أبعاد الشخصية عند أيزنك

أبعاد الشخصية عند أيزنك







تمكن هانز أيزنك H.J. Eysenck من تحديد ثلاثة عوامل من الرتبة الثانية، وقرر أن هذه العوامـل موجـودة بشـكل متكـرر في مختلف الدراسات، وهي عوامل : الانبسـاط – الانطـواء، والعصـابية – الاتـزان، والذهانيـة .

ولم يعتقد أيزنك أن كل شخص إما منبسط وإما غير منبسـط، وإمـا 100% عصـابي وإمـا غـير عصـابي عـلى الإطلاق …، وهكذا في الذهانية، ولكن كل الناس يكشفون عن درجة ما في كل الأنماط الثلاثة، فقد يكشـف بعـض الأشخاص عن كثير من الانبساط، وبعض العصابية، وقليل من الذهانية …، وغير ذلك، وتقع درجات غالبية النـاس داخل المدى المتوسط، ومن الصعب أن نجد الأشخاص الذين يمثلون النمط النقي .

ويرى أيزنك أن الشخصية تتحدد – إلى أبعد مدى – عن طريـق الجينـات، وأن تـأثير البيئـة محـدود جـداً، ويرى أن قرابة 60% من الفروق الفردية في سمات الشخصية (الانبساط، والعصابية، والذهانية) تحددها الوراثة.

ويفترض أيزنك – على مستوى النمط - وجود خمسة أبعاد عريضة هي: الانبساط، والعصابية، والذهانيـة ، والذكاء، والتقدمية. وعلى الرغم من أن أيزنك والمدرسة الإنجليزية يعترفون بأهمية العاملين الأخيرين: (الذكاء والتقدمية)؛ مـن حيث هي عوامل أساسية كامنة وراء الفروق الفردية الإنسانية، فهم يتبعون ما اصطلح عليه كثير مـن البـاحثين في معالجة القدرات والاتجاهات بوصفها مجالات منفصلة لا تندرج تحت عنوان الشخصية .

تعريف البعد

البعد Dimension مفهوم رياضى يعني الامتداد الذي يمكن قياسه، ويشير مصـطلح البعـد أصـلاً إلى الطـول والعرض والارتفاع (الأبعاد الفيزيائية)، ولكن اتسع معناه الآن ليشـمل أبعـاداً سـيكولوجية، فـأي امتـداد أو حجـم يمكن قياسه فهو بعُْد، وكثير من سمات الشخصية توصـف بمركزهـا عـلى بعـد ثنـائي القطـب Bipolar كالسـيطرة والخضوع، الاندفاع والتروي، الهدوء والقلق …، إلخ، ومعظم الوظائف ذات تنوع متصل على طول البعـد 

ولكل فرد درجة وموقع على البعد الواحد، ولا يوجد شخص خارج امتداد البعد، وتقُـاس الأبعـاد عـن طريـق أدوات قياس متعددة، وبعد الشخصية مفهوم مجرد، فلم ير أحد بعد الشخصـية أبـداً بشـكل محسـوس، بـل إنـه تخطيط رمزي يساعدنا على فهم الشخصية وقياسها.

أولا : بعد الانبساط Extraversion

المنبسط النموذجي شخص اجتماعي، يحب الحفلات، وله أصدقاء كثيرون، ويحتـاج إلى أنـاس حولـه يتحـدث معهم، ولا يحب القراءة أو الدراسة منفرداً، ويسعى وراء الإثارة، وينتهز الفرص، ويتطـوع لعمـل أشـياء لـيس مـن المفروض أن يقوم بها، ويتصرف بسرعة دون تروّ، وهو شخص مندفع على وجـه العمـوم، مغـرم بعمـل المقالـب (دون قصد شرير)، وإجاباته دائماً حاضرة، يحب التغيير عادة، ويأخذ الأمور هوناً (ببساطة)، متفائل وغير مكـترث، يحب الضحك والمرح، ويفضل أن يكون دائـم النشـاط والحركـة، وأن يقـوم بـأعمال مختلفـة، ويميـل إلى العـدوان ، وينفعل بسرعة ، ويمكن القول بصفة عامة بأنه لايسيطر على انفعالاته بدقة، ولا يعُتمد عليه أحياناً.

أما المنطوي النموذجي فهو شخص هادئ ومتروّ ومتأمل، مُغرم بالكتب والقراءة أكـثر مـن غـيره مـن النـاس، محافظ ومتباعد (معتزلي) إلا بالنسبة لأصدقائه المقربين، وهو يميل إلى التخطيط مقـدما، أي: أنـه يتريـث قبـل أن يخطو أية خطوة، حريص، ويتشكك في التصرف المنـدفع السريـع، ولا يحـب الإثـارة، ويأخـذ أمـور الحيـاة اليوميـة بالجدية المناسبة، ويحب أسلوب الحياة الذي تم تنظيمه بطريقة جيدة، ويخُضع مشاعره للضبط الـدقيق، وينـدر أن يسلك بأسلوب عدواني، ولا ينفعل بسهولة، ويعُْتمََد عليه، ويميـل إلى التشـاؤم، ويعطـى أهميـة كبـيرة للمعـايير الأخلاقية .

ولا يتُوقع أن يحقق كل منبسط كل هذه السمات الفرعية بل نسبة كبيرة منها فقط، وكذلك الحـال بالنسـبة للمنطوي في السمات الخاصة به، مع ملاحظة أن غالبية الأفراد (قرابة الثلثين) يقعون في مركز وسط بين الانبسـاط والانطواء ، وتميل درجة الانبساط إلى أن ترتفع لدى الذكور عن الإناث، وتتناقص بمرور العمر، ولا تـرتبط بالطبقـة الاجتماعية الاقتصادية


ثانيا: بعـد العصابية Neuroticism

العُصــابية Neuroticism مقابــل الاتــزان الانفعــالي بُعــد أســاس في الشخصــية، يشــير إلى الاســتعداد للإصــابة بالاضطراب النفسي، أي: العُصاب Neurosis، وحتى يظهر العصاب الفعلي إلى حيـز الواقـع فلابـد أن يتـوافر – إلى جانب الدرجة المرتفعة من العصابية – قـدر مرتفـع مـن الضـغوط البيئيـة الخارجيـة أو الداخليـة؛ أي المشـقة أو الكرب أو الضغوط Stress، لأن :
العصاب = العصابية × المشقة أو الكرب


تشير الدرجة العليا في بعد العصابية إلى عدم الثبات الانفعالي، والتقلـب، وزيـادة الأرجـاع الانفعاليـة، ويميـل الأشخاص الذين يحصلون على درجات مرتفعة في هذا البعد إلى أن تكون استجاباتهم الانفعالية مبالغـاً فيهـا، كـما أن لديهم صعوبة في العودة إلى الحالة السوية بعـد مـرورهم بـالخبرات الانفعاليـة، وتتكـرر الشـكوى عنـد هـؤلاء الأشخاص من اضطرابات بدنية غامضة من نوع بسيط، من مثـل : الصـداع، والاضـطرابات الهضـمية، والأرق، وآلام الظهر…، وغيرها، كما يقرون بأن لديهم كثـيراً مـن الهمـوم والقلـق وغيرهـا مـن المشـاعر الانفعاليـة الكريهـة أو السيئة، ومن سمات العصابية كذلك : القلق، والاكتئاب، والشعور بالذنب، وانخفاض توقير الذات، والتـوتر، وعـدم المعقولية، والخجل، وتقلب المزاج، والانفعالية .



ثالثاً: بعد الذهانية Psychoticism

الذهانية Psychoticism هي البعد الثالث في الشخصية (بالإضـافة إلى بعُْـدَي الانبسـاط والعصـابية)، وهـي نمط في الشخصية عكسه التحكم في الاندفاعات Impulse control، يوجد بدرجات مختلفـة لـدى جميـع الأفـراد ، مع أن توزيع الدرجات المستخرجة من الاستخبارات التي تقيسه غير اعتدالي، والملاحظ أن درجات الذكور تميل إلى أن تكون أعلى من الإناث في هذا البعد، وتميـل درجـة الذهانيـة إلى أن تكـون أقـل لـدى أفـراد الطبقـة الوسـطى ، وتتناقص بزيادة العمر، ويشير ارتفاع درجة الذهانية إلى قابلية الفرد لتطوير شذوذ نـفسي، ويوصـف الشـخص ذو الدرجة المرتفعة من الذهانية بما يلي :
 
عدواني، وبارد، وقاسٍ، وغير متعـاون، وصـاحب سـلوك مغـرب، ومضـاد للمجتمـع، ومثـير للمشـكلات عـادة ، ومتمركز حول ذاته، ولا يتأثر بالمشاعر الشخصية، ومندفع، ومتبلـد، َّ وشـكاك، وغـير تقليـدي، وباحـث عـن اللـذة ، وصارم العقل، ومتصلب، وله ذوق غير طبيعي، ويصفه من حوله بأنه غريب، هذا بالإضافة إلى سمات خاصـة مـن مثل: عدم الحساسية، ونقـص الاهـتمام بـالآخرين ورعـايتهم، وبخـس النـاس أشـياءهم، وعـدم التعـاطف معهـم ، والمخاطرة، وعدم الاكتراث بالأخطار، وعدم الاهتمام بالمواضعات الاجتماعية، وحب الأشياء الغريبة أو غير العاديـة كأفلام الحرب والرعب، ولا يقدر التعليم، ولديه اضطراب في المزاج، ولديه أفكار انتحارية، وهلوسات، وهذيانات.
 
كما يتسم ذو الدرجة المرتفعة في بعد الذهانية – اعتماداً على نتائج المقاييس النفسـية – بانخفـاض الطلاقـة اللفظية، وانخفاض الأداء في جهاز الرسم بالمرآة، وانخفاض الأداء في اختبار الجمع المستمر، والبطء في تبـدد الكـف وانتهائه، وضعف في تركيز الانتباه، وسهولة تشتت انتباهه، وسوء الذاكرة، والبطء في الأعـمال العقليـة والإدراكيـة ، وقلة الحركة أو اضطرابها، وبطء التكيف للتغير في البيئة .



وبعد الذهانية ليست هـي المـرض العقـلي، أي: الـذهان Psychosis، فلـم يوضـع عامل الذهانية لـيرادف الاسـتخدام الإكلينـيكي للمصـطلح، ولكـن يكشـف الـذهانيون (حـالات الفصـام، والهـوس ،والاكتئاب) عن درجة مرتفعة في هذا البعد، وكذلك المجرمون والسيكوباتيون، ولم يقصد بمقياس بعد الذهانية أن يكون أداة تشخيص إكلينيكية.



جدول يبين السمات المرتبطة بالأبعاد الثلاثة لنموذج أيزنك للشخصية 





Mohammed
Mohammed