مربع البحث

كتاب تاريخ التربية

تاريخ التربية


تأليف : فاضل حنا - محمد حلاق
نشر : منشورات جامعة دمشق
2016

مقدمة الكتاب

إن معرفة تطور الفكر التربوي مدخل لازم لكل من أراد أن يفهم الاتجاهات والنظم التربوية التي نعيش اليوم في قلبها . فهذه الاتجاهات والنظم الحديثة وليدة مخاض تاريخي طويل وتجربة إنسانية بعيدة الجذور، وهي تحمل شكل الإطار الذي ولدت فيه منذ القديم وتعبق برائحته وطعمه، فليس هنالك في مجال التربية وسواها خلق من عدم أو ابتداع من فراغ، بل الأمر أولاً وأخيراً نضج متراكم عبر الزمان وجهد متواصل على مر الأيام. 

وقد لا نفقه معنى الكثير من ثمرات التربية الحديثة إذا لم نعرف أصولها وجذورها ، وإذا لم نتبين كيف ولدت وتكونت خلال الإرث التاريخي الذي تنتسب إليه، ولا سيما أننا نشهد في أيامنا هذه ثورة تربوية جذرية تحاول أن تعيد النظر في إرث التربية كله وأن تضع موضع التساؤل والبحث إطارها التقليدي وأساليبها العريقة التي عرفتها منذ أقدم العصور حتى اليوم. 

وهذه الثورة التربوية التي نشهد في السنوات الأخيرة تحاول توليد نظم تربوية لا تقوم بالضرورة في الإطار التقليدي الذي عرفته التربية منذ مئات السنين، إطار المعلم والصف والطالب محاولة توليد نظم تربوية لا تقوم بالضرورة في هذا الإطار التقليدي بل تحطمه وتتجاوزه. والواقع إن ما تطمح إليه الاتجاهات التربوية الحديثة من تربية موجهة إلى جميع أفراد المجتمع نجد جذورها وأصولها في تاريخ التربية نفسه.

فالتربية لم تتخذ دوماً شكل التعليم المدرسي، بل عرفت لدى كثير من الشعوب أشكالاً أخرى أكثر مرونة وأرحب مجالاً : لقد كانت تتم عن طريق المجتمع كله، وكانت تهدف أولاً وآخراً إلى دمج الفرد بعادات مجتمعه وتقاليده وقيمه وأساليبه في كسب العيش. 

فالتربية غير المباشرة تتم عبر المجتمع كله وتقدم لأفراد المجتمع جميعهم في مؤسسات المجتمع كلها كالمساجد والزوايا وحوانيت الوراقين وبلاط الخلفاء وحتى في "أشبه ما يدعونه" اليوم المدرسة بلا صفوف، يتلقى فيها الطلاب من مستويات مختلفة أنواعاً من التعليم تلائم قابلياتهم وتتفق مع ما وصلوا إليه من معرفة في كل فرع من فروع الدراسة، ويجلسون فرادى أو في حلقات، ويعلم كبيرهم صغيرهم، لذلك فقد غدا لزاماً على المربي اليوم أن يحيط علماً بالجذور التاريخية للتربية، وأن يدرك العوامل الفكرية والاجتماعية والاقتصادية التي أنشأتها وكونتها في ظروف معينة.
تابع القراءة في الصفحة الثانية
وهكذا نجد أن الإطلالة على نشأة التربية وتطورها مطلب أساسي لابد منه لفهم ما نجده في التربية اليوم من أشكال تقليدية تربط الماضي بالحاضر الذي يتصف بالمعاصرة والحداثة، حاملاً رؤى جديدة ومحاولات تريد الخروج عن تلك الأشكال التقليدية، ولكنها كثيراً ما تلتقي مع أفكار وأنماط تربوية لم تكن غريبة تماماً على تاريخ التربية.

في هذا الكتاب، وبهذا الجهد المتواضع يسرنا أن نضع بين يدي القارئ والمربي والطالب العربي مادة تربوية يقف من خلالها على الجذور الأولى للتربية ويتتبع مسيرتها عبر العصور. تناول الفصل الأول من هذا الكتاب الجذور الأولى للتربية القديمة متلمساً ملامحها في المجتمعات البدائية في عصور ما قبل التاريخ ثم في أبرز الحضارات التاريخية الأولى كحضارات بلاد الرافدين ووادي النيل التي شهدت اختراع الكتابة ونشأة التعليم المدرسي .

وتناول الفصل الثاني شكلين من أشكال التربية الشرقية القديمة هما التربية الهندية والتربية الصينية. أما التربية اليونانية والتربية الرومانية فقد بلغتا حداً من الغنى والتنظيم استحق أن نفرد لكل منهما فصلاً مستقلاً هما الثالث والرابع. أما التربية في العصور الوسطى فقد خصص لها فصلان هما الفصل الخامس الذي تناول التربية المسيحية في الغرب، والفصل السادس الذي تناول التربية العربية الإسلامية . 

ثم تتبعنا مسيرة التربية الغربية، فتناول الفصل السابع هذه التربية في عصر النهضة وعصر التنوير وحتى نهاية القرن التاسع عشر . ثم تطرقنا في الفصل الثامن إلى أشهر الحركات والفلسفات التربوية التي ظهرت في القرن العشرين. أما الفصل الأخير من هذا الكتاب فقد رأينا أن نعرض فيه باختصار التوجهات المعاصرة في الفلسفة التربوية في عصر المعلومات وعصر الثورة المعرفية.

رابط الكتاب

للحصول على نسخة 👈 اضغط هنا
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -