مربع البحث

التوجهات النفسية في التدريس

التوجهات النفسية في التدريس





لكل شخصٍ منا نظرته وطـريقته الخاصة في رؤيـة الأشـياء، وهـي مـزيجمن قيمنا وإتجاهاتنا ومعتقداتنا. و هذه َّ النظـرة تسـاعدنا في تنظـيم وفهـم مـا يجري من حولنا، والتي تتشكل من خلفيتنا وخبراتنا وثقافتنا.

تماماً عندما نتأمل موقف أربع علماء نفس يلاحظون طفلاً ويجرون معـه مقابلة، فالطفل عدواني الى حدٍ ما، ولكـل عـالم مـن علـماء الـنفس فرصـة في أن يجري مقابلة شخصية مع الطفل ويوصي بالعلاج المناسب له. فالأول من علـماء النفس يأتي الى مقابلة الطفـل بخلفيـة فريدويـة، إذ أن فرويـد يـرى أن طبيعـة الإنسان تراكمات من العقد والمشكلات، وينظر الى مشكلات الطفـل مـن سـياق خبرات الطفل المبكرة، ويوصي بأن توضع عقد الماضي وإندماج شخصية الطل في شخصيات الآخرين موضـع الفحـص والتحليـل. و عـالم نفـس آخـر يـأتي بقابلـة الطفل من منظور إجتماعي أو أسـري، ولذلك فإنه ينظر إلى مشـكلة الطفلفـس سياق الوضع الأسـري القائم، ويوصي بعلاج يتم من خلال الأسـرة يشارك الأبوان فيه في جلسات العلاج. 

أما عالم النفس الثالـث فإنـه إنسـاني، ولـذلك فإنـه بعـد الحديث الى الطفل يوصي بـأن يركـز علاجـه عـلى إهتمامـات الطفـل ومشـاعره ويقترح حواً للعلاج تناقش فيه هذه الإهتامات والمشاعر مع الطفل. و أخيراً فإن عام النفس الرابع سلوكي، إنه يقترح أن تضبط البيئـة التـي يعـيش فيهـا الطفـل وتنظم حتى يمكن إقتلاع أنواع من السلوك السلبي وتدعم الأنواع الإيجابية مـن السلوك للطفل.

والمدرسون – مثلهم كمثل علماء النفس – لهم توجهات التـي تـؤثر عـلى الطـريقة التي يرون بها الأطفال وعلى الأسـلوب الـذي يعملـون بـه معهـم،  فالتوجه هو موقف أساسي نحو التدريس والتعليم، وهذا يتضـمن عـددا من الأبعاد على كل من المستويات المختلفة للتوجهات، وتشمل هذه الأبعاد مـا يلي :

  1. الافتراضات الأساسية  للنظرية
  2. النتائج المترتبة على هذه الافتراضات
  3. نظرته / تعريفه للتدريس
  4. أعلامه.
  5. مفاهيمه الأساسية.
  6. وحدة التعلم الأساسية التي يهتمون بتعليمها.
  7. دور المتعلم وفق توجهاتهم، ودور المعلم.
  8. التطبيقات التربوية للتوجه.



ويمكن تحديد هذه التوجهات أو النظريات كما يلي :

أولا - التوجه السلوكي

يعد هذه التوجه من التوجهات المعنية بأساليب التدريس معينـة تـؤدي إلى أنواع من السلوك محدده. ويعد التعلم تغيير دائم نسبياً في السلوك، يحدث نتيجة الخبرة والممارسة ولايرجع لعوامـل النضـج الجسـمي أو نتيجـة لتغيـيرات مؤقتة مثل عوامل التعب وإرتفاع الحرارة. فالتغيير الدائم في السلوك يتم بعـدة أشكال، وهي :

  1. شكل سلوكي، سلوك ضعيف يصبح قوي.
  2. سلوك يتم عبر التكرار.
  3. تغيير في النوع: يقوم السلوك عبر طــريقة معينـة، ليصـبح بطــريقة أخـرى نتيجة الخبرة والممارسة.

وهذا السلوك له نوعان، هما :

السلوك الانعكاسي : وهو أن يحل سـلوك مـا محـل سـلوك آخـر، لـو أن شخصاً يحاول أن يكف عن التدخين، فإنه قد يمضغ لبانـاً. و هـو سـلوك لا إرادي كردة الفعل (رمشة العين)، وهو سلوك مستجر (أي لا بـد مـن مـؤثر يـؤثر عـلى الفرد ليقوم بالسلوك كرد فعل مؤثر). و يتأثر ويتحكم بـه السـلوكات التـي تـأتي قبله.

السلوك الإجرائي : وهو السلوك الذي يمكن ضبطه والتحكم فيه من خلال التعزيز، وهو إرادي ومنبعث وتتحكم فيه السلوكات أو تغييرات أو خبرات التـي تـأتي بعـده فيقـول سـكنر في كتابـه تقنيـة التـدريس، "إن السلوك محكوم بنتائجه. . . فإذا إتبع حدوث سلوك محكوم بوجود مثـير معـزز، فإن قوته تزداد ". و لحدوث التعلم لا بد من أسـباب منهـا الخـبرة (الأثـر الـذي ينتج عن هذا الموقف)، والممارسة (تكرار الخبرة).

هذا وتتحدد الإفتراضات الأساسية للتوجه السلوكي كما يلي :
1 - الشـروط البيئيـة : و تحـدد أكـبر نسـبة مـن السـلوك، العلاقـة بـين السـلوك والظروف البيئية الخارجية قوية جداً. فهنـا لا نحتـاج معهـا للعمليـات العقليـة الفيزيولوجية والتي تطـرأ على البيئة، فالبيئة عامل حاسم للسلوك، فالعقل هـو صندوق أسود Black Box لا ترى ما بادخله.

إذ لا يمكن التعرف بدقـة عـلى كيفيـة إسـتقبال المثـير أو كيفيـة حـدوث الإستجابه مع أن المثير والإستجابه عنصــران يمكـن ملاحظـتهما وقياسـهما، لكـن الروابط بينهما عسيرة الملاحظة، ومـع أنـه لا يمكـن ملاحظتهـا بظـروف علميـة، بحيث يصبح من غير الحـق أن تفســرالعلاقة بـين المثـير والإسـتجابه. أمـا مـاذا يحدث بينهما، فنحن لا نعرف شيئاً، وهذا مـن ناحيـة المبـدأ يعنـي أنـه ينبغـي إهمالها، أي أن ما يجري بين المثير والإستجابه وهـذا في الـدماغ هـو عبـارة عـن صندوق أسود Black Box لايمكن ملاحظتهـا ولهـذا لا علاقـة لنـا بـه. و بعبـارة أخرى إن ما لا يمكن ملاحظته يصبح مجرد وفرضـية غـير قابلـه للتحقيـق، نقـد على أنها صندوق أسود Black Box تبسط عمل عالم النفس .

2 - أخذ بالاعتبار الشخصية الغير موضوعية في محاولـة تؤهـل لقـوانين وصـفيةللسلوك، وهنا يحاولوا أن يكونوا علمانيين إلى درجة كبيرة أو أن يجعلون الـتعلم أو الســلوك علــم كالفيزيــاء أو الكيميــاء، أي بعيــد عــن الجوانــب الشخصــية ة المشاعر والعواطف والعقائد، فالإنسان كآلة عندهم.

3 - إمكانية تنظيم الظـواهر السـلوكية ودراسـتها دراسـة منظمـة كـأي ظـاهرة طبيعية أخرى.

4 - اســتمرارية الســلوك في مملكــة الحيــوان، كالاســتمرارية الفيزيولوجيــة عنــد دارون (مثل ما في تطور عند الحيوان هو عند الإنسان) فـالفرق في الكـم ولـيس النوع.

5 - يفسـر التوجه السلوكي السـلوك والـتعلم بشـكل خـاص باسـتخدام أحـداث البيئة الخارجية (العوامل الخارجية)، ويشبه السلوكيون الإنسان بصندوق أسـود كما سبق لا يهمنا ما بداخله، إنما الأحداث الخارجية التي تحدث في البيئـة هـي التي تفسـر طبية السلوك الذي يخرج من الصندوق.

6 - الدافعية ليست داخلية وإنما حوافز خارجية.

7 - الاعتماد على المحاولة والخطأ وتكوين الترابطات لتفسير التعلم.



ومــن أعــلام هــذا التوجــه هــم : بــافلوف Pavlov وواطســن Watson وثورندايك Thorndike وسكنر Skinner. 

وينطلق التوجه من مفاهيم أساسية عديده أهمها :

  • التعزيز : إثابة السلوك عن طـريق مثيرات إيجابية تعمل على تكرار السلوك.
  • العقــاب : إضــعاف الــروابط عــن طـــريق مثــيرات مؤلمــة تعمــل عــلى خفــض السلوك.
  • الاكتساب : و هي عملية تقوية الإرتبـاط بـين المثـير والإسـتجابه، عـن طــريق التكرار، فالمنبه المحايد لا يكون شـرطياً إلا إذا إقترن بمنبه طبيعي، وذلـك أن يقدما معاً أو يسبقه بفاصل زمني محدد.
  • التعمــيم : إن تعلــم الإســتجابه لمنبــه مــا يمكــن أن يعمــم عــلى كــل المنبهــات المشابهة للمنبة الشـرطي الأول.
  • المحو أو الإطفاء :أي تراجع في قوة الإرتباط بين المثـير الإشــراطي والإسـتجابةالشـرطية، وذلك عندما نقدم مثـير إشــراطي ولا نقـدم مثـير مطلـق، فمـثلايقرع الجرس ولا يقدم الطعام، وبالتكرار تمحى الإستجابة.
  • التمييز : أي تعلم تمييز للمنبه الشـرطي من غيره، مما يمكن أن يخـتلط بـه أو يشبهه.

وبهذا نظر التوجه السلوكي الى التدريس على أنه تدبير يقـوم فيـه المعلـم بتحديد المؤثرات والاستجابات وأنماط التعزيز التي تلحـق بهـذه الاسـتجابات في المواقف الصفية، ويهدف ذلك الى زيادة إحتمال ظهور هـذه الإسـتجابات وفـق رغبة المتعلم وبما يحقق إهدافه. و مـن تطبيقـات التوجـه مـا يعـرف بـالتعليم المبرمج، وذلك بتقسيم مادة التعلم الى وحدات صغيره تقدم للمـتعلم تـدريجيا من السهل الى الصعب وتستدعي منه أن يجيب عن كـل فقـرة تعليميـة وتتبـع الإستجابه بمعرفة النتيجة فوراً.

ثانيا - التوجه المعرفي

لقد كانت إرهاصات النظرية المعرفيـة منـذ الخمسـينات مـن القـرن الماضي، إبان سيطـرة السـلوكية الكاسـح عـلى المـدارس والتعلـيم. و لقـد إعتقـد سكنر وسلوكيون آخرون أن علـم الـنفس يتصـف بالعمليـة حقـاً، وعليـه يكـون مُؤسساً على السلوك الملاحظ فقط. فالتفسير السيكولوجي المقبـول لـدى هـؤلاء الســلوكيون يقتصـــر عــلى مثــيرات المحــيط القابلــة للملاحظــة التــي تســتدعيها المثــيرات لــدى العظويــات. فالإحتكــام إلى العمليــات العقليــة الســـر َّ ية التــي لا تلاحَظ، أمرٌ غير مقبول علمياً.

لا يمكن أن يكون هناك وجود لعلـم العقـل، فمفهـوم كهـذا كـان علميـاً يناقض نفسه كما إدعـى السـلوكيون، بحسـب نظـريتهم. و يؤكـدون أنـه حتـى تستطيع أن تعلم حيوان سلوكاً جديـداً لا بـد مـن أن تعرضـه لمثـيرات محيطـة وملائمة، وثم مكافأته. و في مجال التربية تؤكد النظرية السلوكية على ذلك، فهي تقدم دروساً قابلة للإستعمال (مثيرات) ويتطلـب مـن المتعلمـين تقـديم إجابـه (إستجابه)، ومن ثم يوزعون التعزيز (السبي والإيجابي) إلى أن يحدث الإشــراط الذي يحقق التعلم.

فالسـلوكية نظريــة علميـة أنيقــة تمتلـك فتنــة أو سـحر الأمــور المنهجيــة والحدسية معاً. غير أن البشـر أكثر تعقيداً مما تسمح به السلوكية.

هذا وخلال ما يقارب عشـرين سنة إنتشـرت النظرية المعرفية وتطـورت إلى نظام علمي، فعلماء معرفيون كما سمي الثوريون أنفسهم بهذا الإسم، عمـل على إستغلال التماثل بين التفكير ومعالجة المعلومات، وبهذا فقد درس العلـماء المعرفيون كيف يعمل العقل؟ وكيف نفكر؟ وكيف نتعلم؟.

وهكذا فإن ما يميز هذا التوجه أن أصحابه يعرفون ما بـداخل الصـندوق الأســود Black Box، فهنــاك مــؤثرات بيئيــة. لكــن مــا يهمنــا هــي العمليــات التحويلية التي تحصل لهذه المؤثرات عندما تدخل عقـل المـتعلم، وكيـف تعـالج وما النتائج.

بهذه الطـريقة، الخزن والربط والتعديل هي عمليـات تحويليـة، وهنـاك عمليات وسيطية تختلف من شخص لآخر، فبعظهم يقـول نحـن نعلـم طــرائق عقلية وطـرق التعامل مع المعلومات (شـكل تقـديم المعلومـات). فـالتعلم هـو عمليـة معرفيــة مترابطـه بشــكل بنيـة معرفيــة معينـه، وهــذه البنيـة (عناصـــر أساسية) هي الوحدات والروابط.

وينطلق هذا التوجه من مفاهيم محدده منها :
1 - التمثل أو الإسـتيعاب Assimilation : وهـو قيـام الفـرد بإدمـاج المثـيرات الــواردة إليــه مــن العــالم الخــارجي في بنائــه العقــلي عــن طـــريق عمــل البنــى الموجودة لديه. و بالتالي هو عملية تحويل الخبرات الجديدة إلى خبرات مألوفـة وصيرورتها جزء من خبرة الفرد الكلية، كأن يقرأ التلميذ الدرس ويعالجه تحلـيلاً وتركبياً ويحدد أفكاره الرئيسية وتفهمها لمضمون جيداً، فيتحول الدرس بمـا فيـه من معلومات إلى عنصـر معرفي من معارف التلميذ، وهذه العملية نطلق عليها ُّ التمثل أو الإستيعاب. كما أن التمثل عملية تتجه مـن الخـارج إلى الـداخل، مـما يجعل العنصـر الداخل يجضع للتبدل والتحول.

2 - التــأقلم أو التكيــف Accommodation : و هــي أو تتوافــق الانطباعــات الجديدة مع القديمة، مما يدفع إلى الازدياد في تعديل البنى المعرفية.

إن الجــانبين الســابقين متــزامنين ويجــب أن يكونــا متــوازنيين. و يعتقــد بياجيه : أن أفعال الأطفال موجهة أولاً نحو التطـور المعـرفي، ومـن ثـم تتوجـه نحو تطوير مهارات النطق، حيث يلعب النطق دوراً متعاظماً في عمليـة الـتعلم بالنسبة لمعظم الناس تطغي عمليـة الإسـتيعاب عـلى عمليـة التكيـف. و تعتـبر عملية ُّ التمثل والإسـتيعاب Assimilation هامـة جـداً في الـتعلم، وإزداد هـذا الإهتمام بعد الإكتشافات التي حققها علم الأعصاب.

ويعرف التدريس بأنه عملية تهيئة مواقف يتفاعل فيها المتعلم بهـدف تطوير خبرات تسهم في تطوير وإعـادة بنـاء البنـى المعرفيـة لـه، كـذلك تطـوير اســتراتيجيات التفكــير والعمليــات الذهنيــة الموظفــة في المواقــف الجديــدة . فالتعلم هـو أعـادة بنـاء وتطـوير البنيـة المعرفية وإستراتيجيات التفكير.

ّإن أقدم نظرية لها هي نظرية الجشـتالت، وهـي طــريقة في الاستبصـار عند كوهلر، وهي نظرية في التدريس تقوم على التدريب والاسـتنتاج (الكـل إلى الجزء) أو(العام إلى الخاص) أي تدرك الكل ثم تـرى الأجـزاء. فالسـلوكية تجزئـة والغشتالت مدرسة كلية تعتمد على التبصـر (الاستبصار).

لكن أشهر النظريات لها هي نظرية بياجيـة Pigat، وتفـترض أنـه يوجـد عنصـــران أساســيان هــما :عمليــات عقليــة (موروثــة) وأبنيــة عقليــة متعلمــة أو سيكمات (نماذج سلوكية متكررة).

وينطلق التوجه المعرفي من الافتراضات الآتية :
  1. إن دراسة طـرق التفكير وإستراتيجياته وعملياته، وتطـوره والبنـى المعرفيـة تزود المتعلم بركائز فهم أساسية، لفهم عملية التعلم (التطور المعرفي).
  2. تعتبر البنية المعرفية Cognitive Structure وحدة التعلم.
  3. تتطور البنى المعرفية وتزداد بالتفاعل مع المواقف التي تتهيأ للطلاب.
  4. إن أداة المعرفة هي العقل (و هو آلة التعلم) الذي يهيأ لمعالجة العمليـات الذهنيــة، وهــي: الانتبــاه، الإدراك، التفكــير، الاستبصــار، الترميــز، التنظــيم، التصــنيف، التــذويت، الشخصــنة. الإنــدماج، التكامــل، التخــزين، التــذكر، الاسترجاع، والتعرف.
  5. السلوك الإنساني ليس مرهوناً بالوضع القائم.
  6. كلما نما المتعلم، كلما زاد استقلاله عن المثيرات البيئية.
  7. التعلم المعرفي مقاوم للنسيان.
  8. التعلم المعرفي يتضمن العمليات الوسيطة بين المثيرات والاستجابة.
  9. الفروق بين الطلاب ترجـع إلى العمليـات الذهنيـة المسـتخدمة في المواقـف التي يواجهونها، وإلى طـرق المعالجة التي يوظفونها في مواقف التعلم.
  10. التعلم تطوير وإعادة بناء للبنى المعرفية المتوافرة لدى المتعلم.
  11. إن معرفة البنى المعرفية المتوافرة لـدى المـتعلم تحـدد نقـاط البـدء ففـي التدريس.
  12. التعلم عملية تطوير التفكير ومخططاته.
  13. إن ترميــز المعرفــة عــلى صــورة مخططــات، يســهم في إدماجهــا وتــذويتها واستخدامها ونقلها إلى مواقف جديدة.
ويتحدد مـن الأمثلـة التطبيقيـة في هـذا التوجـه مـا يعـرف بـالتعلم ذي المعنى عند أوزوبل، والتغيير المفاهيمي، ونموذج اكتساب المفاهيم.


ثالثا - التوجه الإنساني

يهدف هذا التوجه إلى أنسنة التعلم وجعله أكـثر إنسـانية وإحترامـاً لقـيم المتعلم وإستعداداته وإمكاناته. و من أهم ممثيله هم: ماسلو، وروجرز، وكلارك. و قد تم اعتماد على إعمالهم في توضيح ملامح هذا النموذج وأسسه ومبادئه. و يمكن ذكر عدداً من الافتراضات التي يقوم عليها هذا التوجه كما يلي :

  1. على المعلم أن يكشف عن الجوانب الوجدانيـة العقليـة (ميـول واتجاهـات وقيم) للمتعلم ويثق بها.
  2. مشاعر الطلبة نحو أنفسهم تؤثر في الطـريقة التي يتعلمون بها.
  3. على المعلم أن يهيئ جو صفي يسوده الدفء والإيجابية والقبول.
  4. على المعلم أن يظهر إنسانيته في علاقته مع الطلبة وممارساتهم الصفية.
  5. كل شخص فريد في خصائصه وقدراته.
  6. الإنسان كائن عاقل واجتماعي ويسعى نحو التقدم باستمرار.
  7. كل إنسان لدية القدرة على الإبداع إذا ما أتيح له فرصة التعلم الأفضل. 

هذا وينظـر التوجـه الإنسـاني للـتعلم عـلى أنـه:يهيـئ مواقـف وخـبراتونشاطات تساعد المتعلم على استغلال طاقاتـه وتطـوير شخصـيته وفهـم دورهضمن الفئات التـي يتعامـل معهـا. كـما أنَ التـدريس يهـدف إلى تحسـين قـدرة المتعلم على أن يبين حاجاته ويشبعها وبالتالي يصـل لدرجـة إلى تحقيـق الـذات وهذا يساعده في الحصول على الكفاية والاستقلالية.

ومن تطبيقات هذا التوجه نموذج اتخـاذ القـرار الموجـه (ويلـز وسـتاجر) وتقوم على وضع الطلبة أمام مشكلة، ويجمعوا معلومـات عنهـا وثـم مناقشة المشكلة في مجموعات صغيره ثم اتخاذ القرار (طـريقة حل المشكلات).


رابعا - التوجه الاجتماعي

يمكن إستخلاص ملامح هـذا التوجـه مـن خـلال مراجعـة الأدب التربـوي والسيكولوجي. و ينطلق هذا التوجه من نظرته للإنسان بوصفه كائن إجتماعيـاً يتشكل تبعاً لخصائص المجتمـع الـذي يوجـد فيـه والثقافـة التـي يفرزهـا ذلـك المجتمع. فهو يشمل أسـاليب التنشـئة الاجتماعيـة، وأسـاليب نمذجـة السـلوك، ونتائج الدراسات المتعلقة بالتعلم الاجتماعـي والـتعلم بالملاحظـة. 

ومـن رواده هم : روتر، وميللر، وباندورا. ويمكن تحديد أهـم الافتراضـات التـي يقـوم عليهـا هذا التوجه كما يلي :

  1. - يتعلم الطلبة جزءاً كبيراً من تعلمهم وفق أسلوب النمذجة.
  2. - يسهم التعلم الاجتماعي في زيادة خبرات الطلاب غير المباشـرة، عن طــريق التعامل مع النماذج المختلفة.
  3. - التعلم الاجتماعي هو تعلم يمكن أن يتم بالملاحظة.
  4. - الــتعلم بالملاحظــة يســهم في نقــل ثقافــة المجتمــع إلى الناشــئة، وجنســهم، وطبقتهم الاجتماعية.
  5. - إن عملية النمذجة هي عملية نسخ آخرين مهمين له.
  6. - إن عملية النمذجة تتضمن تبني الدور، والاتجاه، والمشاعر.
  7. - تتضمن عملية اكتساب التعلم بالملاحظة سلوكات جديـدة، تسـهم في تغيـير السلوك نتيجة لملاحظة سلوك النموذج والذي يلقى مكافأة.


ويعد التدريس وفق هذا النموضج عن طـريق نموذج يتصـف بخصـائص مميزة، يعرض نماذج سلوك يحتاج لإليهـا الملاحـظ، ويسـتطيع تأديتهـا ويحصـل على ثواب ومكافأة جراء ذلك، ويوفر هذا الـتعلم خـبرات قـد لا تتـأتى إلا بهـذا النوع من التعلم. و يعد التعلم بالملاحظة والتمثـيل والنمذجـة مـن تطبيقـات هذا التوجه.



خلاصة : إن ما سبق ذكره يعد من أهـم توجهـات أو المـداخل الكـبرى للتـدريس، لكن لو تأملنـا في كـل منهـا لوجـدنا أن كـل منهـا ينظـر للتـدريس من وجهـة نظـر مختلفة. لكن علينا كمربيين أن لا نفهم أن هناك توجه أفضل مـن الآخـر، لكـن على المربي أن ينتقي منها ما يناسبة منها، ولا يركز على توجه دون الآخر وهـذا ما يعرف بالإنتقاشية التاملية، والتي يجعل للمدرس خيارات الاختيار مـن هـذه التوجهــات مفتــوح للمــدرس، وذلــك حســب الحاجــه والموقــف الــذي يمــر فيــه المدرس .
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -