الغرائز وعلاقتها بالتربية
تفاصيل الكتاب
تأليف : محمد حسنين الغمراوينشر : وكالة الصحافة العربية
سنة النشر : 2022
مقدمة الكتاب
توجه الشيخ محمد حسين الغمراوي إلى المعلم بكتابه الرائد "الغرائز وعلاقتها بالتربية" هذا الكتاب الصادر قبل أكثر من مائة عام (صدر في القاهرة 1912)، وبرر ذلك بقوله إن الطفل وديعة بين يدي المعلم يقوي جسمه ويهذب عقله ويزوده بما ينفعه في مستقبل أيامه؛ والعاقل من أعطاه من كل شيء قدراً مقبولاً، لا يتعدى حد الطاقة، ولا يصل إلى درجة الإهمال، مسدداً عمله بنظام يكفل الموازنة بين القوى الجسيمة والعقلية والخلقية.ولا مشاحة في أن تقويم القوى العقلية في وقت لم يتكامل فيه نظام الجسم مضعف له وربما قضى عليه فهذه الفقرة تلخص جوهر عملية التربية ودور المعلم فيها، وتستدعي أن يدرك المعلم كل الفوارق بين الغريزة والعقل، فجعلها المؤلف في صدر كتابه موضحا أن الغريزة قوة فطرية، تصدر عنها أفعال قهرية لغاية محدودة. والعقل ملكية كسبية، تتولى ضبط الأفعال ضبطاً إرادياً بتدبير خاص، لغرض مقصود.
وباختلاف وسائل الكسب تتفاضل عقول الأشخاص، فتتنوع الأعمال الناجمة عنها ؛ على أن عقل الشخص الواحد تتفاوت أفعاله، باختلاف أطواره والمؤثرات فيه أما الغرائز فكل نوع منها يجري على منوال واحد، قلما أدركت فيه تفاوتاً. فأعمال العقل ،متخالفة، وأعمال الغريزة متشابهة" .
ولم يكن الشيخ الغمراوي مدعيا أو مخطئا حينما ذهب إلى ذلك قبل أكثر من قرن من الزمان، فالعلم الحديث يؤكد أن الإنسان تتصارعه قوتان هما: الغريزة ،والعقل، فالغريزة قوة فطرية تصدر عنها أفعال قهرية لغاية محدودة، والعقل ملكة كسبية تتولى ضبط الأفعال ضبطا إراديا بتدبير خاص، لغرض مقصود، وباختلاف وسائل الكسب تتفاضل عقول الأشخاص، فتتنوع الأعمال الناجمة عنها، على أن عقل الشخص الواحد تتفاوت أفعاله، باختلاف أطواره والمؤثرات فيه.
وباختلاف وسائل الكسب تتفاضل عقول الأشخاص، فتتنوع الأعمال الناجمة عنها ؛ على أن عقل الشخص الواحد تتفاوت أفعاله، باختلاف أطواره والمؤثرات فيه أما الغرائز فكل نوع منها يجري على منوال واحد، قلما أدركت فيه تفاوتاً. فأعمال العقل ،متخالفة، وأعمال الغريزة متشابهة" .
ولم يكن الشيخ الغمراوي مدعيا أو مخطئا حينما ذهب إلى ذلك قبل أكثر من قرن من الزمان، فالعلم الحديث يؤكد أن الإنسان تتصارعه قوتان هما: الغريزة ،والعقل، فالغريزة قوة فطرية تصدر عنها أفعال قهرية لغاية محدودة، والعقل ملكة كسبية تتولى ضبط الأفعال ضبطا إراديا بتدبير خاص، لغرض مقصود، وباختلاف وسائل الكسب تتفاضل عقول الأشخاص، فتتنوع الأعمال الناجمة عنها، على أن عقل الشخص الواحد تتفاوت أفعاله، باختلاف أطواره والمؤثرات فيه.
أما الغرائز، فكل نوع منها يجري على منوال واحد، قلما أدركت فيه تفاوتا فاعمال العقل متخالفة، وأعمال الغريزة متشابهة، يظهر لك هذا الفرق جليا عند مراقبة شؤون الناس في تدبير مصالحهم، والافتنان في مصانعهم، والتحيل في المنافسة والغلبة، ولا ترى مثل ذلك لدود القز في صنع الحرير ، ولا للنحل في جمع رحيق الأزهار ، ولا للخطاف في المهاجرة، وقد جعل بعض الباحثين الغريزة (الالهام) خاصة بالحيوان وجعل العقل حبسا على الإنسان .
ورأى آخرون أن عند الإنسان غرائز تزيد على ما عند الحيوان وكرمه الله فمنحه العقل الذي به يصوغ الأحكام بالقياس على ما خبره بنفسه، وما عرفه من غيره، ومال آخرون إلى أن الغريزة في الحيوان ثابتة الكيان، وتتهذب في الإنسان، ومنها إذاك يتولد العقل، فالغريزة والعقل عند الإنسان قوّتان منفصلتان، فتتولى الغريزة تديير الجسم في الطور الأول من الحياة، وبعد ذلك يقوم العقل مقامها تدريجيا حتى تتضاءل الغرائز وتتسيطر القوى العاقلة، غير أن الغرائز حينئذ تبقي أثرا يدل على حالتها الأولى، التي اشترك فيها الإنسان والحيوان، ويذهب «وليم جيمس» إلى ضرورة وجود الغرائز في تركيب الإنسان، ولو بعد استيفاء العقل حظه من الكمال، وأن نمو العقل لا يدل على أن الغرائز ضعفت وفنيت بل يدل على أنها تهذبت ، ليتسنى لها مزاولة الأمور وتدبير الشؤون .
