مربع البحث

التعلم المستند إلى الدماغ

التعلم المستند إلى الدماغ




تعريف التعلم المستند إلى الدماغ

تعتمد نظرية التعلم المستند للدماغ في تفسير التعلم على أنّ خلايا الدماغ تتكون من نوعين رئيسين من الخلايا هما الخلايا المختصة بالتعلم والتفكير وتسمى بالعصبونات، والخلايا الصمغية المختصة بتوفير الغذاء اللازم لخلايا التفكير، ويحدث التعلم عندما تشتبك العصبونات مع بعضها البعض في مناطق مختلفة من الدماغ محدثة شحنات كهرو كيماوية داخل الخلية؛ بغرض تبادل المعلومات ..

علماء الدماغ يعرفون التعلم على أنه عملية تكوين ارتباطات بين مجموعة من العصبونات، ويشير ذلك إلى أنّ التعلم أو تكوين الارتباطات حول موضوع معين يأتي نتيجة لتعرض الفرد لخبرة جديدة، حيث تختص مجموعة من العصبونات بهذا التعلم الجديد، ومن ثمّ تزيد الروابط بينها وكلما زادت الخبرة؛ تشكلت روابط جديدة بين العصبونات وعصبونات أخرى، ومن العوامل التي تساعد في تقوية التعلم تكرار ممارسة العصبونات للاتصال مع بعضها البعض ؛ مما يؤدي ذلك إلى سرعة إنجاز الارتباطات فيما بينها.

وفي ظل التدفق العلمي الحادث في مختلف المجالات العلمية أطلق على العقد الأخير من القرن العشرين بعقد الدماغ حيث أظهر علماء الأعصاب نشاطًا كثيفًا في دراسة تكتيكات الدماغ، ومحاولة فهم تلك الكتلة والتي ظلت لفترة زمنية طويلة في غاية التعقيد والغموض، وبذلك يكون علماء الأعصاب قد توصلوا إلى تحقيق أهدافهم بعدما أصبحوا قادرين على مشاهدة آثار العمليات المعرفية في الدماغ والتي تظهر على شكل ألوان، أو أضواء، أو تدفق سيلان الدم، كذلك استطاعوا مراقبة نشاط الدماغ أثناء القيام بالعمليات الحيوية مثل: الرؤية، والسمع، والتذوق، والشم ، فكان لهذه الاكتشافات المذهلة عن الدماغ ما انعكس على عملية التعلم وتجويدها ؛ مما مهد لظهور نظرية التعلم المستند إلى الدماغ.

وترتبط العملية التعليمية ارتباطًا وثيقًا بنظريات التعلم المتعددة والتي تهتم بدراسة سلوك المتعلم في المواقف التربوية وما وراءه من عمليات عقلية، ومن ثمّ تعتبر النظريات التربوية هي الموجه للعملية التعليمية وتحدد فاعلياتها، وهذا يتطلب متابعة الجديد في هذا المجال حتى نتمكن من تطوير عمليتي التعليم والتعلم، وتوفير برامج تعليمية سليمة، ومن النظريات التربوية الحديثة التي فسرت تباين قدرات المتعلمين ودعت إلى تصميم برامج تعليمية حول هذا التباين نظرية التعلم المستند إلى الدماغ

مبادئ التعلم المستند للدماغ

أخذت مبادئ نظرية التعلم المستند إلى الدماغ أطوارًا من التعديل والإضافة وذلك استنادًا إلى نتائج أبحاث الدماغ المتزايدة والمستمرة، لذلك فقد تباينت بين الباحثين والعلماء في بحوثهم المتعددة ويظهر ذلك التباين في الكم والكيف، من حيث عدد المبادئ من جهة ومضمون وهدف كلّ مبدأ من جهة أخرى

1 - الدماغ جهاز حيوي يرتبط بالعمليات الفسيولوجية للجسم

المُخ الانساني كغيره من العديد من الأنظمـة الحيوية والبيئية ينطبق عليه مواصفات النظام الذي يتكون من أجزاء متعددة، وعلى الرغم من أنّ لكل منطقة في المخ وظيفتها الخاصة بها دون غيرها إلا أنّ المُخ بعمل بشكل كلّي متكامل، كما أنّ المخ والجسم يتفاعلان مع بعضهما البعض وبشكل كبير.

وأهم ميزة قوية للمخ هو قدرته على العمل على عدة مستويات وبطرق عديدة في وقت واحد، فالأفكار والعواطف والخيال والميول ووظائف الأعضاء تعمل في وقت واحد وبشكل تفاعلي كنظام بأكمله، ويتفاعل ويقوم بتبادل المعلومات مع بيئته، وعلاوة على ذلك هناك خصائص للمخ كنظام كلّي لا يمكن فهمها وكشفها عندما يكون المُخ في شكل أجزاء منفصلة تظهر بحوث أخرى أنّ الجسم والعقل تتفاعل مع بعضها بشكل كبير، ومثال ذلك إمكانية ضعف جهاز المناعة جرّاء التعرض للضغوط وإمكانية تقويته بواسطة الاسترخاء والضحك، أنّ لكلّ شيء إذا حدث للفرد آثار مباشرة وغير مباشرة تعود إلى طبيعة الترابط المخي .

والتطبيق العملي لهذا المبدأ على المعلم في حجرة الدراسة أن يعمل على إدارة التوتر الصفي بشكل جيد مراعاة أن تكون البيئة خالية من الخوف والتهديد، وأن تكون بيئة متناغمة مع المخ، والحرص على التأكد من أنّ الطلاب قد حصلوا على التغذية الجيدة قبل الحصة، وعمل فترات للراحة بعد كل نشاط لشرب الماء، أو تحريك وتنشيط الجسم، ومن الاستراتيجيات المتناغمة مع هذا المبدأ: أدوات تنمية التفكير والمخ، شرب الماء، إعطاء معلومات عن المخ الدماغ والعقل، التغذية الجيدة وبيان أثرها على المُخ .

2 - الدماغ اجتماعي بطبيعته

يتشكل المخ وفقًا لتفاعل العلاقات الشخصية والاجتماعية في وقت مبكر ومن خلال دينامية التفاعل مع الآخرين يتم عمل المخ، وتتنوع بعد ذلك لتصبح أكثر تعقدًا، وفي الواقع جزءًا من هوية الفرد يعمد على إنشاء مجتمع وإيجاد السبل للإنماء، وعليه فإنّ التعلم يتأثر تأثرا عميقًا بطبيعة العلاقات الاجتماعية داخليا حيث يجد الأشخاص أنفسهم .

ويتأثر المخ لدينا بما يحيط بنا ، بمن يتفاعلون معنا، والأفراد المحيطون بنا هم جزء من نظام اجتماعي أكبر ، وأن جزءًا كبيرًا من ذاتنا وهويتنا يعتمد على من نتأثر به من مجتمعنا ومن نظام انتمائنا، والإنسان بمجرد ولادته، يبدأ المخ بالتأثر والاستقبال والاستجابة لما يحيط به أو من بيئته المبكرة وبتسجيل الباحثين التغيرات المخية لدى الأطفال من خلال تفاعلهم المبكر مع البيئة الاجتماعية، فابتسامة الأهل تؤثر على عمل المخ .

والتطبيق العملي لهذا المبدأ يعتمد على استخدام المعلم استراتيجيات تدريسية متنوعة، تراعي جميع الفروق الفردية وتثري عملية التعلم وتراعي مراحل نضج المتعلم وتجعل من العملية التعليمية عملية ممتعة ومثيرة، وتشجيع التعلم التعاوني والعمل الجماعي في مجموعات، وضرورة التنوع في الأدوار القيادية بين التلاميذ داخل غرفة الصف أثناء التعلم؛ للتأكد من أنّ كلّ التلاميذ تتاح لهم الفرص المختلفة لممارسة الاجتماعية، بالإضافة إلى توفير بيئة تعلم غنية بالمثيرات الجديدة والمفيدة والتي تسهم بشكل كبير في دعم وتشجيع التلاميذ على بناء علاقات اجتماعية إيجابية مع بعضهما البعض، وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن أنفسهم واحتياجاتهم وأفكارهم المختلفة؛ مما يشعرهم بالإحساس بالأمان داخل المدرسة

3 - البحث عن المعنى عملية غريزية وفطرية في الدماغ

يُعد المُخ البشري مصمما للسعي وراء المعنى للوصول إلى التعلم الحقيقي ذي المعنى الذي يستلزم أن يستوعب المتعلم المعلومات بالطريقة المناسبة له، والتوقيت والإيقاع المناسب له وفقًا للخرائط الذهنية الموجودة لديه، والتعلم الحقيقي الذي يرسخ في الذهن هو التصنيف والتحليل والاستنتاج المرتبط بحياة كلّ متعلم .

والتطبيق العملي لهذا المبدأ من خلال تقديم أنشطة ودروس مرتبطة بخبرات المتعلم وحياته اليومية، والربط بين البيئة الصفية والمجتمع الخارجي، واستخدام التجريب والأنشطة العملية، وإعطاء أمثلة دافعية من الحياة، كما يمكن تطبيق أهداف هذا المبدأ من خلال تقديم أنشطة ودروس ومهام مدرسية ترتبط بخبرات التلميذ وحياته اليومية، فضلًا على تقديم أمثلة وتدريبات مدرسية للدروس المدرسية من الحياة الواقعية.

4 - البحث عن المعنى يجدد من خلال التنميط "الأمثلة"

المخ الانساني يهتم بفهم العالم المحيط به من خلال ترتيب الأشياء وتصنيفها في أنماط حسب اللون والحجم والشكل، ومع مرور الوقت يتكون لدى الشخص مجموعات أغنى وأنماط أكثر عمقًا، كما يحتاج الشخص إلى العديد من الأمثلة لفهم معلومة ما من أجله الوصول للمعنى منها؛ الأمر الذي يتطلب الانخراط في أمثلة من الواقع الذي يعيش فيه الفرد، كما أنّ الدماغ البشري لا يعمل كآلة منطقية آلية بل يهتم بالسعي الدائم لفهم العالم المحيط به من خلال ترتيب وتصنيف المثيرات والأشياء، كما أنه يسعى نحو البحث عن التشابهات والاختلافات والمقارنات بين الأشياء.

ولا يعمل المخ كآلة منطقية، بل يهتم كثيرًا بفهم العالم من خلال ترتيبه للأشياء وتصنيفها في أنماط، وأنه يبحث عن التشابهات والاختلافات والمقارنات تضيف الأشياء إلى خطوط وزوايا ومنحنيات، مضيء ومعتم، روائح وأذواق أي حسب اللون والحجم والشكل، ومع مرور الوقت تتكون لدينا مجموعات أكثر غنى، أو أنماط أكثر عمقًا، والإنسان يبنى نماذج خاصة به لمعرفة العالم وبعد ذلك يتصرف الفرد ويتفاعل مع العالم وفق هذه النماذج .

5 - العاطفة عامل حاسم وضروري في التعلم

بدأ الباحثون في الفترة الأخيرة يهتمون بدراسة الانفعالات الكبيرة في العمليات العقلية العليا، باعتبار أنّ الجسم والمخ وما بينهما من انفعالات يشكل وحدة متألقة فالانفعالات والإدراك يتفاعلان معًا، ويشكل كلّ منهما الآخر، كما أنهما غير قابلين للانفصال في المخ وخبرات المتعلم، فإنّ كلّ خبرة مترافقة بانفعال، ويُعد ارتباط التنميط بالانفعال أحد أسباب صعوبة تغيرها، فتغير المتعقدات ليس شيئًا سهلًا، والبشر مقيدون بشكل كبير بافتراضاتهم واعتقاداتهم بشأن الآخرين .

إنّ كل من المخ والجسم والعقل والانفعالات تشكل جهازًا مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا ، فهناك جوانب من عملية الانفعالات والعواطف لا غنى عنها للجانب العقلاني، فالعواطف والانفعالات ليست منفصلة، بل متشابكة مع الوصلات العصبية في المخ، فضلًا عن أنّ المنطقة الوسطى بالمخ الانساني نظام أوّلي لا يقرأ ولا يكتب، ولكنه يقدم الشعور تجاه المعارف والمعلومات والمشكلات ؛ وعليه يحدد مستوى الحماس والمثابرة اللازمة للتعلم لتلك المعلومات والمعارف، لذلك كان الإنسان في حالة انفعالية وعاطفية جيدة ومريحة نفسيًّا كلما ساعد ذلك في حدوث التعلم الجيد ذي المعنى، وعندما يعرض الإنسان لحالات انفعالية سيئة مثل: التهديد والتخويف والوعيد، والمعاملة السلبية ؛ كلما أثر ذلك سلبيًا على التعلم.

والتطبيق العملي لهذا المبدأ يبدأ من الإدراك الجيد من المعلم للحالة الانفعالية والعاطفية للتلاميذ مثل : إدراك المحتوى المعرفي الذهني للدرس، وعليه ألا يتجاهل انفعالات تلاميذه ويتعامل معها بشكل إيجابي حيث يجعلهم يستوعبون الانفعالات السلبية ويفرحون بالانفعالات الإيجابية يعيشون اللحظة" مع توفيره للأنشطة المدرسية الممتعة، والألعاب والفكاهة والمرح داخل غرفة الصف.

6 - يتعامل الدماغ مع الكليات والجزئيات في آن واحد بطريقة إبداعية

بالرغم من أنّ هناك بعض الحقيقة في التمييز بين الجانب الأيسر والجانب الأيمن للمخ، ولكنها ليست الحقيقة كاملة ، فجانبي المُخ يتفاعلان سويًا في كلّ نشاط ابتداءً من الفن والحساب إلى المبيعات والمحاسبة إنّ مبدأ كلية المخ يخبرنا بأنّ المُخ يجزئ المعلومات إلى أجزاء ويدرك بشكل كلي في نفس الوقت، ويحدث ذلك بالتعليم الجيد . ومن أهم خصائص لحاء المخ البشري قدرته على ملاحظة وإيجاد الأنماط الخاصة بالمعنى وتشمل تلك العملية فك الشفرة وإدراك العلاقات، ومعلومات المحتويات، ويفهم المُخ الإشارات والمعلومات بصورة كلية وليست بالصيغة الخطية التتابعية، لذلك قدرة المخ على استنباط أنماط المعنى من أهم مبادئ التعلم المستند إلى الدماغ، لذلك لا يتم فهم المعلومات جيدًا إلا عندما يبتكر المتعلم نماذج أو صور يستخرجها من عالمه الشخصي وتعكس ما تعلمه.

والتطبيق العملي لهذا المبدأ يعتمد على تجنب المعلم للمعلومات الجزئية أو المبعثرة؛ لأنّ ذلك يجعل التعلم صعبًا، ويمكن تجنب ذلك بتنظيم أنشطة تتطلب تفاعل المُخ الكلّي مع الموضوع أو موقف التعلم، ومن الاستراتيجيات المتناغمة مع هذا المبدأ: الخرائط الذهنية، الملصقات، إخبار الطلبة بالموضوع الذي سیدرسونه المرة القادمة، وضع الصور أو مخططات على الحائط، تنوع أساليب التعلم، الرحلات الميدانية، العمل في مجموعات صغيرة.

7 - التعلم يتضمن عمليتي تركيز الانتباه والإدراك

يتعامل المخ مع المعلومات التي تتوفر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وفي واقع الأمر فَإِنّ المُخ يستجيب للسياق الحسي الأكبر والذي يظهر في مواقف التعلم ولاتصال، كما أنّ عملية الإدراك تتم إما بشكل جزئي أو كلّي، فالأطفال في المدارس والبيت يتأثرون فعليًّا وبشكل كبير بالبيئة الكلية، فما تبعثه البيئة من رسائل متنوعة مباشرة أو غير مباشرة لها تأثير كبير على المتعلم ؛ لذلك على المربين الاهتمام بجميع جوانب البيئة التعليمية بتفاصيلها وكلياتها المختلفة.

تابع القراءة في الصفحة الثانية
وأن المخ البشري يميل فطريًّا لمثيرات من نوع محدد فهو ليس مصممًا لكي ينتبه بوعي لكلّ أنواع البيانات الموجودة أمامه فهو يعمل وينتبه بالقدر الكافي المطلوب للبقاء على قيد الحياة، وعملية تجديد الأولويات تحدث بطريقة إبداعية، ومستوى الانتباه يتحدد بتفاعل عدة عوامل مثل : المدخلات الحسية وكثافة البيانات وأهميتها ، وحالة المُخ الانفعالية ومستوى الهرمونات والنقلات العصبية، ويعرف المخ المعلومات المهمة التي ينبغي الانتباه إليها جيدًا من خلال الجهاز البصري المسئول عن حوالي ( 80 - 90) من المعلومات التي تأتي للمتعلمين فتنتقل من خلال المعلومات من خلال العين إلى المهاد بالمخ، ثمّ اللحاء البصري والعكس مع وجود تغذية مرتدة راجعة؛ لتحدد مستوى الانتباه وعندما يصل لأقصى سعة ؛ فإنّ المُخ له آلية تمنع المدخلات غير المهمة في ذات الوقت.

والتطبيق العملي لهذا المبدأ : جعل البيئة الصفية غنية بالملصقات والصور والموسيقى، مع التنويع في المثيرات مثل: استخدام الحاسب الآلي، أدوات وأجهزة عرض، تغيير مكان الدرس، استخدام لغة الجسد ونبرات الصوت؛ لجذب انتباه الطلاب، ومن الاستراتيجيات المتناغمة مع هذا المبدأ: الخرائط الذهنية، الملصقات الشفافيات النمذجة، الصور، إعطاء الطلبة خيارات : الموضوع المكان، تنويع الاستراتيجيات المرح، تغيير نبرة الصوت ودرجته.

8 - مراعاة تعدد أنواع الذاكرة

لكلّ فرد ذاكرة خاصة به يسجل وينظم الحوادث الحياتية لحظة بلحظة، وتؤثر الفصوص الجبهية في عمل جهاز الذاكرة الخاص الذي يسجل سيرة الإنسان الذاتية، ويُعد خرائط ذهنية ذات معنى ويتذكر ويفهرس الأشياء التي يتعامل معها؛ مما يجعله نظامًا معرفيا ديناميا في المخ، ويتطور نظام الذاكرة الخاص هذا مع الزمن

و التطبيق العملي لهذا المبدأ : ربط خبرات الطلاب السابقة بالخبرات الجديدة، فعملية فصل ما يتعلمه الطالب مسبقا عن الخبرة الجديدة تجعل التعلم يعتمد على ذاكرة الحفظ فقط، فعلى المعلم تدريب الطلاب على تجنب الحفظ الآلي بربط الخبرات السابقة بالجديدة وربط الخبرة الجديدة بالحياة اليومية، ومن الاستراتيجيات المتناغمة المبدأ: المنظمات المتقدمة، تغيير البيئة، أفلام الفيديو، استخدام الحاسب الآلي والإنترنت، استضافة زائر ،متحدث العمل في مجموعات، مساعدات التذكر، الملصقات، لعب الأدوار، عمل مشاريع.

9 - يشترك الوعي واللاوعي معًا في عملية التعلم

العقل اللاواعي لدى الشخص يتصرف قبل العقل الواعي، حيث إنه قبل ثانيتين من الحركة الفعلية للتعلم يكون المخ قد حدد بالفعل أعضاء الجسم التي سينشطها لتقوم بتلك الحركة الفعلية فضلا عن تحديده للفصّ الذي سوف يستخدمه من بين الفصوص المخية، ولذلك هذا يعني أنّ الفرد يتصرف ويصدر رد فعل حتى قبل أن يعي بذلك، ومن ثمّ فإنّ معظم ما يتعلمه الفرد يكون بطريقة لا شعورية لقدرة المخ على معالجة المعلومات عن غير قصد، أو من خلال اللاوعي.

ويرى علماء النفس أنّ الفهم هو نتيجة المعالجة المتعلقة بشكل كبير، وعلى ذلك يعتمد التعلم المعقد على قدرة الفرد على معالجة الخبرة والتي من شأنها أن يصبح الفرد واعيًا لما يحدث فعليًّا، كما أنّ هناك فرقا بين أن يكون الفرد في حالة اللاوعي مقيدًا داخل أطر تفكير جامدة، ويمرّ الجميع بهذه العملية إما في الأعمال الروتينية اليومية، أو في العلاقات مع نفس الأشخاص لمدة طويلة .

والتطبيق العملي لهذا المبدأ يتضمن في البداية إدراك المعلم الكامل بأنّ التلاميذ يستوعبون أكثر مما يقوله لهم بصورة مباشرة، فهم يسمعون حديث المُعلم وفي ذات اللحظة يلاحظون تعابير وجه، بل يسمعون ما لا يقوله المُعلم؛ ولذلك ينبغي عليه الاهتمام بالرسائل غير اللفظية التي يوجها للتلاميذ دون قصد في حركاته ونظراته وغير ذلك فيحرص أن تكون إيجابية، وأيضا التطبيق العملي لهذا المبدأ يتضمن تشجيع عمليات التأمل الذاتي، والحوار الداخلي وطرح الأسئلة ومراقبة عمليات التعلم وتقييمها ؛ ليكون الطلاب على وعي بما يتعلمونه ، ومن الاستراتيجيات المتناغمة مع هذا المبدأ: التأمل والتفكير، والتعلم، والحوار الداخلي، طرح الأسئلة، التغذية الراجعة .

10 - التعلم عملية تطورية وبنائية

التطور يحدث بعدة طرائق، إحداهما أنّ المُخ كقطعة مطاطية بلاستيكية" تتشكل معظم توصيلاته بالخبرات والتجارب التي يمر بها الأفراد، أما الأخرى فهي تسلسل للتطور محدد مسبقًا في مرحلة الطفولة؛ وبالتالي فإنه ليس هناك حدود للنمو وقدرات البشر للتعلم ومعرفة المزيد، فالخلايا العصبية مستمرة في عمل وصلات جديدة مدى الحياة .


ويتمثل التطبيق العملي لهذا المبدأ في استخدام تقنيات تبنى على الخبرة العملية والحسية والتطبيقات والتشبيهات، وتعمل على ترابط المعلومات وتكاملها، ومن الاستراتيجيات المتناغمة مع هذا المبدأ استراتيجيات التصنيف، الخرائط الذهنية، التجارب العملية، كما أنّ تطبيق هذا المبدأ يأتي من خلال إدراك المُعلم أنّ التعلم المستند للدماغ؛ يهدف إلى الوصول لأفضل طريقة يتعلم بها المُخ البشري، حيث لا يتعلم ذلك المُخ طبقًا للجداول المدرسية غير المرنة، بل إنّ المُخ له إيقاعه الخاص ومشكلات التعلم تظهر نتيجة عدم التوافق بين كيمياء المخ والجدول الدراسي، وعليه يجب تنويع طرق تقديم المعلومات والمعارف للتلاميذ وتفاوت أوقات إلقائها مع وضع قائمة متنوعة من الأنشطة لتتناسب مع الدورة البيولوجية المعرفية والوظائف الفسيولوجية التي تتأثر بحالة الجسم، بالإضافة إلى مساعدة التلاميذ على الربط بين المعلومات والتركيز على التطبيقات الخاصة بها من الواقع الذي يعيش فيه؛ من أجل تكامل المعلومات لدى التلاميذ واستمرارها.

11 - يتعزز التعلم بواسطة التحفيز والتحدي ويثبط بالخوف والتهديد

المخ يتعلم بشكل أمثل، ويقوم بإنشاء وصلات عصبية عديدة عندما يواجه تحدّ مناسب في بيئة تشجع على المخاطرة، ومع ذلك فإنّ المخ يعمل بشكل أقل تحت التهديد ويصبح أقل مرونة ويعود للمواقف والإجراءات البدائية؛ لذلك يجب علينا عمل جوّ من اليقظة والاسترخاء والحفاظ عليه، وأن ينطوي على تهديد أقل وتحديات كبيرة، فعنصر التهديد الأساسي يكمن في الشعور بالعجز أو التعب، كما أنّ الإجهاد والقلق لا مفرّ منهما ويمكن توقعهما في التعلم الحقيقي، والسبب في ذلك أنّ التعلم الحقيقي يتضمن تغيرات تؤدي إلى إعادة تنظيم الذات، وهذه العملية قد تكون مرهقة في جوهرها بغض النظر عن المهارة أو المساعدة التي يقدمها المعلم .

يستقبل المخ البشري مثيرًا من أي نوع يتم تنشيط عملية الاتصال بين الخلايا، وكلما كان المثير جديدًا ويمثل تحديًا؛ فإنه ينشط خلايا أكثر ويحتفظ الشخص بالمعلومات في الذاكرة طويلة المدى.

ويتجلى التطبيق العملي لهذا المبدأ : توفير جوّ من الأمن والهدوء، وتقليل التهديد والخوف والقلق، وتوثيق العلاقة بين المعلم والطلاب، ومن الاستراتيجيات المتناغمة مع هذا المبدأ: طرح مشكلات واقعية ومناقشتها، اقتراح أسئلة للامتحان، تغيير البيئة، استضافة ضيف مفضل للطلبة، وإعطاء خيارات للموضوعات ومكان الجلسة ونوعها، التعلم الذاتي، المرح، كما يمكن تطبيق ذلك في التعلم من خلال تقديم محتوى التعلم بشكل يتضمنه التحدي والإثارة للتلاميذ، ويتطلب منهم التفكير النقدي وحلّ المشكلات، واستكشاف الأفكار مع وجود تغذية مرتدة راجعة، فالجهود الروتينية لا تكفي وجدها لتنشيط عمليات الدماغ وحدوث التعلم المرغوب فيه، فضلًا عن أهمية تقديم محتوى تعلم يكون ذا مغزى ومعنى حيث المدخلات العشوائية عديمة المعنى التي تدخل للدماغ لن تثري عملية التعلم، كما يتطلب الأمر ضرورة توفير المعلم لبيئة صفية داخل حجرة الدراسة تتسم بالهدوء والاحترام المتبادل، والأمن النفسي والتعاطف، والتقليل من التهديد والوعيد والتخويف والقلق لدى التلاميذ حيث قد يؤثر ذلك سلبًا على تحصيل التلاميذ.

12 - يعتبر كل دماغ حالة فريدة من نوعه

وعلى الرغم من أنّ الجميع لديهم نفس الأجهزة إلا أنهم مع ذلك مختلفون، بعض هذه الفروق نتيجة للعوامل الجينية، والبعض نتيجة لاختلاف الخبرات والبيئات، وهذه الاختلافات تعبر عن نفسها في صورة أساليب التعلم، واختلاف المواهب الذكاءات، وبناءً على ذلك يجب الوضع بعين الاعتبار اختلاف المتعلمين واختلاف اختياراتهم وضمان تعرضهم لأكبر عدد ممكن من المدخلات

وأشار العلماء أنّ المُخ البشري يختلف من شخص لآخر فهو كبصمة اليد، حيث تنوع مخ المتعلمين يعكس التنوع في العديد من التأثيرات الوراثية والبيئية، وتتكون الترابطات بين الخلايا المخية نتيجة خبراتنا المعرفية الشخصية والتي تختلف من شخص لآخر ، فضلًا عن تغير خرائط العقل الخاصة بالتفكير والإدراك والاحتفاظ بالمعلومات لدى كلّ فرد باستمرار نتيجة بتغير المواقف والأفراد من حوله، ويحدث التعلم عندما تتواصل تلك الخلايا العصبية أو الخرائط معا، وكلما زاد هذا الترابط يقوم الشخص باستنباط المعاني بشكل أكبر أثناء التعلم ؛ نظرًا للتشابك المتميز والمميز لكلّ مخ بشري عن غيره، كما أنّ الجينات الوراثية وخبرات الحياة تشكل المخ لدى كل فرد بطريقة تميزه عن غيره .

ويتمثل التطبيق العلمي لهذا الأسلوب في : استخدام أساليب تعلم متنوعة لجذب انتباه الطلاب من مختلف الأنماط : (سمعي بصري، حركي، وعاطفي)، ومن الاستراتيجيات المتناغمة مع هذا الأسلوب : (تنوع أساليب التعلم، عمل بحوث من اختيار الطلبة، التقييم الذاتي، التعلم التعاوني، تصحيح الاختبارات ذاتيا اختيار طريقة التعلم، إعطاء خيارات مكانية) .

مراحل التعلم المستند للدماغ

1 - مرحلة الإعداد

هذه المرحلة توفر إطارًا عامًا للتعلم الجديد وفكرة عامة للموضوع الجديد وتجهيز دماغ المتعلم بالترابطات الممكنة حيث يتم استدعاءه للخبرات والمعلومات المخزنة لعمل أكبر قدر من العلاقات والارتباطات الممكنة بين تلك الخبرات المخزنة والخبرات الجديدة؛ مما يساعد ذلك في إعداد نموذج عام للتعلم الجديد، إن خبرة المتعلم السابقة عن موضوع التعلم لها أهمية كبيرة في اكتساب وتعلم الخبرات الجديدة، فكلما كانت إيجابية؛ كلما أظهر ذلك تعلمًا إيجابيا والعكس صحيح.


2 - مرحلة الاكتساب

هذه المرحلة تشكل مجموعة من الترابطات العصبية الجديدة نتيجة الخبرات السابقة التي تعرض لها المتعلم فكلما تعرض إلى خبرات سابقة مألوفة؛ تكون الترابطات العصبية أقوى، ومن ثم يساعد ذلك المتعلم في الاكتشاف والاستبصار أثناء التعلم، وتعتمد مصادر الاكتساب في هذ المرحلة على تقديم الخبرات التعليمية من خلال الأدوات البصرية والسمعية، والمثيرات البيئية، إن هذه المرحلة تتطلب التنوع في طرق واستراتيجيات المعلم عند تقديم المعلومات والخبرات الجديدة للمتعلم من خلال استخدام لعب الأدوار والمشاريع الجماعية، والفيديوهات التعليمية، والتعلم الذاتي، والتعلم التعاوني، والخرائط الذهنية.


3 - مرحلة التفصيل أو الإسهاب

المتعلم في هذه المرحلة يقوم بالانغماس والاندماج الكامل مع الموضوعات المتعلمة من خلال الفهم المسبق والحفاظ على الترابطات العصبية التشابكية التي كونها الدماغ في التعلم الجديد؛ مما يجعله يسعى لضمان ثبات هذه الترابطات، ومن ثمّ الوصول إلى الفهم العميق لما يتعلمه والبعد عن الحفظ الآلي للمعلومات، والمتعلم في هذه المرحلة يسعى إلى تجزئة وتفصيل الخبرات والمعلومات المتعلمة وتصنيفها وتحليلها؛ مما يساعده ذلك على تثبيـت مـا يتعلمـه مـع وجود تغذية راجعة مستمرة، وتحقيق هذه المرحلة يتطلب التعلم استخدام المعلم لمجموعة من الاستراتيجيات منها : الحوار والمناقشة والتدريس المصغر، والاستقراء، والخرائط الذهنية.


4 - مرحلة تكوين الذاكرة
يتم تقوية التعلم واسترجاع المعلومات والخبرات السابقة في هذه المرحلة بكفاءة ويتأثر هذا الاسترجاع بعوامل متعددة منها الراحة الكافية والتأمل والتغذية الراجعة، واستخدام المواقف التعليمية المعقدة، واستبصار المشكلات؛ مما يساعد ذلك على تعميق معالجة الدماغ للخبرات والمعلومات المتعلمة بصورة أفضل للتعلم، كما أن كفاءة استرجاع المعلومات والخبرات السابقة في التعلم أثناء هذه المرحلة يتأثر بعدة عوامل أخرى تتضمن طبيعة الحدة الانفعالية أثناء التعلم وتوافر التغذية الراجعة المستمرة ونوعية وكمية الترابطات العصبية.


5 - مرحلة التكامل الوظيفي
هذه المرحلة تعتمد على استخدام التعلم الجديد بهدف تعزيزه والتوسع فيه لاحقًا من خلال تقديم الأنشطة والمهام التعليمية الإثرائية الإضافية للمتعلم والمرتبطة بما تم تعلمه، وعلى المتعلم في هذه المرحلة أن يسعى إلى توظيف ما تعلمه وربطه بالتعلم اللاحق لذلك تتطلب هذه المرحلة تقديم أنشطة ومهام تعليمية للمتعلم تهدف إلى تدريبه على تطبيق ما تعلمه من خلال أنشطة حلّ المشكلات الواقعية، واتخاذ القرارات المختلفة اللازمة لها.


انتهى
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -