الملل وغيرها من الأمور التي تميزه عن النشاطات التعليمية الأخرى.

رابط الكتاب

للحصول على نسخة 👈 اضغط هنا

Mohammed
Mohammed