كتاب التشخيص النفسي

التشخيص النفسي

تأليف : سامر جميل رضوان 
نشر : منشورات جامعة دمشق

وصف الكتاب

يتناول هذا الكتاب موضوع التشخيص النَّفْسي لدارسي التخصصات النفسية في ميدان علم النفس عموماً وعلم النفس الإكلينيكي بشكل خاص وقد تم بناء وحدات الكتاب بصورة تتناسب مع الأهداف التعليمية التي يفترض أن يقوم الطالب بإنجازها في هذه المادة، وروعي في إعداد المادة حداثتها لتتناسب مع مُسْتَوى المعرفة الراهن قدر الإمكان، وأن تكون متكاملة مع جميع المواد التي يدرسها الطالب خلال سنوات دراسته كالعلاج والإرشاد النفسي (الاستشارة النفسية)، وعلم النفس الإكلينيكي وعلم النفس الطبي والإرشاد الأسري وعِلم النَّفْسِ التَرْبَوِيَ وعِلْم نَفْس النمو والقياس والتقويم وعِلْم النَّفْس التنظيمي وغيرها من المواد، مع الأخذ بعين الاعتبار التقليل من حجم التداخل التكراري إلا بمقدار ما هو ضروري ولازم ولا يعني هذا بالضرورة أن التكرار الظاهري متعلق بالمضامين بل أكثر بالعناوين و لَعَلَّ القارئ المطلع سيلحظ ذلك، فبما أن التشخيص النفسي يمثل العمود الفقري الذي يربط الفروع جميعها، فإن مكان أدواته لابد وأن يقع بالضرورة هنا، في حين يكون موضع الاستنتاجات المتعلقة بالأدوات وغيرها في المواد الأخرى حسب طبيعتها. 

ومن الطبيعي ألا يستطيع الكتاب عرض الطيف الكامل للأدوات التشخيصية التي يصعب الإحاطة بها كلها، وهو لا يهدف إلى هذا بالأصل، وإنما اقتصر العرض على تلك الأدوات التي يُمْكِن أن تُساعد على التوجه وإعطاء صورة عن بعض الأدوات المتوفرة في كل مجال، وانصب التركيز على المبادئ الأساسية للتشخيص النَّفْسِي، بوصفه عملية المعلومات، وعلى جمع المعلومات في الميادين المُختَلِفَة وحدودها وإمكاناتها وأساليب تهيئتها وإعدادها والتعامل معها، مع عدم إغفال الجانب التطبيقي في الممارسة الميدانية.

ومن الطبيعي أن يحتل الجانب الإكلينيكي وتطبيقاته مساحة أكبر من غيره في هذا الكتاب مَعْ عَدَمٍ إهمال الجانب التشخيصي التربوي؛ ويرجع هذا إلى طبيعة المواد الأخرى التي يدرسها طالب الإرشاد النفسي من ناحية، ومن ناحية أخرى إلى ميادين العمل الإرشادي سواء كان في المدرسة أم في المستشفى أم في المؤسسات التي تقدم خدماتها النَّفْسيَّة المتنوعة والمختلفة، ومن ثم ضرورة مَعْرِفَة الطالب بالإمكانات المتوفرة وأسسها النظرية والعملية، وحدودها ومشكلاتها وقصورها في الوقت نفسه، ناهيك عن أنها تتيح للطالب تقدير إمكاناته الذاتية في التشخيص كعملية.

حاول هذا الكتاب أن يلفت النظر في أكثر من موضع إلى أن عَمَلِيَّة التشخيص النَّفْسي هي عَمَلِيَّة تَواصَل حي بَيْنَ كائنين بشريين تجري على مستويات عدة، نَفْسيَّة واجتماعية وتعلميّة وديناميكية وينبغي الا يغيب عن بال الشخص أبداً أن العلاقة الإنسانية في جلسة التشخيص أهم بكثير من الأداة التشخيصيَّة بحد ذاتها، وأن الشخص الذي يتم تشخيصه، سواء كان طفلاً أم يافعاً أم راشداً، أو حتَّى أسرة كاملة ينبغي ألا يخرج من العملية التشخيصية وكأن شيئاً ما قد ضاع مِنْهُ، وإنما عليه أن يخرج من هَذِهِ العَمَلِيَّة بإحساس بالفائدة، بحيث تتحول العَمَلِيَّةِ التشخيصيَّة إلى عَمَلِيَّة تَفْسِير أو تَوْضِيح يُسَاعِد المَعْنِي على مزيد من الفهم لنفسه وإمكاناته وقدراته ومشكلاته وحدوده أيضاً وعلى اتخاذ القرار المناسب فيما يتعلق به .. 

ومن ثم ينبغي للتشخيص النَّفْسي ألا يتحول إلى وسيلة من وسائل الأذى للمعني وأسرته أو وسيلة لتقرير مصير الآخرين واتخاذ القرار عنهم أو باختصار على التشخيص النفسي ألا يتحول إلى وسيلة للقمع والسيطرة. يعمل الشخص النَّفْسي في سياق اجْتِمَاعِي ونَفْسي، ويهتم من هذه الناحية بالظروف الاِجْتِمَاعِيَّة والنَّفْسيَّة التي تحث النمو النفسي والاجتماعي للإنسان الفرد والأُسرَة والمُجْتَمَع في جميع جوانبه وتعيقه أيضاً، ومن هنا ينبغي الا يغيب عن الذهن ذلك التعقيد والتشابك الذي لا يمكن لأية أداة تشخيصية أو أية منظومة تصنيفيَّة أن تحيط به كاملاً، بل تظل هذه الأدوات محكومة بالإطار الذي توضع لأجله، وبالمطالب العلميّة نحو الاختزال والتجزئة. 

وهذا يدفعنا للتحذير من التسرع بالاستنتاجات التي تحاول اختصار الإنسان إلى مجرد جانب بيولوجي أو وراثي أو نفسي أو اجتماعِي مستقل عن الجوانب الأخرى، أو اختصار الإنسان إلى مجرد مجموعة من الأعراض المستقلة وتفسيرها على مُستَوى عمليات بيولوجية معزولة، فمثل هذه النظرة تقود إلى الأتمتة الخطية وتغفل ذلك التفاعل المتشابك والمعقد للإنسان بخصائصه النَّفسيَّة والمعرفية والاجتماعية والبيئية والنمائية والبيولوجية والتطورية التاريخية التي لا يُمكن الإحاطة بها إلا من خلال الاستعداد الفكري والنفسي والاجتماعي للمُشخّص للانفتاح على الخبرة الإنسانية بكامل طيفها لتمر من خلاله تلك العوامل دون تصفية وانتقاء وتشويه، ومن خلال الإحساس والنظرة إلى الإنسان من منظور حدوده وقصوره وأزماته الوجودية المرتبطة بتاريخ حياته وحاضره وتصوراته حولَ مُستقبله، وأيضاً من منظور موارده الخاصة وأجزائه السليمة التي تعد في العملية التشخيصية أهم بكثير من تلك الجوانب المُتَضَرّرة وغياب مثل هذهِ النَّظَرة عن المُشخص تفقد العملية التشخيصية مشروعيتها، وتنحرف عن الواجب الأخلاقي للمُشخص تجاه من يتم تشخيصه. ويأمل مؤلف الكتاب أن يستطيع الكتاب توصيل ذلك الإحساس الذي سعى لتوصيله إلى جانب توصيل المعرفة، فالمعرفة جانب مهم، لكن تكامل المَعْرِفَة مع الإحساس التشخيصي يقود إلى عَمَلِيَّة تَشخيص موفقة.

اعتمد الكتاب على ما يتوفر في المراجع المتخصصة من معلومات ومعارف توصل إليها الآخرون وكان لابد في كثير من الأماكن من التكثيف وإعادة الصياغة والاقتباسات والتوليف؛ ومن هنا فلا بد من تقدير فضل ما وفرته تلك المراجع وجهود الآخرين والتي أسهمت في خروج الكتاب بهذه الصورة. ومن هذه الناحية لا يمكن اعتبار الكتاب سوى نوع من إعادة إنتاج أو تدوير لماهو متوفر، وصياغته بقوالب متنوعة، بعضها أصيل وبعضها مقتبس

روعي في إعداد الكتاب الأسلوب التعليمي الذي يُفْتَرَض أن تقوم عليه الكتب التعليمية، وهو من هَذه الناحية لا يعني أيضاً من الجهد الذاتي للطالب في التوسع والاستعانة بالمراجع المتوفرة حولَ المَوْضُوعَات المُخْتَلِفَة، كما تمت الاستعانة بقدر لابأس به من المُخَطَّطات والرسوم والجداول التوضيحية تسهيلاً للدراسة، وتنصح الدارس بالتعمق في دراسة هَذِهِ الْمُخَطَّطَات وتحليلها وتوضيحها لأنها تُساعده على فهم الفكرة بطريقة مُخْتَلِفَة عما اعتاد عليه وتسهم في ترسيخ المعلُومة والتعبير عنها بطريقته الخاصة.

رابط الكتاب

للحصول على نسخة 👈 اضغط هنا
Mohammed
Mohammed