مربع البحث

الشخصية والبنية الجسمية

الشخصية والبنية الجسمية







بنية الجسم Physique أو الشكل الخارجي له، هو التركيب البدني الظاهر لجسـم الإنسـان، ونمـط العلاقـات بين مختلف أعضائه، وهو يقاس كمياً بدقة في إطار القياس الجسمي Anthropometry .

وتقسم البنيـة عـادة إلى ثلاث هي: المكتنزة، والنحيلة، والمتوسطة، ومشكلة علاقة بنية الجسم بالشخصية وبالاستعداد للإصابة بالاضطرابات النفسية والأمراض العقلية والعضوية مشكلة قديمة جداً، بدأت دراستها منذ الطبيب اليوناني أبو قراط عام 430 ق.م، وربط بين البنية النحيلة والاستعداد للإصابة بالدرن الرئوي، وبين البنية المكتنزة البدينـة والاسـتعداد للإصـابة بأمراض الشريان التاجي والسكتة القلبية..

وما زالت هذه المسألة تبُحث حتى اليوم، مـع دورات تناوبتهـا بطبيعـة الحال، تتراوح بين الاهتمام الزائد والإهمال الشديد، كما هو الحال دائماً في كثير من المشكلات العلمية.

درس الطبيب النفسي الألماني إرنست كرتشمر علاقة البنية بالأمراض العقليـة، فـذكر أن هناك علاقـة بـين البنية المكتنزة وكل من الشخصية الدورية وذهان الهوس - الاكتئاب، وكذلك بين البنية النحيلة وكُلِّ مـن الشخصـية المنفصمة ومرض الفصام .. ويبدو أن الأدلة – كما يـذكر سـتاجنر (Stagner) – تؤكِّـد علاقـة بنيـة الجسـم بالذهان، وليس بشخصية الأسوياء.

وقد قام وليام شيلدون بفحص بنيـة الجسـم بطريقـة خاصة هـي التصـوير الفوتوغرافي المقنن في حالة العرى (والحالة الأخيرة تثير مشكلات جمة)، وكشفت بحوثه عن علاقة بين بنية الجسم وكل من الشخصية والمرض العقلي، ولكن معاملات الارتباط التي يوردها مرتفعة جداً إلى الدرجة التي يشـك فيهـا بعض الباحثين ..

فقد بين لوبين أن بعض هذه الارتباطات ليس ممكناً رياضيا، ومع ذلك يـرى بـاحثون آخـرون أن هذه المعاملات لها أساس متين، لقد كان أهم مصدر للخطأ في تصميم شيلدون لدراساته هو أنه نفسه الـذي قام بتقدير كُّل من البنية والشخصية.

وقد جابه ريز، وأيزنك المشكلة من جذورها محاولين – بـادئ ذي بـدء – تحديـد الأبعـاد الأساسـية لبنيـة الجسم على أساس من التحليل العاملي، وهو المنهج الأمثل لتحديد مكونات بنية الجسـم هـذه، واسـتخرج هـذان المؤلفان عاملين هما : العامل العام (الحجم)، وعامل النمط، كما يلي :

1- عامل حجم الجسم : له تشبعات موجبة بجميع مقاييس بنية الجسم، ويمكن أن نقارن فيه بـين ذوي الجسـم الضخم، والمتوسط، والنحيل.
2- عامل نمط الجسم : عامل ثنائي القطب يحدد الامتداد الطولي (كطـول القامـة والجـذع والـذراع مـثلا) مقابـل الامتداد العرضي (كمحيط كل من الصدر، وأعلى الفخذ، وعرض كل من الجمجمة، والصدر، والحوض). 

ويقابل هذا العامل بين النحيل الطويل والمكتنز القصير، ويحدد هذا العامل: المعامل المسمى باسم  ريز – أيزنك  Rees - Eysenck Body Index، ومن دراسة عـلى ألـف عصـابي (مضـطرب نفسـياً) باستخدام هذا المعامل، وجد  أيزنك ما يلي :

  • 1- يميل الهستيريون إلى النمط المكتنز، أو إلى غلبة النمو العَرْضِْيّ.
  • 2- يميل العصابيون (فيما عدا الهستيريين) إلى النمط النحيل.

ويستخلص أيزنك من مسح عدد كبير من الدراسات أن معامـل الارتبـاط يـتراوح بـين 0.3، و 0.5 بين كل من :

  • 1- البنية النحيلة والانطواء، والبنية البدينة والانبساط.
  • 2- البنية النحيلة والعصابية.

وتوصلت دراسة عربية على عينة من طـلاب جامعـة الإسـكندرية لـ أحمـد عبـد الخـالق  إلى علاقـة موجبة بين البنية البدينة والانبساط. 

والخلاصة أن هناك ارتباطاً بين البنية والشخصية، وبما أن بنية الجسم تتحدد على أساس وراثي بالدرجـة الأولى فإن الافتراض القائل
: إن وراء كل من الشخصية والبنية عاملاً وراثيا قوياًً له ما ِّ يسَُوغه، والسـؤال المطـروح للبحـث هو حجم الارتباط بين البنية والشخصية ولـيس الارتبـاط نفسـه، ولكـن معـاملات الارتبـاط التـي اسـتخرجت مـن الدراسات التي أجريت حتى الآن، لا تسمح بالتنبؤ بشخصية فـرد مـا، أو اسـتعداده للإصـابة باضـطراب نـفسي أو مرض عقلي معين على أساس معرفة بنية جسمه.
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -