مربع البحث

كتاب التربية في عالم ما بعد الحداثة

التربية في عالم ما بعد الحداثة 


تأليف : ستوارت باركر 
ترجمة : سامي محمد نصّار
نشر : الدار المصرية اللبنانية 

يرى المؤلف أن التربية قد تسيَّدتها حبكة من فلسفة الوضعية واقتضاءاتها، وهى الفلسفة التى تلتزم بما يعرف بسمات الموضوعية، والعقلانية الفنية، والتنوير، والتقدم، والتركيز على الأساليب والطرائق التى تؤدى إلى الكفاية والمهارة، مستخدمة فى معظم الحالات التفكير الخطى والقياس. وتقوم هذه الفلسفة الوضعية التى تحتضنها معظم أنظمة التعليم على افتراض أن الظواهر الاجتماعية والسياسية والأخلاقية عليها أن تتبنى فى مقدماتها ومنطلقاتها وأساليبها صياغات العلوم الطبيعية ومناهجها التجريبية والاستقرائية.

إن الحداثة مرحلة فكرية دخلها العالم بدءًا من عصر التنوير الذي شهد تكوين الدول القومية في أوروبا وبزوغ الرأسمالية، وظهور الاكتشافات العلمية والثورة الصناعية والنظريات العلمية والمذاهب الفلسفية الكبرى التي أكدت على الحرية والعلمانية والعقلانية، وقد تأسست التربية الحديثة انطلاقًا من المقولات الفلسفية الكبرى للحداثة التي في مقدمتها الفلسفة الوضعية والعقلانية الفنية، وهما الاتجاهان اللذان سيطرا على التربية منذ عصر الحداثة وحتى الآن، ولا زالت تعاني منها حركات الإصلاح التربوي في مصر وفي كثير دول العالم، وعلى ضوء ذلك يقدم هذا الكتاب دراسة حول التربية في عالم ما بعد الحداثة، ويقع الكتاب في ثلاثة أقسام: (المشهد المعاصر: التربية بين النظرية والتطبيق، معاول التفكيك، وما بعد الحداثة).

--------------

ما بعد البنيوية، وما بعد الحداثة، وما بعد الحادي عشر من سبتمبر، هكذا تكثر ال(ما بعد) في عالمنا، وليست المسألة ترفاً فكرياً، وإنما هي ضرورة أملتها ظروف التحول المعرفي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي يشهده العالم حالياً، فهي تشير إلى أن العالم دخل مرحلة جديدة مختلفة عن سابقتها، لم تتحدد ملامحها بعد.

وهنا يشير المترجم سامي نصار في تقديمه لكتاب ستوارت باركر «التربية في عالم ما بعد الحداثة»، إلى أن الحداثة مرحلة فكرية دخلها العالم بدءاً من عصر التنوير الذي شهد تكوين الدول القومية في أوروبا وبزوغ الرأسمالية، وظهور الاكتشافات العلمية والثورة الصناعية، والنظريات العلمية والمذاهب الفلسفية الكبرى التي أكدت الحرية والعلمانية والعقلانية، وقد تأسست التربية الحديثة انطلاقاً من المقولات الفلسفية الكبرى للحداثة، التي في مقدمتها الفلسفة الوضعية والعقلانية الفنية، وهما الاتجاهان اللذان سيطرا على التربية منذ عصر الحداثة حتى الآن، ولا تزال تعاني منها حركات الإصلاح التربوي في كثير من دول العالم.

وبالنسبة إلى ما بعد الحداثة، فإنها مثل الحداثة ليست مذهباً فكرياً واتجاهاً فلسفياً، بل حالة أو مرحلة دخلت إليها البشرية في سعيها لتأسيس عالم جديد ذي شروط معرفية جديدة، تختلف عما كان سائداً من قبل، ومن هنا فإن اللايقين والنسبية والشك والتناقض والتعدد أصبحت السمات التي تميز المعرفة في عالم ما بعد الحداثة، حيث سقطت النظريات الكبرى في الثقافة الغربية، وفقدت مصداقيتها وتهاوت سلطتها المعرفية، ومن ثم أصبح هدف التعليم هو تمكين الطلاب من إحداث قطيعة معرفية بينهم وبين نظم الحقيقة التي تم تصنيفها وإضفاء الموضوعية والمشروعية عليها، ومن ثم تصبح المؤسسة التعليمية ميداناً للصراع، تكشف فيها العلاقة بين المعرفة والقوة، وأن المنهج الدراسي هو نص نحتاج إلى أن نعمل فيه معاول التفكيك، ويحتاج إلى نوع من تعمد إساءة القراءة إلى آخر ما يزخر به الكتاب الذي بين أيدينا من أفكار.

هنا قد يطرح البعض سؤالاً عن مدى أهمية ترجمة هذا الكتاب وجدواه، خصوصاً أننا لم ننجز بعد في العالم العربي شروط الحداثة فكيف نقفز إلى عصر ما بعد الحداثة؟
هذان السؤالان لهما منطقهما المشروع الذي جعل الكثير من التربويين يتمسكون بمقولات الحداثة عن العقلانية الفنية والوضعية، ويتمترسون خلف إجراءاتهما من أجل إثبات العلمية والموضوعية، لما يدلون من آراء، أو ما يقومون به من تحديث في ميدان التربية، وأصبح التمسك بالنماذج الكمية في البحث العلمي نوعاً من إرهاب الحقيقة القائم على معادلات رياضية، تفقد جزءاً كبيراً من مصداقيتها.







حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-