الطمأنينة النفسية
مفهوم الطمأنينة النفسية
تعددت الترجمات لمفهوم الطمأنينة النفسية فيطلق عليه الأمن النفسى و الأمن الانفعالي أو السلم الشخصي. والطمأنينة النفسية تنبع من شعور الفرد بأنه يستطيع الإبقاء على علاقات مشبعة ومتزنة مع الناس ذوي الأهمية الانفعالية في حياته.وتعرف الطمأنينة النفسية على أنها عدم الخوف والشعور بالاطمئنان والحب والقبول والاستقرار والانتماء والإحساس بالحماية والرعاية والدعم والسند عند مواجهة المواقف مع القدر على مواجهة المفاجآت، وإشباع الحاجات.
كما تعرف بأنها الأمن الشخصي، حيث يكون إشباع الحاجات مضموناً وغير معرض للخطر.
والطمأنينة النفسية هي شعور مركب يحمل في طياته شعور الفرد بالسعادة والرضا عن حياته بما يحقق له الشعور بالسلامة والاطمئنان، وأنه محبوب ومتقبل من الآخرين بما يمكنه من تحقيق قدر أكبر من الانتماء للآخرين، مع إدراكه لاهتمام الآخرين به وثقتهم فيه حتى يستشعر قدراً كبيراً من الدفء والمودة ويجعله في حالة من الهدوء والاستقرار، ويضمن له قدراً من الثبات الانفعالي والتقبل الذاتي واحترام الذات، ومن ثم إلى توقع حدوث الأحسن في الحياة مع إمكانية تحقيق رغباته في المستقبل بعيداً عن خطر الإصابة باضطرابات نفسية أو صراعات أو أي خطر يهدد أمنه واستقراره في الحياة
ويذهب البعض إلى أن الطمأنينة النفسية يقصد بها شعور الفرد بالقدرة على ارتياد المخاطر بدون الخوف من العواقب والنتائج المترتبة.
إن الطمأنينة النفسية هي حالة نفسية يشعر الفرد من خلالها بالطمأنينة والأمان والراحة النفسية والاستقرار، وإشباع معظم حاجاته ومطالبة، وعدم الشعور بالخوف أو الخطر، والقدرة على المواجهة دون حدوث أي اضطراب أو خلل.
كم تعرف الطمأنينة النفسية بأنها شعور الفرد بالسلام الداخلي وهدوء القلب وراحة البال والصفاء وعدم الخوف والقلق؛ لأنه يعرف أن ما يحدث له في الحياة خيراً كان أم شراً فإنه بترتيب من عند الله تعالى.
ويذهب Rubin Weiss & Coll إلى أن الطمأنينة النفسية تعني شعور الفرد بالإيجابية تجاه حياته ، والكفاءة في إدارة بيئته، وتحقيق الأهداف الشخصية وفقاً لقدراته، والإحساس بالمعنى والهدف من الحياة، والاتجاه الإيجابي نحو ذاته وتقبلها.
وقد أشار ماسلو إلى أنه للطمأنينة النفسية تتحقق من خلال اشباع حاجات هي :
الحاجة إلى الطمأنينة : وهي حاجة الفرد للحماية من الخطر والتهديد والمعاناة الاقتصادية. ب. الحاجة إلى النظام وهي الحاجة إلى ضوابط وقواعد للسلوك والعلاقات وكذلك وضع الأشياء في ترتيب ونظام ونظافة وكذلك الحاجة إلى القانون.
الحاجة إلى الاستقرار : وهي توفير جو أسرى آمن وهادئ من الشقاق الأسرى والانفصال والطلاق.
الحاجة إلى الاستقلالية : أى إعطاء الفرد فرصة لاتخاذ القرارات وتحمل المسئولية والشعور بالثقة.
الحاجة إلى التخفيف من الألم الجسمي والنفسي والهرب من المواقف الخطرة وتجنب الاعتداء الجسمي والجنسي وتجنب الذل والسخرية من الآخرين
ويؤدى عدم إشباع الطمأنينة النفسية (الأمن النفسي) إلى أعراض مرضية نذكر منها :
- شعور الفرد بأنه غير محبوب.
- شعور الفرد بالتهديد والخطر، وعدم الأمن والسلامة.
- إدراك الفرد للحياة بوصفها خطراً.
- شعور الفرد نحو الآخرين بأنهم عدوانيين وأشرار .
- شعور الفرد بعدم الثقة والاطمئنان للآخرين والحسد والغيرة تجاههم.
- ميل الفرد للتشاؤم وتوقع السوء .
- ميل الفرد لعدم الرضا والشعور بالتعاسة
- الشعور بالإجهاد والصراع وانعدام الثبات الانفعالي الذي يبدو في الإعياء وسرعة التهيج واضطراب المعدة ، وغير ذلك من الأعراض السيكوسوماتية
- رغبة الفرد في تحقيق الأمن النفسي والسعي المتواصل إلى بلوغها ، ويسلك في ذلك المسالك العصابية مثل الكف واللجوء إلى مواقف دفاعية، والميول الهروبية والأهداف الزائفة
أبعاد الطمأنينة النفسية
وحينما نفحص البنية التكوينية للطمأنينة النفسية سنجد أن ماسلو أشار إلى ثلاثة مكونات رئيسية للأمن النفسي وهي :- الشعور بالحب والقبول من الآخرين
- الشعور بالانتماء والمكانة في الجماعة
- الشعور بالأمن والبعد عن الخطر
ويشير ماسلو إلى أن تلك المكونات أو الأبعاد الثلاثة ينتج عنها عددًا من المظاهر التي تمثل الأمن النفسي في مقابل فقدان الأمن النفسي
مظاهر تحقيق الطمأنينة النفسية
- إدراك الفرد الحياة بوصفها سارة ودافئة.
- إدراك الفرد للآخرين بوصفهم ودودين وأخيار.
- الثقة بالآخرين وحبهم.
- التفاؤل وتوقع الخير.
- الشعور بالسعادة والرضا عن النفس.
- الشعور بالهدوء والاستقرار الانفعالي والخلو من الصراعات
- الميل إلى الانطلاق والتحرر والتمركز حول الآخرين.
- تقبل الذات والتسامح معها والثقة بالنفس.
- الشعور بالكفاءة والاقتدار والقدرة على حل المشكلات.
- الخلو النسبي من الاضطرابات العصابية والذهنية.
- الاهتمامات الاجتماعية ( التعاون – اللطف - التعاطف ... ).
مظاهر فقدان الطمأنينة النفسية
- شعور الفرد بالتهديد أو الخطر أو القلق
- إدراك أن الأفراد أنانيين ، عدوانين ، أشرار الشعور بفقدان
- الثقة بالآخرين أو الحسد أو الغيرة أو الكراهية نحوهم .
- التشاؤم واليأس
- الشعور بالشقاء والتعاسة
- الشعور بالتوتر والإجهاد والصراع والقلق وعدم الاتزان الانفعالي
- الميل إلى كثرة الاستبطان والتمركز حول الذات
- الشعور بالذنب والخزي وتحقير الذات والميل إلى القنوط
- فقدان الثقة بالنفس والشعور بالنقص وقلة الحيلة
- اللجوء إلى ميكانيزمات دفاعية ( الكبت ، التبرير ، الإسقاط ) لتحقيق الطمأنينة الميول الأنانية والفردية والتمركز حول الذات
وباستقراء المظاهر السابقة نجدها تنظر إلى الطمأنينة النفسية من خلال نظرة ثنائية القطب.
مصادر الطمأنينة النفسية
يمكن تلخيص بعض مصادر الشعور بالأمن النفسي التي أشارت إليها الدراسات فيما يلي :
- تبني الإنسان للقيم الدينية وإيمانه العميق والراسخ يحميه من الشعور بعدم الطمأنينة النفسية
- شعور الفرد بأنه شخص محبوب ومتقبل من قبل المحيطين به.
- إشباع الحاجات الأولية والثانوية من قبل الأسرة.
- التنشئة الوالدية السليمة.
- الحصول على قسط وافر من التعليم يتيح للفرد مكانة اجتماعية جيدة، توفر له سبل العيش الكريم.
- تحقيق الأهداف في الحياة.
- الاستقرار الأسري والمجتمعي.
- الشعور بالولاء والانتماء لأسرة والوطن
العوامل المؤثرة في الطمأنينة النفسية
نذكر منها :
- الإيمان بالله والتمسك بتعاليم الدين حيث يجعل الإنسان في مأمن من الخوف والقلق.
- التنشئة الاجتماعية : فأساليب التنشئة الاجتماعية السوية مثل التسامح والتقبل والتعاون والاحترام تنمي الإحساس بالأمن النفسي.
- المساندة الاجتماعية : فعندما يشعر الفرد أن هناك من يشد أزره ويقف بجانبه ويساعد في اجتياز المحن والصعاب والعقبات ينمو لديه الإحساس بالأمن.
- المرونة الفكرية : يرتبط الإحساس بالأمن إيجاباً بالتفكير والمرونة الفكرية وذلك في إطار المبادئ والقوانين وما يقره المجتمع والدين.
- الصحة الجسمية : إن الصحة الجسمية ترتبط إيجاباً بالأمن حيث الإحساس بالقوة والقدرة على التحمل والمواجهة والتعاطي مع الأحداث بصبر ومثابرة ومقاومة.
- الصحة النفسية : تقوي الصحة النفسية والتمتع بها مع الإحساس بالأمن لدى الإنسان حيث التوافق مع النفس والمجتمع، والثقة بالنفس والأفكار الإبداعية والمبتكرة والنضج الانفعالي، والاستمتاع بالحياة بكافة مظاهرها.
- العوامل الاقتصادية : فالدخل المادي للأفراد يحقق إشباع الحاجات والدوافع ويلبي الاحتياجات المادية والجسدية ويؤمن القوت وضرورات الحياة، كما أن الدخل الاقتصادي يجعل الفرد أمن على يومه وغده وحاضره ومستقبله ومستقبل أولاده.
- الاستقرار الأسري والاجتماعي : فالاستقرار الأسري والاجتماعي يجعل الإنسان أكثر إحساساً بالأمن.
النظريات المفسرة للطمأنينة النفسية
تعددت النظريات المفسرة للطمأنينة ونذكر منها نظرية ماسلو للحاجات الإنسانية :
ذكر Maslow الحاجة إلى الأمن عندما وضع نظاماً هرمياً للحاجات يقوم على أساس أن الحاجات تنتظم في تدرج من الأولوية والقوة، فبمجرد إشباع الحاجات في مستوى ما فإن الحاجات الموجودة في المستوى التالي تظهر مباشرة ويكون لها الأولوية في الإشباع ، وتحتل الحاجة إلى الأمن المرتبة الثانية من حيث الأهمية، فالحاجات الأولى التي يجب إشباعها هي الحاجات الفسيولوجية التي تمثل قاعدة هذا الهرم، ويتبعها الحاجة للأمن ، ثم الحاجة للانتماء والحب، فالحاجة لتقدير الذات، والحاجة لتحقيق الذات.
وتمثل الحاجة إلى الأمن أهمية كبيرة في تحقيق النمو السليم للفرد، حيث يرى ماسلو أن توافق الفرد خلال مراحل نموه المختلفة يتوقف على مدى شعوره بالأمن في طفولته. ذلك أن شعور الطفل بالأمن يجعله ينتمي إلى بيئته ويتقبل ذاته ويكون مفهوم موجب وعلى العكس من ذلك فإن فقدانه للشعور بالأمن يؤدي إلى سوء توافقه النفسي والاجتماعي.
ويتحقق الشعور بالأمن في ظل أساليب التنشئة الاجتماعية القائمة على الدفء والحنان وإشعار الطفل بأنه مرغوب فيه، في حين أن الحرمان من العطف الأبوي وأساليب الرعاية والتربية القائمة على الرفض أو النبذ أو الإهمال هي مصادر أساسية لفقدان الشعور بالأمن
للذات .
معوقات الطمأنينة النفسية
إن انعدام الشعور بالطمأنينة قد يكون سبباً في حدوث الاضطرابات النفسية، أو قيام الفرد بسلوك عدواني تجاه مصادر إحباط حاجته إلى الأمن وقيامه باتخاذ أنماط سلوكية غير سوية من أجل الحصول على الأمن الذي يفتقر إليه أو الانطواء على النفس من أجل المحافظة على أمنه، وأن تأثير انعدام الأمن يختلف من فرد إلى آخر ومن مرحلة عمرية إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر .
ومن الأسباب التي تهدد الطمأنينة النفسية ، هي :
أ- الخطر أو التهديد بالخطر، مما يثير الخوف والقلق لدى الفرد ويجعله أكثر حاجة إلى الشعور بالأمن من جانبه، ومن جانب - الأمراض الخطيرة مثل السرطان وأمراض القلب وما يصاحبها في كثير من الأحيان – توتر وقلق مرتفع واكتئاب وشعور عام بعدم الأمن .
ب - عوامل جسمية واجتماعية و نفسية : للفرد حاجات لا بد من إشباعها ليكون متوافقاً إلا أن إشباعها لا بد أن يكون بصورة اجتماعية. ولا شك في أن الظروف الاجتماعية والأسرية السيئة كالتفكك الأسري والظروف الاقتصادية السيئة والتغيرات السريعة تمثل عوامل لسوء التوافق، كما قد يلجأ بعض الأشخاص إلى اتخاذ الحلول الوسطية وسيلة التوافق.