مربع البحث

الاستخدام الإجتماعي للغة

الاستخدام الإجتماعي للغة




مفهوم الاستخدام الإجتماعي للغة

المقصود بالاستخدام الإجتماعي للغة هو استخدام اللغة وفقاً للقواعد الإجتماعية الأساسية التي تحكم حياتنا مثل: كلمة مرحباً، ومن فضلك، وشكراً، واتخاذ الدور في الكلام في السياقات الاجتماعية المختلفة. كما أن الاستخدام الإجتماعي للغة من الناحية السيكولوجية هو تلك الطريقة التي يتم بها إستخدام الكلمات أو المفردات اللغوية في حديث ذي معنى ومغزى معين ومحدد وفق نمط معين للكلام يقصده المتحدث كأن يكون سؤالاً أو طلباً أو استفساراً وما إلى ذلك، والتي تمكنه من توصيل ذلك المعنى الذي يريده للآخرين مما يجعل بوسعه أن يقيم الحوارات الهادفه معهم ، وأن يبادلهم الأحاديث أو المحادثات مما ييسر له التفاعل والتواصل.

والاستخدام الإجتماعي للغة هو الأسلوب الذي يتم به إستخدام وتداول اللغة في المواقف الإجتماعية المختلفة لتحقيق وظيفة معينة تعود بمنفعة ذاتية أو إجتماعية على الفرد. 

الاستخدام الإجتماعي للغة هو مرحلة متطورة من مكونات اللغة، وتعني استخدام الكلمة المناسبة في التوقيت الملائم مع الشخص المراد توصيل الرسالة إليه لتحقيق هدف ما ، ولن يتم ذلك إلا بعد إستقبال الطفل للكلمات وإستيعابها وإرسالها وتوظيف ما أرسله من كلمات، وهذه الكلمات تختلف في الكم والكيف من طفل لآخر. 


مما سبق يمكن تعريف الاستخدام الإجتماعي للغة بأنه الأسلوب الذي يهدف إلى تحسين قدرة الفرد على كيفية إستخدام اللغة في سياقات الحديث المختلفة في التفاعلات اليومية، ويتخذ أشكال لفظية وغير لفظية مناسبة لسياق الحديث حسب طبيعة كل موقف إجتماعي، ويسهم في النمو الإجتماعي والتواصل الجيد للفرد مع الآخرين.

وظائف الاستخدام الإجتماعي للغة

إن دلالات الاستخدام الإجتماعي للغة لا معنى لها في حد ذاتها، ويمكن فهمها إما من خلال القرائن اللفظية في السياق أو أن يكون لها معنى واقعي تقليدي مرتبط بها في المجتمع .

تختلف وظائف إستخدام اللغة تبعاً للموقف والسياق اللغوي وطبيعة المسمتع :
  • الوظيفة التنظيمية Regulatory وهي استخدام الفرد للغة لإصدار الأوامر وتوجيه سلوك الآخرين.
  • الوظيفة الأدائية Instrmental : وهي استخدام الفرد للغة للحصول على مايريد. الوظيفة التفاعلية Iteractional وهي استخدام اللغة من أجل تبادل المشاعر والأفكار بين الفرد والآخرين. 
  • الوظيفة التمثيلية Represntational: وهي استخدام اللغة من أجل تمثيل المعلومات والأفكار وتوصيلها للآخرين. 
  • الوظيفة الشخصية Personal : وهي استخدام اللغة لكى يعبر الفرد عن مشاعره وافكاره وعن ذاته.
  • الوظيفة الشعائرية Ritual :وهي استخدام اللغة للتعبير عن ايدولوجيات الجماعة وممارسة طقوسها الدينية.
  • الوظيفة التخيلية Imaginative وهي استخدام اللغة للتعبير عن خيال وابداع الفرد. 
  • الوظيفة الإستطلاعية Quristic: وهي استخدام اللغة من أجل الإستفسار والكشف عن أسباب الظواهر .

إن وظيفة الاستخدام الاجتماعي للغة للنطق مستقلة عن شكل النطق النحوي، ومن خلال وظيفته فإننا نشير إلى الكيفية التي ينوي بها المتحدث أن يؤخذ من ما يقوله ، وكذلك تتضح وظيفة العلامات اللغوية للإستخدام الإجتماعي كوظيفة هامة في مجال الاستخدام الإجتماعي للغة بأنها وسيلة يتأكد المتحدث من أنه قد تم فهمه بشكل صحيح، أو أن المرسل إليه يوافق على فهم المتحدث لمرجع معين في الحوار

نظريات مفسرة للإستخدام الإجتماعي للغة

نظرية العقل (Theory of Mind (TOM
تعبر عن القدرة على التفسير والتنبؤ واستنتاج الحالات الذهنية من أفكار ونوايا ومقاصد ومشاعر ومعتقدات الأفراد واستخدام تلك المعلومات في تفسير مايعبرون به وسلوكياتهم وكذلك التنبؤ بما سيقومون به . وهي نظرية تُستخدم لفهم الأفعال من حوله والتنبؤ بها ، ويشير إلى الحالات العقلية مثل المعتقدات والمعرفة والرغبات وذلك خلال السنوات الأولى من الحياة، يكتسب الأطفال فهما للعلاقات بقدراتهم العقلية والبيئة الاجتماعية من حولهم، ويستخدمون هذا لفهم أنفسهم والآخرين بدون جهد واضح أو تعليمات يتعلمون أن الآخرين مثلهم تمامًا لديهم عقول وأن سلوك الآخرين مثل سلوكهم . كما توجد إرتباطات قوية بين عملية فهم المعنى الساخر للألفاظ والاستخدام الإجتماعي للغة وما بين مهارات نظرية العقل .

نظرية التماسك المركزي Central Coherence Theory
نظرية التماسك المركزي تقوم على أسلوب المعالجة الكلية مقابلة الجزئية، والعلاقة بين الكل والجزء ، إستناداً على الفرضية القائلة بأن الخصائص الكلية لشيء ما تدرك قبل الخصائص المكونة له. وضعف الاستخدام الاجتماعي للغة في نظرية التماسك المركزي قد يعود لعدم القدرة على استخلاص المعنى، ومثل هذه الصعوبة تشير إلى فشل النظام المركزي والتي مهمته الأساسية هي دمج مصادر المعلومات، مما يجعل اتجاه الأفراد ذوو ضعف الاستخدام اجتماعي للغة إلى التركيز على الأجزاء الصغيرة من المعلومات بدلا من التركيز على النماذج والأنماط المتماسكة من المعلومات.

علاوة على ذلك، فإنه يجب أن ترتبط قدرات مهارات الاستخدام الإجتماعي للغة بالقدرة على عمل استنتاجات عامة واجتماعية، وتتطلب هنا القدرة على جميع مصادر متباينة للمعلومات لاستنتاج المعنى واستخدامه في سياق الحديث .

نظرية باتس Bates
ركزت بيتس وزملاؤها على الهياكل وقواعد الاستخدام الإجتماعي للغة التي تكمن وراء اللغة وعلاقتها بالتطور المعرفي للأفراد . والسياق في الاستخدام الاجتماعي للغة في ضوء نظرية باتس له أربعة تصنفيات هم كالتالي : 
  • السياق المعرفي الاجتماعي: ويتمثل في معرفة البيئة المادية، وكذلك الشخص المتواصل معه وقواعد التواصل والتى من أهمها التواصل بالعين واتخاذ الدور.
  • السياق الفيزيقي : ويتمثل في معرفة الخصائص المدركة للأشخاص والأماكن والأشياء. 
  • السياق اللغوي: ويتمثل في المعلومات التي ترتبط بتجميع وتنظيم الأصوات اللغوية وتفسير التواصل.
  • السياق غير اللغوي: ويتمثل في المعلومات والإشارات الغير للفظية والتي ترتبط بتفسير المعنى. 

مهارات الاستخدام الإجتماعي للغة

مهارات الاستخدام الإجتماعي للغة تمثل وعاء كبير شامل لعدد من المهارات اللفظية وغير اللفظية المعقدة اللازمة للمحادثات الواقعية الصحيحة لغوياً، تتطور مهارات الاستخدام الإجتماعي للغة منذ الميلاد مرورا بالطفولة وقد يستغرق إتقان تلك المهارات المعقدة من الطفولة وصولا للمراهقة، وكذلك تعد مهارات الاستخدام الإجتماعي للغة المناسبة أمرًا ذو أهمية كبيرة ويتضح ذلك سواء في المهام الأكاديمية كالتي تتطلب التعلم الجماعي التعاوني أو غير الأكاديمية مثل المناسبات الاجتماعية داخل وخارج الأسرة.

تهتم مهارات الاستخدام اجتماعي للغة بإستنتاج المعاني من "السياق الغوي" مثل نوايا المتحدث ، ومعرفة المستمع، والتركيز المتعمد وما إلى ذلك، وهنا يتضح أن القدرة على التواصل تعتمد إلى حد كبير على مهارات الاستخدام اجتماعي للغة . ومهارات الاستخدام الاجتماعي للغة مهارات أساسية للتواصل في المواقف الاجتماعية، وتشتمل على :
  • القدرة على توضيح سوء الفهم.
  • تجنب الرسائل الزائدة عن الحاجة.
  • تكييف رسالة الفرد وفقا لتوقعات المستمع وخلفية المعرفة. 
  • نقل المعلومات بإيجاز.
  • الإستجابة للألفاظ بطريقة مناسبة ، والحفاظ على موضوع المحادثة، والبدء في مواضيع جديدة وذات صلة بموضوع الحوار .
  • إتخاذ الدور في الكلام.
  • المحافظة على نفس موضوع الحوار .
  • القدرة على استخدام بعض كلمات الشكر والترحيب.
  • استخدام استراتيجيات إصلاح الكلام عندما يحدث سوء فهم من جانب المستمع.
  • إنهاء الحوار.


لكي يصبح  الشخص قادراً على إستخدام مهارات الاستخدام الإجتماعي للغة بنجاح فمن المهم أن يكون قادرًا على التفكير في كلٍ أو بعض مما يلي: سياق الكلام، والإشارات الصوتية مثل التنغيم والتفخيم ، وكذلك إستخدام الإشارات والإيماءات غير اللفظية

تصنيفات الاستخدام الإجتماعي للغة

يمكن تمييز مهارات الاستخدام اجتماعي للغة عن الجوانب الهيكلية للغة التي اعتبرت كشيئاً مستقل نسبيًا عن السياق اللغوي لعلم الأصوات والنحو والدلالات ، وقد صنف هيدج ودايفز Hegde & Davis (1995) الاستخدام الإجتماعي للغة إلى : 
المطالب : ويقسم الطلب الأوامر إلى فعل ومعلومات وأشياء وغيرها وتحلل المطالب أو الأوامر في التحليل السلوكي إلى وحدة استجابة وظيفية مفردة تسمى مطالب (Mands) فعندما ينفذ الطفل أنواع محددة من الأوامر ، فإن الأنواع الأخرى من المطالب تنفذ بدون تدريب إضافي. وهذا يحدث فقط عندما يستطيع الطفل، فإنه يجب أن نختار الكلمات أولاً ثم تعليم مطلب أو أثنين ومن ثم نرى فيما إذا كان الطفل قادراً على إنتاج أنواع أخرى من المطالب. 

العبارات الوصفية : الأطفال والكبار المضطربون لغوياً غالباً ماتكون قدراتهم محدودة في وصف الأحداث في بيئتهم. فقد لا يعلقون على أشياء أو موضوعات تثير الكلام من معظم الأفراد. وتسمى العبارات الوصفية للموضوعات والأشياء باللباقة أو الكياسة (tacts) في التحليل السلوكي. وعند تعليمها يجب أن تتضمن بعض مهارات المحادثة الموصوفة.

إستهلال أو إبتداء الموضوع : يعانى الأطفال المضطربون لغوياً من مشكلات في ابتداء الحديث حول موضوع ما وتتطلب مهارة الاستهلال أو ابتداء الموضوع من الشخص، أولاً أن يقدم الموضوع الجديد لغرض المحادثة ولتسهيل ذلك فعلى المعالج أن يطرح اسئله حول الموضوع لحثه وتشجعيه على البدء بالحديث.

المحافظة على الموضوع : عند أو بدء الشخص بالحديث عن موضوع ما فإنه يكون مناسباً أن يكون الهدف اللاحق هو المحافظة على موضوع الحديث. فالأطفال المضطربون لغوياً لديهم صعوبات واضحة في الإستمرار بالحديث عن نفس الموضوع. ولعلاج هذه الظاهرة فيكون على المعالج أن يستهدف فترات طويلة تدريجياً من الكلام لتكون موضوعا مستهدفاً في المحادثة.

الإصلاح المحادثي : من ضعف قدرتهم على الطلب وإعادة ما قيل في حالة عدم فهم موضوع الرسالة أو المحادثة وقد يكون هذا هو السبب المفسر لعدم استمراره في المحادثات عندما تحدث. وفي الأوضاع الطبيعية فإن المستمع إذا لم يفهم ماذا يقال له قد يستجيب بالشكل التالي: قل لى المزيد عن هذا الموضوع، لا أفهمك ، لو سمحت تكلم بصوت مرتفع أكثر ، وغيرها. وتستخدم كلاً من ردود فعل المستمع والمتكلم في الإصلاح المحادثي . لذلك يجب تعليم الأطفال مهارات طلب المعلومات والتوضيح وعبارة لا أفهم. 

مهارة الرواية أو السرد : تتطلب رواية الأحداث أو القصص أو الخبرات مهارات معقدة متماسكة وصحيحة، وقبل تعليم مهارة رواية الأحداث علينا تعليم مهارات أخرى مثل المفردات والمظاهر والمظاهر النحوية والخصائص الصرفية للغة.

السلوكيات التواصلية البراجماتية المناسبة للثقافة : تتحدد سلوكيات التواصل البراجماتية بالخلفية الثقافية، لذلك يجب اختيار خصائص براجماتية للتدريب فقط بعد تحليل أنماط التواصل الثقافية للمضطرب لغوياً.

أهمية الاستخدام الاجتماعي للغة

يشير الاستخدام الإجتماعي للغة إلى الاستخدام المناسب والفعال للغة في السياقات الشخصية وهي ذات أهمية مركزية لقدرة الأطفال على العمل بشكل جيد في المنزل والمدرسة ومع أقرانهم .

الاستخدام الإجتماعي للغة يمثل جانباً مهماً في نمو الطفل في كافة الجوانب، حيث تنعكس قدرة الطفل على الكلام على شخصيته، وثقته بذاته، فالكلام أداة مهمة من أدوات التواصل والتفاعل الإجتماعي. والاستخدام الإجتماعي للغة بمثابة دراسة اللغة في إستخدام السياق البشري، وتأتى أهميتها من أن استخدام اللغة هي العملية التي يتواصل الناس من خلالها لأغراض مختلفة بإستخدام الوسائل اللغوية، وتحكم هذه العملية ظروف المجتمع.

والأهمية الكبرى للإستخدام الإجتماعي للغة في مواقف الإتصال اليومية للفرد سواء كان ذلك للأفراد أو في لغاتهم المحلية أو ضمن الاستخدام اللغوي العلمي، وكذلك واقع الاستخدام الإجتماعي للغة هو واقع عالمي متداخل بالمصالح الثقافية والإقتصادية والسياسية وأن نضج الفرد في هذا الجانب في إطار لغته المحلية يفتح آفاقا للتبادل المؤثر مع لغات عالمية أخرى .

على ذلك يتضح أهمية الاستخدام الإجتماعي للغة بوظيفة استخدام اللغة وفهمها أكثر من البناء اللغوي لها، وعلى إرسال وتوصيل المعلومات بصورة مناسبة للسياق الاجتماعي، والقدرة على انتاج جمل منظمة ومترابطة وكذلك تسهم في استخدام اساليب متنوعة وضبط اساليب الحديث وكذلك تأثيرها في المواقف الإجتماعية على ما يتحدث به الأشخاص تبعاً لظروف كل موقف إجتماعي، ، مما يؤدي للتواصل المناسب الفعال مع الآخرين. 

قصور الاستخدام الإجتماعي للغة

يمكن رؤية الصعوبات في الاستخدام الإجتماعي للغة في العديد من السلوكيات، كالتالي :
  • التحدث كثيرًا.
  • ضعف تبادل الأدوار في المحادثة.
  • الفشل في تكييف رسالة لاحتياجات المستمع.
  • الفشل في الاستجابة للإشارات اللفظية من الآخرين.
  • الإفراط في استخدام العبارات النمطية.
  • صعوبة فهم السخرية والنكات والاستعارات.

 ضعف مهارات الاستخدام اجتماعي للغة له آثار ضارة على تنمية العلاقات بين الأقران كما تشير مجموعات كثيرة من الأبحاث إلى وجود ارتباط بين التطور السلوكي والتطور والتفاعل اللغوي، وتوجد مجموعة من السلوكيات المختلفة تدل على ضعف مهارت الاستخدام الإجتماعي للغة، مثال ذلك: قول القليل جداً أو أكثر من اللازم، الإفراط في استخدام عبارات معينة، عدم بدء محادثة الإفراط في الحرفية، التكرار التنغيم، إسترجاع المفردات الطلاقة والفكاهة واللغة الحكيمة، تعابير الوجه استخدام متوتر، ضعف الوضوح ، وتسلسل الأحداث، والقرب الجسدي، وما إلى ذلك .

إذن فإن القصور في الاستخدام الإجتماعي للغة هو شكل من أشكال إضطرابات اللغة، ويرجع لعدة أسباب وعوامل منها النفسية والإجتماعية والوراثية والجسمية 

انتهى


تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -