الاضطرابات السلوكية والإنفعالية
تأليف : ولاء ربيع مصطفى
نشر : دار الزهراء - الرياض
مقدمة المؤلف :
الأطفال هم براءة الحاضر وابتسامته ، وأمل المستقبل وعماده ، وأمانة استودعها الله بين بني البشر ، فأوجب المحافظة عليهم ورعايتهم (أيا كانت سماتهم ومهما اختلفت أجناسهم وأشكالهم وخصائصهم) ، لذلك وغيره أبدت معظم المؤسسات الاجتماعية اهتماما واسعا بهم، سواء بالتعاون مع الأسرة أو بمعزل عنها ؛ لتنشتتهم وتربيتهم على الشكل الذي يضمن لهم الأمن والاستقرار ، ويعينهم على أن يكونوا سواعد العطاء والبناء لمجتمعهم في المستقبل ، والقدرة على استثمار كافة الإمكانات والوسائل المتاحة لهم في العالم المحيط بهم بشكل إيجابي وفعال .
كما أن الإنسان كائن اجتماعي يعيش ويقضي معظم وقته مع الآخرين وفي جماعات ، يؤثر فيها ويتأثر بها ، ويتحدد سلوكه الاجتماعي على أساس السلوك الاجتماعي المتعارف عليه ، كما أن الفرد المصاب باضطراب في السلوك ، هو بحاجة ماسة إلى مساعدة وتدخل تربوي بأسرع وقت ممكن لتعديل سلوكه ولكي يصبح عضوا صالحا في المجتمع ، وما يحدث من خطأ نرتكبه بحق هذه الفئة من الأفراد الذين يعانون من اضطرابات سلوكية أو انفعالية حيث يتجنبهم المجتمع ويطلقون عليهم اسم المنحرفون وما شابه ذلك من صفات سيئة .
إن الاضطرابات السلوكية هي دلالة عن القصور في عملية السيطرة المنسجمة على الذات في إطار تطور الشخصية السليم والتناغم الاجتماعي .
وبما أن سلوك الفرد مع نفسه وبيئته هو الذي يلعب دورا بارزا في علاقته معهما فإن أي اضطراب فيه قد يتسبب في حدوث خلل ينطلي على تلك العلاقة ، ولذا فقد ظهر في أوساط الباحثين والمختصين الاهتمام بما سموه ميدان الاضطرابات السلوكية وهو حديث نسبيا ، إلا أنه في وقتنا الحاضر يحظي بعناية واهتمام بالغ ، ذلك مع أنه ليس لأحد أن ينكر كون جذوره غائرة في القدم إلا أن النمط والشكل الحالي المتبع في دراستها بكل جوانبها يعكس أراء وتوجهات حديثة ومواكبة للعصر .