مربع البحث

كتاب النظم التربوية

النظم التربوية


عيسى علي
منشورات جامعة دمشق
2002


مقدمة الكتاب

مرّت المجتمعات الإنسانية، خلال تطورها الطويل ،بمراحل عديدة ومتنوعة ، كانت محطات رئيسة و انطلاقات جادة ، أثرت و تأثرت بجملة من العوامل السياسية والاقتصادية والثقافية . وإذا كانت النظم التربوية وفقاً للمفهوم المعاصر وليدة ما يسمى بالنظم السياسية ، فإنّ هذه الأخيرة ، لم تتشكّل إلّا بعد مراحل صراع عديدة بين الجماعات الإنسانية المختلفة و الظروف الطبيعية المحيطة بها

لقد استطاع الإنسان القديم أن يقيم وحدته المجتمعية ، وفق مجموعة من القوانين والأنظمة والتشريعات ، التي ارتأى أنها تخدم وجوده وتعزّز كيانه الإنساني وتبلوره وتحقق له التلاؤم مع محيطه ، واستمرت حاله إلى الآن ، و لكن بأشكال مختلفة ومتباينة ، وإن كانت في جوهرها واحدة

إن دراستنا اليوم للنظم التربوية العالية ، تفتح لنا الباب واسعاً أمام أهم الإنجازات التربوية و التعليمية ، التي حققها الإنسان عبر مسيرة تطوره الحضاري والعلمي و الاجتماعي و السياسي ... فمن حيث المبدأ ، لا تختلف كثيراً هذه النظم عمّا كانت عليه قبل آلاف السنين ، من حيث تركيبتها العامة . أمّا من حيث مناهجها وطرائقها وأدواتها ومقوماتها ، فإنها قد تطوّرت - ولا شك – بشكل كبير جداً

إن تناولنا للتطور التاريخي للنظم التربوية العالمية القديمة ، يهدف إلى تتبع الخط التربوي منذ بداياته الأولى ، لنسلط الضوء على واقع هذه النظم وآليات تطورها حتى العصر الحديث ، من هنا كرس الباب الأول ليحقق هذا الهدف . ففي الفصل الأول منه ، نتحدث عن طبيعة التربية ونظامها التعليمي في بعض الحضارات العربية القديمة (السومرية - الأكادية – البابلية المصرية) ، نظراً للدور الكبير الذي قامت به هذه الحضارات في تقدم المعرفة وإغناء التراث الإنساني : بالكثير من العلوم والمعارف والمبادئ والتشريعات ، والتي ما تزال إلى الآن تلقى الإعجاب والتقدير. 

أما. في الفصل الثاني ، فقد تتبعنا تطور هذه العلوم والمعارف لدى الحضارات الأخرى ، وبخاصة لدى اليونان والرومان والفرس، وكيف تأثرت تلك الحضارات بالحضارة العربية القديمة . ويدور الفصل الثالث حول التربية العربية الإسلامية ونظمها التعليمية في العصور الوسطى ، لما لهذه التربية من أثر فاعل في آلية تطور النظم التربوية العربية المعاصرة ، ولاسيما في مجال الأهداف والمناهج، ويتناول الباب الثاني ، دراسة مقومات النظم التربوية التعليمية . فيركز الفصل الأول على أهم العوامل المؤثرة في تشكيل النظم التربوية، ولاسيما السياسية والأيديولوجية والدينية والقومية والاقتصادية التنموية . 
تابع القراءة في الصفحة الثانية
أما الفصل الثاني فيدور حول مكونات النظم التربوية والتعليمية ، سواء كان ذلك ، الفلسفة التربوية أم المناهج أم السياسات التربوية أم الطرائق و الوسائل التعليمية... وغيرها وانطلاقاً من كون التربية عملية تفاعلية إنسانية حضارية ، تشترك في صياغتها معظم شعوب العالم ، تتبادل النظريات والتجارب ، وتتقاسم المشكلات و الرؤى والأهداف ، فقد خصص الباب الثالث لتعرف واقع التربية ونظمها التعليمية في عدد من الدول المتقدمة ، والتي تعدّ مخابر حقيقية للتربية العالمية المعاصرة ، آملين الاستفادة من منجزاتها الكبيرة في هذا الشأن ، بما يخدم تربيتنا العربية و تطلعاتها المستقبلية . 

ولذلك خصصنا فصول هذا الباب للحديث عن التربية ونظمها التعليمية في مجموعة البلدان ، التي تعد مثالاً للنظام التربوي اللامركزي أو ما يطلق عليه في المصطلحات التربوية بالنظام الديمقراطي ، وهذه البلدان هي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان وروسيا . وقد حرصنا في انتقاء هذه البلدان على أن تكون رائدة في المجالات التربوية والتعليمية والبحثية على المستوى العالمي ، عدا عن كونها تتميّز بقوة اقتصادية وثقافية وحضارية كبيرة ، مؤكدين مرة أخرى العلاقة الفاعلة ما بين التربية والمؤثرات الأخرى في المجتمع ، ولاسيما المؤثرات السياسية والاقتصادية والحضارية .

وفي الطرف المقابل ، توجد مجموعة من الدول النامية، تمثل توجهاً آخر للتربية ، يتماشى وظروفها السياسية و الاقتصادية و الديمغرافية ، استطاعت خلال العقود الأخيرة أن تنجز الكثير من أهدافها التعليمية ، إلا أنّ واقعها يفرض عليها الكثير من المشكلات التربوية و التعليمية ، التي تحتاج إلى حلول جذرية و سريعة . و أهم هذه الدول هي الجمهورية العربية السورية و جمهورية مصر العربية و الجمهورية الهندية وجمهورية الصين الشعبية ، وتم اختيار هذه البلدان كممثلة لمجموعة البلدان النامية ، حيث خصصنا الباب الرابع لدراسة الواقع التربوي في هذه البلدان .

أما الباب الخامس فقد أفردناه للحديث عن أهم المشكلات التربوية المعاصرة ، سواءً أكانت في مجموعة البلدان النامية أم في مجموعة البلدان المتقدمة ، وعلى الرغم من المشكلات متباينة ، إلّا أنها تنبع من طبيعة النظام التربوي وتعبر عنه وتعكس بالتالي أهداف المجتمع وتطلعاته العلمية و الحضارية و الإنسانية

وأخيراً ، لابد لنا من أن نشير إلى أن العملية الإرشادية في جوهرها عملية تربوية ذات أسس ومبادئ نفسية و اجتماعية وبيئية ، وانّ بنية النظام التربوي والمؤثرات التي يتلقاها المتعلم في سنين تعليمه ، ستساعده في فهم مشكلاته المختلفة . و بعد التخرج سيعمل طالب الإرشاد النفسي في نظام تربوي معين ، وسيتعامل مع مناهج و مقررات و أساليب امتحانات وطرائق تدريب و تفاعلات صفية ولا صفية و مشكلات تعليمية وسلوكية عديدة ومتنوعة ، واطلاع طالب الإرشاد على النظم التربوية العالمية المختلفة ، ولاسيما في الدول المتطورة ، سيساعده كثيراً في فهم آلية التربية وطرائق العمل فيها ، مما سيسهل عليه عمله . 

رابط الكتاب

للحصول على نسخة 👈 اضغط هنا
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -