مربع البحث

خصائص ومهارات المرشد الفعال لذوي الاحتياجات الخاصة

خصائص ومهارات المرشد الفعال لذوي الاحتياجات الخاصة








إن العنصر المهم في فعالية المرشد ليس في تبنى نظريـة معينـة أو اسـتخدام أسـلوب محدد، ولكنه يكمـن في تقـديم علاقـة علاجيـة تقـوم عـلى أسـاس المشـاركة الوجدانيـة والاحــترام والصــلابة والصــدق والأصــالة. ومــن ثــم، ينبغــي تــوافر عــدد مــن الخصــائص والمهارات لدى المرشد الفعال؛ هي كما يلي :


الاهتمام بالناس

إن إحدى الخصائص الأساسـية للمرشـد الفعـال هـي حبـه للنـاس، فعـلى المرشـد أن يتمتع بالاحترام والثقة من قبل أولئك الذين يطلبون المساعدة، فمن الضروري أن يكون لدى المرشـدين الشـجاعة لسـؤال أنفسـهم عـما إذا كـانوا حقيقـة يحبـون النـاس، دون الخوف من المشكلات التي قد تكتشف. ولأن الإرشاد أحـد المهـن المسـاعدة، فـإن عـلى المرشد أن يكون مسـتعداً للمسـاعدة بـروح الحيويـة، بـالقبول والفعـل. ويركـز كولمـان Coleman (1969) على أن العنايـة بشـئ خـارج ذات الفـرد يعـد أحـد أهـم الخـبرات الإنسانية السارة في تحقيق الذات. 

فالمرشد يجب أن يكون لديـه قـدرة عميقـة، وطاقـة صادقة للعناية بالآخرين ومساعدتهم على النمو، وإيجاد المغزى والرضا في حياتهم. 

القبول والثقة

يتطلب القبـول احـترام المسترشـد كشـخص لـه قيمـة ويمكـن توضـيح قبـول المرشـد للمسترشد بالكلمات والإيماءات والحركات التي توصل رسالة »أنا أتقبلك«، وهـذا يعنـى غالباً أن المرشد سوف يطور ويمارس القدرة على ألا يكون كثير الانتقاد. فيجب أن يكـون القبول التام للشخص الآخر غير مشروط، فالتركيز يكون على القيمة الذاتية للفرد. وعلى الرغم من أهمية القبول طـوال الجلسـات الإرشـادية، إلا أنـه ذو أهميـة خاصـة خـلال المرحلــة الأولى لأنــه يعكــس الرغبــة في المســاعدة ولــيس في الســيطرة. ويصــف شــيرتزر وستون Shertzer and Stone (1981) القبـول بأنـه اتجـاه إيجـابي يتسـم بالصـبر مـن جانب المرشد، حيث يساعد المسترشـد نحـو التغيـير، واقترحـا وجـوب أن يتمتـع المرشـد بتقبل وفهم لذاته، لكي يتم قبول المسترشد.

وتعد الثقة مفهوماً مماثـلاً للقبـول، ولكنهـا أكـثر تجـرداً. والثقـة تـتجلى مـن خـلال الإفضاء بالأسرار إلى شخص آخر. ومن ثم يجـب عـلى المرشـد أن يكـون ذا ثقـة، أي أنـه يجب أن يثق بالآخرين. وإذا لم يكن قادراً على الثقة بالآخرين في محيطه الخـاص، فإنـه من الصعب تحويل فقدان الثقة هذه من خارج العلاقة الإرشـادية إلى شـخص تثـق بـه داخل العلاقة الإرشادية. عندئذ، فإن هذا الشعور بالثقة هو شئ يجب عـلى المرشـد أن يجربه بنفسه، حتى يكون الشخص الآخر قادراً على الشعور بالحريـة وقـادراً عـلى الـرد بالمثل والاستجابة من خلال عملية الاتصال (Manson, 1970).

فالمسترشدون عمومـاً مسـتعدون لقبـول المسـاعدة مـن النـاس الـذين يثقـون بهـم. ولتطوير الثقة، فإنه يجب على المسترشدين أن يكـون لـديهم إيمـان بصـدق مرشـديهم. ويجرب المسترشد العلاقة كنشاط مشترك في حل المشكلة وذلـك لتحقيـق النمـو. فعـدم الثقة إذاً غالباً، ما يجعل المرشد يرفض عروض المساعدة.

ويعلق برينر Brenner (1982) بأنه حين تغيب الثقة، يميل المسترشدون نحو الشـك والتحفظ والتملص وعدم الاسـتعداد لمناقشـة المشـاعر والأفكـار الخاصـة التـي قـادتهم إلى المرشد. إنه من المهم للمرشدين أن يقوموا بالاستخدام الفعال لعملية الاتصال التـي ستعزز التواصل الحر والمفتوح وتشجيعه. لذلك يجب العمل على تطـوير علاقـة مبنيـة على الثقة. وأكد كل مـن جـونز وآخـرين Jones, et. al. (1984) أن الثقـة هـي أسـاس الاتصــال الفعــال، فهــي التــي تســمح للشــخص بــالتعبير بحريــة عــن أفكــاره ومشــاعره الداخلية.

المشاركة الوجدانية والتفهم

من الطبيعي أن يرغب كل إنسان بأن يفهم من قبل الآخرين، ولـذلك فعـلى المرشـد أن يفهم الآباء الذين يعمل معهم إذا كـان يـراد لهـذه العلاقـة أن تكـون ذات جـدوى. ويشــير بينجــامين Benjamin ( 1974) إلى أننــا يجــب أن نســتدعى طبيعتنــا الإنســانية لمعرفة الطريقة التي يفكر بها الشخص الآخر ويشعر ويرى العـالم مـن خلالهـا. ومعنـى هذا أن نجعل أنفسنا خارج الإطار المرجعي الذاتي، ونتبنى وجهة نظـر الشـخص الآخـر. فليس الأمر هو أن توافـق أو لا توافـق، لكـن أن تفهـم مـاذا يعنـى أن تكـون في محـل الشخص الآخر.

وقد تم إدراك نوع خاص من التفهم على نطاق واسـع في الدراسـات الخاصـة بالإرشـاد وهو المشاركة الوجدانية، أو القدرة بأن يضع الفرد نفسه في مكان الشـخص الآخـر ويـدرك حاجاتــه ومشــاعره. ويعتقــد برامــر وآخــرون Brammer et al. (9791 ) أن المشــاركة الوجدانية هي المسلك الرئيس لفهم المسترشدين. فالمعرفـة والـوعي بالاتجاهـات والأفكـار والمشاعر والتصورات بين المرشد والمسترشد، تعد أجزاء مكملة من التفهم الوجداني. فالتفهم والمشاركة الوجدانية يتشابهان في المعنى، وكلاهـما يعنـى أن المرشـد يشـعر مـع المسترشـد.

وحين تشارك الشخص الآخر وجدانيا، فنحن ننقل رسالة بسيطة له ولكنها ذات معنى، هو : "أنا أفهمك" وليس: "أنا أشـعر بالأسـف نحـوك". فالشـعور بالأسـف (التعـاطف) يتضـمن الشعور بأننا أكثر تفوقاً وحظـاً بطريقـة معينـة. وعـادة مـا يحتـاج آبـاء ذوى الاحتياجـات الخاصة إلى الفهم والمشاركة الوجدانية، بدلاً من العطف والشفقة.

ويقـترح إيفـي وسـيمك داونيـنج Ivey and Simek-Downing ( 1980) مهـارات مهمة وضرورية في تحقيق المشاركة الوجدانية الأساسـية. وتحتـوى هـذه عـلى السـلوك الــيقظ الأســاسي، والحــد الأدنى مــن التشــجيع، وإعــادة الصــياغة والتعبــير عــن المشــاعر والانفعالات. كما أشارا إلى عنصر مفيد آخر من المشاركة الوجدانية: إذا أصغيت حقيقـة إلى المسترشد، فإن هناك احتمالاً كبيراً لاختيار الوسائل الإرشادية الملائمة وتقديم درجات مناسبة من الود والاحـترام، وتكـون عـلى درجـة عاليـة مـن الدقـة والاسـتجابة الفوريـة والصدق.

وعند إرشادنا للآباء، يجب أن نطور قـدرتنا عـلى فهـم أفكـارهم ومشـاعرهم. وعـلى سبيل المثال، فقد يتحمس الأب لرفض كل ما يشعر به المرشد بأنـه فعـل منطقـي، فـإذا تصور المرشد ذلك على أنه عنـاد أو سـلوك أحمـق، فإنـه يكـون قـد فشـل في أن يكـون حساساً نحو مشاعر الآباء، ومن المحتمل ألا يكون قادراً على مساعدة الآباء بإخلاص.

تكوين علاقة من الألفة والانسجام

أوضح كل من شيرتزر وستون Shertzer and Stone (1980) أن الألفـة والانسـجام تعدان شرطاً أساسياً لعلاقة مريحة غير مشروطة بين المرشد والمسترشد فهي صلة تعكس الاهتمام والاسـتجابة والمشـاركة الانفعاليـة الحساسـة. فعلاقـة الألفـة والانسـجام تنشـأ وتستمر من خلال الرغبة الصادقة للمرشد وقبوله للمسترشد، ويجب أن تكون طبيعيـة ،غير مفروضة أو مستنبطة.

لذلك فإن بناء علاقة الود والانسجام، يعـد أمـراً أساسـياً لنجـاح أيـة علاقـة إرشـادية وخاصة في بداية الجلسة الإرشادية، حينما يكون كل من المرشـد والمسترشـد غـير متأكـد من دور كل مـنهما وتوقعاتـه. إن إنشـاء العلاقـة التـي تقـوم عـلى التعـاون والانسـجام والثقة والإيمان والفهم واستمرارها يعد أمراً ليس من السهل تحقيقـه. فالعلاقـة الوديـة تتعــدى مجــرد التحيــة الوديــة والمحاولــة الســطحية لجعــل الآبــاء يشــعرون بالارتيــاح والطمأنينة. وقد لاحظ كل من سيرتزر وستون أن للعلاقة الوديـة كيانـاً معنويـاً يتصـف بالسرور والثقة والتعاون والإخلاص والاهتمام، وكل هذه الصـفات صـعبة القيـاس ومـن المستحيل تحويلها إلى طريقة آلية، كما إنه من الصعب البدء بها.

الصدق والانسجام

إن الصدق ببساطة هو أن تكـون حقيقيـاً في علاقاتـك مـع الآبـاء. ولـذلك يجـب أن تكافح لتكون نفسك، شخصاً موثوقاً به ، يسعى بإخلاص لتحقيق رفاهية الشخص الآخـر. فالأمانة والصدق لا يمكن التلاعب بهما، بل يجـب أن يكونـا جـزءاً فريـداً مـن شخصـية الفرد الكلية.

وأشار بنجامين Benjamin (4791 ) إلى أنه يجب أن يتخلص المرشـد مـن أي حـاجز أو مظهر كاذب قد يخلق حـواجز بـين المرشـد والمسترشـد، وعـلى المرشـد إدارة المقابلـة الإرشادية بأسلوب حر، حيث يستطيع المسترشد أن يقـرب أكـثر نحـو المرشـد والآخـرين فالإنســان الحقيقــي منســجم مــع نفســه، ولا توجــد تناقضــات بــين أفعالــه الخارجيــة ومشاعره الداخلية، كما أنه ليس شخصاً متكبراً أو غير مبال في يوم، بينما يكـون شخصـاً مفعماً بالود والدفء في يوم آخر. فالشخص الحقيقي يقول فقط ما يعنيه، ويفعل فقط ما هو مريح وطبيعي، وسيلاحظ كثير من الآباء التناقضات بين ما يقولـه المرشـد ويفكـر فيه وقد يصنفون المرشد في الحـال شخصـاً زائفـاً. إن لأمـن المرشـد واسـتقراره الانفعـالي علاقة وثيقة بالصدق والإنسانية. فإذا شعر المرشد بالأمن، فإن هناك خطراً أقل للزيـف. فالمرشد ينظـر إليـه عـلى أنـه شـخص موثـوق بـه، قـادر عـلى مشـاركة الآبـاء أفكـارهم ومشاعرهم بأسلوب صريح وموثوق به وغير دفاعي.

الاحترام والاهتمام والعناية الإيجابية غير المشروطة

يـرى بويـد Boyd (1978) إن الاحـترام يتضـمن القبـول والرغبـة والاهـتمام والـود والمحبة والعطف غير المشروط، والسماح للآباء بحرية التعبير عن أنفسـهم مـع المرشـد. فالاحترام هو تقبل الآباء من حيث هـم بشر بغـض النظـر عـن اتجاهـاتهم أو سـلوكهم الذي قد لا يكون مقبـولاً للمرشـد، ويضـمن الاحـترام أيضـاً الاعتقـاد بـأن الآبـاء عمومـاً قادرون على معالجة مشكلاتهم واتخاذ أفضل القرارات لأنفسهم.

ويستطرد بويد قائلاً: إن الاحترام والتفاهم بينهما علاقة متبادلة، فكلـما زاد الاحـترام زاد التفاهم. ويوضح كارل روجـرز بـأن الاحـترام هـو العنايـة الإيجابيـة غـير المشروطـة للشخص الآخر، بغض النظر عن سلوكه.

الانتباه والإصغاء

يعد الانتباه أمراً أساسياً وجوهريـاً لكـل المهـارات الإرشـادية، متضـمناً وعـى المرشـد بالتعبير اللفظي وغير اللفظي للمسترشد، فـإذا أردنـا مـن الانتبـاه أن يتخطـى المسـتوى السطحي، فإن على المرشـد الإصـغاء. ويؤكـد بنجـامين Benjamin (1974) أن الإصـغاء الحقيقي يتطلب عملاً، والقليل منه يأتي بشكل طبيعي. ويرتبط الإصـغاء ارتباطـاً وثيقـاً بالتقبل والتفهم، لأن الإصغاء يوصل للمسترشد مدى اهتمام المرشد وإحساسه بهمومـه.

إن الأهميــة والحاجــة إلى الإصــغاء الفعــال والهــادف تبقــى مهــارة أساسية وضرورية، خاصة عند العمل مع آباء ذوى الاحتياجات الخاصـة. ولاحـظ برامـر Brammer (1979) فائدة الانتبـاه، وخاصـة عنـد بدايـة المقابلـة، حيـث وضـع برامـر التوجيهات التالية المتعلقة بسلوك المرشد وانتباهه أثناء المقابلة :

  • 1-تأسيس العلاقة مع المسترشد من خلال النظر إليه أثناء الحديث.
  • 2-المحافظة على وضع طبيعي ومـريح أثنـاء جلسـته، مـما يعكـس رغبـة المرشـد في مساعدة المسترشد.
  • 3-استخدام الحركات والإرشادات الطبيعية التي توصل الرسالة أو المعنى المقصود.
  • 4-استخدام عبارات لفظية تتعلق بمـا قالـه المسترشـد، مـع الامتنـاع عـن المقاطعـات والأسئلة، أو إثارة موضوعات جديدة.

وفيما يلي عشرة توجيهات عن الإصغاء الفعال قدمها كيث ديفز Davis (1977)

  • 1-توقف عن الكلام ! فلا يمكنك أن تصغي إذا كنت تتكلم.
  • 2-اجعل المتكلم يشعر بالراحة، وساعده على التحدث بصراحة.
  • 3-اجعل المتكلم يشعر بأنك تريد الإصغاء، انظـر وتصرف بـاهتمام. لا تقـرأ الرسـائل حين يتكلم معك الشخص الآخر، بل أصغ، لكي تفهم بدلاً من أن تعارض.
  • 4-تخلص من كل ما يصرف انتباهك. فلا تنشغل برسم عابث، أو بالنقر على الطاولة ، أو بترتيب الأوراق. وفكر هل سيكون الجو أكثر هدوءاً لو أغلقت الباب؟
  • 5-حاول التركيز مع المتكلم، ومساعدة نفسك برؤية وجهة نظر الشخص الآخر.
  • 6-كن صبوراً واسمح بوقت كاف، بحيـث لا تقـاطع المـتكلم. لا تبـدأ الحـديث عنـد الباب، ولا تمش وتتركه.
  • 7-امسك أعصابك، فالإنسان الغاضب يأخذ المعنى الخاطئ للكلمات.
  • 8-كن هادئاً أثناء المناقشة والانتقاد، فهذه تضع الناس في موقف دفاعي يترتب عليه الهدوء أو الغضب، لا تجادل لأنه حتى لو كسبت فأنت الخسران.
  • 9-اطرح مجموعة من الأسئلة، فهذا يشـجع المـتكلم ويعطيـه انطباعـاً بأنـك تصـغي وهذا يساعد على توضيح جوانب المشكلة.
  • 10-توقف عن الكلام. فهذا هو الشرط الأول والأخير، لأن كل التوجيهات تعتمد على ذلك. فأنت لا تستطيع أن تصغي بفاعلية وأنت تتكلم.

فالخالق سبحانه وتعالى منح كل إنسان أذنين ولساناً، وهذه تعـد لمسـة كريمـة مـن الخالق حيث يوجهنا إلى أن نصغي أكثر مما نتكلم. يتطلب الإصغاء أذنين، واحدة للمعاني، والأخرى للمشاعر. إن صانعي القرار الذين لا يصغون يملكون معلومات أقل لاتخاذ قرارات حكيمة.

تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -