المدخل إلى المعالجة النفسية التفاعلية الدينامية
طرائق العلاج النفسي الفردي
إن مشكلة العلاج النفسي في الوطن العربي تتمثل في ضعف الأداء وقلة التمكن من الطرائق والتقنيات العلاجية وعدم وجود الإشراف الذاتي Supervision وضبط العملية. وتغلب في الممارسات العلاجية أن تكون مزيجا غريبا من التجريدات النظرية والتصورات الذاتية التي يصعب تحديد أهدافها وملامحها، وتقود في النهاية إلى إغراق المتعالج بمصطلحات تشخيصية تعويضا للنقص في الكفاءة المهنية العلاجية، الأمر الذي يقود إلى قطع العلاج من المرضى وتفاقم مشكلتهم الذاتية وانزلاقهم في حلقة مفرغة من اليأس وقلة الحيلة، في حين نجد أن المعالج كان يلاحق أهدافه الخاصة، شعوريا أو لا شعوريا، والمتمثلة في إثبات كفاءته المهنية المشكوك فيها منه هو نفسه بالأصل أو قولبة المريض ليتلاءم مع تصوره النظري الذي يمثله أو أشياء أخرى كثيرة. وهي في كل الأحوال ليست أهداف المتعالج على الإطلاق والتي تتمثل في الشفاء من معاناته وتنمية قدرته على مواجهة مشكلاته الحياتية وأعراضه المرضية.
إلا أنه هناك أمل دائم في التحسن في الأساليب والطرق من خلال أشخاص يمتلكون تأهيلا مهنيا حقيقيا، ويمارسون عملهم بصبر ودأب وبالتزام أخلاقي متميز. إن التعمق النظري بنظرية معينة والتشبع بأفكار هذه النظرية أو تلك لا تجعل الطالب أو الباحث مؤهلا بالضرورة لممارسة العلاج النفسي. فالتصورات النظرية أو الإمبيريقية حول الأسباب جانب والعلاج جانب آخر مختلف ومتسق مع هذه التصورات والمعرفة في الوقت نفسه.
وفي كل الأحوال فإن العلاج النفسي مهما كان نوعه وإطاره النظري الذي يقوم عليه لا يهدف في النهاية إلا إلى مساعدة الإنسان على أن يساعد نفسه، أي إلى يتوصل إلى معرفة أسباب هروبه إلى المرض وأن يتعلم أنه ليس بحاجة لاستخدام طرق ملتوية في مواجهة متطلبات الحياة وأن هذه الطرق الملتوية لا تقود إلا إلى مزيد من الغرق في الحلقة المفرغة، وإلى أن يتمكن من الخروج من هذه الحلقة وإلى تعلم أساليب أكثر فاعلية، يكون فيها أكثر نضجا وقدرة.
وتظل هذه المساعدة مقيدة بالإطار المعياري الذي تتم الممارسة ضمنه في مجتمعاتنا، في حين أنها بالأصل وليدة فكر ورؤية ثقافية معرفية متحررة. وبين هذه التناقضات - نأمل أن يتم إيجاد شكل من العلاج النفسي الملائم لأطرنا المرجعية المعيارية، والمعرفية البازغة.
تأليف : Michael Geyer
ترجمة : سامر جميل رضوان
نشر : دار الكتاب الجامعي
نشر : دار الكتاب الجامعي
وصف الكتاب
يناقش هذا الكتاب موضوعا يندر جدا وجوده في المكتبة العربية، سواء فيما يتعلق بطريقة العلاج المطروحة أم فيما يتعلق بالطرائق العلمية والتقنيات التي لا غنى عنها من أجل تقويم مجرى العملية العلاجية ومدى تقدمها.إن مشكلة العلاج النفسي في الوطن العربي تتمثل في ضعف الأداء وقلة التمكن من الطرائق والتقنيات العلاجية وعدم وجود الإشراف الذاتي Supervision وضبط العملية. وتغلب في الممارسات العلاجية أن تكون مزيجا غريبا من التجريدات النظرية والتصورات الذاتية التي يصعب تحديد أهدافها وملامحها، وتقود في النهاية إلى إغراق المتعالج بمصطلحات تشخيصية تعويضا للنقص في الكفاءة المهنية العلاجية، الأمر الذي يقود إلى قطع العلاج من المرضى وتفاقم مشكلتهم الذاتية وانزلاقهم في حلقة مفرغة من اليأس وقلة الحيلة، في حين نجد أن المعالج كان يلاحق أهدافه الخاصة، شعوريا أو لا شعوريا، والمتمثلة في إثبات كفاءته المهنية المشكوك فيها منه هو نفسه بالأصل أو قولبة المريض ليتلاءم مع تصوره النظري الذي يمثله أو أشياء أخرى كثيرة. وهي في كل الأحوال ليست أهداف المتعالج على الإطلاق والتي تتمثل في الشفاء من معاناته وتنمية قدرته على مواجهة مشكلاته الحياتية وأعراضه المرضية.
إلا أنه هناك أمل دائم في التحسن في الأساليب والطرق من خلال أشخاص يمتلكون تأهيلا مهنيا حقيقيا، ويمارسون عملهم بصبر ودأب وبالتزام أخلاقي متميز. إن التعمق النظري بنظرية معينة والتشبع بأفكار هذه النظرية أو تلك لا تجعل الطالب أو الباحث مؤهلا بالضرورة لممارسة العلاج النفسي. فالتصورات النظرية أو الإمبيريقية حول الأسباب جانب والعلاج جانب آخر مختلف ومتسق مع هذه التصورات والمعرفة في الوقت نفسه.
وفي كل الأحوال فإن العلاج النفسي مهما كان نوعه وإطاره النظري الذي يقوم عليه لا يهدف في النهاية إلا إلى مساعدة الإنسان على أن يساعد نفسه، أي إلى يتوصل إلى معرفة أسباب هروبه إلى المرض وأن يتعلم أنه ليس بحاجة لاستخدام طرق ملتوية في مواجهة متطلبات الحياة وأن هذه الطرق الملتوية لا تقود إلا إلى مزيد من الغرق في الحلقة المفرغة، وإلى أن يتمكن من الخروج من هذه الحلقة وإلى تعلم أساليب أكثر فاعلية، يكون فيها أكثر نضجا وقدرة.
وتظل هذه المساعدة مقيدة بالإطار المعياري الذي تتم الممارسة ضمنه في مجتمعاتنا، في حين أنها بالأصل وليدة فكر ورؤية ثقافية معرفية متحررة. وبين هذه التناقضات - نأمل أن يتم إيجاد شكل من العلاج النفسي الملائم لأطرنا المرجعية المعيارية، والمعرفية البازغة.
ويظل المعالج النفسي إنسانا بالدرجة الأولى، مؤهلا وخبيرا في شكل من أشكال العلاج، وله حدوده وإمكاناته التي لا يستطيع تجاوزها ولا يجوز له أن يتجاوزها. فهو ليس بالمصلح الاجتماعي وليس برجل الدين وليس شخصا يمتلك الحلول السحرية في جعبته لكل الأشخاص وكل أنواع المشكلات. إنه شخص مدرب في إطار علم اسمه العلاج النفسي المحكوم بطرائقه والمحدد بقوانين مهنية وأخلاقية، يطور نفسه باستمرار وينمو ويزداد خبرة مع مرضاه ومتعالجيه، يرافقهم في معاناتهم ويساعدهم في إطار مهنته وحدودها على تعلم واكتساب أساليب فاعله في مواجهة مشكلاتهم، ولكنه لا يقرر لهم ما عليهم فعله على الإطلاق. إنه لا يقيم ولا يطلق أحكاما مسبقة بل يساعد المريض على أن يبني أحكامه الخاصة وأن يعدلها بالشكل المناسب له. وهو في الوقت نفسه شخص دائم التعلم يراقب سلوكه الخاص ويقومه ويعترف بأخطائه وبالصعوبات التي تواجهه، ولا يخلط بينها وبين تلك التي لمريضه ويدرك أهدافه الخاصة وأهداف مريضه والأهداف العلاجية ولا يخلط بينها.