مربع البحث

التحرّر من المشاعر السلبية

التحرّر من المشاعر السلبية




أولاً يجب أن نعرف أنّ المشاعر السلبيّة ليست كلّها سيئة، فهناك نوعان من المشاعر السلبية

المشاعر السلبيّة التلقائية 

مثل الخوف من عبور الطريق السريع سيراً على الأقدام، فهو شعور سلبي، ولكنه ضروري للحفاظ على بقائنا، لذا فعلينا إدارته بشكل سليم، وليس تغييره.

المشاعر السلبية المفتعلة 

التي نزرعها بأنفسنا في داخلنا. كأن تتشاجر مع أصدقائك، ثمّ تمر شهور، غير أنك تظلُّ تستعيد مشهد المشاجرة مراراً وفي كلّ مرّة يزداد غضبك، وتتضخّم كراهيتك حتّى تتحوّل المشكلة البسيطة إلى مشكلة مستعصية.

معادلة المشاعر السلبية

معادلة تشرح المشاعر على اختلافها :
التفسير + الاندماج + التكرار = مشاعر قوية

1 - التفسير

الفيصل في حدوث المشاعر السلبية من عدمه يتلخص في الطريقة التي نفسّر بها المواقف التي نمر بها، لذلك فإن حدثاً واحداً قد يُسعد شخصاً ما ويُحزن ،آخر، ويرجع ذلك إلى اختلاف تفسير كلا الشخصين للحدث وتقبلهما ،له، الأوّل فسره تفسيراً إيجابياً، بينما نظر إليه الآخر من منظور سلبي، فالحدث في ذاته ليس له تأثير، ويتعلّق الأمر بتفسيرك له، فلنفترض أنّ السماء تمطر، فقد يشعر الفلاح بسعادة غامرة نظراً إلى النفع الذي سيعود عليه من ري التربة، بينما يشعر شخص آخر بالغضب لأنّ رحلته قد أُلغيت.

2 - الاندماج

المشاعر بطبيعتها وقتيّة أيّاً كان نوعها، فلا تستمر لوقت طويل إلا إذا سمحت لها بذلك، ولا يمكنها التأثير فيـك مـا لـم تمنحهـا اهتمامك. ولا تتولّد المشاعر كي تستمر، فنحن نمر بمواقف مختلفة تتولّد عنها مشاعر متباينة، لذلك ينبغي ألا نترك المجال لمشاعرنا كي تتحكم بنا وتندمج فينا فيصعب التخلص منها. 

لا تقل إنَّك حزين، فأنت تشعر بالحزن في الوقت الراهن فقط، وهذا الشعور سرعان ما سيزول، ويحلّ محلّه شعور جديد. الحزن كالرداء الذي ترتديه الآن ليس جزءاً منك، ولن يستمر. بمجرد أن تدرك ذلك، تتجرد هذه المشاعر من قواها وتصبح حالة عارضة، لذا حين تشعر بأي مشاعر سلبيّة، لا تتوقف عندها كثيراً، ولا تتح لها فرصة الاندماج في شخصك. يمكنك أن تشغل نفسك بمهمة ما تتطلّب منك تركيزاً كبيراً، وسيتلاشى هذا الشعور وكأنه لم يكن.

3 - التكرار

حين تمرّ بموقف سيّئ، وتعكف على التفكير فيه واستعادة أحداثه مراراً، فلن تستطيع التخلُّص من المشاعر السلبية المرتبطة به، بل ستزيد الوضع سوءاً. ستتضاعف المشاعر السلبية وتلمّ على ذهنك من وقت إلى آخر، فيجب أن تنفصل عمّا حدث وتنظر إلى الأمر بحيادية. حينها تتلاشى المشاعر السلبية سريعاً، وتنتهي بانتهاء الموقف، فلست بحاجة إلى استحضارها مرات كثيرة.

4 - المشاعر القوية

حين تتحقق النسخة السلبيّة من المعادلة السابقة، ينجم عنها مشاعر قوية تلازمك طوال الوقت، وتصبح جزءاً من هويتك، وكلّما حدث شيء جديد سلبي، فإنّه يستدعي تلقائياً المشاعر السلبية السابقة ويجعلها تطفو على السطح فتتضاعف وتتعاظم، وتملك زمامك، فتفقد السيطرة على سائر مشاعرك وأفعالك، ما قد يؤدّي إلى خسائر كثيرة، رغم أنك كنت تستطيع تجنب كلّ هذا من الأساس.

كبت المشاعر ليس

يحاول الكثير من الأشخاص تجنّب المشكلات التي قد تنتج عن المشاعر السلبيّة بكبتها من البداية والتركيز على أشياء أخرى لتشتيت أذهانهم وإبقاء عقولهم منشغلة، ولكن هذا الأسلوب لا يجدي نفعاً على الإطلاق لأنّ كبت المشاعر يؤدّي إلى تراكمها وتضاعفها إلى أن تنفجر في يوم من الأيام .

بدلاً من الكبت، عليك أن تتعلّم كيف تتعامل معها بأسلوب صحي لأنّها جزء من حياتنا، وستحدث لنا كلّ يوم وأكثر ممّا نرغب، لذا فعلينا التخلُّص من كلّ تلك المشاعر التي كبتناها طوال حياتنا، ويمكننا ذلك من خلال الخطوات التالية :

1 - قف على الحياد : حاول قدر استطاعتك أن تفصل نفسك عن الموقف بأسره، وتتّصل بجسدك بدلاً من عقلك انتبه أن ما تشعر به لا يعكس الواقع بل يعبّر عن تفسيرك له، وهو قد يختلف كثيراً عن الواقع، فكّر فيما حدث وكأنه حدث لشخص آخر، ولا تدع مشاعرك تتحكّم في مجريات الأمور وتقودك إلى قرارات.

2 - تعرف إلى مشاعرك الآنيّة : وبدلاً من الاندماج في تلك المشاعر، تعامل معها أولاً باعتبارها مجرّد مشاعر وقتيّة، وبناءً عليه لا تقل «أنا غاضب»، بـل قل «أشعر بالغضب». يساعدك ذلك على التمييز وإدراك أنها مجرد مشاعر وسرعان ما ستتلاشى.

3 - تخلَّ عن مشاعرك السلبيّة : غالباً ما تتشبث بالمشاعر السلبيّة لأنّنا نشعر بأنّها جزء من حياتنا وهويتنا. شعر ثيبوت موريس لوقت طويل أنه ليس كفؤاً بما يكفي، ما دفعه كثيراً لوضع خطط يومية يستحيل تحقيقها. كان دائماً يشعر بالضغوط ويناضل لتحقيق أهدافه، وحين أخفق في تحقيقها كلّها، تولدت لديه مشاعر العجز وظن أنه ليس كفؤاً. كان الأمر أشبه بالدوران في دائرة مفرغة من الإحباط واليأس، ولكنّه بمجرد أن أدرك أن هذا الشعور لا يعكس حقيقته وأنها ليست سوى أفكار سلبيّة ظلّ يكرّرها، فقد تبدّل الوضع، ولاحظ أنه بمرور الوقت ينفّذ خططه اليوميّة بكفاءة، ولكن مع بعض القلق والتوتّر، إذ لم يكن من السهل أن يتخلّى عن مشاعره تماماً، فقد لازمته فترة طويلة حتى صارت جزءاً من هويته، ولكن إدراكه لهذه المشاعر وأسبابها ساعده علـى الخروج من تلك الحلقة المفرغة من الأفكار السلبية، والأمر يتطلّب بعض الوقت، ولكن النتيجة في النهاية ستكون في صالحك.

4 - طريقة «هيل دواسكين» : في كتابه «طريقة سيدونا»، اقترح «دواسكين» طريقة تتألّف من خمس خطوات لمساعدتنا على التخلُّص من المشاعر السلبية، وتتلخّص فيما يلي :
  • تحديد الشعور السلبي.
  • اتخاذ القرار بالتخلص منه.
  • سل نفسك: هل تستطيع أن تفعل ما عقدت العزم عليه؟
  • إذا كانت الإجابة «نعم»، فحدد وقت التنفيذ. 
  • كرّر هذه العملية إلى أن تنتهي من تلك المشاعر.

لا يثق الكثير من الناس بهذا الأسلوب لبساطته الشديدة، ولكن عليك تجربته، فطريقة «سيدونا» وسيلة عمليّة حكيمة ومثبتة للتحرر العاطفي والذهني وعيش حياة بسيطة وسعيدة.

حلول مؤقتة

فيما يلي بعض الحلول المؤقتة للتغلُّب على مشاعرك السلبية : 

1 - الاستبدال
بمجرد أن تنتابك المشاعر أو الأفكار السلبية اشغل نفسك، واصرف انتباهك عنها بالتركيز على شيء إيجابي، فإذا لم تجد أي شيء إيجابي، انهض وابدأ التحرك في المكان.

2 - كن مبادراً
إذا تعرّضت لموقف سلبي، فكّر في طريقة لإصلاح ما حدث ولا تحاول الاختباء والهروب، وأوجد حلاً لتحويل السلبيات إلى إيجابيات وتعديل المسار. 

3 - تأمل ذاتك
سجِّل مشاعرك وتعرّف إليها وعلى أسبابها، ولكن احرص على ألا تسجل تفسيرك لها، بل سجِّل الحدث مجرداً كما هو من دون تأويل. يمكنك أيضاً التحدث إلى شخص تثق به ومناقشة الموقف معه. سَلْ نفسك: هل المشكلة كبيرة حقاً؟ وهل يمكنك أن تدعها تمضي بهدوء أم لا ؟ إذا كانت الإجابة «نعم»، فافعل ذلك بلا تردد.

4 - استرخ
حين تواجه مشكلة صعبة لا تجهد نفسك وتستنزفها بحثاً عن حلول. احرص على الحصول على فترة راحة واسترخاء أولاً. يمكنك حتّى أن تحصل على قسط من النوم، ثمّ فكر فيما حدث بذهن صاف بعد الاستيقاظ.

تفريغ المشاعر

هناك طرق أخرى لإدارة الأفكار وتفريغ المشاعر يمكنها مساعدتك على المدى الطويل، وفيما يلي خمس منها :

👈 دون مشاعرك
اشتر دفتر يوميات لتدون فيه مشاعرك ، وسجل مشاعرك السلبية التي تمر بها كل يوم وأفكارك تجاهها. يساعدك هذا الأسلوب على التركيز على مشاعرك على مدار اليوم لأنك تعرف أنك ستسجلها، وبمرور الوقت قد تكتشف نمطاً ما بحاجة إلى إصلاح، ثم تبدأ في معالجة الأمر.

👈 أحط نفسك بدائرة إيجابية
بما أن العالم حولنا له تأثير كبير في مشاعرنا، فإذا كان هذا التأثير سلبياً، فمن المفيد أن تعيد النظر في محيطك لتبتعد عنه بمسافة معقولة أو تغيّره تماماً. إذا كان الأمر يتعلّق بالناس، فحاول البحث عن أناس أفضل، وإذا كان يتعلّق بنشاط ما كالإفراط في مشاهدة التلفاز أو ممارسة ألعاب الفيديو فابحث عن هواية بديلة ممتعة وتعزز المشاعر الإيجابية لديك.

👈 اتبع روتيناً صحياً
ما لم ترتب تفاصيل يومك مسبقاً، فقد تقضيه في فعل أشياء معدومة الفائدة الأمر الذي سيولد لديك شعوراً سيئاً في نهاية اليوم. حاول وضع روتين صحي ينطوي على أنشطة يومية كالتأمل وممارسة الرياضة.

👈 حافظ على طاقتك 
نم جيداً، وتناول طعاماً صحياً، وخذ فترات راحة واسترخاء كافية على مدار اليوم. إذا فعلت ذلك، فستكون أقلّ ارتباكاً وأكثر ثقة وقدرة على حل المشكلات.

👈 اطلب المساعدة
إذا كنت تواجه صعوبات في التعامل مع أفكارك السلبية أو إدارة مشاعرك وانفعالاتك بشكل عام، فلا تخجل مطلقاً من طلب المساعدة من المختصين.
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -