عالم متعدد الأبعاد - تأملات في وحدة العلوم الاجتماعية

عالم متعدد الأبعاد - تأملات في وحدة العلوم الاجتماعية



تأليف : برنار لايير (Bernard LAHIRE)
ترجمة : بشير السباعي
الطبعة الأولى : 2015
نشر : المركز القومي للترجمة
الكتاب الأصلي :
MONDE PLURIEL: Penser l'unité des sciences socials 

مقدمة مؤلف الكتاب

أن نفهم السبب في أن أفرادا بعينهم، مغمورين أو مشهورين، أو جماعات اجتماعية صغيرة أو كبيرة، تقوم بما تقوم به وتفكر بالشكل الذي تفكر به، وتشعر بالشكل الذي تشعر به، وتقول ما تقوله هو بإيجاز وفي بضع كلمات الطموح الموضوعي للعلوم الإنسانية والاجتماعية - علم الاجتماع، التاريخ، الأنثروبولوجيا الجغرافيا، علم اللغة علم الاقتصاد، إلخ - منذ قيامها بوصفها معارف علمية. 

ويبدو لي أن هذه العلوم تصل إلى هذا الهدف بقدر رصدها - على النحو الأكثر دقة وعلى النحو الأكثر ملائمة - للممارسات عند تقاطع الخصائص الاجتماعية للفاعلين والخصائص الاجتماعية للسياقات التي يدرجون أفعالهم فيها. وإذا كنا نريد المضي بالتأمل النظري إلى مسافة أبعد وامتلاك وسائل التفكير، بشكل أكثر وعيًا وأكثر منهجية، في التمفصل القائم بين الفاعلين والسياقات، فمن الضروري تسمية ووصف اتجاهات البحث التي تستوعب عملية التمفصل المعنية.

نجد أن كل باحث يجتهد - في بحوث إمبريقية محددة في التوصل إلى نقطة توازن تفسيري بين دراسة خصائص الفاعلين الاجتماعية المختزنة، من جهة، ودراسة الخصائص الاجتماعية الموضوعية للسياقات من الجهة الأخرى، إنما يجمع لا محالة بين استعدادية وسياقية والحال أن فهم الممارسات أو أشكال السلوك (الإشارات المواقف الأقوال) عبر إعادة بناء لأنماط الاستعدادات الذهنية والسلوكية المختزنة التي يحملها الفاعلون (وهي نتاج لاستبطان خبرات اجتماعية ماضية) ولخصائص السياقات الخاصة (طبيعة الجماعة أو المؤسسة أو مجال النشاط نمط التفاعل أو العلاقة) التي يتطورون ضمنها، هو، في رأيي، السبيل الأصوب والأكثر تركيبا والأكثر إثماراً من الناحية العلمية الذي يسع الباحثين استخدامه.

أمَّا أن تكون النتائج الإمبريقية التي يحققها من يتبنون برنامجا كهذا غير ناجزة دومًا وأنها لا تتوصل إلا بشكل استثنائي إلى نقطة التوازن المثلى - لأسباب ترجع غالبًا إلى أمور مألوفة كوقت البحث المحدود ومصاعب الوصول إلى بعض المعطيات الإمبريقية أو عقبات اجتماعية متباينة تقف في طريق تطبيق المناهج كما ترجع إلى ضعف عزيمة الباحثين أو ضعف جديتهم - فقد لا يجب لهذا أن يثير الشك في الصلاحية العامة للنموذج النظري الاستعدادي - السياقي. 

وفي جميع الحالات، فإن هذا لا يبرر البتة المشهد الذي غالبا ما تبديـه لنـا «المجتمعات العلمية»، مشهد تجزئة العناصر المختلفة للمشكلة التي يتعين حلها إلى كثير من المواقف النظرية (بل والخاصة أحيانا بكل فرع معرفي) المنفصلة المتعارضة بعضها مع البعض الآخر. وهكذا شهدنا على مدار الأعوام العشرين الماضية، في فرنسا، تصدُّرَ «براجماتيين» للمسرح العلمي من جديد يطرحون «السياق» أو بالأحرى نوعا معينا من سياق أصغر قريبا من ذلك النوع الذي حددته المدرسة التفاعلية أو المدرسة المنهجية الإثنية، في مواجهة «الاستعدادات» ويقدمون نسخة كاريكاتورية من سوسيولوجيا استعدادات كانت من جهتها قد تآكلت تأكلاً ملحوظاً بالفعل جراء تكاثر البحوث التي تشدّد على «الحقول» أو «المؤسسات» بأكثر من تشديدها على الـ التطبع [habitus] وذلك مع انحسار الاستخدام الفعلي لمفهوم التطبع وتراجع درجة الدقة العلمية لهذا المفهوم إلى مستوى هزيل.

وغالبا ما يتصرف الباحثون كالعميان الأربعة لدى مصادفتهم فيلاً يُصوّر الحكمة الهندية. فكل واحد منهم قد لمس جزءًا منه، فيزعم أولهم أن الفيل شبيه بورقة جد كبيرة أو مروحة كبيرة، ويقول ثانيهم إنه يشبه عمودًا أو دعامة، ويشبهه ثالثهم بجرة بينما يخيل إلى رابعهم أن الفيل حيوان قريب من الثعبان هاكم ما يؤول إليه فيل حين تنظر بشكل منفصل إلى أذنه أو إلى إحدى قوائمه أو إلى بطنه أو إلى خرطومه.

وحالة الأمور هذه لا تتجاوب مع أي منطق علمي أصيل، بل تتجاوب أكثر مع منطق التنافس و «ضرورة» الوجود بشكل متميز ...

محتويات الكتاب

الفصل الأول: صيغة علمية موحدة
  • الممارسات بين الاستعدادات والسياقات
  • الصياغات الاجتماعية والمواضي المختزنة
  • نسيان الماضي
  • نسيان السياقات
  • التطبع والحقل بوصفهما حالتين خاصتين للممكن
  • تنوع التركيزات
  • رجال ونساء في التاريخ
الفصل الثاني: النظر في التمايز الاجتماعي دور المعارف المبينة موضوعيًّا
  • الاستقلال الذاتي الذي نحن بصدده 
  • مشكلة التمايز القديمة
  • فاعلون متعددون في مجتمعات متمايزة داخليا
الفصل الثالث: حدود الحقل
  • الخصائص المميزة للحقل
  • ليس كل سياق مناسب للفعل حقلاً
  • من المفهوم التاريخي إلى الفكرة المرنة
  • اللعبة الأدبية كحقل ثانوي
  • فاعلون وصراعات ونسيان الممارسات
  • تفسير متضمن في حدود الحقل
الفصل الرابع: تحديد السياق النطاق والمستوى والموضوع
  • نطاقات الملاحظة وتحديد السياق
  • التفاعل: نسق نوعي خاص أم تجلي أمثلة للبني؟ 
  • الفرد كائن مفرد أم ممثل لجماعة؟
  • التحليل النفسي والعلوم الاجتماعية: مسألة نطاق
  • أين الواقع الحقيقي؟
  • ما السياق المناسب؟
  • صيحات علماء الاجتماع النظريات السوسيولوجية والموضوعات التي يميلون إلى دراستها
خلاصة : إعادة التفكير في التقسيم الاجتماعي للعمل العلمي
  • انغلاق داخل حقل معرفي واحد
  • بؤس التخصص المفرط
  • انحرافات النزعة المهنية

رابط الكتاب

للحصول على نسخة 👈 اضغط هنا
Mohammed
Mohammed