مربع البحث

ماهي الذكاءات المتعددة

ماهي الذكاءات المتعددة





مقدمة

في سنة 1904 طلب وزير التعليم العام في باريس من عالم النفس الفرنسي Alfred Binet ومجموعة من زملائه أن يطوروا وسيلة لتقرير أي طلاب من المرحلة الابتدائية يواجهون خطر الرسوب ليمكن تقديم اهتمام علاجي لهم. فكان أن ظهرت نتيجة تلك الجهود أول اختبارات للذكاء. وبعد عدة سنوات تم نقل هذا النوع من الاختبارات إلى الولايات المتحدة حيث أصبح أمر شائعة تماما كما كان الحال مع فكرة أن هناك شيئا اسمه "ذكاء" ويمكن قياسه موضوعية والتعبير عنه بعدد منفرد أو بدرجة ذكاءIQ.

بعد مرور ثمانين عاما تقريبا على تطوير أول اختبارات للذكاء، بادر عالم النفس Howard Gardner في جامعة Harvard إلى تحدي هذا المعتقد المقبول من عامة الناس. قال إن ثقافتنا قد ضيقت تعريف الذكاء إلى درجة كبيرة وقال في كتابه المعنون إطارات العقل (1983 ,Gardner) بوجود سبعة ذكاءات أساسية على الأقل. 

وأضاف مؤخرا ذكاء ثامنا وتحدث عن احتمال وجود ذکاء تاسع . وفي نظريته عن الذكاءات المتعددة، سعی Gardner إلى توسيع نطاق الإمكانات البشرية إلى ما وراء حدود العلامات التي تسجلها اختبارات الذكاء IQ. وقد شك Gardner جدية في مدى صدقية تحديد ذكاء شخص ما من خلال إبعاد ذلك الشخص عن بيئته التعليمية الطبيعية والطلب منه أن يقوم بأفعال معزولة متفرقة لم يفعلها من قبل - وربما لن يفعلها مختارة مرة أخرى. وطرح بدلا من ذلك مقولة أن الذكاء يتعلق كثيرة بالقدرة على حل المشكلات وعلى تشكيل المنتجات في محيط طبيعي غني بالسياق.

مفهوم الذكاءات المتعددة

عرف جاردنر Gardner (1983) الذكاء بأنه قدرة Ability، أو إمكانية Potential بيولوجية نفسية كامنة لمعالجة المعلومات، التي يمكن تنشيطها في بيئة ثقافية لحل المشكلات أو إيجاد نتاجات لها قيمة في ثقافة ما.

ويشير هذا التعريف إلى أن الذكاء عبارة عن إمكانيات أو قدرات يعتمد تنشيطها على البيئة الثقافية، وقد حدد جاردنر مفهوم الذكاء في النقاط الأساسية التالية : 

- القدرة على حل المشكلات لمواجهة الحياة الواقعية . 
- القدرة على توليد حلول جديدة للمشكلات . 
- القدرة على إنتاج أو إبداع شيء ما يكون له قيمة داخل ثقافة معينة


وأثمرت بحوث "جاردنر" عن كتابه "أطر العقل" (1983) الذي تمكن بمجرد استخدام كلمة (ذكاءات) بدلا من (ذكاء) من الابتعاد عن نظرية معامل الذكاء (.I.Q) التي التزمت بمبدأين أساسيين هما؛ أن الإدراك البشري أحادي، وأنه يمكن وصف الأفراد بأنهم يمتلكون ذكاء فرديا قابلا للقياس الكمي، ونفى "جاردنر" الاعتقاد السائد الذي يقول بأن الذكاء قيمة محددة تستمر مع الإنسان مدى الحياة وأن الفرد الذي يمتلك قدرات ذكائية أفضل من غيره تبقى ثابتة لديه وغير قابلة للتعديل أو التغيير، حيث أوضح أنه لا يمكن وصف الذكاء على أنه كمية ثابتة يمكن قياسها وغير قابلة للزيادة أو التنمية بالتدريب و التعليم، فكل قدرة عقلية تتطلب حتى تظهر اجتماع ثلاثة عناصر هي وجود موهبة طبيعية (تتضمن الوراثة والعوامل الجينية )، و تاریخ شخصي يتضمن مجموعة الخبرات الداعمة من المقربين سواء في محيط المدرسة أم الأسرة، وتشجيع ودعم من الثقافة السائدة. 

كما تشير نظرية الذكاءات المتعددة إلى أن التلاميذ الذين لا ينجحون بسبب نواحي قصورهم في مجال ذكاء معين يستطيعون في حالات كثيرة أن يتجنبوا هذه العقبات باستخدام طرق بديلة، بحيث تستثير ذكائهم الأكثر نموا وتقدمة، ومن ثم فإن هذه النظرية لا تميز بين الأفراد في ضوء درجة ما يملكون من ذكاء ، وإنما بنوعية هذا الذكاء . 

وتختلف رؤية جاردنر عن اختبار معامل الذكاء (.I.Q) أو وسائل قياس الذكاء الأخرى؛ فبدلا من الحديث عن مقیاس واحد لقياس الذكاء قياسا كمية نجد أن طريقة جاردنر تستكشف الطريقة التي تثمن بها ثقافات معينة الأفراد، وكذلك الطريقة التي يخلق بها الأفراد منتجات مختلفة أو يخدمون ثقافاتهم في قدرات متنوعة. 

وقد عرف جاردنر الذكاء بأنه القدرة على حل المشكلات أو إضافة ناتج جديد يكون ذا قيمة في واحد أو أكثر من الإطارات الثقافية معتمدة في ذلك على متطلبات الثقافة التي نحيا في كنفها. ويرى جاردنر أن النجاح في الحياة يتطلب ذكاءات متنوعة، وأن أهم إسهام يمكن أن يقدمه المعلم من أجل تنمية الأطفال هو توجيههم نحو المجالات التي تتناسب وأوجه التميز لديهم حيث يحققوا الرضا والكفاءة، وبدلا من توجيه معظم الوقت والجهد نحو ترتيب الأطفال علينا أن نهتم باكتشاف أوجه الكفاءة والموهبة لديهم لنقوم بتثمينها .

والجدول الآتي يعقد مقارنة بين النظرة التقليدية للذكاء والنظرة المعاصرة في ضوء نظرية الذكاءات المتعددة :




مقارنة بين النظرة التقليدية للذكاء والنظرة المعاصرة في ضوء نظرية الذكاءات

النظرة التقليدية للذكاء

نظرية ذكاءات المتعددة

يمكن قياس الذكاء من خلال اختبارات الأسئلة والإجابات القصيرة مثل:

1.      مقیاس ستانفورد بينيه للذكاء

2.      مقياس وكسلر للذكاء

3.      مقياس ودكوك جونسون

4.      اختبارات الاستعدادات المدرسية

تقييم الذكاءات المتعددة للأفراد من خلال أنماط ونماذج التعلم وأنماط حل المشكلات. لا يتم استخدام اختبارات الأسئلة والإجابات القصيرة نظرا لأنها لا تقيس الفهم العميق أو التعمق في الاستيعاب أو نواحي التميز المتداخلة لدى الفرد.

يولد الإنسان ولديه كمية ذكاء ثابتة.

 

الإنسان لديه كل أنواع الذكاءات، ولكن كل إنسان لديه بروفيل أو مجموعة فريدة تعبر عنه.

مستوى الذكاء لا يتغير عبر سنوات الحياة.

 

يمكن تحسين وتنمية كل أنواع الذكاءات، وهناك بعض الأشخاص يتميزون في نوع واحد أو أكثر من الذكاءات.

يتكون الذكاء من قدرات لغوية ومنطقية.

 

هناك أنماط أو نماذج عديدة للذكاءات التي تعكس طرقا مختلفة للتفاعل مع العالم.

في الممارسة التقليدية يقوم المعلم بشرح وتدریس نفس المادة المدرسية لجميع التلاميذ.

يهتم المعلمون بفردية المتعلم، وجوانب القوة وجوانب الضعف لديه، والتركيز على تنميتها

يقوم المعلم بتدريس موضوع أو مادة دراسية.

 

يقوم المعلمون بتصميم أنشطة أو أنماط تدور حول قضية ما، وربط الموضوعات ببعضها البعض




الأسس المعرفية لنظرية الذكاءات المتعددة

يمكن تلخيص الأسس المعرفية الرئيسة لنظرية الذكاءات المتعددة فيما يلي : 
  1. كل فرد يمتلك ثمانية ذكاءات - ويمكن أن تكون أكثر - ولكن الأفراد يختلفون في نسبة وجود كل ذكاء لديهم.
  2. معظم الناس يستطيعون تطوير كل ذكاء من هذه الذكاءات إلى مستوى ملائم من الكفاءة في حالة وجود الدعم الملائم من المحيطين والبيئة أو الثقافة التي يعيشون بها، لأن وجود الاستعداد الوراثي وحده لا يكفي ما لم تتم تنميته من قبل البيئة المعاشة. 
  3. تعمل الذكاءات بشكل جماعي متناغم، وبطرق متعددة ومعقدة، فأداء أي مهمة ولو كانت بسيطة يتطلب تآزرا بين أكثر من ذكاء لإنجازها، ومعنی ذلك أن استقلالية هذه الذكاءات مسألة نسبية. 
  4. هناك العديد من الوسائل والاستراتيجيات ليكون الفرد ذكيا ضمن أي نوع من أنواع الذكاءات المتعددة  

الأسس العلمية لنظرية الذكاءات المتعددة

على الرغم من أن نظرية جاردنر ليست أول نموذج يشير إلى أن الذكاء البشري متعدد إلا أن ما يعزز هذه النظرية هو ارتكازها على مدى واسع من العلوم والمصادر كالأنثروبولوجيا، وعلم النفس المعرفي، وعلم النفس التطوري، والقياس النفسي، ودراسات الحالة التي تتناول السيرة الذاتية للأفراد، والطب البشري، والطب البيطري، وعلم وظائف الأعضاء، وعلم الأعصاب .

وقد وضع جاردنر عددا من المعايير يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند دراسة أي قدرة مقترحة لاعتبارها ذكاء ضمن الذكاءات المتعددة، وهذه المعايير مشتقة من العلوم السابقة، وهي :

المعيار الأول : عزلة أو استقلالية القدرة في حالة التلف الدماغي : اعتمد جاردنر في هذا المعيار على أبحاث الدماغ التي توصلت إلى تحديد المناطق الدماغية والعصبية المسؤولة عن كل نشاط حيوي يقوم به الفرد والتي أثبتت أن هذه المناطق تتمتع باستقلالية نسبية في وظائفها تتيح نوعا من التخصص، بحيث إذا تعرضت قدره معينه للتلف، فإن القدرات أو الذكاءات الأخرى تبقى سليمة ويظهر ذلك جليا عند الأفراد الذين تعرضوا إلى إصابة في منطقه بروکا ( Broca ) ( الفص الجبهي الأيسر ) حيث يتأثر لديهم الذكاء أو القدرة اللغوية فيظهر لديهم صعوبة في التحدث والقراءة و الكتابة، ولكن تبقى القدرات الأخرى تعمل بالكفاءة نفسها والفاعلية كالقدرة الرياضية المنطقية، والقدرة الموسيقية، والقدرة الحركية، والذكاء الانفعالي، كذلك الأشخاص الذي يتعرضون لتلف في الفص الجبهي في النصف الكروي الأيمن تتأثر قدراتهم الموسيقية، بينما تلف الفص الجبهي يؤثر على الذكاء الشخصي، وهكذا تبعا للمنطقة المسؤولة عن كل ذكاء.

المعيار الثاني : وجود تاريخ تطوري ونمائي للذكاء : يستند هذا المعيار على علم النفس التطوري الذي يبحث في تطور القدرات البشرية مع العصور الزمنية وهو يؤكد على أن لكل قدرة تاريخ تطورية عبر الزمن يقوم على القوانين البيولوجية التي تعتمد على الانتقاء والاستخدام والإهمال لهذه القدرة، فمثلا بدأ تاريخ الذكاء الجسدي الحركي والذكاء الطبيعي من نشاطات الصيد و التنقل والهجرة بحثا عن الأمن والغذاء ثم في نشاطات الرعي والزراعة (25 :1983 ,Gardener).

المعيار الثالث : وجود مجموعه من العمليات والإجراءات و المعالجات التي يشتمل عليها الذكاء والتي تؤدي إلى الصورة النهائية لهذا الذكاء : ويؤكد جاردنر أن كل ذكاء يتضمن مجموعة من العمليات أو الإجراءات التي تدفع الأنشطة المختلفة لذلك الذكاء؛ فعلى سبيل المثال الذكاء الموسيقي يتكون من حساسية الفرد لاتساق الأصوات، وتأليف الألحان، والإيقاع، والبناء الموسيقي . والجدول التالي يبين العمليات والمعالجات الأساسية لكل ذكاء :


الذكاء

العمليات والمعالجات الأساسية لكل ذكاء

اللغوي

 

الحساسية للأصوات والتراكيب اللغوية والمعاني واستخدام الكلمات والتلاعب بالألفاظ .

الجسمي - الحركي

 

القدرة على إنتاج الحركات والمعالجة اليدوية للأشياء بمهارة .

المنطقي - الرياضي

الحساسية للأنماط العددية والرياضية والقدرة على معالجة العمليات الحسابية المعقدة.

البصري - المكاني

القدرة على معالجة الرموز البصرية المكانية وتصورها في الفراغ وتشكيلها في الواقع.

الموسيقي

 

الحساسية للصوت، إدراك اللحن وتمييز الإيقاعات المختلفة، ثم إنتاج الألحان وتقييم التعبيرات الموسيقية .

الشخصي

 

القدرة على إدراك المشاعر والانفعالات وتمييزها والقدرة على معرفة مواطن القوة والضعف الذاتية .

بين الشخصي

 

القدرة على إدراك مشاعر الآخرين وانفعالاتهم ودوافعهم ورغباتهم والاستجابة لها.

الطبيعي

 

القدرة على تمييز الأنواع المختلفة من المظاهر الطبيعية من أحوال جوية أو تضاريس أو حيوانات وإدراك العلاقات المختلفة بينها.





وبالإضافة إلى العمليات السابقة فان لكل ذكاء عمليات معرفية متصلة بمجالات الذاكرة والانتباه والإدراك وحل المشكلات، وقد تكون الذاكرة المسؤولة عن الألحان هي نفسها المسؤولة عن حفظ الأرقام والوجوه، وقد يكون للفرد القدرة على إدراك الألحان الموسيقية ولكن ليس لديه القدرة على تمييز الكلام الشفوي .

المعيار الرابع: القابلية للترميز في نظام رمزي : من أفضل المؤشرات على السلوك الذكي وفقا لجاردنر هو قدرة الإنسان على استخدام الرموز، ويشير جاردنر بأن القدرة على الترميز هي أحد أهم العوامل التي تميز الإنسان عن غيره، وأن كل ذكاء من الذكاءات المتعددة تفي بمحك قدرته على أن يعبر عنه رمزية، وكل ذكاء في الحقيقة له أنساقه الرمزية الفريدة .

المعيار الخامس : وجود تاريخ نمائي متطور مميز للفرد : يؤكد جاردنر من خلال هذا المعيار على أن الذكاء ليس سمة مطلقة ثابتة منذ الميلاد وخلال الحياة كما ترى النظرية التقليدية للذكاء، بل إن لكل ذكاء من الذكاءات نمط نمائية خاصة به يبدأ منذ الطفولة وينمو خلال المراحل النمائية المتتالية، فالذكاء الموسيقي مثلا يبدأ في مرحلة عمرية مبكرة ويبقى مرنا حتى الشيخوخة فمثلا موزارت ألف الموسيقى في سن الثالثة وكتب السيمفونيات في سن التاسعة وبقيت موهبته متألقة رغم تقدمه في العمر، أما بالنسبة للذكاء المنطقي فيختلف المسار النمائي له حيث يظهر في مرحلة متأخرة من الطفولة ويبلغ ذروته في مرحلة المراهقة ويتدهور مع التقدم في العمر، وهذا التاريخ النمائي يخضع إلى ما تقدمه البيئة والثقافة من ظروف تساعد على نمو هذا الذكاء وظهوره لدى الفرد أو تدهوره وتلاشيه، فلكل ذكاء فترة حرجة ومؤشرات تدل علية في مرحلة عمرية معينة، وإذا لم يتم الاهتمام والعناية به في هذه الفترة فان الذكاء سوف يتدهور ويتلاشى، ولهذه الفكرة أبعادها التربوية الهامة حيث يجب على الأنظمة التربوية أخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار عند بناء المناهج الدراسية وفي إجراءات التقييم والتشخيص

المعيار السادس : وجود عدد من حالات غير العاديين مثل الطفل المعجزة، والموهوبين ذوي الإعاقات، والعباقرة، والأفراد الخارقين للطبيعة : والمقصود بالأفراد غير العاديين أو الاستثنائيين : الأفراد الذين يظهرون تطورا وتفوقا في قدرة أو ذكاء معين، بينما يظهرون في الوقت نفسه تدنيا ملحوظة في القدرات أو الذكاءات الأخرى، وهذا يؤكد العزلة النسبية للقدرات العقلية، ومثال ذلك الأفراد الذين يظهرون تفوقا في القدرات الرياضية المنطقية والفراغية وفي الوقت نفسه لديهم قصور واضح في القدرة على التواصل مع الآخرين والتفاعل الاجتماعي كذلك الأفراد ذوي الإعاقة العقلية الذين يظهرون تدنيا واضحا في القدرات اللغوية والقدرات الرياضية المنطقية ولكنهم مبدعون في القدرة الجسدية الحركية، فينتجون أعمالا يدوية وحرفية غاية في الإتقان والجمال، أو مبدعون في الرقص وأداء الحركات التعبيرية والحساسية للألحان والموسيقى، فيرقصون بانسجام وتفاعل مع الألحان، كذلك الأفراد الموهوبون والمتفوقون ذوو صعوبات التعلم، الذين يحققون تفوقا ملحوظ في بعض المهارات الأكاديمية وبالوقت نفسه يظهرون صعوبات تعلميه في الجوانب الأكاديمية الأخرى .

المعيار السابع : الدعم من المهام السيكولوجية : حيث كشفت الدراسات النفسية عن صعوبة تحويل مهارة معينة من مجال إلى مجال آخر كالدراسات التي تبحث في القدرات المعرفية مثل الذاكرة والإدراك والانتباه، والتي تؤكد على أنه قد يظهر الفرد تفوقا في بعض القدرات وتدنيا في بعضها الآخر؛ فبالنسبة للذاكرة قد يكون لدى الفرد قدرة عالية على تذكر الكلمات والأسماء وبالوقت نفسه غير قادر على تذكر الوجوه أو الأماكن، وأفراد آخرون لديهم إدراك حاد للأصوات الموسيقية، وليس للأصوات اللفظية، وهذا يؤكد تعدد الذكاءات.

المعيار الثامن : الدعم من نتائج الدراسات السيكومترية : استفاد جاردنر من نتائج الاختبارات والمقاييس التقليدية للتأكيد على وجود الذكاءات المتعددة، فمثلا في اختبار وكسلر للذكاء يضم اختبارات فرعية تتطلب ذكاء لغويا (معلومات ومفردات) وذكاء منطقيا (كالرياضيات)، وذكاء مكانيا (كترتيب الصور) وبدرجة أقل ذكاء جسميا (كتجميع الصور)، والأفراد قد يتفاوتون في الإجابة على فقراته، فقد يحصل الفرد على درجة مرتفعة على الفقرات الخاصة بالألفاظ والمعاني والمترادفات، ودرجة متدنية على الفقرات الخاصة بترتيب الصور أو التجميع، وهذا التفاوت في الدرجات يدعم فكرة الاستقلالية النسبية للذكاءات المتعددة .


أنواع الذكاءات المتعددة 

قدم Gardner خلال نظريته سبعة أنماط للذكاء -قابلة للزيادة- تمثل كل منها مجموعة من المهارات المختلفة اللازمة لحل المشكلات المتباينة، كما أن لكل نمط من هذه الأنماط أساسه في مخ الإنسان وفي جهازه العصبي، ثم أضاف عام 1996 نمطا آخر لهذه الذكاءات لتصبح ثمانية أنواع، والشكل التالي يوضح هذه الذكاءات :






وفيما يلي وصف لهذه الذكاءات :

الذكاء اللغوي - اللفظي Linguistic - Verbal Intelligence : 
هو القدرة على استخدام الكلمات بكفاءة شفوية و/ أو كتابية ( كما في رواية الحكايات والخطابة وكتابة الشعر والتمثيل والصحافة والتأليف)، وهذا الذكاء يتضمن قدرة الفرد على معالجة البناء اللغوي وترتيب الكلمات وفهم معاني الكلمات، وإيقاعها وتصريفها، كذلك الاستخدام العملي للغة وذلك بهدف البلاغة أو البيان (لإقناع الآخرين)، أو بهدف التذكر. 

ومن المؤشرات الدالة على هذا الذكاء عند الأطفال ما يلي:
  • - يتهجى الكلمات بسهولة شفوية أو كتابية . 
  • - يحب القراءة، ويفهم ويتذكر بسهولة ما يقرأ. 
  • - يستمتع بأشكال اللغة الصوتية مثل السجع والجناس. 
  • - يحب كتابة القصص والأناشيد، أو يرويها بشكل جيد. 
  • - يمتلك حصيلة جيدة من أسماء الأشخاص مقارنة بأقرانه. 
  • - يتمتع بذاكرة قوية للأسماء الأماكن والعناوين.
  • - يستطيع وصف الصور شفاهية وصفا دقيقا. 

الذكاء المنطقي - الرياضي Logical- Mathematical Intelligence : 
هو القدرة على استخدام الأرقام بكفاءة والتفكير المنطقي وحل المشكلات و / أو تكوين نواتج جديدة، والحساسية للنماذج والعلاقات المنطقية والافتراضية (السبب والنتيجة)، ويشمل العمليات التالية : التجميع في فئات، والتصنيف، والاستدلال، والتعميم، واختبار الفروض، والمعالجة الحسابية، وفهم الرموز العددية التي تتطلبها أعمال المحاسبة والإحصاء وتصميم برامج الحاسوب. 

ومن المؤشرات الدالة على هذا الذكاء عند الأطفال ما يلي :
  • - الاهتمام بالبحث عن ألعاب الكمبيوتر.
  • - طرح كثير من الأسئلة عن كيفية عمل وتشغيل الأشياء .
  • - الاستمتاع بحصص الرياضيات.
  • - الاستمتاع باللعب بالمكعبات أو حل المشكلات التي تعتمد على التفكير المنطقي. 
  • - الميل إلى تصنيف الأشياء إلى أنواع وفصائل في تسلسل. 
  • - الإدراك الجيد للأسباب والعلل والنتائج المترتبة عليها. 
  • - ابتكار نماذج جديدة في العلوم والرياضيات. 
  • - استخدام رموز مختصرة لتحديد بعض الأهداف والمفاهيم.
  • - لديه إدراك عالي بالمفاهيم المتعلقة بالوقت والأوزان والسبب والنتيجة. 

الذكاء البصري - المكاني Spatial- Visual Intelligence : 
هو القدرة على التخيل وإدراك العالم البصري بدقة، والتعرف على الاتجاهات أو الأماكن، وإبراز التفاصيل، وإدراك المجال وتكوين صور ذهنية له، كذلك القدرة على تصور المكان النسبي للأشياء في الفراغ، ويتجلى بشكل خاص لدى ذوي القدرات الفنية مثل الرسامين ومهندسي الديكور والمعماريين والملاحين. 

ومن المؤشرات الدالة على هذا الذكاء عند الأطفال ما يلي :
  • - تصور المناظر الخيالية بوضوح. 
  • - قراءة الخرائط والرسوم البيانية، واستيعاب الرسوم المصاحبة لها. 
  • - الاستمتاع بالأنشطة الفنية. 
  • - رسم الوجوه بطريقة أفضل من أقرانهم. 
  • - كثرة أحلام اليقظة مقارنة بمن هم في عمرهم. 
  • - الاستمتاع بألعاب الفك والتركيب. 
  • - بناء تركيبات ومباني ثلاثية الأبعاد. 
  • - رسم خطوط وأشكال التعبير عن المهام والأعمال التي تسند إليهم. 
  • - إدراك العلاقات المكانية بين الأشكال والفراغات وتقدير الأحجام. 
  • - تفضيل الأنشطة التي يمارس فيها الرسم، والتشكيل الفني اليدوي. 
  • - تقدير المسافات، وتفضيل ألعاب التصويب.

الذكاء الجسمي - الحركي Bodily- Kinesthetic Intelligence : 
هو قدرة الفرد على استخدام جسمه بطرق بارعة وكثيرة التنوع في حل المشكلات والإنتاج، وذلك لأغراض تعبيرية ولأغراض موجهة لهدف ما، وهو يتضمن مهارات جسمية مثل: التآزر والتوازن والقوة والمرونة والسرعة.
ومن المؤشرات الدالة على هذا الذكاء عند الأطفال ما يلي :
- التفوق في واحدة أو أكثر من الألعاب الرياضية. 
- البراعة في تقليد إيماءات و حركات الآخرين أو طريقتهم المميزة في الكلام. 
- الملل من الجلوس لفترة طويلة في مكان ما لفترة طويلة ويظهر ذلك في حركاتهم. 
- الميل إلى فحص الأشياء باليد. 
- إظهار مهارة عالية في الأنشطة اليدوية. 
- استخدام أجزاء الجسم للتعبير عن الأفكار المختلفة. 
- التمتع بالعمل بالصلصال أو الخبرات الملموسة.
- تمثيل الأدوار المسرحية والقصص التي تعتمد على الحركة. 

الذكاء الموسيقي Musical Intelligence : 
هو القدرة على إدراك الألحان والنغمات الموسيقية والإنتاج والتعبير الموسيقي، وهذا الذكاء يتضمن الحساسية للإيقاع، والنغمة والميزان الموسيقي للقطعة كذلك الفهم الحدسي الكلي والتحليلي للموسيقى . 

ومن المؤشرات الدالة على هذا الذكاء عند الأطفال ما يلي :
  • - تذكر ألحان الأغنيات. 
  • - امتلاك صوت جيد للغناء . 
  • - التمييز بين الأصوات والألحان. 
  • - العزف على آلة موسيقية أو الغناء في مجموعة. 
  • - امتلاك طريقة إيقاعية متناغمة في الكلام أو الحركة.
  • - الدندة والهمهمة الدائمة. - النقر إيقاعية على المنضدة أو المقعد أثناء العمل.
  • - ابتكار إيقاعات موسيقية بأجزاء الجسم 

الذكاء بين الشخصي Interpersonal Intelligence : 
يتضمن هذا الذكاء النظر إلى خارج الذات نحو سلوك الآخرين ومشاعرهم ودوافعهم، وهو القدرة على إدراك الحالات المزاجية للآخرين والتمييز بينها وإدراك نواياهم، ودوافعهم ومشاعرهم، ويتضمن كذلك الحساسية التعبيرات الوجه والصوت والإيحاءات والمؤشرات المختلفة التي تؤثر في العلاقات الاجتماعية .

ومن المؤشرات الدالة على هذا الذكاء عند الأطفال ما يلي :
  • - التمتع بإقامة علاقات اجتماعية مع الأصدقاء . 
  • - الميل إلى الاشتراك في النوادي أو اللجان أو التنظيمات الأخرى. 
  • - إعطاء النصيحة للأصدقاء الذين لديهم مشكلات. 
  • - حب الألعاب الجماعية مع الأقران. 
  • - الاهتمام بشأن الأخرين والقلق عليهم. 
  • - الميل إلى الاشتراك في المناسبات الاجتماعية والرحلات، وإظهار الرغبة في تحمل المسؤولية. 
  • - حب مساعدة الآخرين. 

الذكاء الشخصي Intrapersonal Intelligence : 
هو معرفة الذات والقدرة على التصرف المتوائم مع هذه المعرفة، ويتضمن أن يكون الشخص صورة دقيقه عن نفسه (جوانب القوة وجوانب الضعف لديه) كذلك الوعي بالحالات المزاجية والنوايا والدوافع والرغبات والقدرة على ضبط الذات والفهم واحترام الذات؛ بمعنى أن يتوصل الفرد إلى حال من التوازن ما بين المشاعر الداخلية والضغوط الخارجية.

ومن المؤشرات الدالة على هذا الذكاء عند الأطفال ما يلي :
  • - الميل للمشروعات والأعمال الفردية. 
  • - إظهار الشعور بالثقة بالنفس والإرادة القوية. 
  • - لديه إدراك واقعي بنقاط القوة وبنقاط الضعف. 
  • - تحديد الحاجات الخاصة والسعي إلى تحقيقها. 
  • - القدرة على تجاوز مواقف الفشل والتغلب على الصعوبات. 
  • - الواقعية وعدم الخلط بين الواقع والخيال. 
  • - الاستقلال في إدارة الأعمال.
  • - تنظيم أشيائهم وجلساتهم بأنفسهم دون مساعدة. 

الذكاء الطبيعي Naturalist Intelligence : 
هو القدرة على تمييز الكائنات الحية، والحساسية للمظاهر الطبيعية وتصنيفها، وتصنيف الكائنات الحية (النباتات والحيوانات والحشرات)، وكذلك الجمادات (الصخور والمحاريات والسحب والسيارات والسلع الاستهلاكية) ويتضمن الحساسية والوعي بالتغيرات التي تحدث في البيئة المحيطة، والجيولوجيا والآثار. 

ومن المؤشرات الدالة على هذا الذكاء عند الأطفال ما يلي :
  • - تصنيف الأشياء عن طريق سماتها ومميزاتها الشائعة. 
  • - دراسة المشكلات والقضايا البيئية . 
  • - الاستمتاع بالعمل في الحديقة. 
  • - الاهتمام بتربية الحيوانات. 
  • - الاهتمام بتربية النباتات. 
  • - دراسة علم الأحياء أو النبات أو الحيوان . 
  • - التأمل في المظاهر الطبيعية.

تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -