التمييز بين الحزن والغضب والقلق

التمييز بين الحزن والغضب والقلق




تشير ملاحظات الحياة اليومية إلى أن نفس الظرف الخارجي قد يحدث حزنا عند أحد الأشخاص وقلقا عند شخص آخر وغضبا عند شخص ثالث. بل إن ظروفا تبدو متشابهة قد تحدث عند الشخص الواحد حزنا في أحد الأوقات، وقلقا في وقت آخر، وغضبا في وقت ثالث.


غير أننا لو تفطنا إلى المعاني الملحقة بالحدث لزال الغموض من الأمر وأمكننا في عامة الأحوال أن نتنبأ بالانفعال المثار. فالمعاني الكبرى عند شخص ما تحددها أنماطه التي اعتادها في تصور صنوف معينة من مواقف الحياة، وتحددها كذلك حالته النفسية إبان الموقف . فإذا كان الهم الرئيسي عند هذا الشخص هو و الخطر، فهو حلیف «قلق». وإذا كان شغله الشاغل هو و الفقدان ، فهو رهين «حزن». أما إن كانت بؤرة اهتمامه هي السلوك الجائر من المعتدي الأثيم فهو خدن «غضب». وربما تتضح الشروط الضرورية والكافية لإثارة كل انفعال من هذه الانفعالات حين نبين كيف تؤدي ظروف واحدة إلى انفعالات مختلفة .


الحزن مقابل الغضب

يؤدي انتقاص المنزلة (بالإهانة مثلا أو النقد ) إما إلى الحزن أو الغضب. فإذا كان الشخص يسلم بصحة الإهانة أو النقد بحيث ينخفض تقديره لذاته فهو حقيق أن يشعر بالحزن . كذلك يشعر بالحزن، مع عدم تسليمه بصحة الإهانة، إذا كان يعد مجرد الإهانة انعكاسا سيئا عليه . أما إذا رأى الإهانة غير صحيحة وغير مشروعة وظالمة فالأرجح أن يشعر بالغضب .


وقد يدرك الشخص أن تسليمه بصحة النقد ربما يسلمه إلى الحزن ومشاعر الذنب، فيعمد إلى دحض هذا النقد بأن يسفه المنتقد ويجرده من صفته وأهليته للنقد . فإذا نجح في ذلك فالأرجح أن ينتابه الغضب بدلا من الحزن .


الحزن مقابل القلق

حين يجد الشخص أن الخسارة ( الفقد ) قد وقعت بالفعل أو أن نطاقه الشخصي قد انتقص بنوع الخسارة فالأرجح أن يشعر بالحزن . أما إذا اعتبر نفسه سليما ما يزال وأن الخسارة أو الإصابة وشيكة فحسب فالأرجح أن يشعر بالقلق. وقد يحدث الحزن بتوقع حدث مؤذ بدلا من القلق. من أمثلة ذلك أن يعلم الشخص بخسارة مستقبلية ولتكن شخصا هاما أو وظيفة أو مكانة . فالحزن هو الناتج إذا أحس الشخص بالخسارة المتخيلة إحساسا حاضرا لا مستقبلية، أي إذا أسقطها من نطاقه قبل أن تحدث بالفعل.


القلق مقابل الغضب

السمة البارزة في حالة القلق هي "الخطر" danger : فالشخص في حالة القلق مهموم أولا وقبل كل شئ باحتمال أن يصيبه أذى وألا يملك حبلة في دفع المؤثر المؤذى. أما في حالة الغضب فإن همه الأكبر ليس في تعرضه للخطر بقدر ما هو في انتهاك حقوقه وقواعده ومبادئه، وفی جور الطرف المعتدي واستحقاقه للوم.

ولكل محتوی فكري نموذجي لانفعالات القلق والحزن والانشراح والغضب ما يناظره في أمراض القلق والاكتئاب والهوس وحالات البارانويا على الترتيب . والفرق الجوهري بين الاضطرابات النفسية والاستجابات الانفعالية السوية هو أن المحتوى الفكرى في حالة الاضطراب النفسي ينطوي على تحريف أو تشويه دائم لأحد المواقف الواقعية . فبينما تقوم الاستجابة الانفعالية السوية على تقدير معقول للموقف فإن الاستجابة المرضية تخضع إلى حد كبير لعوامل داخلية (أي سيكولوجية ) من شأنها أن تفسد عملية تقييم الواقع وتربكها.


Mohammed
Mohammed

اطلع على مقالات موقع المرجع في جوجل نيوز

يمكنك الحصول على مقالات موقع المرجع من هنا

اضغط هنا