مربع البحث

النسيان

النسيان






النسيان ظاهرة نفسية شائعة بين الطلبة خاصة والناس عامة، إذ إن كل كل ما يتعلمه الفرد هو عرضه للنسيان؛ لكن لا أحد يستطيع أن يحدد مدى السرعة التي يفقد بها الإنسان المادة التي تعلمها.

تعريف النسيان

يمكن أن يعرف النسيان بأنه عجز الفرد عن استرجاع أو التعرف أو تذكر ما تم حفظه من معلومات أو مهارات وهذا العجز قد يكون كلي أو جزئي دائم أو موقت، وقد يصل النسيان إلى حد فقدان القدرة على تذكر أبسط الاشياء المعتادة في الحياة اليومية

نظريات النسيان

نظرية محو الأثر

يرى بعض العلماء مثل بادلي Badeley 1986، إتون Hutton 1998، أن النسيان ناتج عن فقدان المعلومة من الذاكرة النشطة الناجمة خلال وقت معين لم يكن هناك تكرار ذاتي للمعلومة وهي نفسها نظرية التضاؤل . وترجع هذه النظرية فقدان المعلومات إلى عامل الزمن، وتمحى من الذاكرة.

نظرية التداخل

عارض علماء آخرون مخالفين التيار السابق مثل كوون Cowan (2001)، ألتمان وغراي gray & Altmann (2002)، واهتموا بتكرار العنصر المشوش أثناء عملية التخزين ومعالجة المعلومة، وتأكدوا بأنه ليس بالعنصر الأساسي للنسيان بل نوعيته هي التي تؤثر على الإسترجاع .

حيث هناك ثلاث أنماط من التداخلات وهي :
  • تداخل لاحق : تداخل مع موضوع مخزن في الذاكرة حول تعلم معلومة جديدة.
  • تداخل متزاحم : تداخل المعلومات المعالجة للتذكر .
  • تداخل رجعي: تداخل موضوع جديد حول معلومة مأخوذة سابقا.

ولهذا فإن هناك تدرج في نظام الذاكرة حسب الزمن، فيما بعد يحدث تداخل مع مهام مرتبطة ومتشابهة ، وبالتالي هناك مهمة تخزين وتذكر سمات مشتركة مقسَّمة بين الأحداث، وتركيز الإنتباه يكون بدرجة كبيرة، وبالتالي يزداد التشويش والتداخل.

وفي هذا الصدد فقد بحث نارن Nairne (1990-1988) في التذكر المتسلسل، وأوضح أن النسيان في الذاكرة الأولية أي قصيرة المدى راجع إلى التداخل والتشويش مع المعلومات الجديدة، نتيجة لتقاسم السمات مع سابقتها، وكلما زاد الاشتراك مع بعضهم البعض ازداد التداخل والتشويش.

ووحدها المعلومات التي حظيت بموارد انتباه كافية تعالج جيدا من أجل التشفير في الذاكرة الطويلة المدى، وفي دراسات أجريت لمعرفة قدرات الذاكرة مثل دراسة سيمون وریشمان Simon و Richman 1995 والتي دلت أن وحدات المعلومات المخزنة في الذاكرة النشطة غير محدودة، إلا المعلومات المكررة التي تكون أقل عددا.

وذهب كوون Cowan (2001) إلى إرجاع الأمر إلى الإنتباه، فليس كل معلومة تخضع للمعالجة المعرفية الكافية لتحويلها إلى الذاكرة بعيدة المدى، كما أن هناك معلومات نجحت بالتشفير ولكن تجد صعوبات حين استرجاعها.

وبالتالي العنصر المشوش يتداخل مع المعلومات أثناء معالجتها، إضافة إلى أنها لا تحضى بإنتباه كاف مما يؤدي إلى اضمحلالها وفقدانها.

أسباب النسيان

التغير في البناء المعرفي الإتجاه والميول : الذاكرة تتعرض للتشويش والنسيان بفعل البناء المعرفي واتجاهاتنا وميولاتنا وقت عملية التذكر، فإن حدث اكتساب طرق مختلفة للتفكير والفهم والمعتقدات والإتجاهات فمن المتوقع أن تعدل آثار تذكر المفاهيم والأحداث التي تعلموها. ويمكن اعتبار هذا التغير كعناصر متداخلة مع عناصر المفاهيم الأصلية في الذاكرة.

التغير في موقف التذكر : إذا تداخلت مفاهيم في موقف معين فقد يصعب علينا تذكرها في موقف مختلف بسبب علامات مشتتة وبسبب الموقف المشحون بعوامل القلق. 

الكبت : في معظم الأحيان لا نستطيع تذكر الأفكار التي تؤدي إلى الإضطراب الإنفعالي، ويرجع ذلك إلى ميكانيزمات الدفاع التي تحمينا من القلق والشعور بالذنب الناتج عن مثل هذه الأفكار، ولذلك يكون هناك استعداد لنسيان الخبرات المحرجة والمحزنة أكثر من استعدادنا لنسيان الخبرات السارة كونها تعرضت للكبت.

الإضمحلال : الذكريات تضمحل بالتدريج بسبب عدم استعمال الخلايا العصبية التي تضعف إذ لم تستخدم 

التوتر الزائد : يعطل الذاكرة بتدمير الأوعية الدموية التي تنتهي إلى المادة البيضاء.

المزاج (الإكتئاب) : يؤدي إلى صعوبة التركيز ، التفكير في التفاصيل، واستيعاب معلومات جديدة، يؤثر كذلك على النوم فالحرمان منه يؤدي إلى تعقيدات معرفية، كما أن الإكتئاب طويل المدى يمكن أن يؤدي إلى فقد خلايا عصبية في قرني أمون واللوزتين، وهي أبنية مهمة للذاكرة .

المكتئبين عادة لا يقومون باستراتيجيات التشفير والإسترجاع الفعالة، لأن الذاكرة متأثرة بإنفعالات المعلومات الأساسية للتذكر أي السلبية منها والتي تحمل مشاعر حزن والإكتئاب. 

بعد أحداث صعبة من الحياة، هناك صعوبة في تغيير الإنتباه عن التفكير السلبي الذي يقود لا محال إلى الإكتئاب، الذي له تأثير على الذاكرة النشطة، فهذه الذاكرة تتمثل في القدرة على الإسترجاع والتحكم في المعلومات طيلة فترة قصيرة، وهي متعلقة أيضا بالأفكار النشطة، فالأفراد اللذين يعانون من اكتئاب لديهم أفكار سلبية وصعوبة الإنتباه إلى أفكار أخرى

النوم : الأفراد الذين ينامون ساعات قليلة يكونوا أكثر عرضة للنسيان، وأن ست ساعات هي الحد الأدنى المطلوب لضمان أن يكون الشخص يقظا بدرجة كافية خلال اليوم، حيث يمكنه الإحتفاظ بذاكرة جيدة، فنقص النوم يؤثر على الذاكرة والفهم والإنتباه ويؤدي إلى الإنفعال السريع والكآبة.

إن النوم مفيد للذاكرة فعن طريقه يمكن إعادة تصور المعلومات التي تم مواجهتها، وهذا من خلال الدراسات التي اهتمت بالنشاط العقلي أثناء استرجاع الذاكرة أثناء فترة النوم التالية، حيث وجدوا أن المسارات العصبية النشطة أعيد تنشيطها أثناء النوم، ومن المعتقد أنها هي عملية الإندماج التي تحدث في الذاكرة، فاستعادة النشاط يقوي المسارات العصبية التي تحمل معلومات جديدة، وأن النوم كذلك يساعد بطريقة غير مباشرة في التقليل من مستوى هرمونات الضغوط النفسية.

العوامل العصبية المرتبطة بالمخ : إن أمراض الشريان التاجي، ارتفاع الكولسترول وارتفاع ضغط الدم، وداء السكري، اختلال الغدة الدرقية لها أضرار على المخ لما تحدثه من تغيرات هرمونية تقوم بتعطيل الذاكرة والقدرة على الإنتباه إضافة إلى الأمراض العصبية الأخرى مثل الزهايمر، السكتة الدماغية، إلتهاب الدماغ، باركنسون، الصرع، التصلب المتعدد، لها أثر عصبي وهرموني في المخ.

اضطراب الضغوط التالية ما بعد الصدمة : وهي حالة تتصف بحدوث ذكريات ضاغطة لحادث الصدمة، تتميز بأنها تتداخل مع عملية اكتساب معلومات جديدة، وأن الضغط النفسي المستمر يؤدي إلى إفراز هرمون الكورتيزول الذي يدمر أغشية المخ المهمة لعملية التذكر. كما أظهرت تجارب أن مستويات مرتفعة من الكورتيزول تؤدي إلى مشكلات في الذاكرة لأشخاص لم يصابوا باضطرابات تالية ما بعد الصدمة، ولكن تم حقنهم بهذا الهرمون، لمدة أربعة أيام، وبمجرد إنهاء مفعول هذه المادة عادت وظائف الذاكرة إلى طبيعتها

الضغوط النفسية : إن الضغوط تتوقف أساسا على درجة الإستجابة لها، وليس على كميتها، وكل شخص يتعامل مع الضغوط الواقعة عليه بشكل مختلف عن الآخرين، وأن الإستجابة للضغوط الشديدة تدفع إلى إفراز الكوريتزول مما يؤدي إلى تشويش الذاكرة، وبالرغم من أن الآثار قصيرة الأجل، ولكن مدة استغراق الضغوط المرتفعة لإحداث عجز مستمر للذاكرة، كما يمكن للشخص السيطرة على ما يحدثه الضغط النفسي للذاكرة بمحاولة العثور على طرق تعديل للإستجابة لأحداث الحياة الضاغطة، وإيجاد طرق فعالة يستطيع بها السيطرة على ما يواجهه من ضغوط.

وهناك دراسات تشير إلى أن الإنفعال السلبي يزيد من تركيز مادة catecholamine في الدم، فالذاكرة التي تحوي على الأحداث المتشائمة تحرض هذا الانفعال فهي تنسى، وهذا الهرمون المفرز سيرتفع ما يضر بوظائف قرن آمون.

فالحدث المسبب للإضطراب تتوجه كل موارد الإنتباه نحوه، وعند إفراز هذا الهرمون تمحى كل الذكريات الخاصة بالحدث من الذاكرة، فتصبح موارد الإنتباه محدودة فلا يستطيع الفرد معالجة المعلومات الخاصة بالحدث.

تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -