علم الاجتماع التنموي

علم الاجتماع التنموي



تأليف : كامل عمران - توفيق الداود 
نشر : منشورات جامعة دمشق
2008

مقدمة الكتاب

عشنا منذ منتصف القرن العشرين، على وقع أنغام نظريات التحديث بكل أشكالها وألوانها والمنتمين إليها أو الفاعلين في صنعها، وكما يقال لا تُعرف الأشياء إلا بنقائضها، فإننا أيضاً عشنا على مقولات ونظريات الحداثة الماركسية من الكلاسيكية إلى المحدثة وبين المطرقة والسندان عاشت بلدان العالم الثالث إلا أن مجتمعنا العربي عاش وعايش عاملاً ثالثاً، وهو عامل الحداثة الصهيونية والاحتلال، والاستيطان، والحروب الدامية. إذن نحن أمام معادلة رباعية الأطراف، حداثة غربية المنشأ تشكل ثلاثية نظرية فكرية تحمل في داخلها ما تلتقي فيه، وتختلف عليه، والطرف الرابع في هذه المعادلة هو دول العالم الثالث، ومنها مجتمعنا العربي.

السؤال الذي يتبادر إلى الذهن ما الذي استطاعت أن تحققه نظريات التنمية و التحديث بكل ما فيها من نظريات قومية ومقولات وخطط وبرامج وتصورات، إن الإجابة المتسرعة والعاطفية، التي تعتمد على قراءة سطح الأشياء ستأتي بأن كل هذه النظريات لم تفلح في إخراج دول العالم الثالث من حلقات تخلفها، فهي ما زالت كما كانت ولم تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام.

السؤال المقابل للإجابة عن السؤال الأول لا بد من أن يأتي على نحو يصعب معه الإجابة عنها، لأنها مرتبط بالماضي. والسؤال هو: لولا هذه النظريات التحديثية، وما حملته من طروحات نظرية وعملية ، كيف سيكون حال تلك البلدان؟ بالطبع إمبريقية هذا السؤال غير ممكن، لأن إعادة الماضي أمر غير ممكن، لذلك علينا بالحاضر وما يحمله الحاضر هو عالم حافل بالقلق والتوتر

والصراع والحروب والبطالة والفقر، ولكن بالرغم من كل ذلك، فإنه - أي المستقبل - يحمل وعوداً غير معتادة، لا بل خارقة للعادة على مستوى التطور العلمي والتكنولوجي. أي أنه المستقبل الذي يحمل العالم على عربة الحركة المسارعة جدا، والتغير محمول على الحركة دون الثبات، ولكن الحركة والتغير تحمل الصراع والتوتر وبعضاً من مظاهر التفكك الاجتماعي والتأثير السلبي على بيئة الإنسان وغير الإنسان أيضاً، من دون أدنى ريب الإنسان وكل في مكانه وزمانه مدعو إلى التفكير جدياً في أمر وجوده الحاضر ومستقبله من أجل فهم عميق لتجربته الإنسانية في مجتمعه، وبكل ما يحيط بهذه التجربة الماضي وتأثيراته، والحاضر وفاعليته، والمستقبل وتجلياته، وهذا أمر ضروري من أجل إعمال وتفعيل المخيلة السوسيولوجية للعاملين في الحقل الاجتماعي، وهذا بتقديرنا أمر ضروري من أجل فهم جوانب الاختلاف والتباين في الأنماط السلوكية للبشر ..

وأسباب هذا التباين وما العوامل المؤثرة، وكيف يمكن تغيير تلك الأنماط السلوكية من أجل دفعها بالاتجاه الذي يجعلها أكثر فاعلية ونضجاً وإيجابية، وحيال ما تقدم فإننا ندرك أننا أمام حقائق اجتماعية هي أن هناك مجتمعات متقدمة، ومجتمعات متخلفة، ولكن السؤال لماذا تقدم هذا المجتمع؟ ولماذا تخلف الآخر؟ هذا السؤال والإجابات عنه أدت إلى خلق نظريات اجتماعية تحمل عناوين التحديث والتطوير والتنمية، وبأشكال ومضامين مختلفة، إلا أن مشکلات هذه النظريات قد عانت من خلل حقيقي في طريقة فهمها وتعاملها ميع
التنمية وقضايا بالنسبة للعالم الثالث، لقد اختزلت تلك النظريات قضية التطوير الحضاري بالنسبة للعالم الثالث في مسألة واحدة وهي التنمية الاقتصادية، وفي مظهر ومعيار اقتصادي واحد هو الدخل أو إجمالي الناتج القومي، ومعدلات الإنفاق من دون كل الجوانب المهمة والنوعية الأخرى.

باختصار شديد إن التنمية ليست مسألة اقتصادية أو اجتماعية، أو سياسية، وإنما هي كل هذا وذاك، مع التركيز على أن الاقتصاد مسألة مهمة ولكن الأهم من كل ذلك هو حرية الإنسان وحريته تعني فيما تعنيه حقه في التعبير والاختيار والتعليم والصحة، وقول نعم ، وقول لا ، متى أراد أمام وتحت وخلف أية قضية، واستنادا إلى ذلك فإن تنمية الرأسمال البشري، تنمية قدرات الإنسان - المجتمع، لا يمكن لها أن تأتي عبر الإكراه والقسر، وإنما عبر الحرية تحرير الإنسان، كل الإنسان من قيود الجهل والمرض والتخلف. إن التنمية الحقيقية تكمن في هدفها الذي ينبغي أن يكون زيادة نطاق الخيار الإنساني في أن يكون حراً، وعندها يكون قادراً على سد كل نوافذ ضعفه عندها لن يكون العالم الثالث بحاجة إلى نظريات التحديث الغربية، ولا إلى تصديره الديمقراطية عبر القوة والسلاح والنار، وعندها يسقط ادعاء الغرب الكاذب بأن احتلال فلسطين، وقتل أهلها وتشريدهم، ثمنه ديمقراطية الكيان الصهيوني، عندها سيكشف الحجاب عن كل المفتونين والمعجبين بالمشروع الغربي الصهيوني الذين يرون في هذا المشروع خلاص روحهم وحياتهم. 

لقد تضمن الكتاب عشرة فصول: الفصول الخمس الأولى كتبها الدكتور توفيق الداود والفصول الخمس الأخيرة كتبها الأستاذ الدكتور كامل عمران، وهي على النحو الآتي:
  • الفصل الأول : الجذور العلمية والاجتماعية للتحديث.
  • الفصل الثاني: نظرية التحديث.
  • الفصل الثالث: نظرية التحديث ومتغيراتها.
  • الفصل الربع التطورية المحدثة ونظرية التحديث.
  • الفصل الخامس: التنمية الاجتماعية وسوسيولوجيا التخلف
  • الفصل السادس: علم اجتماع التنمية وفرانك.
  • الفصل السابع: نظرية الأنساق العالمية.
  • الفصل الثامن: منظور النظم العالمية
  • الفصل التاسع: نظرية التحديث والتخلف.
  • الفصل العاشر: النماذج النظرية

رابط الكتاب

للحصول على نسخة 👈 اضغط هنا
Mohammed
Mohammed