العلاج السلوكي المعرفي
ترجمة : سارة طه علام
مراجعة : مصطفى محمد فؤاد
نشر : هنداوي
مقدمة الكتاب
أدرك الإنسان دور السلوك في تحديد الاستجابات الانفعالية منذ وقت طويل. فقد قال أرسطو إن «التصرُّف بشجاعة هو ما يجعل منا شجعانًا»، بينما أشار يوهان فولفجانج فون جوته إلى أنه «في علاج الاعتلالات النفسية ... الفهم لا يفيد بشيء، والمنطقُ يفيد قليلا، أما الوقتُ فيفيد كثيرًا، ولكن العمل العازم الحثيث هو كل شيء».هذه هي الفكرة الأساسية وراء العلاجات السلوكية المعرفية؛ وهي أن إدراكنا (أي: أفكارنا أو الأحداث العقلية الأخرى وسلوكياتنا يؤثران على الطريقة التي نشعر بها، والعكس صحيح. كما أن الأفكار والمشاعر تلعب دور الوسيط بين ما يحدث لنا واستجابتنا له. على سبيل المثال، تعرَّض كلٌّ من جاك وجيل للخدش من قطةٍ عندما كانا طفلين. تطوَّر خوف جاك إلى رُهابٍ من القطط، بينما لم يحدث ذلك لدى جيل. يوجد العديد من المتغيّرات التي كانت السبب في استجابتهما بشكل مختلف، بما في ذلك العوامل البيولوجية مثل القابلية الوراثية للإصابة بالقلق والعوامل البيئية والاجتماعية الثقافية مثل التعرُّض للقطط الأخرى، والدور الذي تلعبه القطط في ثقافتهما. ومع ذلك، قد يكون لدينا الفرصةُ لتحسين الرُّهاب الذي يعاني منه جاك، من خلال التحليل الدقيق لأفكاره حول القطط وسلوكه تجاهها.
في السنوات الأخيرة ، أصبح العلاج السلوكي المعرفي هو النموذج السائد للعلاج النفسي، في كلٌّ من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، وأصبح استخدامه أكثر انتشارًا. والدليل على فعاليته كافٍ ليكون تدخلًا موصى به في معظمِ مشكلات الصحة العقلية الشائعة، المدرجة في الإرشادات الخاصة بالمعهد الوطني للتميّز السريري التابع لحكومة المملكة المتحدة .
ومع ذلك، فإن جزءًا من أسباب نجاح العلاج السلوكي المعرفي هو قدرته على التطوُّر ، وهذا التطور مستمر. ولذلك، يختلف العلاج السلوكي المعرفي اليوم عما كان عليه قبل عقد أو عقدين مضيا، ومن المرجح أن يختلف أيضًا بعد عقد أو عقدَيْن آخرَيْن. ونظرًا لاتساع نطاق العلاج السلوكي المعرفي وتطوره المستمر، سيركز هذا الكتاب أولاً على العلاج السلوكي المعرفي التقليدي الذي طوره ألبرت إليس وإيرون بيك في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. وستنظر الفصول اللاحقة في الكيفية التي تطوّر بها العلاج السلوكي المعرفي التقليدي وكيف طُوِّعَ للاستخدام في أُطر وسياقات مختلفة، وما هي التحديات التي قد يواجهها في السنوات القادمة.
من الناحية التاريخية، نشأ العلاج السلوكي المعرفي من نظريات حول كيفية تَعَلَّمنا، لا سيما حول كيفية تَعَلُّم السلوكيات، وكذا من عمل العديد من علماء النفس الذين درسوا العمليات المعرفية التي تكمن وراء كيفية إدراكنا للعالم، وكيف نفكّر ونتذكَّر. قبل خمسينيات القرن الماضي، كان العلاج النفسي الديناميكي لسيجموند فرويد هو النموذج السائد للعلاج النفسي. ولكن التحليل النفسي الفرويدي ركَّز على العمليات غير القابلة للرصد التي تحدث داخل العقل، مما يعني أنه كان غير قابل للقياس؛ ومن ثُم غير قابل للاختبار إلى حدٍّ كبير، أي إنه لم تكن هناك طريقة لتقييم الأدلة على أساسه النظري أو فعاليته. ومن ثَم ، كانت فائدته موضع تساؤل لدى علم النفس العلمي، الذي اعترض على غياب العمليات والنتائج التي يمكن ملاحظتها وقياسها.
ونتيجةً لذلك، نشأ العلاج السلوكي من علم النفس العلمي. تبنّى النهج السلوكي وجهة نظر مفادها أنه نظرًا لأن ما يحدث في ذهن الشخص غير قابل للملاحظة؛ ومن ثَم غير قابل للدراسة العلمية، يمكن تجاهل جميع العمليات اللاواعية (غير القابلة للرصد)، وركَّز عوضًا عن ذلك على دراسة السلوك الذي يمكن ملاحظته، وعلى تطوير النظريات لتفسير كيف تعلم الشخص هذا السلوك (نظرية
التعلُّم).
محتويات الكتاب
- مقدمة
- الأصول السلوكية للعلاج السلوكي المعرفي
- الجانب «المعرفي» في العلاج السلوكي المعرفي
- النظرية وراء العلاج السلوكي المعرفي
- سمات العلاج السلوكي المعرفي وهيكله
- أساليب العلاج السلوكي المعرفي
- تطبيقات العلاج السلوكي المعرفي الاتجاهات والتحديات المستقبلية
رابط الكتاب
للحصول على نسخة اضغط هنا 👈📗