مربع البحث

التعامل مع قلق المستقبل

التعامل مع قلق المستقبل





لقد أشارت العديد من الدراسات العلمية إلى تأثير القلق على صحة الفرد ومعاناته اليومية، وتخوفه من المستقبل، وارتباطه بضعف الكفاءة والاعتقاد بالأفكار السلبية، والانهيار العصبي، والإصابة بالأمراض الجسمية ذات المنشأ النفسي .


قلق المستقبل أحد القوى التي تساهم في بناء أو هدم شخصية الفرد خلال حياته، لأن الأفراد يعيشون اليوم في عالم سمته التغيير السريع، حيث يشهد العالم الكثير من التغيرات العلمية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وصعوبة تحقيق الرغبات الذاتية وكثرة إغراءات الحياة، مما يولد لديهم الخوف والقلق على مستقبلهم.


ومن بين الآثار السلبية لقلق المستقبل :
  • التفكير في المستقبل المجهول له أكبر الأثر على صحة الفرد سواء من الناحية العقلية الجسمية أم النفسية أو السلوكية، بسبب التفكير السلبي والتشاؤمي نحو الذات ونحو المستقبل.
  • قد يدفع قلق المستقبل الفرد إلى العزلة الاجتماعية والتشاؤم المبالغ فيه وعدم الثقة التي تصل إلى درجة الشك والسخرية من دوافع الآخرين، وإدراك المجتمع على أنه ملئ بالناس غير الموثوق فيهم.
  • قلق المستقبل يؤثر على قرارات الأفراد المستقبلة، فينجم عنه السلوك المضطرب كالشعور بالعجز والانسحاب والسلبية وعدم القدرة على مواجهة المستقبل والخوف من التغيرات الاجتماعية والسياسية المتوقعة.
  • عدم ثقة الفرد فى قدراته وإرجاع ما يحدث إلى مواقف غير سارة وإلى عوامل خارجية وقد يلجأ إلى المعتقدات الخرافية فى خفض التوتر وإحساس الفرد بالأمان والاطمئنان.
  • عدم وجود معنى وهدف للشخص القلق، وفقدان الثقة فى المستقبل، لوجود ما يخشى عليه مستقبلاً .
  • الخوف من المستقبل يمكن أن يحاصر الإنسان بالتوجس والإنفعال والهم حتى يخنقه إذا فشل فى المقاومة وفك الحصار.



طرق التعامل مع قلق المستقبل

يؤثر قلق المستقبل بشكل كبير على صحة الفرد وفاعليته، لما له من أضرار نفسية وجسمية ،مما يستدعي مواجهته ومعالجته معاً، فلا بد من إيجاد أساليب وطرق تهدف إلى التخلص من هذا القلق والحد منه .

وقد قدم ميكينيوم تدريب التحسين التدريجي ضد الضغوط، واستخدام تعليمات تجريبية تتمثل في الحديث الذاتي، على افتراض أن الأشياء التي يقولها الناس لأنفسهم تحدد الأشياء التي يفعلونها، إلا أن مثل هذه الأحاديث لا تظهر بشكل مباشر في حالة تناول الضغوط و مواجهتها ، وإنما يشير الأمر إلى الكيفية التي يتعامل بها الفرد مع الضغوطات، فإذا كانت الأحاديث التي يوجهها الفرد لنفسه إيجابية انخفض معها معدل القلق والعكس صحيح، كلما كانت الأحاديث الذاتية سلبية ازداد معدل القلق . وتوجد عدة طرق للحد من قلق المستقبل، من بينها :

إعادة التنظيم المعرفي

إن هذا النوع قائم على استبدال الأفكار السلبية بأخرى إيجابية، وبدل توقع السلبيات نتوقع الإيجابيات، فالهدف الأساسي من طريقة التنظيم المعرفي هو تعديل أنماط التفكير السلبي وإحلال الأفكار الإيجابية المتفائلة بدلاعنها.
 
هذه الطريقة قائمة على استبدال الأفكار السلبية بأفكار إيجابية، فعند التفكير السلبي في الأشياء التي تثير القلق و المخاوف لماذا لا يتم التفكير بعد ذلك مباشرة في العكس أي توقع الإيجابيات بدل السلبيات، وهذه الإعادة في تنظيم التفكير واستبدال النتائج الإيجابية المتوقعة لتحل محل النتائج السلبية المقلقة هي التنظيم المعرفي للإنسان السوي الذي لا بُد له أن يتوقع النّجاح تماماً كما يتوقع الفشل ..

فالهدف الأساسي من طريقة إعادة التنظيم المعرفي هو تعديل أنماط التفكير السلبي وإحلال الأفكار الإيجابية المتفائلة مكانها. ومحاولة الحصول على نتائج إيجابية في التخلص من القلق والخوفِّ من المستقبل باستخدام العلاج السلوكي وحده هي عملية بطيئة إلى حدٍ ما، تحتاج إلى فترة زمنية قد تطول إلى أن ينتهي الفرد من التغلب على مخاوفه تماما

إزالة المخاوف تدريجيا 

فلو أن إنسانا يخاف من شيء ما، فيقول أنه سيحدث ولو حدث سيؤدي إلى آثار وخيمة، فليتخيل هذا الشيء الذي يخشاه قد يحدث فعلا، ثم يقوم باسترخاء عميقٍ لعضلّاته بطريقة فعالة من خلال عملية الاسترخاء العميق للعضلات ، وأغلب المصابين بالقلق يعجزون عن الاسترخاء بطريقة فعالة، بل يحتاجون إلى ساعات طويلة الاخضاع عضلاتهم للاسترخاء، وبعد الاسترخاء يستلزم إحضار صورة بصرية حية لمخاوفهم التي تقلقهم من المستقبل، والاحتفاظ بهذه الصورة لمدة 15 ثانية فقط بتكرار ما سبق أكثر من مرة، مؤكداً على مواجهة تلك المخاوف حتى لو حدثت، إلى أن يتمكن الشخص من مواجهة الأشياء التي تثير قلقه دون أن يشعر بالقلق، بل يتخيلها أثناء الشعور بذلك.

الإغراق

وهو أسلوب علاجي لمواجهة المخاوف في الخيال دون الاستعانة بالتنفس والاسترخاء، فالمصاب بالقلق من المستقبل يتخيل الحد الأقصى من المخاوف أمامه، ويتخيل فيه المخاوف لفت ارت طويلة حتى يتكيف معها تماماً، ويستمر هذا التصور إلى أن يشعر بأنّ تك ارر مشاهدة الحد الأقصى من المخاوف أمام عينه أصبح لا يثيره ولا تقلقه، لأنه اعتاد على تصورها، وهكذا يكون الشخص قد تعلم ذهنياً كيف يواجه أسوأ تقدي ارت الخوف والقلق، ويتعامل معها في الخيال، ويكون مؤهلاً لمواجهتها لو حدثت في الواقع.

وقد ظهرت حديثاً العديد من البرامج التي استخدمت كأسلوب متبع في التخفيف من قلق المستقبل، نذكر منها البرنامج الإرشادي الانتقائي لخفض قلق المستقبل لدى عينة من الرياضيين ، حيث يتم من خلال هذا الأسلوب العمل على تغيير السلوكيات السلبية إلى سلوكيات أكثر إيجابية، و تغيير المشاعر السلبية إلى إيجابية، وتغيير الصور العقلية السلبية للذات إلى صور إيجابية، وتصحيح الأفكار الخاطئة، ومن أهم فنيات الإرشاد الانتقائي أسلوب الانطفاء والغمر، والتعزيز بنوعيه الإيجابي والسلبي، والعقاب لتحسين الجوانب السلوكية، و التنفيس الانفعالي والاسترخاء لتحسين الجوانب الوجدانية، و زيادة الوعي وإدراك الذات، من خلال مساعدة الشخص القلق على إد ارك الأحداث السابقة وعلاقتها بالسلوكيات الحالية.


تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -