هل يكون الألم نفسياً ؟
إن الألم من أكثر ما يعانيه الناس في حياتهم من مصاعب، والألم قد يحدث في أي جزء أو عضو من أعضاء الجسم، وتتراوح شدته ونوعه وتوزيعه حسب أسبابه ويتفاوت في حدته من شخص لآخر ومن وقت إلى آخر.
كيف نشعر بالألم ؟
إن الشعور بالألم عن طريق أطراف عصبية موزعة في الجسم تنقل إلى الدماغ المؤثرات في مكان ما من الجسم وتؤدي للشعور بالألم، مثل وخزة دبوس أو إلتهاب أو شد في العضلات أو كسر في العظام والألم يخدم وظيفة هامة في الإنسان وهي التنبيه لوجود خطر أو مشكلة أو مرض وبالتالي التعامل معها وحماية الجسم من أضرارها.
ولكن ما هو الموقف إذا كان هناك ألم في مكان ما في الجسم ولا يوجد له سبب عضوي في ذلك المكان هذا ليس أمراً غريباً أو نادراً، بل هو من المشاكل الشائعة التي تحير الناس ولكن طالما أن الإحساس بالألم يتم بالدماغ، وطالما أن الدماغ يحوي في تلافيفه وأخاديده كافة الأحاسيس والمشاعر والعواطف والمزاج والإدراك.
فمن الممكن أن نشعر في الألم دون وجود مرض موضعي بل بوجود حاله نفسية معينة، أو حالة عصبية في موقع الإحساس بالألم وبإمكان الحالة النفسية أن تؤدي للألم وذلك أنها تعمل على مضاعفة الشعور بالألم عدة مرات أو إختلاق ألم لم يكن أصلاً موجود بالتأثير على مناطق الإحساس بالألم وتحديداً في المهاد (Thalamus)..
ومن الأمثلة الشائعة على الألم التي تنتج عن الحالة النفسية ألم الصدر والبطن وألم الظهر ويكون هذا ألم يكون على شكل نخزات أو ضغط على الجهة اليسري من الصدر وهذا يولد رعب لدى المريض الذي يعتقد أنه يعاني من مرض قلب وأن الأجل آت لا محالة، ويصعب عليه التصديق خلاف ذلك، وهو فعلاً يشعر بألم ويكون هذا الألم ناتج عن شد في عضلات الصدر والتي بدورها تضغط على نهايات الأعصاب وبالتالي يحدث ،آلام وهنا يصعب على المريض التصديق بأن هذا الألم نفسي، وأن كلمة نفسي تعني أن الألم أن الألم وهمي وغير صادق.
ومن الأمثلة الشائعة الأخرى الألم البطن والتي تنتج عن تشنجات في الأمعاء الغليظة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتوتر والقلق والإكتئاب والألم ينتج عن خلل في الحركة الطبيعية لجدار الأمعاء وضغطها على نهايات أعصاب الألم، وبإجراء الفحوصات والمناظير لا يظهر أي سبب عضوي، مما يثير حيرة وشك المريض.
إن معظم الناس الذين يشكون من الصداع يكون صداعهم نفسياً توترياً ناتجاً عن شد في عضلات (فروة الرأس، وهذا النوع من الصداع لا يظهر أيضاً في الصور والمخططات إطلاقاً، وعلاجه يندرج ضمن المشاكل النفسية، وهناك أشكال أخرى كثيرة للألآم مثل ألم الحوض وألم الظهر والألم المتنقل، فهناك من يعاني من الألم في كل جسمه حتى لا يكاد يخلو سنتيمتراً واحداً من الألم، والألم متغير ومتشكل ومتنقل بحيث يحير أصحابه ويدخلهم في متاهة كبيرة من الإجراءات الطبية والفحوصات المرهقة معنوياً ومادياً، وهناك بعض الألآم النادرة أو الغريبة مثل في ألم العين أو في الفم أو ألم في المنطقة الشرجية، ويرفض هؤلاء المرضى أن يحولوا للطبيب النفسي لأن إعتقادهم أن الطبيب النفسي لا يعالج الألم ولا علاقة له به.
دور الطب النفسي في تخفيف الألم النفسي
هناك أيضاً دور معروف لتخفيف الألآم العضوية الشديدة والمستعصية يقع على عاتق الطب النفسي عندما تفشل الأساليب العادية في تخفيف الألم، وقد يساعد هؤلاء الناس بعض العقاقير وأساليب الإسترخاء والتنويم المغناطيسي، وأما المرضى الذين يعانوا من ألآم بسيطة، ولكن لوضع نفسي معين يشتد عليهم الألم، يكون للعلاج النفسي أهمية في تحديد حدة الألم، فإذا كان هناك ألم بسيط ناتج عن القرحة أو إلتهاب معين ورافقه حالات تكدر مزاج وقلق، أصبح الألم مضاعف وتجاوبه مع العلاج قليل، مما قد يشكك الطبيب المعالج في التشخيص ...
ومن المعروف أصلاً أن الناس متفاوتون في درجة إحساسهم في الألم، فهناك من يصرخ ويبكي لوخزه دبوس، وأخر لا يؤثر عليه الضرب الشديد وكذلك في المرض فهناك من يحتاج لمسكنات بعد إجراء العمليات البسيطة وأخر لا يحتاج لأي مسكن وهناك من يصرخ بعد إجراء العملية وأخر يستكين في سريره مكتفياً بأقل وأضعف المسكنات.
إن هذا التباين في درجة تحمل الألم تلعب فيه الشخصية وقدرة التحمل والحالة النفسية للفرد ونوع الإصابة وسببها والإصابات على سبيل المثال في ساحات الحروب قد لا يشعر بآلامها المقاتل في حين أن الإصابة التي قد تنتج عن حادث سير قد يؤدي إلى ألم شديد يمكننا أن نرى التداخل الكبير بين الألم من حالة نفسية والمرض النفسي والظرف النفسي والشخصية فمن الصعب فهم الألم دون فهم الأبعاد النفسية له.
انتهى