مربع البحث

كتاب علم النفس اللغوي

علم النفس اللغوي



تأليف : معمر نواف الهوارنة
نشر : منشورات جامعة دمشق
2015


مقدمة الكتاب

تُعدّ اللغة من أهم مظاهر النشاط الإنساني على إطلاقه، وهي وعاء الفكر، ومع أهميتها إلا أن الكتابة عنها ليست أمراً هيناً. وإذا صعب على المرء أن يتحدث اللغة فمن الأصعب عليه أن يتحدث عن اللغة. وكانت اللغة وما تزال واحدة من أهم الموضوعات التي تشغل بال الباحثين في كثير من فروع المعرفة البشرية ويمثل علماء النفس على اختلاف تخصصاتهم الدقيقة فريقاً من الباحثين الذين عنوا بدراسة اللغة منذ وقت بعيد سواء في شكلها السوي؛ من حيث اكتسابها، ونمو مفرداتها ، وجمالها، ومعانيها ، أو عند اضطرابها؟ إذ يختل الحديث بها سواء احتبست أو خرجت متعثرة نطقها غير واضح، ودلالتها أو معانيها غير مفهومة.

إن اللغة البشرية هي إحدى سمات هذا العالم الطبيعي، ويمثل اكتسابها واضطرابها موضوعاً من الموضوعات المهمة في علم النفس اللغوي، التي حظيت باهتمام كبير وبحوث متعددة، وتُعدّ القدرة على اكتساب اللغة وتعلمها من الخصائص التي تميز الكائن البشري عما عداه.

وتُعدّ اللغة من الخصائص التي خصّ بها الله بني البشر، لينفردوا بها عن سائر مخلوقاته، فهي عامل مهم في حياة الإنسان، وفي كونها تتركز حول جميع فعالياته الفكرية والاجتماعية والنفسية والتكيفية، وتجعله يتحرر من عالمه المادي، والحقيقة أن كل ما يجعل من الإنسان كائناً إنسانياً هو اللغة، فاللغة كما يصفها " ثورندايك " أعظم ميزة للإنسان، والوسيلة الاجتماعية الأكثر أهمية بالنسبة إليه من أية وسيلة أخرى. ووظيفة اللغة هي إشباع رغبات الإنسان، والتعبير عن أفكاره وإحساساته؛ فاللغة تبزغ الفكرة الكامنة لدى الإنسان، وتظهرها للآخرين وتتعدد اللغات وتتنوع بتعدد البيئات وتنوعها.

وتمثل اللغة أهم سبل الاتصال النفسي بين الأشخاص، ففيها تظهر ميول الشخص واتجاهاته، وبها يمكن التعرف على شخصية الإنسان، كما أن للغة وظيفة ثقافية مهمة، فهي الوسيلة التي تحمل الثقافة والعلوم والفنون والآداب من جيل إلى جيل، وهي تُعدّ أساس الحضارة البشرية؛ فعن طريقها تنتقل المنجزات الحضارية بمختلف صورها، ذلك لأنها تعين الإنسان على الامتداد تاريخياً ليسهم في تشكيل فكر الأجيال القادمة وثقافتها وحياتها. كما تمكن اللغة من ايصال المعاني، ومن المشاركة في الخبرات بين الناس، بما يمكنهم من تكوين مجتمع دائم ومن خلق ثقافة مميزة، فاللغة إذن : هي العمود الفقري للحضارة الإنسانية وهي ما تجعل الإنسان إنساناً.

إن اللغة أساس مهم للحياة الاجتماعية أو ضرورة من أهم ضروراتها، لأنها أساس لوجود التواصل في هذه الحياة، وأساس لتوطيد سبل العيش فيها، فهي وسيلة الإنسان للتعبير عن حاجاته ورغباته وأحاسيسه ومواقفه، وطريقه إلى تصريف شؤون عيشه، وإرضاء غريزة الاجتماع لديه. ولها دور أساسي في التواصل الاجتماعي الذي يشمل الأصوات والإيماءات والإشارات. فالأطفال يبنون لغتهم من خلال تفاعلاتهم اليومية.

وتُعدّ اللغة المنطوقة في كلمات من أهم وسائل التواصل بين الإنسان ومجتمعه. وبين الإنسان والآخر ... بها يمكنه من اكتساب الخبرات والمعارف، وبها يسأل عما يشبع احتياجاته المتنوعة، كما يعبر بها عن مشاعره وأحاسيسه في إبداعات أدبية متنوعة وسيلته في ذلك الكلمة.

ومن بين الموضوعات التي اهتم علماء النفس بدراستها لدى الطفل اللغة Language"؛ فأهم ما يميز الإنسان من الأنواع الأخرى ليس قدرته على استعمال الوسائل فحسب بل قدرته على التواصل " Communication " أيضاً، فبوساطة التواصل يتم نقل المعارف والخبرات من جيل إلى جيل آخر، فالإنسان بفضل قدرته على التواصل مع الأفراد الآخرين من أبناء جنسه تمكن من حل مشكلاته الأساسية المتعلقة ببقاء النوع وتطوره باستمرار.

وتُعدّ اللغة وسيلة الطفل الفعالة في الاتصال الفكري والاجتماعي والثقافي بالآخرين؛ فعن طريقها يستطيع الطفل التعبير عن ميوله وحاجاته ورغباته، في إطار حركة تفاعله مع الآخرين وكل طفل قادر على اكتساب اللغة التي يتحدث بها مجتمعه بيسر وسهولة وفي فترة وجيزة. والطفل هو اللبنة الأساسية للمجتمع، والركيزة المهمة التي ترتكز عليها حضارة هذا المجتمع ورقيّه – فيما بعد؛ لما يعكسه من صورة صادقة علمياً وتربوياً ولغوياً وسلوكياً.

وللنمو اللغوي للطفل، والكيفية التي يتم بها اكتساب اللغة، أهمية بالغة لكل من يتعامل مع الطفل؛ سواء الآباء أم المربين أو المعلمين أو رجال الإعلام والأدب؟ وغيرهم ومعرفتنا بالحقائق والمعلومات الأساسية حول التطور الطبيعي للغة الطفل تفيد جميع هؤلاء، بالإضافة إلى لما يكون لها من فائدة في إرشاد أولئك الذين يضعون البرامج العلاجية لمشكلات الكلام والمشكلات اللغوية ويصممونها.

فاللغة بنوعيها اللفظية وغير اللفظية هي الوسيلة الجوهرية للاتصال الاجتماعي والعقلي والثقافي وهي بصورتها الكتابية السجل الحافل لثقافة النوع الإنساني وما تنطوي عليه هذه الثقافة من آثار عقلية ومعرفية، وإن اكتساب اللغة وتمكن الطفل من استخدامها أمر على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة إلى الطفل. واللغة تساعد الطفل الصغير على تكوين عالمه بكافة أبعاده وجوانبه وتمكنه من تعرّف الأشياء من حوله وللغة ارتباط وثيق بكل من تفكير الطفل وذكائه ونمو قدراته العقلية بشكل عام. نتيجة لذلك فإن أي تأخر في لغة الطفل واكتسابها يؤثر تأثيراً كبيراً فيعلى مستوى تفكيره وذكائه. 

وتأتي أهمية إكساب اللغة للأطفال باعتبارها العامل الحيوي والمهم لعملية التفاعل والتواصل مع الآخرين، وباكتسابها يحدث تغيير كبير في عالم الطفل، في ضوء ما يحرزه من تقدم عند حديثه مع الكبار، فاللغة وسيلة التعبير عن أفكارنا ومشاعرنا وذواتنا وقضايانا.

ويتناول هذا الكتاب تسعة فصول، يبحث الفصل الأول في مفهوم اللغة وطبيعتها من حيث تعريفها ، وأهميتها ، ووظائفها، ومستوياتها، ويبحث الفصل الثاني في العلاقة بين علم النفس واللغة والعلاقة بين اللغة والتفكير، وخصائص اللغة الإنسانية، وعلم النفس الغوي وعلاقته بالعلوم الأخرى، ويتناول الفصل الثالث المراكز العصبية للغة وآلية النطق والكلام، وكيفية تشكل الكلام، وتصنيف أصوات حروف الهجاء ، ويتناول الفصل الرابع أهم النظريات النفسية المفسرة لاكتساب اللغة " السلوكية، والفطرية، والمعرفية " ... 

ويتناول الفصل الخامس مراحل اكتساب اللغة، ويتناول الفصل السادس العوامل المؤثرة في اكتساب اللغة، بينما يبحث الفصل السابع في المهارات اللغوية، ويتناول الفصل الثامن اضطرابات اللغة والكلام من حيث تصنيفها ، وأسبابها، ومظاهرها، أما الفصل التاسع فيوضح أهمية دور كلّ من " الأسرة والمؤسسات الاجتماعية ودور الأيتام، والمؤسسات التربوية، والمجتمع" في كيفية رعاية النمو اللغوي. 

رابط الكتاب

للحصول على نسخة 👈 اضغط هنا
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -