مربع البحث

الإرشاد غير المباشر

الإرشاد غير المباشر






عادة ما يسمى الإرشاد غير المباشر بنظرية الذات أو الإرشاد الممركز حـول المسترشـد أو إرشاد روجرز Rogation Counseling. ويمكن استخدام هذا النوع مـن الإرشـاد مـن قبل مرشدين مهنيـين أكفـاء ذوى تخصصـات متعـددة. ومـع ذلـك فـإن كـل المرشـدين يمكــنهم اســتخدام أســاليب أو طريقــة روجــرز عنــد إرشــادهم لآبــاء ذوى الاحتياجــات الخاصة. 

ويعد كارل روجرز Carl R. Rogers القوة المؤثرة في هذه المدرسـة الإرشـادية إذ قدر لنظرياته عن الإرشاد أن تؤثر تأثيراً عميقاً في المهنة الإرشادية.

ويعتمد أسـلوب روجـرز أساسـاً عـلى الاعتقـاد الإنسـاني بـأن مشـكلات النـاس هـي مشــكلات انفعاليــة في الدرجــة الأولى، وأن معظــم المسترشــدين يملكــون المعلومــات الموضوعية التي يحتاجونها لاتخاذ القرار المتعلق بالمشكلة.

إن لدى روجرز اعتقاد عميق وراسخ بطيبة الناس وطاقتهم الكامنـة للنمـو الإيجـابي مــع تــوفير الظــروف الملائمــة كالبيئــة المشــجعة. كــما يؤكــد أن النــاس يمتلكــون الطاقــة الأساسية لوضع الأهداف واتخاذ اختيارات صـحيحة إذا تمكنـوا مـن النظـر إلى المشـكلة بطريقة موضوعية وفي جو خال من التهديد.

ولهذا أشار روجرز مبدئياً لهذا النوع من الإرشـاد بأنـه غـير موجـه، أي أن المرشـد لا يقود المسترشد بل يؤكد على قدرتـه في تحديـد القضـايا المهمـة وحـل مشـكلاته، ويعـد توفير جـو مـن الـود والتسـامح والقبـول، الـذي يتـيح للمسترشـد الفرصـة للتعبـير عـن مشكلاته والاستبصار الهادف بها، عنصراً مهماً في إرشاد روجرز.

ويوفر المرشد الجو الذي يشعر فيه الآباء بالحرية لمناقشة همومهم مع شخص لديـهالرغبة الصادقة للإصغاء. وحين يقوم المرشد ببناء العلاقـة التـي تتصـف بمشـاعر الفهـموالقبول وعدم الحكم والتهديد، عندئذ يقلل الآباء من عملية الدفاع عن النفس، والبدءباكتساب الاستبصـار نحـو مشـاعرهم، ويسـمح لهـم هـذا الاستبصـار بالحريـة لاختبـار تجاربهم السابقة ودمجها والتعبير عنها. ومـن خـلال مواقـف الفهـم والقبـول يسـتطيع المرشد مساعدة الآباء في اكتشاف الذات والوصول إلى فهم أفضل لمشكلاتهم.

ولتحسين العلاقة الإرشادية، فإن المرشـد الـذي يتبـع أسـلوب الإرشـاد الممركـز حـول المسترشد، عليه أن يتعلم مشاركة المسترشد في مفهومـه للمشـكلة. وقـد لاحـظ روجـرز Rogers (1951) أن أفضل وسيلة لفهم السلوك تكون من خلال الإطار المرجعـي الـذاتي للشخص نفسه. وعلى المرشد أن يكون قادراً عـلى توصـيل اتجـاه محبتـه الصـادقة نحـو المسترشد والانعدام التام للحكم على قيمه، والتركيز الكامل على مشكلته، وأخيراً القـدرة على مشاركة هذا الإطار الإدراكي معه دون فقدان الهوية الذاتية. وتعد مشـاركة المرشـد كشخص صادق عنصراً مهماً في الإرشاد غير الموجه.

ومن أساليب الإرشاد المفيـدة التـي يمكـن اسـتخدامها الإصـغاء التـام، والتعبـير عـن المشاعر وتوضيح الاتجاهات. وتكون كثير من إجابـات المرشـد مفتوحـة النهايـة أو غـير محددة الاتجاه، مما يشجع المسترشد عـلى التعبـير عـن انفعالاتـه المصـاحبة للمشـكلة. ويرى كل من هاكني ونـاي Hackney & Nye (1973) أن الطريقـة الجيـدة لمسـاعدة المسترشد في تحديد مشاعره والتعبير عنها هي تمثيل هذه العمليـة، حيـث يعـبر المرشـد عن المشاعر التي قد يشعر بها المسترشد. فقـد يقـول المسترشـد "أعتقـد بأننـا فعـلاً قـد حققنا شيئا هذا اليوم وأنا أشعر بالرضا عن ذلك". ويمكن أن يمثـل المرشـد الحالـة التـي يعيشها المسترشد بقوله "لو كنت عاملتنى بهـذه الطريقـة فأنـا أعتقـد بـأني سـأكون في غاية الغضب". وتساعد هذه الإستراتيجية المسترشد المعاق بـأي سـبب مـن الأسـباب في اتخاذ استجابات انفعالية ملائمة.

ويوضح ماك جوان وبـورتر McGowan and Porter (1967) أن الفائـدة الرئيسـة لإرشاد روجرز هي أن اعتماد المسترشدين على المرشد يقل عند اتخـاذ القـرارات، وبـدلاً من ذلك فإن المسؤولية تقـع عـلى كاهـل المسترشـد لإيجـاد حلـول لمشـكلته. كـما يـتم التقليل مـن شـأن التجـارب السـابقة للمسترشـد التـي لا يمكـن تغييرهـا، والتركيـز عـلى التكيف في الوقـت الحـاضر، ويـوفر الإرشـاد المتمركـز حـول المسترشـد تنفيسـاً انفعاليـاً بالإضافة إلى صيغة دائمة للنمو الذاتي المقترح.

ويلاحظ لويس Lewis (1970) أن قوة الإرشاد المتمركز حول المسترشـد هـي التركيـز على النمو الإيجابي للفـرد، واسـتخدام الأسـاليب العلاجيـة التـي لا يحتـاج اكتسـابها إلى سنوات من التدريب المكثف، ومع ذلك فإنه يحذر بـأن هـذا النـوع مـن الإرشـاد لـيس سهلاً أو بسيطاً، ذلك أن الأفكار الأساسية سهلة الفهم، ولكن المرشد الـذي يتبـع طريقـة روجرز للإرشاد يجب عليه أن يتصف بالوعي الذاتي والقدرة على تكـوين علاقـات لـيس من المعتاد مصادفتها. وذلك يتطلب من المرشد الكثير من حيث فرد (إنسان) أكـثر منـه معالج.

إن اتجاهات المرشد التي تقوم عـلى الاحـترام والمشـاركة الوجدانيـة والـود، هـي أكثر أهمية من الأساليب المستخدمة. وربما تكون أكثر السلبيات المتعلقة بطريقـة الإرشـاد المتمركـز حـول المسترشـد هـي الافتراض بأن هناك سبباً انفعالياً خلف كل مشكلة. وتندرج كـل مشـكلات المسترشـدين تحت هذا المفهوم، بغض النظر عن تطوراتهم الشخصية، وأحد سـلبيات هـذا الأسـلوب الإرشادي هو التوقع من المرشد أن يكون محايداً ولا يقـوم بالشـجب والمواسـاة لأفعـال المسترشد ومشاعره. فهل من الممكن أن يكـون المرشـد عـديم القيمـة في موقـف يتسـم بالعلاقة الشخصية؟

والسلبية الأخرى، هي الحاجة إلى سلسلة من المقابلات مع المسترشد، وذلـك بسـبب ضرورة استخدام أساليب محددة في هذا النوع من الإرشاد. ومن الناحية الواقعية، فـإن الإرشاد غير الموجه عادة ما يعد مكلفاً الكثير من الوقت والمال.
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -