أنموذج برونر لاكتساب المفاهيم

أنموذج برونر لاكتساب المفاهيم





يبدأ الطفل تعلمه منذ الولادة، لكن هذا التعلم يتم بشكل مستمر، يبدو في غاية الصـعوبة والتعقيـد. لكـن الإنسـان لحسـن حظـه يسـتطيع تعمـيم مـا يتعلمه في أوضاع جزئية محددة، ولولا قدرته هذه لأصـبح تعلـم المفـاهيم مـنالمستحيل.

إن الأمانة والإخـلاص والعلـم والمنـزل والسـيارة والديمقراطيـة والاشـتراكية والمجتمع والمنـاهج والحاسـوب وغيرهـا هـي أمثلـة عـلى مفـاهيم يتعـرض لهـا المتعلم خلال حجرة الدراسـة، وهـذه المفـاهيم منهـا مـا هـو غـامض كالعدالـة والحرية والديمقراطية، ومنها ما هـو محـدد وواضـح مثـل كتـاب، سـيارة، قلـم، منزل.

لكن هذه المفاهيم النسبية تأخذ بالتطور والتغيير المسـتمر عـبر الخـبرات الجديدة التي يواجهها المتعلم بحيث يغدو أكثر دقة ووضوحاً وشمولاً. و عندما يـتعلم المــتعلم مفهومـاً مــا، فإنــه يسـتطيع تبعــاً لهــذا المفهـوم أن يعمــم عــلى المفاهيم الأخرى، ويعرف صفات المفهوم ويميـز بـين الأمثلـة المنتميـة للمفهـوم والغير منتمية له، ويحل مشـكلات تتعلـق بـالمفهوم، كـأن يـتعلم مفهـوم كـرة، وعليه أن يضع الكرة على الأرض كي لا يتدحرج.

هذا ويعتني التعليم المدرسي جزءً كبيراً منه في تعليم المفاهيم وتطويرهـا، كون المفاهيم تشكل قاعدة ضـرورية للسلوك المعرفي.

وقـد قـام عـالم الـنفس الأمـيركي جـيروم برونـر Jerome Bruner بوضـع أنموذج لإكساب المفهوم، هو نموذج مصـمم بالدرجـة الأولى للتعليـل الاسـتقرائي ولتطوير المفاهيم وتحليلها، ويقـوم هـذا النمـوذج عـلى الـتعلم الاستكشـافي. و يعرف برونر المفهوم بأنه مجموعة من المصـطلحات التـي يسـتخدمها العـالم أو الباحث في بحثه كعناوين يشير كل منها إلى مجموعة من الوقائع أو الظواهر أو العلاقات الواقعة في مجال بحثـه. و أي مفهـوم ليـتم اكتسـابه لا بـد مـن تـوفر عناصـر عدة أهمها :
  • اسم المفهوم (صنف ينتمي إليه المفهوم).
  • أمثلة ولا أمثلة للمفهوم.
  • السمات الأساسية والحرجة (العلائقية والاعلائقية).
  • درجة السمة (عدد العناصـر المألوفة والممثلة للمفهوم).

ان عمليــة إكســاب المفهــوم بشــكل أســاسي هــي عمليــة وضــع فرضــياتواختبارها عند إعطاء قائمة أو مجموعه من الأشياء ثم نسأل هل هـذا ينتمـي؟، وهل هذا لا ينتمي؟. و عند الجواب نعم هذا ينتمي لان فيه صـفة كـذا وكـذا،فيضع المتعلم فرضية. أن هذا الأنموذج يساعدنا في تقرير فـيما إذا كـان أنمـوذج إكساب المفهوم مناسبا لتعليم مادة ما، أو تطوير مهارات التفكير لـدى الطلبـة، وذلك من خلال الأسئلة الآتية :

  • هل يواجه الطلبة صعوبة في العلاقات بين الأفكار والأشياء؟
  • هل تصنف الأشياء عنصـراً هاماً من عناصـر الوحدة التعليمية؟
  • هل نجد أن الطلبة يواجهون صعوبة " التفكير بصوت عـالٍ) عنـد حـل المشكلة؟
  • هل يحتاج الطلبة لفرص أكبر للعمل مع الآخرين؟
  • هل يحتاج الطلبة للممارسة والمرونة عند استخدام مفاهيم مألوفة؟



تعريف المفهوم

عنــد وقوفنــا عــلى المفهــوم، نجــد أن هنــاك تعريفــات كثــيرة مختلفــة وعديدة

التعريــف المنطقــي للمفهــوم :
يوجــد في المنطــق مــا يســمى المفهــوم ويوجــد أيضــاً مــا يســمى الماصــدق أو الشــمول. ويعتقــد بعــض المناطقــة أن اســـم المعنـــى يكـــون المفهـــوم واســـم الـــذات الـــذي يكـــون الماصـــدق أو أن المفهــوم هــو الصــفات التــي تفهــم مــن التصــور مثــل الإنســانية والحيوانيــة. و الماصــدق هــو الأفــراد الــذين يصــدق علــيهم ُّ التصــور مثــل لفظــة إنســان التــي تصدق عـلى خالـد ومحمـود وعـلي، حيـث يعـبر عـن المفهـوم بـالتعريف. فـإذا قلنــا:الإنســان فــانٍ، فــإن هــذا يعنــي أن مــن صــفات الإنســان أنــه فــانٍ، وفــانٍ هنــا مــن المفــاهيم. كــما يعــبر عــن الماصــدق بالتصــنيف، فــإذا قلنــا الإنســان أحــد الفــانيين، فــإن هــذا يعنــي أن الإنســان يصــنف مــن الفــانيين وهكــذا. فالإنسان هنا من الماصدقات  

تعريــف المفهــوم : 
هــو تصــور عقــلي ينشــئه الــذهن عنــدما يتعامــل مــع مجموعــة مــن الوحــدات المشــتركة فــيما بيــنهما بخصــائص رئيســية تجعــل منهــا مجموعــة واحــدة، يطلــق عليهــا اســم يــدل عليهــا جميعــاً حتــى ولــو اختلفت في خصائص ثانوية.

مكونات المفهوم

عنــدما نخطــط لتعلــيم مفــاهيم جديــدة، لا بــد مــن أن نحــدد مكونــات لهـــذا الـــتعلم، والتـــي تحـــدد بســـمات تـــرتبط بهـــا قواعـــد يرتبطـــان معـــاً ويسيران بنفس الإتجاه

- الســــمات : تشــــير إلى المظــــاهر أو الصــــفات العلائقيــــة للمفهــــوم، فالمفــاهيم تتبــاين عــادةً مــن حيــث الســمات. فمفهــوم مثلــث مــثلاً يتضــمن ســمة علائقيــة واحــدة، هــي التثليــث. أمــا حجمــه ولونــه وزوايــاه وقياســه. . . الــخ هــي صــفات لا علائقيــة. غــير أن مفهــوم " المثلــث متســاوي الأضــلاع " ينطــوي عــلى صــفتين علائقيتــين هــما:التثليــث وتســاوي الأضــلاع، في حــين تعــد الصـــفات الأخـــرى كـــالحجم واللـــون وطـــول الأضـــلاع أو قياســـها مـــثلاً هـــي صــفات لا علائقيــة. فــالشيء المهــم هنــا هــو توجيــه المــتعلم إلى تمييــز الصــفات العلائقية وتجاهل اللاعلائقية.

- القواعـــد : فتشـــير إلى الطــــرائق التـــي بواســـطتها تـــنظم الســـمات العلائقيــة، فكــرة الســلة مــثلاً هــي شيء كــروي لــه تكــوين وحجــم ووزن معــين يســـتخدم في أغـــراض لعبـــة معينـــة. هنـــا نجـــد أن القاعـــدة التـــي تـــرتبط الســمات وفقهــا هــي مــن نــوع علاقــات الوصــل أو الاقــتران Conjunction أي يجــب اقــتران هــذه الصــفات مــع بعضــها لتشــكيل مفهــوم "كــرة الســلة"، وأن حــرف العطــف في اللغــة، أو التضــايق في المنطــق يقــوم بهــذه المهمــة وهــو نــد الــواو. و كــذلك مفهــوم المــواطن الأردني وهــو مــن يولــد في المملكــة الأردنيــة الهاشــمية، أو مــن يولــد في الخــارج لأبــوين أردنيــين، أو مــن يعــيش داخـــل الأردن لفـــترةٍ طويلـــة، أو أحـــد المـــواطنين الأقطـــار العربيـــة الـــذين يطلبــون الجنســية الأردنيــة. أن القاعــدة هنــا هــي مــن نــوع علاقــات الفصــل أو اللاإقتران Disjunctions كما يكشف عنها حرف العطف " أو".

مراحل اكتساب المفهوم

يحــدد برونــر ثــلاث مراحــل لإكســاب المفهــوم، وهــذه المراحــل مقســمه على النحو الآتي :

المرحلــة الأولى :
عــرض البيانــات وتحديــد المفهــوم، ويــتم في هــذه المرحلــة ما يلي :
  • - يقدم المعلم أمثلة ذات علاقة بالمفهوم.
  • - يقارن الطلاب بين الأمثلة الإيجابية والسلبية.
  • - يولد الطلاب فرضيات ويختبرونها.
  • - يضع الطلاب تعريف بناءً على السمات الأساسية.

المرحلة الثانية :
اختبار تحصيل المفهوم، ويتم في هذه المرحلة ما يلي :
  • - يعطي المعلم أمثلة إضافية للطلبة، وهم يقولون (نعم، لا).
  • - يؤكــد المعلــم الفرضــيات، واســم المفهــوم، ويعيــد تعريــف المفهــوم بناءً على السمات الأساسية.
  • - يعطي الطلاب أمثلة.

المرحلــة الثالثــة :
تحليــل إســتراتيجيات التفكــير، ويــتم في هــذه المرحلــة مــا يلي :
  • - يضع الطلاب الأفكار.
  • - يناقش الطلاب الفرضيات والسمات.
  • - يناقش الطلاب نوع وعدد الاستراتيجيات المتبعة.


ويمكن لنا عرض هذه المراحل في المثال الآتي :
المرحلـــه الأولى : يقـــدم المعلـــم أمثلـــة ذات علاقـــة بـــالمفهوم ولا علاقـــة لهــا، ويقــارن بيــنهما، كــان يقــدم (قــط / كلــب / شــجرة / أســد / ملعقــة / قلــم / خــروف) ثــم يســال الطلبــة إذا كــان أي مــن أفــراد القائمــة مثــال ولا مثــال عــلى المفهــوم الــذي يفكــر فيــه، ذلــك بالإجابــة (نعــم، لا). (قــط = نعــم / كلـــب = نعـــم / شـــجرة = لا / أســـد = نعـــم / ملعقـــة = لا / قلـــم = لا / خــروف = نعــم) ثــم يقــارن بــين المثــال واللامثــال وتحديــد الصــفات المشــتركة (قط – كلب - أسد- خروف).

المرحلــة الثانيــة : يعطــي المعلــم أمثلــة جديــدة للطلبــة ويحكــم الطلبــة عــلى أنهــا مثــال أو لا مثــال:(تمســاح = نعــم / طاولــه = لا / بــاص = لا / فيــل = نعــم / دب = نعــم / ســكين = لا) ثــم يعطــي الطلبــة أمثلــة عــلى المفهــوم من خلال خبراتهم مثل (ضفدع، حصان، بقرة، ذئب، دجاجة)

المرحلــة ثالثــة : يصــف الطالــب الأفكــار وينــاقش الفرضــيات، فيعطــي المعلـم (جمــل) ويطلـب مــن الطلبـة الحكــم عليهـا إذا كانــت ضـمن المفهــوم، مــع بيــان الســبب، فيجيــب الطلبــة نعــم أنهــا حيوانــات لان فيهــا صــفات مشــتركة (كــائن حــي يتــنفس، ويتحــرك، ويأكــل، ويشـــرب، ولــه أربــع أرجــل). و المعلــم يؤكــد هنــا الفرضــية ويســمي المفهــوم (الحيوانــات) وبنــاءً عــلى النتائج يتوصل الطلبة للمفهوم.
Mohammed
Mohammed