مربع البحث

كتاب مدارس علم النفس

مدارس علم النفس



تأليف : معمر نواف الهوارنة
نشر : منشورات جامعة دمشق
2020

مقدمة الكتاب

علم النفس هو ذلك العلم الذي شكل ظهوره وتوسعه ثورة علمية أسست لنشوء علوم أخرى وتقدمها، علوم استطاعت النهوض والتقدم بفضل ما قدمه علم النفس وفروعه لها، وكأي علم آخر استطاع علم النفس أن يتوسع وينتشر بفضل المدارس المختلفة التي نظرت إليه من قبل مؤسسيها والكلام عن مدارس علم النفس سيكون جوهر الكتاب الحالي.

ما إن مضى على استقلال علم النفس نصف قرن من الزمن حتى ظهرت مئات المدارس والجماعات السيكولوجية. لقد نشأت وتطورت مدارس سيكولوجية عديدة. وتأتي مدرسة التحليل النفسي في طليعة هذه المدارس من حيث انتشارها وذيوعها. إذ تعدّى أثر هذه المدرسة في فترة ما بين الحربين العالميتين خصوصاً ميدان علم النفس إلى ميادين أخرى كالأدب والتربية والفن.

إن لظهور هذه المدرسة أو تلك أسبابه الموضوعية المتعلقة أساساً بثقافة المجتمع " أو المجتمعات " التي عرفته. وهذا يعني ببساطة أن أياً من هذه المدارس هي الابنة الشرعية للمجتمع الذي ولدت فيه وتبعاً لتوجهاته وتوجيهاته المباشرة وغير المباشرة " ومستوى قبوله بها وتقبله لها تنمو وتتطور . 

وانطلاقاً من ذلك يمكن تفسير ظهور السلوكية وتعديل تعاليم مؤسسها ونشوء السلوكية الجديدة، وكذلك ضعف صدى حركة التحليل النفسي بعد الحرب العالمية الثانية... إلخ.

وفي ضوء ما تقدم يمكن القول: إنه من غير الممكن معرفة جوهر الظاهرة من غير تتبع مراحل تطورها والوقوف على كمية ونوعيتها الصلات التي تربطها بغيرها من الظواهر القريبة منها والبعيدة عنها ، والوصول، أخيراً، إلى القانون الذي ينظم حركتها. وهذا ينطبق على ظواهر الطبيعة، مثلما ينطبق على الظواهر الاجتماعية والإنسانية. 

ومن خلال هذا الفهم يكون التشديد على أهمية دراسة تاريخ علم النفس. فعندما يتم تناول مراحل تطور هذا العلم، وإبراز سمات كل مرحلة منها، وربط هذه السمات بعضها ببعض من جهة، وربطها بالشروط الثقافية لنشأتها وتبلورها من جهة ثانية، يصبح واقع هذا العلم وأهميته واتجاهه من الأمور الواضحة إلى حدّ يمكّن الدارس من معرفة ما لهذا العلم وما عليه، والتنبؤ بما يمكن وما ينبغي أن يكون حاله في المستقبل.

إنّ محاولات فهم سلوك الإنسان وخبرته قديمة قدم التاريخ، ولدى كل فرد اهتمام بطبيعة هذا السلوك . منذ نعومة أظافرنا ونحن نتعلم الكثير عن السلوك من خلال خبرتنا الشخصية بملاحظة الناس، وبما يصلنا من معرفة الآخرين. وما دمنا نعيش في عالم إنساني أصبح علينا أن نعرف كيف ولماذا يسلك الناس كما يفعلون.

الظواهر النفسية أو الوقائع السيكولوجية واحدة، ولكن تفسيرها مختلف؛ بمعنى أن السلوك والملاحظات عليه واحدة، والأسس النظرية لتأويلها متعددة. ولذلك وجدت المدارس الفكرية التي تضع أسساً نظريةً للدراسة في علم النفس وتقرّها. تقوم مدارس علم النفس المتعددة على أساس وجود تباين في وجهات النظر والمسلّمات الأساسية أو وجود اختلافات جوهرية في مناهج البحث والدراسة، إلا أن الكثير من علماء النفس يرون أن الحقيقة السيكولوجية ليست حكراً على مدرسة

واحدة دون الأخرى؛ بل إن لمحة واحدة على الموضوعات الرئيسة التي تدرسها تلك المدارس كالإحساسات والسلوك والاضطرابات العقلية، والعمليات اللاشعورية والإدراك، والذاكرة والمثير والاستجابة... إلخ " تشير إلى أنها جميعاً أعضاء في جسم واحد، وفيما يلي تعريف بمدارس علم النفس.

إنّ ظهور مدارس علم النفس ونظرياتها والفروع المنبثقة منها لم يكن تجسيداً لقرار أو إرادة فرد أو مجموعة من الأفراد ؛ وإنما أملته الحاجة المتزايدة إلى معرفة أشمل وأعمق وأدق بالنفس البشرية. فقد كان من نتائج التقدم السريع للعلم والتقانة في عصرنا، ونشوء ضروب جديدة من النشاط الإنساني، أن وقف علم النفس أمام زيادة كبيرة في حجم اهتماماته تكافئ ما استجد من قطاعات إنتاجية وخدمية وسواها وما سُخّر في سبيلها من أدوات ووسائل وآلات وكان عليه أن ينهض بمسؤولياته ويواكب ؛ بل ويسهم في تهيئة أسباب التطور اللاحق، وتحسين شروطه وأدواته. 

ومن خلال هذا المسعى ظهرت فروع علم النفس، وتشعبت استجابةً لمتطلبات العصر، وأهداف المجتمعات وحاجات الأفراد المتزايدة.

رابط الكتاب

للحصول على نسخة 👈 اضغط هنا
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -