كتاب دراسات في منهجية البحث التاريخي

دراسات في منهجية البحث التاريخي



تأليف : ناهد محمود حسین - ميسون المرعشلي
نشر : منشورات جامعة دمشق
2022



مقدمة الكتاب

امتاز القرن الحادي والعشرون بزيادة الاهتمام بالبحث العلمي في مجالات الحياة المختلفة، بما فيها مجالات المعرفة الاجتماعية والإنسانية. وقد أصبحت الدول والمؤسسات البحثية العلمية تولي البحث العلمي الاهتمام والرعاية وتخصص مبالغ كبيرة لهذه الغاية. وقد جاء الاهتمام نتيجة للثمار الملموسة التي أصبحت المؤسسات تجنيها من وراء نتائج البحث العلمي المبني على أسس وإجراءات علمية مدروسة.

وعلى الرغم من أهمية البحث العلمي وما يوفره للمؤسسات العلمية والبحثية من حلولٍ للعديد من المشكلات، ومساعدة على تقدم المجتمع بشكل كبير، إلا أن الاهتمام به لم يلقَ حتى الآن العناية الكافية في الكثير من الدول ولا سيما دولنا العربية.

يأتي هذا الكتاب دليلاً ومرشداً للباحثين والطلبة في الجامعات والكليات المهتمة بالبحث العلمي في التعريف بالأسس العلمية التي ينبغي اتباعها أو مراعاتها خلال إجراء البحث العلمي.

تُعَدُّ مادة منهج البحث التاريخي من أهم المواد الدراسية التي يضطلع طلبة التاريخ بدراستها في المرحلة الجامعية وذلك لاعتماد بقية المواد عليها في كيفية البحث وأساليبه، والطرائق المتبعة في كتابة البحوث التاريخية. ونظراً لهذه الأهمية وجب أن تكون بين يدي الطلبة مادة منفصلة عن أصول البحث تنسجم ومفردات المناهج التي وضعت لتغطيتها في أثناء السنة الدراسية، وعلى الرغم من وجود العديد من الكتب التي كُرّست لمعالجة هذا الموضوع؛ فإن بعضها صعب المنال، وبعضها لا يغطي مفردات المقرر ؛ أو إنه يتوسع في نقاط خارجية عنها تدخل ضمن اختصاصات أخرى غير تاريخية. لهذا، وبالنظر إلى قيامنا بتدريس هذا المقرر لسنوات عدة في قسم التاريخ، فقد ارتأينا وضع كتاب منهجي لدراسة التاريخ ؛ ليكون دليلاً للطالب والباحث في كتابة البحوث العلمية التاريخية.

وقد تطلب التنظيم المنهجي للكتاب أن يكون الفصل الأول من الكتاب يتعلق بالتعريف بمنهجية البحث التاريخي، والتعريف بالبحث العلمي وخصائصه، وأهم الآراء التي وضعت حول هذا التعريف؛ فضلاً عن عرض لأهم المناهج العلمية المستعملة في علم التاريخ، وفوائد استعمال هذه المنهاج والاختلاف فيما بينها.

أما الفصل الثاني، فقد خُصِّص لفلسفة التاريخ، من خلال تعريف المؤرخين بها، وعرض لأهدافها العامة؛ فضلاً عن التفسيرات الفلسفية للتاريخ، حيث تنوعت هذه التفسيرات من مثالية إلى مادية كما ظهر التفسير الخرافي والديني للتاريخ، وهناك من أعطى تفسيراً بطولياً ومثالياً للتاريخ، ثم تم التطرق إلى النزعة التاريخية الأوروبية الحديثة من خلال مؤرخين عدة أوروبيين أمثال : فيكو وفولتير وهيردر وكولنجود، وختمنا هذا الفصل بتناول التفسيرات الحضارية للتاريخ من خلال مؤرخين أوروبيين وعرب ومسلمين أمثال ابن خلدون، وشبنجلر، وتوينبي وتناول وجهة نظر جديدة في منهج البحث التاريخي وتتمثل بمدرسة الحوليات الفرنسية.

وفي الفصل الثالث تناولنا مصادر التاريخ من خلال التعريف بالوثائق وأهم أقسامها ومن ثم التطرق لكتب التاريخ ومراجعها في المكتبات العربية والأجنبية. وخُصص الفصل الرابع للنقد التاريخي للوثائق، عن طريق النقد الظاهري الخارجي بأنواعه وحددنا الطرق الواجب اتباعها لدى الباحث والمهتم التاريخي للأخذ بالوثيقة وإثبات صحتها ومصدرها وأهميتها ومدى ارتباطها بمؤلفها، ثم الانتقال إلى النقد الداخلي الباطني للوثيقة لبيان مدى صدق مؤلفها ودقة المعلومات فيها.

أما الفصل الخامس فقد تناول التركيب التاريخي، فتم التعريف به، وتناول الطرق الواجب اتباعها لتصنيف الوثائق وغربلتها ، وفحصها فحصاً نهائياً قبل الشروع في الكتابة التاريخية؛ فضلاً عن الولوج لطرق التدوين التاريخي التي راوحت بين نظام البطاقات، ونظام الملف والكراسة أو الدفتر.

وانفرد الفصل السادس في إنشاء البحث التاريخي أو ما يُعرف اصطلاحاً بالصياغة التاريخية، وحددنا من خلاله الأسلوب الواجب اتباعه في الكتابة التاريخية، واستعمال قواعد الكتابة، ولاسيما الاقتباس والقواعد الواجب اتباعها في استعمال الاقتباسات؛ فضلاً عن استعمال الهوامش الحواشي (السفلية مع ذكر نماذج مختلفة يستفيد منها الباحث والطالب المقدم على الكتابة التاريخية، وختمنا البحث بأقسام البحث التاريخي وطريقة تقديمه للقارئ المهتم.

أما الفصل الأخير فقد سلّط الضوء على قواعد تحقيق المخطوطات (النصوص القديمة المكتوبة بخط يد المؤلف) من خلال التعريف بالمخطوطات، والآلية المستعملة في التحقيق والخطوات الواجب اتباعها في التحقيق. أما مصادر الكتاب ومراجعه فهي كثيرة ومتنوعة ، منها : مصادر تراثية أولية تم ذكرها في ثنايا الكتاب مثل مقدمة ابن خلدون . ومنها : الكتب التي تناولت فلسفة التاريخ ومدارسها المختلفة؛ فضلاً عن الكتب التي تناولت منهجية البحث التاريخي والتي أفادتنا كثيراً في تقديم معلومات الكتاب.

وجدير بالذكر أننا حاولنا تقديم وجهة نظر حول منهجية البحث التاريخي والطرق الواجب اتباعها عند كتابة بحث أو مقال أو كتاب يتعلق بدراسة التاريخ وموضوعاته المتنوعة، وقد يقول بعض المتخصصين أن هناك طرقاً ومناهج تاريخية لم يتم التطرق إليها، وهذا كلام منطقي بالطبع ؛ لأننا لن نستطيع من خلال الكتاب الجامعي أن تلم بمناهج البحث التاريخي كافة، لذلك اقتصر عرضنا على المناهج المهمة والمعروفة والمتداولة منذ مئات السنين، ولا يخفى على أحد أن منهج البحث التاريخي قد تطور بشكل كبير، وأدخلت عليه الكثير من التعديلات التي يستطيع الباحث والقارئ تتبعها من خلال مئات الكتب التي تم تأليفها في هذا النطاق. 

ويجب الاعتراف بأننا لم نُضف شيئاً جديداً إلى ما كُتِبَ في موضوع منهج البحث التاريخي، الذي ثبتت قواعده، وأسسه منذ عشرات السنين، لكننا حاولنا أن نقدم لطلابنا مادة سهلة، لا غموض فيها. فأوجزنا ما أسهب به غيرنا مما لا يدخل في صميم اختصاص طالب التاريخ، وفصلنا فيما يحتاجه الباحث فعلاً في حقل التأليف التاريخي؛ معتمدين على الأمثلة والنماذج التي أكثرنا منها في هذا الكتاب؛ لتكون تطبيقاً عملياً لما يقرؤونه ويدرسونه عن الموضوع. 

رابط الكتاب

للحصول على نسخة 👈 اضغط هنا
Mohammed
Mohammed