مربع البحث

ماهي السمة

ماهي السمة



 

السمة Trait مفهوم أساسي في علم نفس ، وتعني السمة في اللغـة الصـفة، أو الخصـلة، أو العلامـة المميزة، وقبل أن تسُتخدَم السمة استخداما فنياًً في علم النفس فقد استخدمها الإنسان العادي غير المتخصص في حديثه ووصفه لمن يتعامل معهم من الناس، كما يسَتخدم كل منا مفهوم السمة في الملاحظـات التـي نقـوم بهـا في حياتنا اليومية .

إننا نلاحظ الآخرين، ونحاول أن نفهم سلوكهم، ونعطيه معنى، كـما نلاحـظ الاتسـاق في سـلوك شـخص معـين ، والفروق بين مختلف الأفراد، فإننا نلاحـظ عـلى سـبيل المثـال أن  زيـدا مـن النـاس يبتسـم عنـد مقابلـة الآخـرين ، ويتحدث معهم بطريقة ودودة في مواقف مختلفة: في الفصل الدراسي، وقاعـة الطعـام، والملعـب، وفي المكتبـة، ومـن ناحية أخرى نلاحظ أن زميله  عمر يندر أن يضحك، أو أن يتبادل كلمات ودودة مع الآخرين، وفي حين أن زيـداً يبدو دافئا ومنطلقاًً بشكل متسق، فإن عمرو يبدو بارداً ومنعزلاً، وبطبيعة الحال فإن زيداً يكون بـارداً في بعـض اللحظات، ويكون عمر ودوداً مع الآخرين في مواقف معينة، ولكـن زيـد يبـدو أكـثر ودا ودفئـاًً مـن عمـر بوجه عام .

كما نلاحظ أن قريبا لنا لا يطيق أن يمكث في منزله كثيراً، ويحب الخروج منه دائماً، وإذا مكث به توافد عليه الزوار تباعاً، وأن لـه مـن الأصـدقاء الحميمـين عـددا غفـيراًً، يشـتاق أن يكـون مـع النـاس دومـاً، يحـب الحفـلات والاجتماعات والزيارات …، فإن مثل هذا الشخص يوُصف بأنـه  اجتماعـي ، وإذا لاحـظ عامـة النـاس كـذلك أن شخصاً ما سريع الغضب سهل الاسـتثارة في أغلـب الأوقـات : مـع أصـدقائه ورؤسـائه ومرؤوسـيه وزوجتـه وأبنائـه، فإنه يوُصف بأنه عصبي، وإن صفات اجتماعي وعصبى وغيرهما من الصفات التـي يمكـن أن نصف بها مختلف الأفراد، ما هي – بتعبير سيكولوجي فني – إلا السمات. 

وعندما نطلب من شخص غير متخصص أن يقارن بين زميلين يعرفهما تمام المعرفة، فإنه يصفهما غالباً بصـورة عامة جداً أو باستخدام صفة واحدة فقط، فقد يقول مثلاً: إن أحدهما رجل خير (أو طيب في الاسـتخدام الـدارج)، في حين أن الآخر سيئ أو شرير، وقد سبق أن ذكرنا في الفصل الأول أن وصف الشخصية على ضوء خاصـية واحـدة أو صفة مفردة هو من خصائص التفكير غير العلمي، ولكـن المقارنـة – مـن وجهـة نظـر علـم نفـس الشخصـية – عملية تحليلية تتم بين جوانب معينة لدى الشخصين موضوع المقارنة، أو أن يقارن بين خصائص معينـة لـدى كـل منهما، وهذه الخصائص ذاتها لدى عينة كبيرة ينتميان إليها (على شكل معايير كمية مستخرجة من هـذه العينـة)، هذه الجوانب أو الخصائص المحددة التي نقارن بينها ما هي إلا السمات Traits.

ولكن الإنسان بما لديه من عقل وحس مشترك Common sense أدرك – على الرغم من عدم تخصصه – أن الاتفاق أو التشابه بين شخصين في سمة أو صفة معينة لا يعنـي التطـابق بيـنهما في كـل السـمات، فـإذا نظرنـا إلى مجموعة من الأفراد فيما يختص بسماتهم الشخصية فقد نجد أن شخصين يتفقـان في سـمة السـيطرة، وآخـرين يتفقان تماما في سمة التفاؤل، ولكن من المستحيل أن نجد شخصين يتفقـان في كـل السـمات، كـما لا يتفقـان في التوليفة أو التجمع الذي تتخذه مجموعـة مـن السـمات.. 

كـأن يكـون لشخصـين الدرجـة نفسـها مـن السـيطرة والتفاؤل والانعزالية والعصبية والتفتح والجرأة... وغـير ذلـك، فلكـل شـخص »توليفـة« محـددة أو مبيـان نـفسي Profile خــاص بــه، أي: أن لــه درجــات خاصّـّـة عــلى عــدد مــن الســمات بحيــث لا تتفــق كلهــا مــع شــخص آخــر ، وما ذلك إلا فكرة التفرد والخصوصية على الرغم من بعض التشابهات.

تعريف السمة

كما تتعدد تعريفات علماء الـنفس للشخصـية كـذلك تختلـف تعريفـاتهم للسـمات تبعـاً لاخـتلاف نظـرتهم ونظرياتهم في الشخصية، بـل إن المؤلـف الواحـد أحيانـاً يغـير تعريفـه للسـمات مـن مرجـع إلى آخـر، وقـد تتبـع أولبورت التعريفات المتعددة للسمات مـن الفيلسـوف الإنجليـزي جيريمـي بنثـام حتى وقت ظهور كتابه، ونورد فيما يلي تعريفات السمات لـدى أربعـة مـن علـماء نفـس الشخصـية الـذين تهـتم نظرياتهم بالسمات.

يعَُــرف أولبــورت الســمة بأنهــا بنــاء نــفسي عصــبي (في الأعصــاب) لديــه القدرة على صهر المنبهات المتعددة بحيث تصبح متكافئة وظيفياً، وعلى أن تستهل أو تبدأ الأشكال المتكافئـة مـن السلوك التكيفي والتعبيري وتقودها ، ويقصد أولبورت بذلك أن السمات حقيقية، وتكمن وراء طائفـة متنوعـة من الأفكار والمشاعر والأفعال، وأنها تحدد التكيف للمجتمع .

ويرى كاتل أن السمة مجموعة ردود الأفعال أو الاستجابات التي يربطها نـوع مـن الوحـدة التـي تسـمح لهذه الاستجابات أن توضع تحت اسم واحد، ومعالجتها بالطريقة ذاتها في معظم الأحوال ، والسمة عند كاتل كذلك جانب ثابت نسبياً من خصائص الشخصية، وهي بعُد عاملي يستخرج بوساطة التحليل العاملي للاختبارات، أي: للفروق بين الأفراد، وهي عكس الحالة .

أما جيلفورد فيرى أن السمة أي جانب يمكن تمييزه، وذو دوام نسـبي، وعـلى أساسـه يختلـف الفـرد عـن غيره .

ويعرف أيزنك السمات بأنها مجموعة من الأفعال السلوكية التي تتغير معـاً، وتعـد السمات عنده مفاهيم نظرية أكثر منها وحدات حسية.

ويعتبر أحمد محمد عبد الخالق أن السـمة أيّ خصـلة أو صـفة للشخصـية ذات دوام نسـبي تتصـل بالمشـاعر والأفكار والأفعال.

السمات إذن تنظيم أو نزعة وقابلية Disposition، ثابتة ثباتا نسبياًً عبر الـزمن والمواقـف، وتشـير- بالدرجـة الأولى- إلى فروق فردية عامة في المجالين: الانفعالي والاجتماعي Socioemotional.



الثبات النسبي للسمات

على الرغم من أن السمات ثابتة فإن هذا الثبات ليس مطلقا، فهناك فروق بين الأفراد عبر مختلـف المواقـف ،فمن المتوقع أن يكون الشخص المقلاق (كثير القلـق) شـديد الاضـطراب كـذلك في مواقـف الامتحـان، والمحادثـات الجمعية، والتجمعات الاجتماعية …، وغيرها، كما أن الثبات النسبي للسمات يميزهـا عـن الخصـال المتغـيرة لـدى الشخص، من مثل الحالات الانفعالية الوقتية .


الفرق بين السمة والاتجاه والعادة والعاطفة

الاتجاه والعادة والعاطفة من المصطلحات التي يتعين أن نحددها تحديدا فارقـاًً، أي: مفرّقّـا وممّيـزاًً لهـا عـن السمة التي قد يظُن أنها قريبـة منهـا أو متداخلـة معهـا؛ ولكنهـا بالتأكيـد مختلفـة عنهـا، وقـد فـرق أولبـورت باستفاضة - في نظريته عن السمات المشتركة - بين السمة والاتجاه، وعـلى الـرغم من أنه يشير بادئ ذي بدء إلى أنه ليس من السهل التفرقة بينهما فإنه يميزهما على أساس ما يلي :
  1. يشير الاتجـاه Attitude عادةً إلى موضوع معـين (سـياسي، اقتصـادي، دينـي) كالاتجـاه نحـو مـنح المـرأة حقوقها السياسية، أو الاتجاه نحو تنظـيم الأســرة، أمـا السـمة فتبرزهـا موضـوعات شـديدة التنـوع، ولا نحاول حصرها، فالسمة إذن أكثر عمومية من الاتجاه، وتشير إلى مستوى أرقى من التكامل.
  2. الاتجاه في العادة ثنائي : مع أو ضِدّ، َّ مُفضل أو مكروه... وهكذا، ولكن الأمر ليس كذلك في السمات.
ويضيف أولبورت أن السمة هي المفهوم الأساس في دراسات الشخصية، حيث تهتم الأخيرة ببنـاء السـمات لــدى الشــخص، أمــا الاتجــاه فهــو الموضــوع الأســاس في علــم الــنفس الاجتماعــي، ويــرى كــذلك أن العاطفــة Sentiment تقع بين السمة والاتجاه.
 
أما العادة Habit فتستخدم بمفهوم ضيق على أنها نوع من الميل المحـدد؛ ولـذا فالسـمة أكـثر عموميـة مـن العادة، وتتكون السمة – في أحد جوانبها على الأقل – من خلال تكامل مجموعة مـن العـادات النوعيـة التـي لهـا دلالة تكيفية عامة بالنسبة للفرد، ولكن العادات لا تتكامل تلقائياً، بل عندما يتوافر لدى الشخص صورة أو مفهوم عام من نوع معين يؤدي إلى تكوين السمة في ظل جهاز أرقـى مـن التنظـيم، وينظـر جـاثري، وهـو عـالم نفـس سلوكي، إلى السمة على أنها عادة من نوع راق .

تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -