تهيئة الطفل لتعلم الكتابة
من الضروري أن نعمل على تهيئة الطفل للكتابة، لأنه لا يكون قادرة بعد على تحريك عضلات يديه الصغيرة وفق ما تتطلبه مهارة الكتابة، ولهذا فلابد من تهيئته فيزيولوجية ليكون قادرة على أن يمسك القلم بثلاث أصابع من يده، وأن يسيطر عليها ليرسم بها أشكال الحروف والكلمات المطلوبة، ولابد من تهيئته أيضا من الناحية النفسية ليشعر أن الكتابة عمل مفيد، وممتع وضروري.
من بين التدريبات العملية للتهيئة الكتابية :
- - تدريب التلاميذ على الجلسة الصحية، وعلى إمساك القلم، وتقليب صفحات الدفتر.
- - تدريب التلاميذ على الإمساك بالقلم بين الإبهام والسبابة، وإسناده بالوسطى.
- - تدريب التلاميذ على فتح الدفتر، وتقليب صفحاته من زاوية الورقة اليسرى من الأسفل وتجنب بل الأصابع باللعاب، وأن يتم تقليب الأوراق برفق .
كذلك فإن من المهم أن يدرك أنه في بدء تعلم الطفل تكون تخطيطاته ذات طبيعة وظيفية مرتبطة بدينامية الطفل ذاته: إذ يبدأ الطفل في تمثيل الأشكال الخارجية المفروضة عليه، وبالتدريج يدمجها في تخطيطاته التلقائية، ثم يتجاوز الطفل عاداته الأولية الأساسية، ويستبدل آلياته الفطرية بالآليات المكتسبة التي يتطلبها تعلم الكتابة .
اختيار اليد المفضلة للكتابة عند الطفل
تشير الدراسات النفسية التي أجريت في هذا المجال إلى أنه كلما كانت استخدامات الطفل لكلتا يديه متوافقة ومتجانسة، كلما كانت الظروف مواتية لتعلم الطفل الكتابة.
ومن الملاحظ أن الأطفال يفضلون استعمال إحدى اليدين على الأخرى، مع العلم بأن غالبية الأفراد يستعملون اليد اليمني في الكتابة، ونسبة بسيطة تقارب 15٪ فقط، يستخدمون اليد اليسرى، ويبدو الطفل الأيسر شاذا وإن هذه الظاهرة - أي استخدام اليد اليسرى - ترتبط أساسا بسيطرة النصف الأيمن من المخ، وعلى العموم فإن الطفل الذي يفضل استخدام اليد اليسرى، هو بالتالي يستخدم النصف الأيسر من الجسم، لذا فإنه عندما يلاحظ الوالدان والمربون أن غالبية الناس تستخدم اليد اليمنى، فإنهم يقلقون على استخدام الطفل لليد اليسرى لطفلهم، وقد يجبرانه على استخدام اليد اليمنى، وهذا قد يؤدي إلى اضطرابات عصبية ونفسية لا لزوم لها.
وعلى هذا الأساس فإن علماء النفس والتربية ينصحون جميع المربين بعدم التسرع في الحكم على الاتجاه السائد نحو نمو الطفل، وإرجاء ذلك إلى السنة الأخيرة من مرحلة الحضانة، على أن يتركوا للطفل حرية تفضيل أي يديه يستخدم، وأن ييسروا له الملاءمات الآلية التي يتطلبها وضع الورقة والقلم عند الكتابة.
مراحل تعلم الكتابة
من الأخطاء الشائعة في المجتمع هو اعتبار الكتابة مجرد نشاط يهدف إلى عملية النسخ التي يقوم بها الطفل، مع أن الواقع غير ذلك.
فالكتابة ليست مجرد رسوم فحسب، بل هي أيضا رموز تكون جملا وكلمات ذات معنى وظيفي، ولا يجوز أن تنفصل الكتابة عن وظيفتها التي تتلخص تحويل الكلام المنطوق إلى حروف و کلمات و جمل، وتعلم الطفل الكتابة تظهر من خلال نسخ الحروف التي أمامه، أو نسخ ما يملي عليه من كلمات، أو عندما يكتب تلقائيا كلمات أو جملا، يعبر عن نفسه ونشاطاته واحتياجاته المختلفة.
من الملاحظ أن تعلم الكتابة عند الإنسان لا تتم دفعة واحدة، وإنما تمر عبر مراحل معينة، حسب التطور المعرفي لدى الفرد، والمستوى العمري (النضج) لديه، وهذه المراحل هي:
1- الكتابة على ورق غير مسطر: مرحلة الشخبطة (الكتابة على ورق غير مسطر)
المرحلة الأولى لتعلم الكتابة عند الطفل مرحلة أساسية من حيث القيام ببذل المجهود لهذه العملية، وتتطلب هذه المرحلة من الطفل القيام بحركات متوافقة إلى حد ما مع تحكم الطفل البصري والحركي لضبط تشكيل الحروف المطلوبة، وأن عدم استطاعة الطفل التحكم بمسك القلم بشكل صحيح، (ما بين الإبهام والسبابة) يؤخر عملية تحرك القلم بشكل صحيح، والوضع العادي للطفل في هذه المرحلة هو مسك القلم ما بين راحة اليد، والضغط على رأس القلم ..
هذا مما يجعل الكتابة تشبه الشخبطة وتكثر عادة على الأبواب والجدران والألواح بواسطة الأقلام والطباشير أو الملونات الأخرى وتكون الشخبطة عادة ما بين العام الأول والعام الثالث من عمر الطفل، وهي المرحلة التصويرية التي يرغب الطفل أن يعبر عن الصور العقلية التي اختزنها بواسطة الخبرة الحسية الحركية في السابق إلى واقع جديد، وبصورة جديدة ويأتي دور الأسرة والروضة هنا في توفيرأدوات الكتابة من أوراق رسم غير مسطرة وأقلام تلوين، وتمثيل إمساك القلم أمامه بطريقة صحيحة ويلاحظ هنا أن خطه سيكون بشكل مائل.
2- مرحلة العمر من 3-4 سنوات (الرسم بالألوان الشمعية على ورق غير مسطر)
المرحلة الأخرى في تعلم الكتابة هي مرحلة النشاط التخطيط التلقائي ليصل بالتالي إلى نشاط منظم، وفي هذه المرحلة، يعبر الطفل عن غبطته وسروره بحركة يده التي تنساب على الورق بحرية تامة، فتحدث آثارا على الصحيفة البيضاء دون هدف مسبق للتعبير عن شيء، ولكن وإن كانت دون هدف مسبق، إلا أنها تحمل في معانيها، معنيين رئيسيين هي :
- - الأول: رغبة الطفل في نقل خبر ما للآخرين.
- - الثاني: بداية ظهور التعبير الرمزي لدى الصغير.
وعندما يطلب من الطفل إعادة كتابة أي خط أو جزء من نموذج يراه أمامه ضمن شروط معينة – وبأطوال معينة وبمساحات تحكمه فيها المربية أو المربي، وأنه في هذه المرحلة لا يترك للطفل حرية المبادرة، ثم تقوم المربية أو المربي بتقويم هذه الخطوط الأولية وتصحيحها من حيث المكان المناسب، والأطوال والاستقامة، حتى تأخذ هذه التخطيطات أشكال الكتابة الصحيحة المتعارف عليها، وبلغة أخرى تتضح الخطوط التي تميز التعبير الكتابي عن خطوط الرسم التعبيري للأطفال عند بلوغهم سن الرابعة من عمرهم تقريبا.
ولكن بقي أن نقول أن الطفل في هذه المرحلة من حياته، يكتب ويرسم حسب قيمة الشيء المراد رسمه أو الكتابة فيه، فعندما يطلب من طفل الروضة ذي الأربع سنوات أن يرسم لك نفسه في الروضة مع المعلمة وهي جالسة في مواجهة الأطفال فإنك تجد الطفل يرسم لك حجم المعلمة بحجم كبير يكاد يكون أكبر من حجم الفناء وجميع الأطفال، مثل هذه المبالغة في الرسم أو الكتابة (زيادة أو نقصانا) هي تعبير بشكل أو بآخر عن قيمة الشيء الذي يبالغ الطفل في إظهاره، وقيمة الشيء هو ما يعنيه الشيء بالنسبة للطفل، وليس لما هو عليه في واقع الآخر .
ویری فالون ورفاقه (لليان لوركا) بأن النشاط التخطيطي للطفل في هذه المرحلة يعتبر محصلة روابط وظيفية متداخلة مع بعضها البعض وتشتمل على ثلاثة مستويات هي:
أ- المستوى الحركي : يوصف المستوى الحركي للطفل بنشاط تخطيطي غير مقيد، مع تطابق تخطيطات كلتا يديه بالنسبة لمجال تطابق جسمه، كما يقع مجال تطابق جسمه على الفراغ المخصص للكتابة، إذ يضع الطفل يديه تلقائيا عند التخطيط على المحور الساقط من مجال تطابق الجسم فتتجه في البداية تخطيطات اليد اليسرى نحو اليسار، وتخطيطات اليمني نحو اليمين، أما التخطيطات الجانبية فتكون أما أفقية أو رأسية تليها خطوط دائرية أو حرکات جانبية غير مخطط لها مثل الحركات المتقاطعة التي تحدث لأجل الصدفة.
أما الكشف عن النضج الحركي الذي يصحب ظهور التخطيطات للطفل، فتبين من خلال حركة يد الطفل المتجه نحو جسمه، سواء من اليمين أو اليسار، معطية بذلك الاتجاه العام للتخطيطات، كما تبين كذلك من ابتعاد اليد عن الجسم، ودوران اليد في اتجاه سالب يمينا أو يسارا، كذلك من الدلالات على النضج الحركي، هو نضج العضلات المسؤولة عن ثني أصابع الإبهام، حيث يتم بواسطة هذا الضج الإحساس بالحركة أو ضبط الخط، ومتابعة سير الكتابة بواسطة البعد مع حركة اليد.
ب - المستوى الإدراكي : يتسم المستوى الإدراكي للطفل بتخطيطات لا تتقيد أساسا بالفراغ المعد للكتابة، فبعد أن كانت حركات العين تتبع حركة اليد فإنها تصبح تسبقها وتوجهها ويكون التقيد بالتخطيطات من عدة مستويات منها البسيط، المزدوج والتقيد المهتدي بعلامات خارجية للتخطيطات المنسوخة.
ج - المستوى الثصوري : يعتبر علماء النفس أمثال فالون، لوركا، أن التعبير الخطي للطفل هو إسقاط لحيز ذراع الطفل على الفراغ المعد لتخطيط رموز الكتابة، ومن الضروري جدا في هذه المرحلة متابعة الطفل وملاحظة تخطيطاته التلقائية والعمل على تعزيزها وتعديلها حتى تأخذ أشكالها الصحيحة.
فالطفل في سن الرابعة يبدأ بمحاولات للنسخ ورسم الكلمات، وهذا الرسم الحرفي للكلمات لترتيب أوضاع الحروف المكونة للكلمة، حيث يرتكز ذلك الإدراك على تفهم الطفل لعلاقات الحوار والتتابع والاتصال والانفعال، وكيفية الخلط بين معاني الألفاظ مثل (خرج، وحرج) وبين (لحم، حمل) الخلاصة بالنسبة لهذه المرحلة هي أن الطفل يتحول من الشخبطة إلى محاولة الرسم بألوان شمعية على ورق غير مسطر؛ لأنه لا يلتزم بالخطوط).
3- مرحلة العمر من 4-5 سنوات (النقل عن الأمشق)
(الكتابة بالألوان) ومن اسمها يظهر لنا أن الطفل سيبدأ في التحول من الرسم إلى الكتابة، والطفل في هذه المرحلة يقوم بنسخ نموذج لكلمة مكتوبة على مسافة بعيدة نوعا ما عنه (كلمة مكتوبة على السبورة أو في بطاقة معلقة على الحائط) وبتحليل تقليد الطفل لكتابة كلمات مكتوبة على مسافة بعيدة بعض الأخطاء، إذ يتطلب هذا تقليد الطفل لكتابة کلمات مكتوبة على مسافة بعيدة بعض الأخطاء، إذ يتطلب هذا التقليد انتقال بصر الطفل من وإلى النموذج المكتوب، وهذه العملية تعتبر أساسية في تعلم الطفل للقراءة والكتابة، كما يتطلب هذا التقليد مجهودا مزدوجا لتحليل الطفل لعناصر اللفظ المكتوب ثم نسخ الصور العقلية مع الحفاظ على ترتيب وضع كل عنصر منها.
ولمساعدة الطفل على اجتياز مرحلة نسخ عناصر الكلمات المكتوبة تقوم المعلمات بابتكار تمرینات تربوية هادفة، منها على سبيل المثال: إعداد بطاقات من الكرتون، فينسخ على كل حرف من الحروف الكلمات المكتوبة التي يقوم الطفل بالتعرف عليها وترتيبها وفق عناصر النموذج المكتوب أمامه. هذا التمرين يساعد الطفل في سن الخامسة والسادسة على نسخ النماذج المعينة لأي كلمة يراها من قريب أو بعيد، وتساعده على الكتابة بشكل عادي.
4- مرحلة العمر من 5-6 سنوات (الوصل بين النقاط)
تؤكد الملاحظة المنظمة للأطفال فيما بين سن الخامسة والسادسة من العمر أهمية العمر العقلي للطفل كعامل أساسي ومؤثر في تعلم الكتابة، كما تشير إلى مستوى النضج الحركي والتصوري لدى الطفل، والإدراكي للمحيط الخارجي الذي يتعامل معه، بمعنى آخر أن إرغام الطفل على تعلم الكتابة قبل سن الخامسة من شأنه تكليفه بعمل صعب يتطلب منه مستوى معين من النضج العقلي والجسمي، وهذا المستوى من النضج لم يصل إليه الطفل بعد بحكم سنه المبكرة.
لهذا ينصح علماء النفس والتربية بجعل فترة ما قبل الخامسة من العمر فترة لتدريب الأطفال على تعلم مبادئ القراءة والكتابة عن طريق تدريبات نوعية تناسب تطور نموهم الحركي والعقلي، حتى يتم الضج الحركي والبصري، ويصبح لدى الطفل تآزر عضلي بصري عن طريق إمساك الطفل للقلم والسيطرة على حركات يديه وذراعه ومتابعة سير الكتابة
ويلاحظ في هذه المرحلة أن الطريقة المثلى في تعلم الطفل للكتابة هي إعادة الوصل بين النقط في المثال المكتوب بهذا الشكل أمامه كما يلاحظ أن حركة اليد عند كتابة الحرف أو الكلمة يجب أن يكون بالطريقة الصحيحة التي تبدأ بها المعلمة كنموذج للتلميذ، ويجب على المعلمة (المعلم) في هذه المرحلة متابعة ملاحظة طريقة الطفل عند رسمه الحروف فوق النقط وهذا يتم من خلال التجوال المستمر بين الأطفال عند كتابتهم.
كما يراعي وضع أسهم تشير إلى طريقة البدء والسير في الكتابة حتى يتعود الطفل الطريقة الصحيحة، كما يراعي ملاحظة الجلسة الصحيحة والطريقة الصحيحة في إمساك القلم وأن العين هي التي توجه اليد وليس العكس
تمارين لتهيئة الطفل للكتابة
هذف هذه التمارين هو التقليل من تشنج يد الطفل على القلم أو الفرشاة أثناء الرسم أو أثناء تدريبه على مبادئ الكتابة ومنها :
- غمس يد الطفل في الماء وفردها ونثر المياه منها بالتحريك المستمر لبضع ثوان.
- التقاط حبات الرمال بين (الإبهام والسبابة) أو بين (الإبهام والوسطى) أو بين (الإبهام والوسطى والسبابة) لوضعها في كيس من القماش لعمل وسادة من الرمل.
- تقطيع ورق الجرائد لحشو دمية من القماش.
- تثبیت مشابك الغسيل على الملابس المنشورة على الحبل.
- تدريب الطفل على الضغط بأصابعه على المنضدة، وكأنه يلعب على البيانو.
- ثني الأصابع حتى تأخذ وضع مخالب القطة وهي تنقض على فريستها.
- لف المنديل والضغط عليه بشدة في راحة اليد.
- قفل قبضة اليد مع إظهار الإبهام منها فقط.
- قفل قبضة اليد مع إخفاء الإبهام داخلها.
- وضع الأصابع على المنضدة ثم رفع كل منهما على التوالي.
- التظاهر بالعزف على البيانو بتحريك الأصابع على التوالي.
سحر الخليلي