الأصل اللغوي لمصطلح الشخصية
اشتقت كلمة شخصية في اللغة العربية من شخص ، وقد ورد في لسان العرب : شخص : جماعـة - شخص الإنسان وغيره ، وهو كذلك سواد الإنسـان تـراه مـن بعيـد، وكـل شيء رأيـت جسـمانه فقـد رأيـت شخصه
وهذا المعنى أقرب للإشارة إلى الجسم المادي (الفيزيقي) للإنسان، وقد ورد في المعجم نفسه معني آخر للشخص وهو أنه: كل جسم له ارتفاع وظهور، والمراد به إثبات الـذات، فاسـتُعِير لهـا لفـظُ الشـخص .
ويلاحظ في المعنى الأخير الانتقال من المعنى المادي إلى المعنوي، فقد تجاوز المصطلح الجسم إلى ما يقترب من استخدامنا لمصطلح الشخصية بالمعنى السيكولوجي.
وورد في المعجم الوسيط أن الشخصـية: صـفات تميـز الشـخص مـن غيره، ويقال فلان ذو شخصية قوية: ذو صفات متميزة وإرادة وكيان مستقل. وهذا استخدام حديث.
أما في اللغات الأوروبية فقد قام أولبورت (Allport ) ببحث مستفيض في أصل المصطلح من ناحية علم اللغات، وتتبع مختلف المعاني التي استخُدم فيها اللفظ في أثناء التطـور التـاريخي الـذي حـدث في استخدامه بعد ذلك في المجالات المختلفة : الفلسفية، والدينية، والاجتماعية، والقانونية، والنفسية، وتلك التي تشـير إلى المظهر الخارجي، مع محاولة تلخيصها ونقـدها، وأورد تسـعة وأربعـين تعريفـاً قبـل أن يضـع التعريـف الـذي ارتضاه.
ويــذكر أولبــورت أن كلمــة Personality في الإنجليزيــة، ومصــطلح Personnalite بالفرنســية، ولفــظ Personlichkeit بالألمانية، يشـبه كـل منهـا إلى حـد كبـير كلمـة Personalitas في اللغـة اللاتينيـة التـي كانـت متداولة في العصور الوسطى، بينما كانت الكلمة اللاتينية "Persona" وحدها هـي المسـتخدمة في اللغـة اللاتينيـة القديمة .
وقد استخدمت البيرسونا في الأصل لتشير إلى القناع المسرحـي الـذي اسـتخُدم لأول مـرة في المسرحيـات الإغريقية، وتقبلّه الممثلون الرومان قبل ميلاد المسيح بقرابة مائة عام، ويـذكر جيلفـورد أن الممثل اليوناني كان يضع عادة على وجهه قناعاً يدعى بيرسونا ؛ لأنـه كـان يتحـدث مـن خلالـه، وذلـك ليماثل الدور الذي يؤديه، أو ليظهر أمام الجمهـور بمظهـر معـين، وفي الوقـت نفسـه ليكـون مـن الصـعب تعـرف الشخصيات التي تقوم بهذا الدور، فالشخصية ينظر إليها من حيث ما يعطيه قناع الممثل مـن انطباعـات، أو مـن ناحية كونها غطاءً يختفي وراءه الشخص الحقيقي ..
ويتفق هذا القول مع التعريفات التي تنظر إلى الشخصية مـن ناحية الأثر الخارجي الذي تحدثه في الآخرين …، ومع مرور الزمن أطُلِْقَ لفظُ بيرسونا على الممثل نفسه أحيانـاً، وعلى الأشخاص عامة أحياناً أخرى، وربما كان أساس ذلك – كما قال شكسبير : إن الدنيا مسرح كبير، وأن الناس جميعاً ليسوا سوى ممثلين على مسرح الحياة .
وفي تتابع سريع خلال العصـور القديمـة حـدثت سلسـلة مـن التوسـعات والتحـولات في اسـتخدام مصـطلح بيرسونا ، مما َّ حَول هذا الاسم المحسوس إلى اسم مجرّدّ، ومتعـدد المعـاني، ففـي كتابـات شـيشرون --ومن المحتمل ألا يكون ذلك بعيداً عن الوقت الذي ظهرت فيه الكلمة لأول مرة-- كـان لديـه عـلى الأقـل أربعة معان محددة للبيرسونا لها جذورها كلها في المسرح، وهي :
وفي تتابع سريع خلال العصـور القديمـة حـدثت سلسـلة مـن التوسـعات والتحـولات في اسـتخدام مصـطلح بيرسونا ، مما َّ حَول هذا الاسم المحسوس إلى اسم مجرّدّ، ومتعـدد المعـاني، ففـي كتابـات شـيشرون --ومن المحتمل ألا يكون ذلك بعيداً عن الوقت الذي ظهرت فيه الكلمة لأول مرة-- كـان لديـه عـلى الأقـل أربعة معان محددة للبيرسونا لها جذورها كلها في المسرح، وهي :
- 1- الفرد كما يبدو للآخرين (ولكن ليس كما هو في الواقع).
- 2- الدور الذي يقوم به الشخص في الحياة.
- 3- جماع الصفات الذاتية التي تجعل الرجل متوائماً مع عمله.
- 4- الصفات المميزة للشخص (كما في أسلوب الكتابة مثلاً)، وكذلك مرتبته.
ويشير الاستخدام الأول إلى المعنى الأصلي للقناع، أما الثاني فيتصل بالمكانة الحقيقية، وليس مجـرد الادعـاء أوالتظاهر، في حين يمثل المعنى الثالث الصفات النفسية الداخلية للممثل ذاته، ُّ ويـَدل المعنـى الأخـير عـلى الأهميـة والمكانة لدى الممثل الأول (النجم) .