مربع البحث

لماذا تنجح بعض الأساليب التربوية ولا تنجح الأخرى

لماذا تنجح بعض الأساليب التربوية ولا تنجح الأخرى



دور المهارات اللامعرفية 

تسهم مجموعة من العوامل التي يمكننا أن نطلق عليها المهارات اللامعرفية، أو المشكلات «الناعمة» - على غرار المثابرة، والاجتهاد، وضبط النفس، والتفاؤل، والتواصل في كشف النقاب عن التحديات التي يواجهها الأطفال الفقراء، فضلا عن الاستراتيجيات التي تساعدهم وتضعهم على طريق النجاح. وفي السنوات الأخيرة، غدت هذه المهارات - التي تعرف أيضا بمواطن القوة الشخصية - بمثابة بصيص أمل وجرعة تفاؤل ودفعة للمثابرة، لا سيما للمتخصصين في نمو الطفل، ومن ثم بدأنا ندرك الدور البارز الذي تلعبه هذه المهارات، في تحسين المحصلة النهائية للأطفال الذين يعيشون في كنف أسر محدودة الدخل. 


هذه النظرية تدعمها مجموعة من الأبحاث الواسعة في مجالات علم الأعصاب وطب الأطفال، فضلا عن علم نفس الطفل، والسلوك الاجتماعي، بعد أن ثبت بالدليل القاطع أن البيئات القاسية أو غير المستقرة، تتمخض عن تغيرات بيولوجية تطال عقول وأجساد الأطفال منذ سن مبكرة، وتعوق تلك التغيرات بدورها؛ النمو الطبيعي لمجموعة من المهارات العقلية، التي من المفترض أن تساعد الأطفال على تنظيم وضبط أفكارهم ومشاعرهم، الأمر الذي ينعکس لاحقا على افتقارهم القدرة على معالجة المعلومات، والتحكم في المشاعر بالطريقة التي تؤهلهم للتمتع بسلوكيات، ثم بمهارات ومعارف التفوق الدراسي.


تدريس المهارات اللامعرفية 

انطلاقا من طبيعة المهارات اللامعرفية المائعة - كالإصرار، والفضول، وضبط النفس، والتفاؤل، والاجتهاد، والتي تتشابه إلى حد كبير مع غيرها من المهارات، ينزع الكثير من المعلمين بشكل تلقائي إلى ترسيخها في عقول طلابهم بنفس الآلية التي يتبعونها في ترسيخ المهارات المعرفية: كالقراءة، والكتابة، والحساب، والتحليل، وما إلى ذلك. ومع كل زيادة تشهدها قيمة المهارات المعرفية، تتضاعف الحاجة إلى منهج أو كتاب أو استراتيجية تعليمية تؤهلنا لتعليم هذه المهارات. فإذا ما اتفقنا على الطريقة المثلى لتدريس نظرية فيثاغورس» مثلا، أليس من الأولى أن نتفق على الطريقة المثلى لتعليم المثابرة والعزم وحب الاستطلاع والتفاؤل؟


قد يبدو الأمر بسيطا للوهلة الأولى، لكنه ليس كذلك على المستوى العملي، فقد نجحت بعض المدارس في تطوير مناهج شاملة لتدريس مواطن القوة الشخصية، وغدت الفصول تزخر بمعلمين يتحدثون ليلا ونهارا عن قيمة المثابرة والإصرار. وعلى الرغم من ذلك - ويا للمفارقة - ما زلنا نلاحظ أن المعلمين الذين نجحوا في غرس المهارات اللامعرفية في نفوس طلابهم، هم الذين لم يأتوا على ذكرها قط خلال حصصهم ومحاضراتهم في الفصول الدراسية. إذا، هل تعجز نظم التعليم الحالية عن مساعدة الأطفال على تطوير المهارات اللامعرفية؟ وماذا لو كانت هذه المهارات تختلف قلبا وقالبا عن المهارات المعرفية؟ وكيف يكون التصرف إن لم يكن من السهل اكتسابها عن طريق الممارسة والتدريب كما نعتقد؟ وماذا لو كانت اليات إتقانها مغايرة للأساليب المرتبطة بمهارات القراءة والكتابة والحساب؟


أدركنا مع مرور الوقت أن المهارات المعرفية لا تكتسب بالممارسة والتعليم، وإنما هي نتاج لبيئة الطفل المحيطة. فإن كنا نصبو إلى توطيد عزيمة الطفل وتعزيز ثقته بنفسه، فعلينا أو أن تغير بيئته المحيطة لتلائم هذه السمات، لأن التغيير الإيجابي في البيئات، يصنع المعجزات. حتى الطلاب في المرحلتين الإعدادية والثانوية يمكن أن تتأثر مهاراتهم المعرفة بالبيئة التي يمضون أغلب أوقاتهم فيها؛ وهي المدرسة وساحات اللعب واللقاءات بأقرانهم ومربيهم.

تأثير البيئة المحيطة : التوتر

ما هي تحديد طبيعة الاضطرابات التي يفرضها الفقر، والتي تعوق تطور المهارات اللازمة لتحقيق الطفل للنجاح المنشود؟ لقد شرع الكثير من علماء الأعصاب، وعلماء النفس، وغيرهم من الباحثين في التركيز على فئة جديدة ومختلفة من منابع ومسببات المشكلات التي يعاني منها الأطفال الفقراء. ومن شأن هذا التوجه أن يعيد صياغة وتشكيل أفكارنا حول جوهر الفرص وطبيعة المعوقات والمحن. وفي النهاية اكتشف الباحثون أن الآلية التي تؤثر البيئة المحيطة من خلالها في تطور الأطفال ونموهم ونجاحهم هي التوتر. 

يعوق الفقر - لا سيما في المراحل العمرية المبكرة - عملية النمو الطبيعي لشبكة الاستجابة للضغوطات والتوترات، التي تربط بدورها بين الدماغ، والجهاز المناعي، والغدد الصماء (كالغدد التي تنتج وتفرز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول). وتتسم هذه الشبكة المعقدة من العمليات البيولوجية بحساسية مفرطة تجاه معطيات البيئة؛ إذ تظل في حالة تنقيب مستمر عن الإشارات التي ترسلها البيئة، كي تبني وفقا لها توقعاتها للأيام والسنوات المقبلة. فإن كانت هذه الإشارات تبعث على مشقة الحياة وصعوبتها، تتأهب الشبكة وتتجه نحو اتخاذ ردود أفعال استباقية كارتفاع ضغط الدم، ومضاعفة إنتاج الأدرينالين، ورفع حالة الاستعداد القصوى. 

بمرور الوقت، ومع تكرار التعرض لمثل هذه السيناريوهات، تنتج عدة مشاكل نفسية أهمها: انتكاس الجهاز المناعي، وتغيرات حيوية وفسيولوجية تؤدي إلى زيادة في الوزن، وغيرها من الأمراض التي قد تظهر على المدى البعيد؛ بداية من الربو ووصولا إلى أمراض القلب والأدهى من ذلك، هو دور التوتر في تثبيط النمو الذهني؛ حيث تتمخض معدلات التوتر العالية في مقتبل العمر عن تراجع نمؤقشرة الدماغ الجبهية أو الخلايا المخية المتقدمة في الناصية الدماغية لدى الطفل - وهو الجزء المسؤول عن التحكم في الوظائف الفكرية الدقيقة والمعقدة - ومن ثم تدهور قدرته على ضبط النفس، سواء على المستوى العاطفي، أو المستوى المعرفي على المستوى العاطفي ..

فإن التوتر المتكرر في مرحلة الطفولة - أو ما يطلق عليه الباحثون الآن التوتر الام - يوهن قدرة الأطفال على التعاطي بشكل مناسب مع الإحباطات والتحديات، ثم يضعون الأمور في قالب أكبر بكثير من حجمها الطبيعي، فيتحول الإخفاق أو الفشل المؤقت في نظرهم؛ إلى هزيمة مطلقة، والإهانات غير المتعمدة إلى حروب ومواجهات. 

أما في نطاق البيئات المدرسية، فتتمځض شبكات الاستجابة مفرطة الحساسية والمتصيدة المصادر الخطر والتهديد، عن مجموعة من السلوكيات العدائية التي تخرج في هيئة مشاجرات، وردود أفعال غير مهدبة، وافتعال المشاكل داخل الفصول، والأخطر من هذا وذاك، التخوف من أدنى درجات التواصل مع الزملاء، والتصدي لمحاولات المعلمين التي تهدف إلى التوعية والتنوير.

أما على المستوى المعرفي، فإن الترعرع في ظل بيئة فوضوية وغير مستقرة - وما يصاحبه من نوبات توتر عالية ومتكررة - يخل بتطور عدة مهارات خاضعة لقشرة الدماغ الجبهة، وهي التي تعرف بالوظائف التنفيذية. هذه الوظائف - التي تضم وتؤثر في نشاط الذاكرة، وتنظيم التنفس، والمرونة المعرفية - وتعمل بمثابة حجر الأساس أو البنية العصبية الأساسية والتحتية، التي تدعم المهارات اللامعرفية كالمثابرة والتأقلم، فضلا عن دورها الاستثنائي في معالجة المعلومات الجديدة والتجاوب مع المواقف غير المألوفة، وهو بالضبط ما يفترض أن يفعله الطفل في المدرسة على مدى اليوم، وحين تتعرض هذه الوظائف لخلل أو عطل يحول دون اكتمال نموها، تتحول المرحلة الدراسية، وما يلازمها من توجيهات معقدة، وارتباكات متكررة، إلى كابوس أزلي في حياة الطفل.

تأثير الوالدين 

المنزل والأسرة هما البيئة الأهم والأكثر تأثيرا في التطور المعرفي والعاطفي والنفسي للأطفال، إذ يعتمد الأطفال في مقتبل حياتهم على ردود أفعال آبائهم، كوسيلة يصوغون بها مفردات العالم من حولهم. وقد أطلق الباحثون في مركز تطوير ونمو الطفل في جامعة هارفارد، على هذه العملية «تفاعلات العطاء والمردود»، فمثلا يصدر الطفل صوتا أو يمعن النظر إلى شيء ما (العطاء)، فيتجاوب الآباء بمشاركة الطفل اهتمامه والرد على تمتمته وصرخاته من خلال بعض الإيماءات، أو تعبيرات الوجه، أو الكلمات مثل: «نعم يا عزيزي هذه هي لعبتك الجميلة»، أو «هل ترى المروحة؟»، أو «ما الذي يجعلك تبدو حزينا يا حبيبي؟» – وهذا هو المردود. 

تلك التفاعلات البسيطة أو حتى البدائية؛ بين الآباء والأبناء - التي قد تبدو تافهة من وجهة نظر بعض الآباء - هي مصدر الأطفال الأهم والمركزي، لتلقي المعلومات وبناء التوقعات حول ما ستكون عليه حياتهم وعالمهم ككل. بل إنها تحفز وتعز نمو الخلايا العصبية في الدماغ، تلك الخلايا التي تربط بين الأجزاء المسؤولة عن المشاعر، والمعرفة، واللغة، والذاكرة أكثر من أي شيء آخر. كذلك يمكن أن يلعب الآباء دورا أكثر أهمية، وهو يتلخص في تنظيم مشاعر الأبناء وتوتراتهم، فعندما يتجاوب الأب مع مشاعر طفله المتضاربة أو المرتبكة بطريقة حساسة ومدروسة، يبدأ الطفل في استيعاب قدرته هو الآخر على التعامل مع مشاعره بشكل إيجابي، حتى مع أصعب المشاعر وأكثرها حدة. هذا الاستيعاب - الذي لا يعتبر استيعابا فكريا من الطراز الأول، وإنما يستقر في نفسية الطفل من خلال التجارب - ينعكس انعكاسا إيجابيا على المواقف العصيبة اللاحقة - أو حتى تلك التي ستأتي بعد عشرات السنين.



لماذا يخفق العقاب؟ 

لقد أثبتت إحدى دراسات منظمة «-Turna round» غير الربحية أن أكثر ما يحتاج إليه الأطفال المعوزون في المدرسة هو «فرصة لتطوير المهارات التي تأثرت بفعل التوتر وما ترتب عليه من ردود أفعال، أو بالأحرى تطوير القدرة على التواصل والارتباط بمن حولهم، ومقاومة الضغوطات، والأهم من كل ما سبق ضبط النفس»، ولكن على أرض الواقع، تتعامل كثير من الأنظمة المدرسية مع الطلاب الذين يعانون من قصور في هذه القدرات من منظور عقيم وقاصر يجعلهم يتساءلون: «كيف نستطيع أن نؤدبهم ونهذب سلوكهم؟»، فهم لا يرونهم كأطفال لم تتطور لديهم آلات ضبط النفس بالقدر الكافي بعد، وإنما كأطفال مشاغبين يعانون من مشكلات سلوكية. 

عندما يسيء الأطفال والمراهقون التصرف، فإننا ننزع - بطبيعة الحال - إلى الحكم عليهم بأنهم قد فكروا وقرروا أن يقدموا على هذا الفعل بشكل واع وبعد دراسة متأنية لمزاياه وعواقبه، ثم تستند ردود أفعالنا إلى هذا المعتقد، فنسعي جاهدين لتنزل بهم أشد ألوان العقاب، بحيث تتسق مع حجم الخطأ. 

قد تكون هذه النزعة مبررة فقط، لو أن سلوك الطفل ينتج عن تحليل عقلاني بحت، للخسائر والفوائد التي قد تنتج عنه. إلا أن الأبحاث العصبية قد أثبتت أن سلوكيات الأطفال - لا سيما الذين تعرضوا لمحن وابتلاءات عصيبة - تحركها دوافع عاطفية ونفسية وهرمونية أبعد ما تكون عن التحليل المنطقي، والسلوك العمدي. 

لا يعني ذلك بالطبع أن يغض المعلمون الطرف عن السلوكيات المشينة داخل الفصول، ولكنه - على الأقل - يفسر لماذا تفشل أقسى أشكال العقاب في تحفيز السلوكيات المرغوبة على المدى البعيد. وبالتالي فإن أنظمة التهذيب المدرسية قد تغدو أكثر فاعلية فقط إن تحول التركيز من تكثيف العقوبات، إلى خلق بيئات توفر للطلاب ذوي الاضطرابات السلوكية الأدوات اللازمة، والسياق الملائم لتعزيز ضبط النفس، وغيره من الخصال الإيجابية.

الطبيعة المعقدة للحوافز والمكافآت 

إن السبب الرئيس وراء إضفاء الطابع السلوكي على التوجهات التعليمية، هو طبيعة النفس البشرية شديدة التأثر بالمكافآت والإطراءات والحوافز المادية، فإذا تلقينا ردود أفعال إيجابية تجاه تصرف ما، فإننا على الأرجح سنكرره أكثر من مرة. أما إن كانت التعليقات سلبية، فسرعان ما نتخلى عنه دون تردد. 

نستنتج مما سبق أن النزعة السلوكية تؤتي ثمارها بشكل أو بآخر، فالناس عامة - والأطفال خاصة - يتجاوبون مع الإشارات السلوكية بشكل جيد، ولو على المدى القريب كأدنى تقدير. وهنا يبرز دور العلماء في إثبات الفاعلية اللحظية والمحدودة لنظام الثواب والعقاب، لا سيما على المستوى التعليمي، بل وتزداد هذه الأنظمة عجزا وعقما عند التعامل مع أطفال تعرضوا لتوترات عصبية ونفسية. 

ولكن لماذا تفشل الحوافز والمكافآت في تحقيق مبتغاها مع الأطفال الأكثر فقرا والأقل تحفيزا؟ مما يزيد الأمر تعقيدا أن الأطفال الذين نشؤوا في ظل ظروف عصيبة، من المفترض أن تتضاعف لديهم الرغبة في الحصول على تعليم جيد. فالذين يحصلون على شهادات عليا غالبا ما ينعمون بحياة أفضل ممن سواهم.


وعلى الرغم من إدراك الأطفال المعوزين لهذه الحقيقة، فإنهم كثيرا ما يتخذون قرارات تعليمية تقلل من فرص تحقيقهم للنجاح، وتتعارض مع مصالحهم الشخصية، وتباعد بينهم وبين إمكانية تحسين أوضاعهم مستقبلا. ويقدم كل من «إدوارد ديسي»، و«ريتشارد ریان» أستاذي علم النفس بجامعة روتشستر - تفسيرا منطقيا لهذه الظاهرة العجيبة، إذ يتضح من خلال نظرية «إثبات الذات» أن الإنسان لا تحفزه التبعات المادية لسلوكياته، بقدر ما تفعل القيم الدفينة والمتعة الكامنة في خضم اضطلاعه وقيامه بهذه السلوكيات - وهي ظاهرة تعرف بالتحفيز الداخلي. 

وقد قسما الاحتياجات الإنسانية المعنوية إلى ثلاثة أقسام، وهي: الكفاءة، والاستقلال، والارتباط - في إشارة إلى العلاقات الشخصية والروابط الاجتماعية، وبالتالي فإن التحفيز الداخلي لا يتحقق إلا بتحقق الاحتياجات الثلاثة كلها. 

أجرى الدكتوران «ديسي» و «ریان» على مدى العقود الثلاثة الماضية مجموعة من الدراسات التي أثبتت جميعها أن المحفزات الخارجية لا تفتقر إلى القدرة على إقناع الأشخاص بالتسجيل في مشروعات ما، على المدى البعيد فحسب، وإنما تتفاقم تبعاتها لتتمخض عن نتائج عكسية في كثير من الحالات. 

ومن ثم استند الباحثان في دراساتهما الخاصة بالتعليم، إلى المبدأ القائل؛ إن الإنسان تلميذ شغوف بالفطرة، وإن الأطفال فضوليون ومبدعون «تحفزهم السلوكيات التي تدعم التعلم والتطوير». ولكن هذا المبدأ ينطوي على قدر من التعقيد، نظرا إلى أن تعلم أي شيء جديد - كالرسم، أو البرمجة، أو الجبر على سبيل المثال لا الحصر - يتطلب الممارسة والتكرار، وهي أشياء تصيب الإنسان بالملل. وقد أدرك العالمان أن غالبية المهمات التي يسندها المعلمون إلى طلابهم بشكل يومي، تفتقر إلى أدنى درجات المتعة والإرضاء الداخلي: فما المتعة في أن يسترجع الطالب جدول الضرب عشرات المرات على مدى اليوم.
 
في المرحلتين الإعدادية والثانوية، ننشغل أكثر بتعليم أبنائنا وطلابنا قيم المرونة، والمثابرة، والصبر، والصمود في وجه التحديات، من دون أن نبذل أدنى جهد لاكتشاف جذور هذه القيم ومراحل التطور والنمو التي ينبغي أن يمر بها الطفل كي يدركها ويعيشها بشكل سوي وناضج في نهاية المطاف

هنا يبرز دور المحفزات الخارجية: عندما يفرض علينا تبني بعض السلوكيات لا لتحقيق متعة داخلية، وإنما لهدف مادي آخر. فاذا ما استطاع الطلاب أن يضفوا طابعا شخصيا على المحفزات الخارجية، فإن النتائج ستكون باهرة، فحين ينجح المعلم في خلق بيئة تلبي الاحتياجات المعنوية الثلاثة للطلاب وهي: الكفاءة، والاستقلال، والارتباط يصبح الطلاب أكثر تحفيز، وإنتاجا وتفاعلا واستجابة وتأثيرة. 

ولكن كيف يتسنى للمعلم أن يخلق مثل هذه البيئة؟ ينعم الطلاب بالاستقلال داخل الفصل، متى استطاع المعلم أن «يعلي قيمة المشاركة الإرادية، ويمنحهم الحق في الاختيار» بعد أن يتخلى عن سياسة وأساليب الإكراه والتحكم . أما الكفاءة، فإنها تنبثق من حنكة المعلم المنعكسة على منح طلابه مهمات متوسطة الصعوبة، يستطيعون اجتيازها بقليل من الجهد - أي تحديات تتجاوز قدراتهم الحالية بقدر ضئيل، ولا تتطلب جهدا مضنيا. وعندما يشعر الطلاب باحترام المعلم لهم، وتقديره لجهودهم، فهنا تتولد مشاعر الارتباط. 

هذه المشاعر الثلاثة - وفقا «لديسي» و«ریان» - تحفز الطلاب بشكل تعجز عنه آلاف النجمات الذهبية والأوشحة الزرقاء والهدايا الحمراء، فإن كنت تهدف إلى تخريج جيل من الطلاب المتحفزين، فعليك أولا أن تعدل البيئة الدراسية داخل الفصول، وتوطد علاقتك بهم بالطريقة التي تدعم المشاعر الثلاثة


انتهى
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -